إعلام العسكر يترنح أمام اختبار مذبحة الواحات والجمهور يتجه لقنوات الشرعية
23/10/2017 10:55 م
كتب: حازم الأشمونيهناك حالة من الإجماع على أن النوافذ الإعلامية للعسكر سقطت في اختبار حادث الواحات، ويؤكد هذا المعنى أن معظم كتاب المقالات وجهوا انتقادات حادة لمعالجة الفضائيات والصحف للحادث المروع الذي راح ضحيته 58 من ضباط وعناصر الشرطة في كمين احترافي، نفذه مسلحون مدربون على مستوى عالٍ حتى بدت قوات النخبة في الشرطة، وهي القوات الخاصة والأمن الوطني، كهواة أمام هذا المستوى الكبير في التخطيط والتنفيذ والتمويه، ثم الانسحاب الآمن وسط أدغال صحراء الواحات.
والحقيقة أن حادث الواحات كشف عن فشل الإدارة السياسية للانقلاب، التي اختفت تماما لمدة يومين كاملين قبل الإدلاء بتصريحات عاطفية لا تغني ولا تسمن من جوع، كما تعكس فشل جهاز الشرطة في مواجهة تكتيكات احترافية مدربة على مستوى عالٍ، لكننا في هذا التقرير نسلط الضوء على السقوط المدوي لإعلام العسكر في اختبار حادث الواحات المروع.
اعتراف بالفشل
ويؤكد ياسر عبد العزيز، الخبير الإعلامى، أن الإعلام المصرى يعيش أسوأ حالاته، من حيث تدهور مستوى الأداء بشكل غير مسبوق قياسا بالفترات السابقة، مضيفا ان «التردى الإعلامى فى مصر مرعب وينذر بعواقب وخيمة، لذلك لا بد من وجود قيادة للمنظومة الإعلامية، وتفعيل أدوار الهيئات الإعلامية الأربع التى نص عليها الدستور، وهى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، ونقابة الإعلاميين، والهيئة الوطنية للإعلام».
ويعترف الخبير الإعلامي- في حوار مع صحيفة الوطن في عدد اليوم "الاثنين 23 أكتوبر 2017م"، أن «المعالجة الإعلامية للملف الأمنى لا تناسب تحديات المرحلة التى تمر بها البلاد. وأن الهيئات الإعلامية فقدت سمة القيادة، وتحولت إلى هياكل بيروقراطية، وأن مصر عجزت عن مخاطبة الخارج، وأخفقت فى مخاطبة الداخل إعلاميا».
غموض وارتباك
وينتقد الكاتب الصحفي جمال سلطان، رئيس تحرير صحيفة "المصريون" المحجوبة، في مقاله «هذا الغموض والارتباك الذي يخيم على مصر!»، إدارة الانقلاب وإعلامه للأزمة، قائلا: «لا أحد قدم تفسيرا مقنعا لسبب امتناع الجهات الرسمية عن تقديم أي معلومات أو بيانات للرأي العام طوال أربع وعشرين ساعة تقريبا، في الوقت الذي كانت وكالات الأنباء العالمية ومواقع الأخبار تتلهف أي معلومة، ونشرت على مسئولية مصادر أمنية أرقاما مفزعة وخطيرة، وما زال الناس- بسبب ذلك- يميلون إلى تصديق ما نشرته تلك المواقع والوكالات العالمية أكثر من تصديقهم للرواية الرسمية». في تأكيد واضح على سقوط المنظمة الإعلامية ونجاح الإعلام الخارجي في التغطية والمتابعة الدقيقة أولا بأول.
ويضيف سلطان أن «بعض ما جرى في الإعلام الرسمي والإعلام الموالي لأجهزة سيادية معروفة أيضا كان خارج أي منطق أو تفسير، هناك إعلاميون نشروا معلومات بالغة الخطورة عن مجريات العملية التي جرت والضحايا واختطاف ضباط رهائن، كما نشر آخرون أشرطة تسجيل تحوي شهادات أو اتصالات تخص أسرار العملية، وفيها إهانة بالغة للضباط والجنود وللداخلية نفسها».
أسباب نجاح قنوات الشرعية
ويؤكد سلطان أن «الدولة بكاملها خسرت في موقعة الواحات، خسرت بمؤسساتها السياسية ومؤسساتها الأمنية ومؤسساتها الإعلامية أيضا، وجعلت علامات الاستفهام تتزايد في الخارج عما يجري في مصر ومؤشراته، كما أن الإعلام الخارجي، سواء التابع للإخوان أو الممثل لقنوات وإذاعات دولية عربية وأجنبية، نجح في فرض حضوره وجذب أسماع ومتابعة الملايين من المصريين؛ لأنه كان يمتلك القدرة على المبادرة والنشر والتحليل والمتابعة، بينما إعلامنا المحلي، الرسمي وحتى المستقل، كان ينتظر التعليمات؛ لأنهم عودوه على ذلك وأرعبوه وأظهروا له العين الحمراء، فهو إعلام ينتظر من يقول له: قل ولا تقل، والإعلام عندما تصل به إلى هذا المستوى تكون قد حكمت عليه بالموت، ومن الطبيعي أن يبحث الناس عن منابر أخرى وقنوات أخرى ومواقع أخرى، وهذا ما حدث.
عدم الإحساس بالمسئولية
وفي مقاله «الحِداد ليس تفضُّلاً» بصحيفة "المصري اليوم"، يتهم الكاتب الصحفي عبد الناصر سلامة الطريقة التي تعاملت بها وسائل الإعلام مع كارثة الواحات بأنها «عديمة المسئولية أو عديمة الإحساس».
ويضيف سلامة أنه «منذ أن ورد الخبر الأول لهذه الكارثة عصر الجمعة وحتى صباح اليوم التالى، كان المواطن يتابع الأحداث من خلال وسائل الإعلام الأجنبية التى كانت أكثر اهتماما من القنوات التلفزيونية المحلية على مختلف أنواعها، العامة والخاصة، التى استمرت تبث برامجها التافهة والرديئة، وأحيانا الراقصة على مدار الساعة، دون أدنى اعتبار لمشاعر ذلك المواطن الذى كان من الطبيعى أن ينفض عنها إلى أخرى من خارج مصر، فى الوقت الذى رأينا فيه إحداها تعلن فورا حالة الحداد، على الأقل بوضع ذلك الشريط الأسود، وهو ما لم تفعله كل تلفزيونات الداخل التى تزايد طوال الوقت على من يتحدثون أو يظهرون فى تلفزيونات الخارج، ثم جاءت تغطية الصحف الحكومية فى الصباح على استحياء، لتزيد الموقف سوءا».
«في التعتيم.. لا نجاة!»
وينتقد الكاتب الصحفي الموالي للعسكر، علاء الغطريفي، التناول الإعلامي لفضائيات وصحف العسكر لحادث الواحات، مؤكدا أن التعتيم لا نجاة فيه. ويضيف الغطريفي الذي كان رئيسا لتحرير برنامج "العاشرة مساء" مع منى الشاذلي، على قناة دريم لسنوات، «إذا كان العالم يتناول أخبارك، فماذا تفعل؟ هل تتيح الفرصة لإعلامك أن يعالج الأمر في إطار المعايير المهنية ومقتضيات الواقع والمصلحة الوطنية؟ أم تتركه فريسة لوسائل التواصل الاجتماعى ومنابر الإخوان؟ هل برأيك يتولى الأمر مهنيون أم أشخاص يخرجون بأخبار عن أسرى في صفوف قواتنا دون تدقيق، ويذيعون تسريبا مزعوما مهينا دون تأكيد؟» في اتهام واضح واعتراف صريح لفشل وسقوط المنظومة الإعلامية للعسكر في اختبار حادث الواحات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق