الأحد, 15 يونيو 2014 - 12:23 pm
عدد الزيارات: 1097 | طباعة
بقلم:
ممدوح الولى
على الرصيف المجاور لأحد مبانى
وزارة الزارعة ، أقام أحد المواطنين كشكا لبيع الفاكهة على نهاية الرصيف ،
ليترك ممرا للمشاه بجوار سور المبنى ، وحتى يؤمن نفسه من شرطة المرافق فقد
علق صورتين كبيرتين لوزير الدفاع السابق .
ونفس الأمر كررته مقاهى كثيرة تنتشر
كراسيها على الأرصفة المجاورة بتعليق صوره ، وعندما ظهرت البطاقة الشخصية
لوزير الدفاع السابق ، اشتراها الكثيرين حتى من الشباب الذين يشاركون فى التظاهر ضده ، كى يستخدموها عند ضبط الشرطة لهم .
كذلك
اشترى كثير من السائقين واصحاب السيارات شريط تسلم الأيادى لفتحه عند
الاقتراب من النقاط المرورية ، تفاديا لتعسف رجال المرور ، ووضع البعض صوره
على هواتفهم الشخصية وأجهزة الحاسب الخاصة بهم ، لاستخدامها فى حالة
تفتيشهم فى الطرقات أوالبيوت رغم رفضهم الشديد له .
- كما قام كثير من التجار المعروف
عنهم التدين فى أسواق عديده ، بتعليق صور وزير الدفاع السابق لتفويت الفرصة
على خصومهم من التجار للتشويش عليهم لدى الجهات الأمنية ، حتى السيدة التى
بدأت مبكرا بانتاج حلوى السيسى ، تبين أن العقار الموجود به المحل هو عقار
مخالف ومطلوب تنكيسه وأرادت بما قامت به التحايل لعدم إغلاق المحل .
ونفس الأمر فعله فعله رجال الأعمال الذين علقوا لافتات التأييد خلال الانتخابات ايثارا للسلامة ، ولقد شهدنا خلال مسرحية الانتخابات الرئاسية
الكثيرين من اضطروا للذهاب لتفادى التهديد بدفع الغرامة ، يكتبون عبارات
قاسية وشتائم ودعوات بالهلاك للمرشح الرئاسى المضمون فوزه .
- ومن خلال شهود عيان فإن الذين احتفلوا بفوزه بميدان التحرير كان من بينهم بلطجية تبدو علامات آثار البلطجة على وجوههم ،
إضافة الى بعض المجندين ، والشباب الذاهب للتحرش والاستمتاع بوصلات الرقص
المرتقبة من الفتيات ، والهدايا التى ستلقيها الطائرات عليهم وقضاء سهرة
غنائية مجانية .
- وعندما اجتمعت عدة شرائح خلال
خطاب رئيس الانقلاب فى الثالث من يوليو الماضى ، كانوا يشتركون مع رئيس
الانقلاب فى الهدف العام وهو التخلص من حكم الاخوان ، إلا أنه كان لكل منهم
أهدافه الخاصة التى تختلف عما قام به بعد ذلك ، من انفراده بالاستيلاء على الحكم وتضييقه على الحريات ، مما دفع بعضهم الى الفتور فى التأييد ، وهو ما أكدته نسب الحضور المتدنية بمسرحية الانتخابات الرئاسية .
فجبهة الانقاذ كان لها مصالحها
المختلفة التى لم يحققها لها قائد الانقلاب ، والكنيسة لها أهدافها الخاصة ،
ورئاسة الأزهر أصحبت سمعتها بالحضيض بعد مقتل واعتقال وفصل المئات من طلاب
الأزهر .
- وخلال الأحداث التالية للانقلاب
وتغول دور الشركات التابعة للجيش فى تنفيذ مشروعات فى قطاعات اقتصادية
عديدة بالأمر المباشر ، انتشر الخوف بين رجال الأعمال على مصالحهم خاصة بعد
توليه السلطة وتعاظم نفوذ شركات الجيش ، الى جانب استمرار نفس المشاكل
التى يعانون منها خلال فترة هيمنته على السلطة منذ الثالث من يوليو ، من
صعوبات التمويل المصرفى وصعوبة الحصول على العملة والركود .
- وينسى رئيس الانقلاب أن قطاعات
شعبية عديدة كانت شاهدة على مسرحية الانتخابات الرئاسية ، حيث شاهدت على
الطبيعة خلو اللجان ، ولم تصدق الأرقام التى تم اعلانها عن حضور الانتخابات
، والذين تتنوع فئاتهم ما بين قضاة وافراد قوات مسلحة شاركت بالتأمين ،
وقوات شرطة تواجدت باللجان ، ومندوبى المرشحين ، وعمال مدارس الانتخابات ،
والاعلاميين الذين قاموا بتغطية الحدث محليين وأجانب ، ومندوبى الجمعيات
التى راقبت الانتخابات محلية وأجنبية ، وسكان المنازل والمحلات المجاورة
للجان .
- ويعتمد رئيس الانقلاب على الصحافة
الحكومية الخاصة والحكومية ، والفضائيات التى تروج له بصورة فجة ، والتى
أصبحت مفضوحة مع تكرار نغمة إلصاق التهمة بالاخوان مع كل حدث حتى ولو كان
التحرش الذى حدث بميدان التحرير .
بديل هجرة كثير من المشاهدين لكثير
من برامج التوك شو ، وتراجع توزيع الصحف على اختلاف أنواعها ، ولعله يطلب
توزيع تلك الصحف الشهيرة ليجد أن كثير منها يترواح توزيعه ما بين العشرة
آلاف والعشرين ألف نسخه بالكاد .
- ولا يظن رئيس الانقلاب أن قيادات
الدول التى حضرت حفل تنصيبه قد جاءت له ، ولكنها جاءت لتأكيد مصالحها ،
فدول الخليج أهدافها واضحة فى اخماد جذوة الربيع العربى وثورة الشباب كى
تنعم بالأمن داخل بلادها ، ودول الغرب والشرق لها مصالح اقتصادية وسياسية ،
كما يجمع الاستبداد ما بين الأنظمة الأفريقية التى شاركت والنظام المصرى .
= وهكذا يتضح أن رئيس الانقلاب
يعتمد فى استمراره ، على بطش الشرطة والجيش المتكرر تجاه المتظاهرين
الرافضين له ، وما تقوم به كثير من النيابات والمحاكم فى نفس المسار ،
ويبرره الاعلام مهما كان شاذا وغريبا بل ومجنونا .
الى جانب كثيرين ممن انغمسوا فى الفساد السياسى والاقتصادى
، سواء من الكبار أو الصغار ممن يريدون أن يظلوا بعيدا عن المحاسبة ، وحتى
تظل ثرواتهم الملوثة آمنة ، وكثيرات ممن انجذبن لوسامة المتحدث العسكرى
ولأسلوب رئيس الانقلاب العاطفى .
= وينسى قائد الانقلاب أن شرائح
كثيره لا تقبل بوجوده منها الشباب ، وتلك هى الشريحة الأكبر عددا وتأثيرا
بالمجتمع ، ومنها أرباب اللأسر الذين لم يلحظوا تحسنا فى مستواهم المعيشى
منذ هيمنته على السلطة قبل عام ، ومنها أصحاب العقول من المصريين والمصريات الذين لم ينخدعوا بمعسول الكلام ، ولم يبتلعوا طعم السهوكة .
لقد تغير المصريون بعد الخامس
والعشرين من يناير ، وكسروا حاجز الخوف بدليل خروجهم للتظاهر اليومى ، رغم
معرفتهم بما سيواجههم من قتل واصابة واعتقال وحبس وكفالات وتدمير للبيوت ،
وتعذيب وانتكاهات جسدية وجنسية داخل السجون وتشويه اعلامى .
ولم يعد الرفض لوجوده قاصرا على
التيار الاسلامى ، الذى اتضح له أنه أكبر من حساباته ، فرغم قتل واصابة
الآلاف منهم ، واعتقال أكثر من 40 ألف شخص ومصادرة الأموال وتدمير المنازل
والمحلات لم ينكسروا ومازالوا صامدين رغم صدور أحكام قاسية فى حق كثير منهم
.
بل لقد اكتسب
الاسلاميون تعاطفا شعبيا كبيرا ، بعد ان رأى الناس بأعينهم كم البطش بهم
والذى وصل الى حد استخدام الطائرات واقتحام القرى فى مشهد غير مسبوق
تاريخيا ، الى جانب اكتشاف آخرين أن أجهزة سيادية ، كانت وراء حملة تمرد
والبلاك بلوك وتمويل كثير من الحركات الثورية ، وافتعال أزمات البنزين
وغيرها .
- وساهم تردى الأحوال المعيشية
من انقطاع للكهرباء واستمرار طوابير البنزين ، ورفع أسعار الغاز المنزلى
والمياه والسكة الحديد وتحديد عدد الأرغفة اليومية للمواطن ، واستمرار
ارتفاع الأسعار للغذاء اليومى والخدمات الصحية وخدمات النقل والبطالة
والفقر فى تراجع أعداد المؤيدين له من شرائح المجتمع المختلفة .
ليصبح اعتماده على تأييد شعبى محدود ،
وبطش شرطى وجيشى وتضليل اعلامى ومحاكمات تفتقد العدالة ، مقابل أوضاع
اقتصادية واجتماعية متدهورة ، وشباب رافض وجوده ، ودعوات أهالى المعتقلين
عليه ليلا ونهارا ، ولعنات أرواح الشهداء التى تطارده فى كل مكان يذهب إليه
وتصيبه بالرعب وتقلل من تحركاته ، رغم ما حوله من حراس وعتاد حربى ومخبرين .