الحياة الشخصية لمحمد علي ((رأي اليهودي روتشيلد ))
منذ يوم
عدد القراءات: 626
وزير خارجية محمد علي وكبير مستشاريه مات مفلسا
فرح بحفظ سعيد للقرآن .. ولكن رفض حبه للمكرونة
أحب ابنائه ورفض أي غطرسه أو تعالى منهم على المرؤوسين وطالب ابنته بالاقتصاد في شراء الملابس !!
(دراسة: المستطيل القرآني (الشرق الأوسط)- حلقة (58)
بقلم : مجدى حسين
هذه دراسة غير منشورة وغير مكتملة بعد لمجدي حسين رئيس حزب الاستقلال ورئيس تحرير جريدة الشعب الذي يقبع الآن مغيبا خلف أسوار السجون بأحكام ظالمة وغير دستورية.. لقد تم ترتيب الجزء المكتوب من الدراسة في حلقات وسننشر تباعا الحلقات الموجودة لدينا لحين خروجه من محبسه وإكمال عطائه الفكري والسياسي والذي نأمل أن يكون قريبا
احمد حسين يروي تجربته مع تاريخ محمد علي:
في ختام الباب المتعلق بعهد محمد على في موسوعة تاريخ مصر لأحمد حسين يقول المؤلف :
( اذا كنت أجنح إلى انصاف محمد علي ، وعلى الرغم من أنني عدو الاستبداد والحكم المطلق ، فما ذلك إلا لأننا عندما بدأ كفاحنا السياسي في الثلاثينيات وكان الاحتلال البريطاني قد نجح في تحطيم ثقة الشعب بنفسه فلم نجد ما نملأ به كوب الشباب بخاصة والمصريين بعامة ثقة في قدرتهم على النهوض ومقاومة الاحتلال الإنجليزي والتفوق على الأجانب ، إلا أن نستعيد ما استطاعت مصر أن تحققه أيام محمد علي وكيف سبقت الكثير من دول أوروبا وآسيا في النهوض والأخذ بأسباب الحضارة العلمية الحديثة ، و كيف اثبت الفلاح المصري في ميدان القتال مثل ما في ميدان العلم ، استعداده للتفوق والامتياز وأنه لم يعرقل هذه النهضة وتطورها الطبيعي ،وتخلصها من ما يشوبها سوى تربص أوروبا بالعالم الإسلامي كله ،والشرقي، واختصاص مصر في الدرجة الأولى بأطماعه ومناوراته ومؤامراته باعتبارها واسطة العقد وملتقى الطرق .
روتشيلد زعيم اليهود يقيم عهد محمد علي:
تقدير الأعداء مهم وهذه رسالة زعيم اليهود في بريطانيا الموجهة إلى بالمرستون رئيس وزراء بريطانيا المشار إليه من قبل ، وهو من عتاة ورموز الاستعمار البريطاني ،والرسالة تكشف مستوى بالغ الخطورة من الفهم الاستراتيجي لتحالف اليهود والاستعمار الغربي ضد العرب والمسلمين ، وهي تتضمن ملامح المشروع اليهودي الاستيطاني الذي تم تحقيقه في القرن التالي (العشرين) على أرض فلسطين ، وتكشف ادراك اليهودي - كما ادرك البريطانيون - خطورة مشروع محمد علي على مصالحهم المشتركة . وروتشيلد زعيم اليهود في بريطانيا في ذلك الوقت هو ابن روتشيلد الأكبر اليهودي الألماني مؤسس الضلع المالي للمشروع اليهودي (ولا نقول الصهيوني!) وكان قد أرسل أبنائه ونشرهم في اوروبا: في انجلترا وفرنسا وايطاليا والنمسا وقاموا جميعا بتأسيس النظام المصرفي المحلي والعالمي لأول مرة (نظام البنوك) وظلوا حتى الآن هم العصب المالي للمشروع اليهودي العالمي ،والعصب المالى للنظام الرأسمالي الغربي خاصة في انجلترا وأمريكا وسنتحدث تفصيلا عن ذلك عند الحديث عن تفجر القضية الفلسطينية ، وعلاقة هذه الشبكة المالية بالماسونية او بالاحرى بالإدارة اليهودية للعالم كحكومة خفية .
وروتشيلد هذا هو الذي توجه إليه بلفور وزير خارجية انجلترا بوعد بلفور الشهير في 2 نوفمبر 1917 بالتزام انجلترا بتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين (ربما ابنه لأن الجميع يطلق عليه روتشيلد !)
وهذا هو نص رسالة روتشيلد إلى بالمرستون رئيس وزراء بريطانيا عام 1841 ، اي عقب معاهدة لندن 1840:
(ان هزيمة محمد علي وحصر نفوذه بمصر ليست كافية لأن هناك جذبا بين العرب وهم يدركون أن عودة مجدهم القديم مرهونة بامكانيات اتحادهم واتصالهم. أننا لو نظرنا إلى خريطة هذه البقعة من الأرض فسوف نجد أن فلسطين هي الجسر الذي يصل بين مصر وبقية العرب في آسيا . ولقد كانت فلسطين دائما بوابة الشرق. والحل الوحيد هو زرع قوة مختلفة على هذا الجسر في هذه البوابة لتكون هذه القوة بمثابة حاجز يمنع الخط العربي و يحول دونه . لذلك فان الهجرة اليهودية الى فلسطين هي التي تستطيع ان تقوم بهذا الضوء وليست خدمة لليهود ليعودوا الى أرض الميعاد مصداقا للعهد القديم ولكنها أيضا خدمة للامبراطورية ومخططاتها فليس مما يخدم الامبراطورية أن تتكرر تجربة محمد علي سواء بقيام دولة قوية في مصر أو بقيام اتصال بين مصر والعرب والاخرين) (!!)
هل يوجد وضوح للرؤية اليهودية أكثر من ذلك وهل يوجد تقدير لخطورة تجربة محمد علي اكثر من ذلك بما لم يفهمه البعض من بنى جلدتنا ؟! وهل يوجد وضوح أكثر من ذلك للأهمية الاستراتيجية والمحورية للمستطيل القرآنى؟!
راجع معلومات عن روتشيلد في آخر الحلقة .
الحياة الشخصية لمحمد علي
وأخيرا وقبل اغلاق ملف محمد علي يحسن إلقاء نظرة سريعة على حياته الشخصية ، فشخصيته أثرت في الأحداث طوال نصف قرن إلى هذا الحد لابد أن تدفعنا للتعرف قدر الإمكان على محمد علي من الداخل لإلقاء مزيد من الضوء على تصرفاته .
ولد محمد علي في ميناء "قولة" وهو في مقدونيا أي ليس في ألبانيا الحالية كما يتصور الجميع ، ومقدونيا تاريخيا جزء من اليونان ومنها الاسكندر المقدوني ، وحاليا يوجد نزاع بين اليونان و دولة مقدونيا التي ظهرت بعد تفكك يوغسلافيا حول اسم مقدونيا ، لأن اليونان تعتبر مقدونيا جزءا لا يتجزأ من بلادها التاريخية !! المهم أن قولة ومقدونيا واليونان وألبانيا كلها كانت ضمن الإمبراطورية العثمانية . ولد محمد علي في قولة فى تاريخ يتراوح بين 1768- 1771 ، ولد في أسرة متواضعة من سلالة عسكرية ولكن سلالة جنود لا ضباط أبا عن جد عن أبي جد. ( ابراهيم أغا - عثمان أغا - ابراهيم أغا) ، والمؤرخون قالوا انهما من أصل ألباني ، وهناك رواية من داخل أسرة محمد علي تتحدث عن أصل كردي ولا يهمنا ذلك كثيرا . وقد بدأت الاسرة تصعد اجتماعيا نسبيا عندما تزوج أبوه "خضرة" وهي من أسرة محافظ قولة ، ويتضح الترابط الاسرى وحب محمد علي لها أنه سمى ابنه الأول إبراهيم على اسم أبيه، وابنه الثاني طوسون على اسم عمه . وقام والده إبراهيم أغا بتجارة الدخان كعمل اضافي، واشراكه هو معه في هذا العمل وهو في العاشرة. وهكذا خلف محمد علي أباه في رئاسة الجنود غير النظاميين وفي تجارة الدخان . وقد اكتسب محمد علي تقدير رؤسائه بما أثبته من كفاءة في بعض المناوشات العسكرية في بعض العصاة الذين كانوا يرفضون دفع الضرائب. وسار محمد علي على درب أبيه لثالث مرة حين تزوج امرأة من قريبات محافظ قولة وعلى جانب نسبي من الثراء ( أمينة ) التي ظلت زوجته الشرعية الوحيدة حتى مات وأنجبت له إبراهيم- وطوسون - وإسماعيل وابنتين توحيدة - نازلي . وعندما سافر محمد علي لمصر أول مرة لم تكن معه وفارقها هكذا عشر سنوات . ولكن محمد علي اتخذ على مدار حياته 8 او 10 سراري .وكان أبا لـ 17 ولدا و13 بنتا . ولم يعيش من الأولاد من بعده إلا سعيد وعبد الحليم ومحمد علي الصغير.
كانت أمينة امرأة غير عادية فقد كان زوجها مغرما بها وعاملها باحترام وفي صورة لها تبدو سيدة مليحة الوجه ذات شخصية طاغية . أولاده جميعا كانوا حسنى الطلعة باستثناء عباس " المتجهم " وسعيد "البدين"
كان محمد علي قصير القامة له عينان عميقتان رماديتان مليئتان بالحياة .. وكانت لحيته كثيفة بيضاء في
ايامه الأخيرة . كان نظيفا بصورة تامة النقاء يحلق رأسه كل يوم . وكان لا يرتدي إلا أبسط الملابس ومن انتاج مصرى على خلاف أبنائه ورجال بلاطه ! . كل من قابل محمد علي وصفه بأنه يتمتع بجاذبية مطلقة وأدب جم . ولكن في مراسلات مع مرؤسيه وان كان يثني عليهم حين يقومون بواجبتهم ولكنه لم يتورع في وصف معظمهم بـ "الحمار" اذا أخطأ .
واشرت من قبل الى تهديدات الموظفين بالقتل والسحل حتى لا يخطئوا ولكنه نادرا ما نفذ هذه التهديدات التي كانت لمجرد التخويف .
كان يتصف بالشجاعة والشهامة ويبدو أكبر من الواقع في أعين أعوانه وأعداءه ولكن كان يحوز علي قدر من المشاعر الإنسانية ربما أكثر من ابنه إبراهيم .
عندما أتى محمد علي لمصر ضمن القوات العثمانية كان ضمن كتيبة ألبانية من 300 عنصر وكان محمد معاونا لقائد الكتيبة ، ولم يكن قبلها تاجرا واسع الثراء فلربما صرفه ثراؤه عن مغامرة السفر لمصر . ومع الوصول إلى مصر في 8 مارس 1801 ولسبب ما غادر رئيس الكتيبة عائدا لبلاده وأصبح محمد علي هو قائد الكتيبة . ثم لفت انتباه القائد العسكري العثماني خلال اشتباكات مع القوات الفرنسية فرقاه الى رتبة مقدم ، وأيضا سرعان ما أثبت وجوده حتى أصبح الرجل الثاني في قيادة القوات الألبانية بكاملها وليس في القوات القادمة من قولة فحسب ، وكان القائد الألباني العام يدعى "طاهر" وتعد القوات الألبانية قوات غير نظامية (ميليشيا) وأصبحوا يستخدمون نوع من التوازن مع الانكشارية التي أصبحت غير موثوق فيها . وكان الألبان يتحدثون القليل من التركية وكانت الكراهية متبادلة بينهم وبين الانكشارية. كان الألبان مسلمين ولكن يتحدثون لغة خاصة ألبانيه .
ورغم أن محمد علي كان عسكريا إلا أنه كان سياسيا في المقام الأول ورأى أن الخلافات تحل بالمرونه قدر الامكان و ليس بالقوة التي لا يستخدمها إلا كملجأ أخير ( تذكروا ما قاله محمد علي لابراهيم حين رفض عرضه بأن يصبح هو سلطان الدولة العثمانية: نحن يا ابني لا نحقق ما حققناه الا بالوداعة وخفض الجناح) . وعندما قتل طاهر باشا قائد الألبان على يد أثنين من الانكشارية أصبح محمد علي قائد القوات الالبانيه كلها.
رسائل محمد علي لأبنائه من أهم الوسائل الامينة لكشف خبيئة الرجل وكيف يفكر؟
كان قلقا من تهور ابنه اسماعيل الذي أرسله قائدا لفتح السودان ، وهو التهور الذي أدى بالفعل الى مقتله خلال تطورات الأحداث رغم نجاحه في فتح السودان ، فكتب إليه يقول : ( ان منصب قائد الجيش - سر عسكر - لا يتحقق من خلال البطولة التي نطلق عليها البسالة، ولكن من خلال حسن التدبير ومن خلال السؤال المستمر والتشاور مع ضباطك حول كل الأمور، عليك إذن أن تسأل وتستفهم حتى تستطيع أن تتعلم كل ما يقودك إلى النصر. وفي رسالة أخرى ينصحه بالتماس النصح من تابعيه من أعلى إلى أدنى الرتب .
حين آمن محمد علي بقيمة المختصين ، كان يبحث عنهم و يتعلم منهم ويستخدم ما يتلقاه من معرفة . وحاول أن يعلم أبناءه فضل الخبير . وكان يبعث مع كل واحد من أبنائه يكلف بمهمة عسكرية بإثنين من ذوي الخبرة و يوصيهم بأن لا يقدموا على أي خطوة لا يوافق عليها هذان الرجلان . وكان ابراهيم باشا الأكثر استفادة من هذه النصيحة .
وقد استعان محمد علي بأرميني ( بوغوص بك ) كمترجم ومستشار خاصة في المجال التجاري والعلاقات الخارجية ، وكان بوغوص بك رجلا نزيها حتى انه مات فقيرا ودون أن يلوث . ويذكر "نوبار" في مذكراته انهم حينما دخلوا منزل بوغوص لدي وفاته عثروا على بضع قطع من الذهب في خزانته ولا شيء خلاف ذلك ، وكان محمد على قد منحه تفويضات عديدة تمكنه من أن يسحب من الخزانة العامة إذا احتاج إلى أموال لنفسه لكنه لم يستغل هذا التفويض رغم انه لم يكن يتقاضى مرتبا منتظما ، ويبدو أنه كان يعيش على دخله الخاص من التجارة وقد كان خبيرا بها . ومن عجائبه أيضا انه حين حدد له عباس كتنمرا مصر مرتبا ، شعر بإهانة شديدة وأصيب بالهزال وامتنع عن الطعام حتى مات في يناير 1844 ، وهذا يكشف كيف كان يختار محمد علي مساعديه المقربين من الموثوق في أخلاقهم وكان قد وصل إلى درجة وزير الخارجية .
كان محمد علي يستفيد من زيارات الأوروبيين للتعرف على الأحداث في اوروبا و عن آخر الآلات الحديثة التي اخترعت وقد استخدمها في أغراض متعددة وهو الاهتمام الذي ورثه إبراهيم باشا ،ويروي أن الزوار الأجانب الذين اصطحبوا محمد علي في أحد رحلاته ، وكان يشاركه في خيمة واحدة، أنه يمكن لمحمد علي أن يستيقظ في منتصف الليل ويوجه له بعض التساؤلات ،وكان محمد علي لا ينام إلا قليلا. ورغم انفتاحه الدائم على الخبراء الأجانب إلا أن ادارة البلاد الحقيقية كانت دائما في أيادى حلفاء محمد علي وأسرته ومؤيديه. وكان يثق في أقاربه وأبناء قولة ويضعهم في رتب عالية عسكرية ومدنية كأبناء أخيه ، وكذلك أزواج بناته فكان محمد الدفتردار محافظا للاسكندرية ومحرم بك للبحرية وقد كان ناجحا كما رأينا خلال الحديث عن الأسطول . (تذكروا حى محرم بك بالإسكندرية ) وكان يستخدم العثمانيين من كل الجنسيات من الذين يثق فيهم . وبعد خلافه مع عمر مكرم كانت علاقتة قوية مع سائر العلماء: البكري والسادات و نقيب الأشراف ورجال الازهر.
ومن بين أبنائه كانت علاقاته مع أبنائه الكبار وحفيده عباس وثيقة للغاية وكان يعول عليها كثيرا ، اما معظم أطفاله فماتوا صغارا ، يبدو ضمن القانون العام لموت الرقيق وأبنائهم مبكرا.
وكانت مراسلات محمد علي لأبنائه عندما أرسلهم في مهام خارجية ( الجزيرة العربية - السودان ) شديدة العاطفية بالإضافة لعبارات ( روحي - لحم دمي - فلذة كبدي) .
وهو لم يعذبهم في صغرهم أبدا رغم أن ضرب الأولاد كان شائعا في ذلك الزمان حتى في أوروبا .
كان محمد علي أميا و تعلم الكتابة والقراءة بعد الأربعين ولكنه أسس أولاده على التعليم بنفس طريقة إعداد أبناء الملوك وكان ابراهيم باشا يملك أكبر مكتبة في البلاد، بها 9 آلاف مجلد بالتركية والعربية والفارسية والأرمنية ، وكانت تتناول الفلك والطب والتاريخ والرحلات والشعر والأدب .
وعندما أرسل ابنه إسماعيل - خلال حملته في السودان _ثلاثمائة زوج من آذان الشيقية (قبيلة سودانية وقد أصبحت فيما بعد حليف ثابت لمصر) عنفه محمد علي في رسالة : (انه من المعروف جيدا بين الحكام الذين يهتدون بالعقل أن الطريق إلى اكتساب حب شعوبهم إنما يكون من خلال نشر العدل . ومن الواضح أنه لا يوجد حاكم يستطيع أن يفعل شيئا بغير العدل. وقد كان من واجبك أن تكتسب ثقة "الشيقية" بالشفقة وحسن المعاملة وبدلا من ذلك فقد نفرتهم . ألم تسمع عما يكون عليه سلوك الناس في أوقات الحرب؟ ) .
وتتابعت رسائله التي تستنكر استبداده وحماقته وأنها يمكن أن تأتي بأوخم العواقب. وأوصاه بالفطنة والمودة في علاقته مع ضباطه ، وهدده بالعقاب السريع - وهو لم يحدث . ولكنه واصل رسائله التي وصف فيها تصرفاته بالطفولية وهدد أنه سيعيده الى مصر ويسجنه في كوخ صغير لأن العار لايمكن السكوت عليه ، ولكن اسماعيل واصل حماقاته والتي أدت إلى مقتله وتلقى العقاب من السودانيين .
وكان عباس مصدرا آخر لإحباط محمد علي وهو حفيده ابن طوسون الذي سيحكم مصر من 1848 - 1854 . وفي البداية راسله . ( ولدي روحي إذا كان صحيحا فإنه ليس من اللائق أن تقضي أيامك دون دراسة . أرنا حماسك وعد إلى سبيل اجتهادك السابق وأبلغنا أي سورة وصلت إليها في حفظ القرآن ، وأي مواد قمت بقرائتها ) . وانه إذا لم يستذكر دروسه فلن يأخذ اي مركز أو حتى درهما واحدا . ولكن عباس كان بطيء الحركة والفهم ولا يؤدي التدريبات الرياضية ولا ركوب الخيل ولا حتى المشي ! كان يحب الصيد فحسب ، وعندما طلب عباس ذهبية ( أي منزل عائما ) رفض محمد علي هذا الإسراف غاضبا مذكرا إياه انه يملك منزلا عائما في بولاق وسفينة في المنصورة !
والحقيقة فقد كانت الدراسة قاسية تصل الى 11 ساعة يوميا بين الحساب والهندسة وإعراب اللغة العربية . وكان محمد علي يصفه بـ " البليد " و كان محقا ولكنه حكم مصر 9 سنوات وهذه كارثة التوريث .
وكان محمد علي يعنفه بشدة على قسوته في التعامل مع مرؤسيه عندما كان مديرا لمديرية الغربية وكان يأمره بتقديم الترضيات لكل من أساء له وكان محمد على قد يأس منه في أيامه الأخيرة .
أما سعيد فكان مهتما بدراسته (وهو ابن محمد علي الرابع) وعندما بلغ الثالثة كان والده سعيدا بأنه حفظ الصور الخمسة الأولى من القرآن الكريم . عندئذ اقترح محمد علي أن تنسخ أجزاء القرآن وتجلد منفصلة وتعطى مجزأة لسعيد لحفظها .
وعندما بلغ الحادية عشر كان قد تعلم التركية والعربية والفارسية والهندسة والحساب بالإضافة للغات الأوروبية (الفرنسية والانجليزية ). ومن أخطاء محمد علي أنه طلب من سعيد أن يمر على القناصل الأوروبيين للحديث معهم لتقوية لغته الأجنبية فكانت صداقته مع القنصل الفرنسي فرديناند ديليسبس صاحب كارثة القناة فيما بعد . وخطأ تفكير محمد علي (وأى أب ) انه يتصور أن ابنه موثوق فيه كما يثق في نفسه ،ولكن الأب سيموت ، وسينشأ الابن في ظروف مختلفة ، وصداقة الصغار للأجانب خطيرة ، وهذا سيؤثر على سعيد والحفيد اسماعيل .
وعندما أرسل سعيدا ليعمل ملازما في البحرية أمره بطاعة قادته .. وقال له ( سمعت أنك لا تقف " انتباها " لرؤسائك وأن القائد لا يجلس في حضرتك حتى تأذن له. يا ولدي ، يا حبة عيني عليك ان تتصرف كملازم ) ( أي كضابط صغير ) . وكانت مشكلة محمد علي مع سعيد في بدانته المفرطة وحبه للأكل ( خاصة المكرونة ) !! وهذا من ضمن صداقته مع إيطاليين. كما أبلغ محمد علي سخطه لسعيد لأنه يركب حصانه ويرمح في الاسكندرية بدون أن يقف ليحيي المارة . كان يرفض الغطرسة والخيلاء .
كانت رسائله لابنائه وأحفاده داخل وخارج مصر تحثهم على التعلم ( تعلموا.. تعلموا). وكان يفعل نفس الشيء مع بناته اللائي اهتم بتعليمهن ولم يكن ذلك شائعا في الطبقة الراقية وقتئذ. ولم تنج البنات من التأنيب والمواعظ ففي رساله لكبري بناته أوضح انه لا يبخل عليهن بالمال لشراء الثياب، ولكن عندما تتجاوز المطالب الحدود المعقولة ويبتعدون عن الذوق السليم فإنه يلجأ للتأنيب فقال ( إذا قالت الأمهات : هل هذه الملابس طلب مغال فيه بالنسبه لبنات الرجل العظيم؟ فأجيبي أن الرجل العظيم في نظر الشريعة هو الذي يخدم الشعب على الدوام . وطني نفسك على أن تكوني راضية بالقليل وتعلمى الاقتصاد من أجل اليوم الذي يجب أن تكوني مسؤولة فيه عن نفقاتك أنت ) مصدر القصص الشخصيه من كتاب مصر في عهد محمد علي /عفاف لطفي السيد
حاشية
معلومات عن روتشيلد الأب:
ولد روتشيلد اليهودي الألماني في إحدي جيتوات اليهود في فرانكفورت في أواخر القرن الثامن عشر. والجيتو هو حي اليهود المغلق ،وكان يسمى عندنا (حارة اليهود) . اسمه الحقيقي (ماير أشيل ) وليس اسم الشهرة (روتشيلد ) . وقد جاء اسم الشهرة من اسم المحل الذي افتتحه كمرابي لإقراض الأموال . و معنى كلمة ( روتشيلد الألمانيه ) : الدرع الأحمر ، وكان يضع على المحل بالفعل صورة لدرع احمر. وقد تخصص ماير أشيل وفق خطة ذكية في إقراض عائلات قليلة من بين أقوى الأمراء، فاصبح له يد عليهم، وتأثير ونفوذ ، وحصل منهم أيضا على أرباح ربوية كبيرة.
كان له خمس أولاد، ومات عام 1812 ولم يحدد وريث واحد منهم كما هي العادة في أوروبا . وكان قبل موته قد اتخذ قرارا بالانتشار المالي عبر أولاده في أوروبا . فناثان فتح محلا - للقروض الربوية - في لندن . وجيمس في باريس بينما ظل أشيل في فرانكفورت وأرسل سالمون إلى فيينا وكارل الصغير الى ايطاليا و كان يستهدف السيطرة على السوق المالي الاوروبي وأصبحت الأسرة في ما بعد عصب النظام المصرفي الحديث (البنوك) وقد أوصاهم ماير اشيل الأب بالحفاظ على وحدة الأسرة وعدم إدخال الغرباء بينهم، وأن تعقد الزيجات فيما بينهم ، ففي عام 1824 تزوج جيمس بنت أخيه سالمون وفي عام 1826 تزوجت بنت ناثان ابن سلمون التزاما بوصية الوالد .
أسست أسرة روتشيلد أسرع نظام بريدي في أوروبا في القرن التاسع عشر ، وتعمدوا الحصول على المعلومات قبل المنافسين وقد أتاح لهم النظام البريدي ذلك ، حتى قاموا باحتكار المعلومات . أما مراسلاتهم الخاصة فكانوا يكتبونها باللغة اليديشية (العبرية ) الفرانكفورتية حتى لا يفهمها أحد إذا وقعت الرسالة في يده ، وكان احتكار المعلومات سلاحا خطيرا للسيطرة على البورصات ، ثم تطور الأمر إلى السيطرة على الإعلام الناشئ . مؤسس وكالة رويترز الشهيرة كان يهوديا ولم يكن رويتر اسمه الحقيقي !! وقد أدى كل ذلك إلى الهيمنة على السوق المصرفي العالمي .
مصدر معظم هذه المعلومات من :
The 33 Strategies of War . Robert Greene . A Joost ELffers production . pen guine books 2006
xxxxx
والمفترض ان ناثان روتشيلد هو الذي أرسل الرسالة السابقة الى رئيس الوزراء بالمرستون البريطاني
والمفترض ان ناثان روتشيلد هو الذي أرسل الرسالة السابقة الى رئيس الوزراء بالمرستون البريطاني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق