ابحث بين هذه الشظايا المتناثرة عن قطعة تصلح لاستكمال تلك الرحلة فلا أجد .. من أين بدءنا ؟ كان الأمر صدفة .. كنا نلهو فأنقلب اللهو معتركا .. لا لم نكن نلهو كنا نحاول محاولات صبيانية كي لا نقع في نفس الثقوب التي سحقت من سبقونا .. فأنزلقت أقدامنا لقاعها دون أن ندري .. أتدري يا صديقي ؟
رغم أننا هنا جميعا .. إلا أنني أستطيع أن أفرق بين من أنزلقت قدماه رغما عنه و من أتى إلى القاع بكامل قواه .. سقط صديقي على الأرض ضاحكا .. ما زلت أحمل تلك السذاجة المفرطة التي أتت بي إلى هنا (هكذا حدثتني نفسي قبل أن ينطق ساخرا )
و ما فائدة فراسة عينك أن كنا جميعا في القاع .. أجبته غير عابئا بسخريته مستجمعا بقايا ثقتي .. أعلم يا صديقي ذلك يقينا لكنني أأمل في صناعة طوق نجاة بشري ممن رغبوا في النجاة !!
ساد الصمت سنوات بيني و بين صديقي .. ربما يبحث مثلي عن شظية صالحة بداخله .. و ربما حصل على نفس استنتاجي .. أن ما كسر بداخلنا لن يصلحه إلا الرحيل
فلنرحل إذا .. مهلا و لكننا رحلنا بالفعل .. رحلنا فازدادت شظايانا تفتتا .. هل نرحل مجددا فيزداد التفتت بداخلنا .. أم نعود لندفن في أعماق القاع .. المعادلة غير عادلة يا صديقي و نحن لا نستحق على ما يبدو عدلا بالأساس .. و لكننا أنزلقنا .. القانون لا يحمي المغفلين .. أنا لا أحدثك عن قانون لكني أتوق إلى العدل .. عدنا مرة أخرى إلى الهزل .. هزل ؟ .. نعم هزل .. لا مكان في القاع للعدل
و لكننا انزلق...(قاطعني غاضبا).. أصمت أيها التافه كف عن أحاديث المراهقة الفكرية .. أنتبه إلى ما آلت إليه الأمور .. انظر في مراتك مرة .. منذ متى لم تشاهد ما حدث لتضاريس وجهك .. أنت تفقد بهاءك بكذبك .. لكنك تعلم أني لا أكذب .. أنت تمارس أكثر أنواع الكذب جرما .. تكذب على نفسك يا صديقي .. لقد فقدت السيطرة على كل شيء داخل الثقوب و لم تنقلك محاولاتك الا إلى قاع القاع .. ظلمات بعضها فوق بعض .. لم تعد ترى بالأساس بقايا نفسك .. كيف سترى من تبحث عنهم .. كيف ستنير طريقا لغيرك و كل الطرق برجوعك ملغمة بالثقوب .. لقد أصبحنا حالة ميؤس من عودتها .. أي حديث عن الأمل في قاع القاع جنون .. نحن لا نستحق النجاة يا صديقي .. لا نستحق و كفى .
و ماذا عن الحب ؟ سأقتلك إن تكرر هذا السؤال في حوارنا .. الحب لا يصلح ما أفسده السفهاء .. الحب دواء لمن أمتلكوا قلوبا لكنه لا يسكن في العراء .. الحب قفز من ركابكم في تلك اللحظة التي سقط فيها الجميع .. منزلقا أو مختارا حتى لا تسفسط مجددا .. الحب لو زارنا جدلا سيهرب بعد أول شهقة .. سيعلن الانسحاب قبل عقد الجلسة الأولى للمفاوضات .. المفاوضات فكرة - لماذا لا نتفاوض .. على اي شىء نتفاوض ؟ نحن لا نملك أرضا للتفاوض .. نحن في فراغ كبير نسبح في اللاشئ و لا نفقه فن السباحة ... لا نتقن فن ركوب الموجات و لا نعلم اتجاه التيار حتى نترك له أنفسنا .. و لا نملك أجنحة لنسبح ضد اللاشئ .. انت منهزم .. نعم انا منهزم .. و لن تنجو حتى يدرك الجميع أن الجميع قد انهزم
ساعود للبحث في تلك الشظايا يا صديقي .. أنت مختل .. نعم لكني لم أفقد إرادتي .. عن أي إرادة تتحدث يا منزلق .. عدت لتسخر لن أغضب منك على أية حال .. لن أغضب لانك لا تملك إرادة الغضب و الغضب أبا شرعيا للنجاة بعد إعدام المنطق .. لكنه حارق يا صديقي .. البعض يستحقون الحرق .. أنت لن تستطيع أن تحرق غصنا رفعته يوما بسلام عدت للهزيان و الكذب .. ليس هزيا و لكنه اختلاف في الرؤى .. أي خلاف يا أخرق .. أنت تعتقد أني أبحث عن نصر .. و أنا أؤكد لك أني لا أنشد إلا النجاة .. لن يسمح لك أحدا أن تنجوا .. انت هالك لا محالة .. أكرر أني امتلك الإرادة .. لا تصلح الإرادة مع من وقع في الشرك .. من يدري ربما منحتنا الحياة فرصة أخرى .. الحياة لا تمنح فرص مجانية و لا تعطي الا من يستحق .. انت تخالف منطقك .. سبق أن نوهنا بأن المنطق أعدم في ميدان عام .. أنهارت قواي في جدال عقيم و الفجر أوشك أن يدركنا .. لا يدرك الفجر القاع لا يدرك الفجر من فقد الإرادة لا يدرك الفجر من سلم نفسه لجدالاتي العقيمة و لا من تنهار قواه في يوم و ليلة لا يدرك الفجر من فشل في الحصول بين شظاياه عن وجه يكمل به .. هزمتني بمنطقي انا لا بمنطقك الذي أعدم .. بل هزمت نفسك حين غاب أدراكك و فقدت بين يأسك و انكسارك بوصلتك ..
أرقد في سلام بين شظاياك يا صديقي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق