"هناك مكان محجوز في قعر جهنم للإعلام المصري والمسئولين في مصر.. يا ويلكم من دعاوى المظلومين والمكلومين يا كلاب"، انفجر غضب المصريين عندما تأخرت التغطية الإعلامية من وسائل الإعلام التابعة للعسكر الرسمية والخاصة، في حادث تفجير معهد الأورام في قلب القاهرة.
وكان ذلك أحد دواعي الاستنكار الواسع من المصريين، سواء من المعارضين أو المؤيدين للانقلاب، وضمن ذلك حضرت المقارنة بشكل واضح بين ما كانت تعرضه وسائل الإعلام المصرية بعد وقوع الحادث، وتغطية عدد من القنوات الإخبارية العالمية له.
وأثار الانفجار غضبًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب الإهمال الإعلامي، أو التعتيم حول حقيقة ما جرى، في ظل عدم إجراء تحقيق رسمي بملابسات الحادثة، وسادت حالة من التوتر بين المصريين في الساعات الأولى للانفجار الذي أودى بحياة 19 شخصا وإصابة العشرات، لعدم توضيح الإعلام أو سلطات الانقلاب تفاصيل الحادثة التي لا تزال هناك تكهنات حولها.
خرابة إعلامية
ووقع الانفجار في محيط مستشفى معهد الأورام في منطقة المَنيل وسط القاهرة، لتعلن السلطات أنه نجم عن حادث سير، تصادمت فيه ثلاث سيارات، وانتقد الكثيرون عدم تغطية وسائل الإعلام المصرية، التي بات معظمها يعمل وفقا لأوامر أمنية للحادث، وقال الناشط حسام عرباوي: "من أكتر الاماكن كآبة على سطح الكوكب أقسم بالله.. مفيش مرة كنت أعدي من قصاده وأشوف المرضى متكومين في الشارع إلا وأبقى عايز أعيط".
مضيفا: "مرة في 2004 اشتغلت على برنامج عنه مع قناة كندية وصورنا لقطات حصرية من الداخل بمعجزة، وكان خرابة وسخة تليق بزرايب البهايم مش بني آدمين".
من جهته يقول الناشط ماجد محمود: "أتمنى الباشا يكون مبسوط من أداء إعلامنا اللي بيطبق التعليمات كما أنزلت كوحي من السماء.. إعلام علم وينفذ.. إعلام إحنا مالنا.. إعلام أكل العيش مر.. إعلام بلاها سبق بلاها تغطيات.. إعلام مش عايزين فتن.. إعلام مش مأجور ولا مسيس ولا بيفتت وحدة المصريين.. إعلام تستحق فخامتك تفتخر بيه زي ما قلت يا بخت عبد الناصر بإعلامه".
وتابع: "إعلام مش هيوجع قلب معاليك بأنه يفضل يعيد ويزيد ويكرر مشاهد التفجيرات وتغطية أحداثها زي ما فخامتك نهيت وقت تفجير كاتدرائية العباسية.. إعلام هيفتخر ويعيد ويزيد في تغطية حدث افتتاح خط الجمبري، ومش هيرثي حتى الغلابة اللي اتفجروا علشان ميهبطش وحدة المجتمع.. إعلام هيساند فخامتك في حربك ضد الإرهاب بالتعتيم حتى على الحوادث غير الإرهابية.. إعلام وطني بصحيح.. أومال ايه".
وفي سياق آخر، استنكر أحد أذرع الانقلاب الإعلامي نشأت الديهي، الهجوم على الإعلاميين، أمس عقب حادث الانفجار في محيط معهد الأورام، قائلًا: "سنوا أسنانهم على الإعلام، وقالوا الإعلام سقط، انتوا طالبين إيه؟ زعلانين مني ليه؟".
وأضاف، خلال تقديم برنامج "بالورقة والقلم" المذاع عبر فضائية "TEN" أن "الإعلام ناقل للبيانات، وليس صانعًا للأحداث، لسنا إعلام الجزيرة بيروح يفجر ويصور في نفس اللحظة، لسنا إعلاما إرهابيا، ولن نصنع سبقا على حساب الجثث".
وأردف: "نعمل في إطار دولة بيانات نتلقاها ونعلنها عبر وسائل الإعلام، لأننا إعلام منضبط، أما الجزيرة جايبة مرتزقة بتليفونات، وما تقدمه استنتاجات وتنظير".
واختتم: "أُبرئ ساحة الإعلام والمواقع الإخبارية، كل الصحف تنقل لحظة بلحظة، وقنوات التلفزيون لن تؤلف وتفبرك مثل الجزيرة والعربي، لم يقصر الإعلام والإعلاميون، إنما اتبعوا الطريق الصحيح لبث بيانات وصور مأخوذة من الجهات المسئولة، فنحن لا نصنع الأحداث، الجهة الوحيدة التي تعلن عن الحدث قبل وقوعه قناة الجزيرة لأن لديها ميعاد العملية".
عقل الدولة
ويقول الناشط حسين مروان ساخرا: "في أحد المكاتب المكيفة بمبنى ما، دار الحوار التالي: أ: بقولك يا باشا موضوع التصادم بتاع معهد الأورام مش واكل مع الناس، وخصوصا الأشلاء اللى نتجت عن الكتلة الانفجارية ودمرت واجهة مبنى المعهد. ب: خلاص سهلة، طلع بيان قول فيه إن العربية كان فيها متفجرات، شغلوا مخكم بقى، واعتمدوا على نفسكم، هو الواحد لازم يعمل كل حاجة بنفسه. "أ" يخرج من المكتب، ويخرج هاتفه من جيب بنطاله. أ: أيوة يابني، ابعت البيان اللى همليهولك ده".
وقال الناشط محمود جبر: "عقل الدولة المدفون على عمق 14 متر فشل حتى الآن فى نشر رواية متماسكة عن كارثة حريق معهد الأورام. الناس فى بلادي يتابعون أخبار الكارثة عبر قنوات ومواقع لا تملك مكاتب أو مراسلين فى مصر. أتمنى أن يعثر المسئولون على جثة الإعلام المصري بين ضحايا معهد الأورام. اليوم يوافق الذكرى الرابعة لافتتاح قناة السيسي. مصر بتفرح أحيانا، لكنها تلطم وتصرخ طوال الوقت".