"عبد المجيد محمود" سبب البراءة
منذ يوم
عدد القراءات: 6098
في ميدان التحرير، وفي ظلّ الثورة المحتدمة خلال الأيام الأخيرة من شهر يناير 2011، رفع الثوار في الميدان لافتات ضمنوها مطالبهم وصور شخصيات طالبوا بعزلها من مناصبها، ثمّ محاكمتها. كان الرئيس المخلوع حسني مبارك، ووزير داخليته حبيب العادلي، ورئيس وزرائه أحمد نظيف، وأمين التنظيم في الحزب الوطني الحاكم حينها، أحمد عز، أبرز هؤلاء. كما كان للمستشار عبد المجيد محمود (68 عاما)، النائب العام آنذاك، مكانة بارزة بين هؤلاء الذين يطالب الثوار بإقالتهم ثم محاكمتهم.
في الحادي عشر من فبراير/شباط 2011، تنحّى مبارك عن الحكم، ولاحقاً تمّ عزل رموز حكمه، الذين اتهموا بالفساد والقتل، وتمّ القبض على العادلي وعز وآخرين، لكن محمود بقي في منصبه لنحو عامين، على الرغم من تغير الحكومات والأوضاع السياسية في البلاد.
وفي نهاية عام 2012، قرر الرئيس محمد مرسي إبعاد محمود عن منصبه. كان الشارع المصري ملتهباً بعد حكم صادر في أكتوبر 2012، قضى ببراءة المتهمين في موقعة الجمل، وبينهم فتحي سرور وصفوت الشريف، ما أدّى إلى إصدار قرار رئاسي بتعيين محمود، سفيراً لمصر في الفاتيكان، ما يعني إقالته ضمنياً.
استشاط كثيرون غضباً وانطلقت تظاهرات، بدت وكأنّها مدبّرة ضدّ القرار، لم يكن المشاركون فيها يرغبون جدياً، وفق وجهة النظر السائدة حينها، ببقاء محمود. اعتبر كثيرون الأمر استمراراً لهجوم متواصل على مرسي وقراراته، حتّى ولو كان القرار أحد مطالب الثورة التي اتُهم حينها بخيانتها. لاحقاً، تكشّفت الحقائق. لم يكن الهجوم على مرسي، بسبب عزل محمود اعتباطياً، ولم يكن بقاؤه في منصبه تحدياً لمرسي فقط، وإنما للثورة التي جاءت به، ولدماء الشهداء الذين سقطوا فيها، ولتفصيل قضايا فاسدة للمتهمين بقتلهم، فضلاً عن تهم كثيرة أخرى، بينها إفساد.
تفجّرت الأزمة بقوة، أمس السبت، مع اعتماد رئيس محكمة جنايات القاهرة، القاضي محمود كامل الرشيدي، في حكمه ببراءة مبارك من تهمة قتل المتظاهرين في ثورة يناير 2011، على قرار صادر عن النائب العام السابق (محمود) في 23 مارس 2011. ويفيد القرار المذكور بأنّه "لا وجه لإقامة دعوة جنائيّة تجاه مبارك"، وبالتالي قرر القاضي "عدم جواز نظر الدعوى الجنائيّة المقامة ضدّه، لسبق صدور الأمر الضمني.
يعيد نصّ الحكم ومسوّغاته محمود مجدداً إلى دائرة الضوء، وتعيد كلّ ما كان يثار ضدّه وضد الفريق أحمد شفيق، أول رئيس وزراء بعد مبارك، الذي أصرّ على بقاء محمود في منصبه. ولم يضع الأخير مبارك على لائحة الاتهام الأولى المقدّمة للمحكمة، والتي ضمت العادلي ومساعديه، بل ضمّه للدعوى بعد قرار الإحالة بشهرين، ودفعت هذه الثغرة القاضي للحكم بعدم جواز نظر الدعوى باتهام مبارك بقتل المتظاهرين.
ويُعتبر محمود المسؤول الأول عن إعداد ملف القضيّة، وتجاهله الكثير من المستندات والأدلة التي تدين المتهمين، واستدعاء شهود النفي واستبعاد شهود الإثبات، ما يجعله المسؤول الأول والأخير عن القضيّة، التي وصلت إلى القاضي مفكّكة، ما أتاح له الحكم فيها بالبراءة.
والمثير في قصة محمود، عودته إلى منصبه السابق كنائب عام بعد نحو ستة أشهر فقط من الانقلاب علي مرسي له، وذلك بعد حصوله على حكم قضائي من دائرة طلبات رجال القضاء في محكمة استئناف القاهرة، أيّدته لاحقاً محكمة النقض في 2 يوليو 2013، ليصبح باتاً ونهائياً، لكنّه آثر ترك منصبه كنائب عام، والعودة إلى منصّة القضاء بعد أسبوع واحد على صدور الحكم.
ومنذ وقوع الانقلاب العسكري في يوليو 2013، اختفى محمود تقريباً من الحياة العامة، ليكمل مهمّته بنجاح خلال فترة عمله بعد الثورة، وليتفرّغ مع زميله ورفيق دربه رئيس نادي قضاة مصر، أحمد الزند، للإعداد للانقلاب، في وقت ترك فيه النيابة والقضاء، الكثير من الأعوان الذين استفادوا منه سابقاً، وقاموا برد الجميل له لاحقاً، بإكمال ما بدأه.
وفي العاشر من سبتمبر/أيلول الماضي، وافق مجلس القضاء الأعلى، على إعارة محمود إلى دولة الإمارات، للعمل كمستشار في محكمة النقض في إمارة أبوظبي، والتي تُعدّ أعلى مؤسسّة قضائيّة هناك.
وعلى مدى السنوات الثلاث التالية لسقوط مبارك، واجه محمود اتهامات عدة، بينها التواطؤ، وإخفاء أدلة في قضايا قتل وإصابة المتظاهرين، وتعمّد عدم فتح التحقيقات في المئات من البلاغات التي قُدّمت ضدّ رموز الفساد، والتراخي في التحقيقات ضدّ المتهمين من أعوان نظام مبارك.
وكان محمود هو من أصدر قرار تنفيذ سجن مبارك الاحتياطي، داخل مستشفى شرم الشيخ الدولي، في 13 أبريل 2011، وإيداعه إحدى المستشفيات التابعة للقوات المسلحة، بزعم عدم جهوزيّة مستشفى سجن طرة لاستقبال حالته.
يُذكر أن محمود، المولود عام 1946، تخرّج من كليّة الحقوق في جامعة القاهرة عام 1967، وتولى منصب المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا قبل توليه منصب النائب العام منذ عام 2006 وحتى عام 2012.
في الحادي عشر من فبراير/شباط 2011، تنحّى مبارك عن الحكم، ولاحقاً تمّ عزل رموز حكمه، الذين اتهموا بالفساد والقتل، وتمّ القبض على العادلي وعز وآخرين، لكن محمود بقي في منصبه لنحو عامين، على الرغم من تغير الحكومات والأوضاع السياسية في البلاد.
وفي نهاية عام 2012، قرر الرئيس محمد مرسي إبعاد محمود عن منصبه. كان الشارع المصري ملتهباً بعد حكم صادر في أكتوبر 2012، قضى ببراءة المتهمين في موقعة الجمل، وبينهم فتحي سرور وصفوت الشريف، ما أدّى إلى إصدار قرار رئاسي بتعيين محمود، سفيراً لمصر في الفاتيكان، ما يعني إقالته ضمنياً.
استشاط كثيرون غضباً وانطلقت تظاهرات، بدت وكأنّها مدبّرة ضدّ القرار، لم يكن المشاركون فيها يرغبون جدياً، وفق وجهة النظر السائدة حينها، ببقاء محمود. اعتبر كثيرون الأمر استمراراً لهجوم متواصل على مرسي وقراراته، حتّى ولو كان القرار أحد مطالب الثورة التي اتُهم حينها بخيانتها. لاحقاً، تكشّفت الحقائق. لم يكن الهجوم على مرسي، بسبب عزل محمود اعتباطياً، ولم يكن بقاؤه في منصبه تحدياً لمرسي فقط، وإنما للثورة التي جاءت به، ولدماء الشهداء الذين سقطوا فيها، ولتفصيل قضايا فاسدة للمتهمين بقتلهم، فضلاً عن تهم كثيرة أخرى، بينها إفساد.
تفجّرت الأزمة بقوة، أمس السبت، مع اعتماد رئيس محكمة جنايات القاهرة، القاضي محمود كامل الرشيدي، في حكمه ببراءة مبارك من تهمة قتل المتظاهرين في ثورة يناير 2011، على قرار صادر عن النائب العام السابق (محمود) في 23 مارس 2011. ويفيد القرار المذكور بأنّه "لا وجه لإقامة دعوة جنائيّة تجاه مبارك"، وبالتالي قرر القاضي "عدم جواز نظر الدعوى الجنائيّة المقامة ضدّه، لسبق صدور الأمر الضمني.
يعيد نصّ الحكم ومسوّغاته محمود مجدداً إلى دائرة الضوء، وتعيد كلّ ما كان يثار ضدّه وضد الفريق أحمد شفيق، أول رئيس وزراء بعد مبارك، الذي أصرّ على بقاء محمود في منصبه. ولم يضع الأخير مبارك على لائحة الاتهام الأولى المقدّمة للمحكمة، والتي ضمت العادلي ومساعديه، بل ضمّه للدعوى بعد قرار الإحالة بشهرين، ودفعت هذه الثغرة القاضي للحكم بعدم جواز نظر الدعوى باتهام مبارك بقتل المتظاهرين.
ويُعتبر محمود المسؤول الأول عن إعداد ملف القضيّة، وتجاهله الكثير من المستندات والأدلة التي تدين المتهمين، واستدعاء شهود النفي واستبعاد شهود الإثبات، ما يجعله المسؤول الأول والأخير عن القضيّة، التي وصلت إلى القاضي مفكّكة، ما أتاح له الحكم فيها بالبراءة.
والمثير في قصة محمود، عودته إلى منصبه السابق كنائب عام بعد نحو ستة أشهر فقط من الانقلاب علي مرسي له، وذلك بعد حصوله على حكم قضائي من دائرة طلبات رجال القضاء في محكمة استئناف القاهرة، أيّدته لاحقاً محكمة النقض في 2 يوليو 2013، ليصبح باتاً ونهائياً، لكنّه آثر ترك منصبه كنائب عام، والعودة إلى منصّة القضاء بعد أسبوع واحد على صدور الحكم.
ومنذ وقوع الانقلاب العسكري في يوليو 2013، اختفى محمود تقريباً من الحياة العامة، ليكمل مهمّته بنجاح خلال فترة عمله بعد الثورة، وليتفرّغ مع زميله ورفيق دربه رئيس نادي قضاة مصر، أحمد الزند، للإعداد للانقلاب، في وقت ترك فيه النيابة والقضاء، الكثير من الأعوان الذين استفادوا منه سابقاً، وقاموا برد الجميل له لاحقاً، بإكمال ما بدأه.
وفي العاشر من سبتمبر/أيلول الماضي، وافق مجلس القضاء الأعلى، على إعارة محمود إلى دولة الإمارات، للعمل كمستشار في محكمة النقض في إمارة أبوظبي، والتي تُعدّ أعلى مؤسسّة قضائيّة هناك.
وعلى مدى السنوات الثلاث التالية لسقوط مبارك، واجه محمود اتهامات عدة، بينها التواطؤ، وإخفاء أدلة في قضايا قتل وإصابة المتظاهرين، وتعمّد عدم فتح التحقيقات في المئات من البلاغات التي قُدّمت ضدّ رموز الفساد، والتراخي في التحقيقات ضدّ المتهمين من أعوان نظام مبارك.
وكان محمود هو من أصدر قرار تنفيذ سجن مبارك الاحتياطي، داخل مستشفى شرم الشيخ الدولي، في 13 أبريل 2011، وإيداعه إحدى المستشفيات التابعة للقوات المسلحة، بزعم عدم جهوزيّة مستشفى سجن طرة لاستقبال حالته.
يُذكر أن محمود، المولود عام 1946، تخرّج من كليّة الحقوق في جامعة القاهرة عام 1967، وتولى منصب المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا قبل توليه منصب النائب العام منذ عام 2006 وحتى عام 2012.