بين ابن سلمان وابن سعود 2
بقلم / سامي كمال الدين - إعلامي مصري :
كان الملك عبد العزيز بن سعود صاحب دهاء، يلعب بالسياسة ولا تلعب به، لاعَبَ الشريف حسين الذي كان من الصعب هزيمته، وتعلّم العديد من الدروس السياسية في الكويت من الشيخ مبارك الصباح، بينما تلقى الأمير محمد بن سلمان دروسه السياسية على يد الشيخ محمد بن زايد.
فكّر الملك عبد العزيز بن سعود في أن يكون لديه عدد من المستشارين، فاختار حافظ وهبة من مصر، الذي حصل على الجنسية السعودية، وعُيّن بعد ذلك سفيراً للسعودية في لندن، وله مُؤلفات هامة منها 50 عاماً في جزيرة العرب، وجزيرة العرب في القرن العشرين.
كذلك هاري سانت جون بريدجر فيلبي من بريطانيا الذي أسلم وعُرف بالشيخ عبد الله فيلبي، وعاش في مكة، صحافياً وضابطاً، وضع العديد من المؤلفات عن المملكة العربية السعودية مثل:(أربعون عاماً في البرية، بعثة إلى نجد، حاج في الجزيرة العربية، مُغامرات النفط العربي، قلب الجزيرة العربية، بنات سبأ)، إضافة إلى مُذكراته، وهو يُعد المُستكشف الأكبر للجزيرة العربية بكتاباته، وتقديمها إلى الغرب.
هيئة مستشاري الأمير محمد بن سلمان الآن تتضمّن سعود القحطاني، المُتهم في قتل الصحافي جمال خاشقجي.
كان جد الأمير يجتذب المُفكّرين والصحافيين والكتّاب ليَبني دولة، فأصبح سمو الأمير يجتذب قتلة الصحافيين!.
وكذلك تركي آل الشيخ، وتركي شاعر غنائي جيد، لكنه لا يَصلح مستشاراً لولي عهد، ولا مُشاركاً في وضع سياسات دولة، بسبب النزق والتعجل، والاهتمام بالأضواء، أكثر من الاهتمام بالبناء.
كان الملك عبد العزيز بن سعود يُغدق الأموال ويشتري من يريد تطويعهم لسياسته ولسيطرته وبناء دولته، وقد أغدق العديد من الأموال في هذا الأمر، والأمير محمد بن سلمان كذلك يُغدق الأموال على انقلاب في مصر، حرب فاشلة في اليمن، طائرات خاصة تذهب إلى تركيا وتأتي له برأس صحافي يُعارضه!.
كان الملك عبد العزيز يمتلك موهبة التمثيل أمام خصومه بشكل بارع. يقول في ذلك د.علي الوردي في كتابه «قصة الأشراف وابن سعود»:
«قد يُقابل عدواً له تقضي السياسة أن يُبدي له الحب، وتراه عند ذلك يقوم بدور المُحب الذي لا شك في إخلاصه. وهو قد يتظاهر بالبكاء وتنهمر دموعه فعلاً إذا وجد من المصلحة في أن يفعل ذلك».. أظن أن الأمير محمد بن سلمان يمتلك هذه الموهبة، وقد اتضحت في اللقاء المشهور له بسعد الحريري، في مؤتمر الاستثمار حين قال ضاحكاً بأنه سيبقى بعض الأيام في السعودية، لكي لا يقول أحد إننا اختطفناه.
وكان رئيس الوزراء اللبناني قد تم احتجازه عدة أيام في السعودية، خرج بعدها يُعلن استقالته من رئاسة الوزراء اللبنانية وهو في المملكة العربية السعودية!
لكنه فشل في التمثيل أمام ترامب، وهو يَحسب أمامه الأموال التي حصل عليها منه والسعودية.
كان الملك عبد العزيز بن سعود صاحب حضور وكاريزما تأخذ من يُقابله أو يجلس إليه، وهو ما لم يظهر عليه الأمير محمد بن سلمان في اللقاءات التي شاهدناها له، خاصة حديثه مع تركي الدخيل، الذي سأله عن رأيه في الإعلام الذي يُهاجم المملكة، حيث انتقد عدداً من الإعلاميين المحسوبين على نظام السيسي في مصر ومنهم إبراهيم عيسى ويوسف الحسيني دور السعودية الداخلي والخارجي، فإذا بمحمد بن سلمان يصفهم ب»إعلام الإخونج»، قاصداً إعلام الإخوان المسلمين أو المُعارضة المصرية في تركيا!.
الملك عبد العزيز بن سعود، كان محظوظاً وواجه العديد من العقبات التي أزالها الحظ من طريقة، وتستطيع العودة لكتاب خير الدين الزركلي في كتابه عن الملك عبد العزيز الذي تحدّث فيه طويلاً عن دور الحظ في حياته.
الأمير محمد بن سلمان حالفه الحظ أيضاً في ضعف الربيع العربي، ومجيء رجل مثل ترامب رئيساً لأمريكا، ووجود والده الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي استطاع الأمير وهو تحت إمرته استخدامه كغطاء للعديد من القضايا مثل حبس أعمامه وأبناء عمومته في فندق الريتز كارلتون، والاستيلاء على المليارات منهم، وحالفه الحظ في مجيء الديكتاتور الكوميدي في مصر، وتحالفه معه ضد أي قيم أو مبادئ، المهم الرز!.
حالفه الحظ في وجود كوشنر صهر ترامب ومستشاره، الذي استطاع ترتيب غداء على مائدة البيت الأبيض، عندما كان ولياً لولي العهد الأمير محمد بن نايف، وهو عمل ضد بروتوكول البيت الأبيض، إذ لا يُسمح أبداً لولي ولي عهد أن يحصل على مثل هذا، لكن كوشنر طلب من ترامب ذلك، حين كانت تماطل السعودية في دفع الأموال والاستثمارات التي يريدها ترامب، فأخبرهم كوشنر أنه يستطيع «حلبهم» بهذه الطريقة، وقد كان، وتم إزاحة الرجل القوي في المملكة الأمير محمد بن نايف.
فقد وجد كوشنر في «مبس» الصيد الثمين الذي يستطيع تنفيذ كل شيء وأي شيء يُملى عليه مُقابل الوصول للعرش، فوافق فوراً على صفقة القرن، ودفع نظامه إلى التنسيق مع إسرائيل، بل ونسّق مع كافور مصر ليمنح إسرائيل مضيق تيران وصنافير، لتسيطر إسرائيل على الملاحة الدولية، ولا أعرف من «المحظوظ» هنا، ترامب وكوشنر أم الأمير محمد بن سلمان.
نواصل
@samykamaleldeen
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق