"منقول
عمر عادل" ماكانش بيعاني من أي مرض، على حسب تقرير السجن المبدئي: توقف مفاجئ لعضلة القلب.
متخيل سوء المكان! اللي يتسبب لشاب زي الورد في كامل عافيته وشبابه إن قلبه يقف، عمر من يوم الخميس اللي فات في "التأديب".
- التأديب ده عبارة عن ايه بقى على أرض الواقع بعيد عن الوصف الموجود في قانون تنظيم السجون واللوائح الداخلية للسجون؟
مكان حبس انفرادي أشبه بالقبر بلا مبالغة، مساحة المكان ماتقدرش تفرد رجلك بشكل كامل فيها لازم دايمًا تبقى "مقرفص" في نومتك، السقف مرتفع جدًا، بعض الأماكن فيها تهوية من خلال فتحات ضيقة للغاية قرابة السقف وأكثر الأماكن مافيهاش، باب زنزانة التأديب مافيهوش فتحة تهوية اللي اسمها "نضارة"، مافيش إضاءة ولا لمبة صغيرة حتى، كده لا تهوية ولا نور.. حرفيًا الدنيا بتبقى كحل، في معظم السجون مبنى التأديب بيكون موجود بعيد عن العنابر وبعيد عن أي مباني إدارية بحيث تبقى منقطع عن أي صوت وونس علشان تحس بوحدة غريبة!، قبل ما تدخل التأديب بتقلع هدومك تمامًا فقط بتلبس الكحول (السترة الميري) وتدخل القبر ده وماتخرجش غير بعد ١٥ يوم!
كل يوم بيتفتح الباب دقايق معدودة علشان يدخلك نص رغيف أو رغيف كامل -حسب المكان- مع قطعة حلاوة، وإزازة مية واحدة من غير غطا بحيث ما تعملهاش مخدة تحطها تحت راسك ولو لقي غطا دخلك غلط ممكن تتعلق فيها، وبتشيل أعزكم الله فضلاتك من على الأرض لإن مافيش مكان مخصص فبتضطر تقضي حاجتك في أي كورنر، بتشيلهم في جردل وتخرجهم بره، ولو الشاويش تكرم عليك ممكن يقلب لك جردل مية في أرضية الزنزانة كنضافة، ويقفل عليك ويتكرر الوضع ده ١٥ يوم.
بتمر الأيام بصعوبة ومرار وبتتمنى الموت ألف مرة، الدنيا باستمرار ضلمة، بصعوبة بتفرق ما بين الليل والنهار، مابقتش عارف صلاتك، ولما يجتمع سكون الليل عليك مع سكون المكان عمومًا الخوف لا يمكن وصفه والله، لا صوت أنيس ولا جليس غير ثبات ربك وما تحفظه من القرآن، تفضل تعلي صوتك علشان تطمن نفسك، لغاية ما يغلبك البكاء والنوم. ده كله غير الأمراض الجلدية اللي بتحرق جلدك، وكل من دخل وعاش الوضع عارف يعني ايه ألم غياب الشمس عن جسمك ونومك في القذارة دي بتوصل لمرحلة إنك تفضل تهرش وتقطع في جسمك من الألم لغاية لما معظم جسمك يبقى متخربش ودمامل ودم في معظم جسمك.
بيحضرني موقف حصل مع صديق بدون ذكر اسمه حفاظًا عليه ربنا يفك أسره وينجيه ويخرج سالم غانم، وهو في التأديب اتحايل على الشاويش يسيبله إزازة مية زيادة، وصعب عليه محايلته ومكانته الاجتماعية هو كان معيد في جامعة ما، فساب له إزازة تانية معاه، تاني يوم ظابط دخل تفتيش عليه لقي معاه إزازة زيادة جاب طقم المخبرين والشاويش وفشخهم وبعدها قالهم نصًا: "انا ما قولتش ونبهت قبل كده، ما تحطوش مية كتير للكلاب في الشتا".
"عمر عادل" قلبه وقف بعد ٥ أيام في التأديب، وروحه عند باريها إن شاء الله تشكي أحوال المظاليم وتجبر الفجرة علينا، وربنا يتقبلك ويتقبل منك يا عمر وإن شاء الله لبراح ونعيم بعد ضيق وحبس وبإذن الله تسعد بصحبة رسول الله وأصحابه، وربنا يعوضك خير في جواره، ويصبر أهلك ويلهمهم ثبات من عنده، ويهون على عباده ويجعل لنا مخرجًا قريبًا بأمره، وحسبنا الله ولا حول ولا قوة إلا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق