تشير رواية الضابط المصري المقاعد والمقيم ببريطانيا عمر عفيفي، حول حادثة الاعتداء على الإعلامي أحمد موسى، أمس الاثنين، على طريق عودته من عمله بقناة صدى البلد، إلى منزله، فجرًا، تشير إلى سيناريو يعمل على إنضاجه أجهزة سيادية قريبة من السيسي، لخلق نخبة إعلامية جديدة تخيط بالسيسي وتدعمه، بشكل لا يحمل كثير من الأزمات والإشكالات التي ذخرت بها الفترة السابقة من قبل إعلاميين محسوبين على السيسي، أمثال أحمد موسى وتوفيق عكاشة.
وتؤكد مصادر إعلامية مقربة من دوائر حكومة السيسي أن هناك خطة تعدها دائرة مقربة من السيسي في إطار رغبتها في السيطرة على وسائل الإعلام وإدارة مصادر المعلومات، تتضمن الدفع بشخصيات إعلامية جديدة وشابة موالية للنظام، في أبرز القنوات الفضائية المصرية ليتولوا المهمة التي اضطلع بها موسى وعكاشة وزملاؤهما منذ 2013 في الترويج للنظام ومحاربة معارضيه، ولكن بأسلوب يتماشى مع مقتضيات المرحلة الجديدة ويبتعد عن طريقة الصوت العالي والسب والقذف والمشادات.
وتوضح المصادر أن هذه الخطة تتضمن أيضًا إنشاء قنوات جديدة بدعم خليجي، بهدف تجديد دماء الإعلام المصري المؤيد للنظام، والذي فقد كثيرا من شعبيته على مدار الفترة الماضية، نتيجة أحادية التوجه وركود اﻷفكار وعدم ظهور شخصيات إعلامية بارزة شابة، وابتعاد الإعلاميين الذين ارتبطوا بثورة يناير....ولعل أبرز ما تيؤيد ذلك، ضخ محمد دخلان المستشار الأمني لحاكم أبو ظبي محمد بن زايد...
قصقصة ريش موسى وعكاشة
وشهدت الساحة الإعلامية مؤخرًا، تصعيد قضائي ومني غير مسبوق ضد اﻹعلاميَّيْن أحمد موسى، وتوفيق عكاشة، المقرّبيْن من الدوائر المخابراتية، والذي بلغ ذروته بصدور قراري اتهام من النيابة العامة بحقهما وإحالتهما إلى محكمة الجنايات، بسبب سبهما وقذفهما المستشار، هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات.
ولم يسبق للنيابة العامة أن أحالت للمحاكمة المتهمين في بلاغات جنينة، الذي أصبح مرمى للانتقادات والهجوم الدائم منذ اﻹطاحة بحكم الرئيس، محمد مرسي، نظرًا ﻻنتمائه لتيار استقلال القضاء وتعيينه في منصبه بقرار من مرسي ، بل إن النيابة العامة أحالت جنينة نفسه للمحاكمة بتهمة سب وقذف وزير العدل الحالي، أحمد الزند.
ويرى مراقبون أن إحالة موسى وعكاشة للمحاكمة كحلقة جديدة في رغبة دوائر في السلطة، مقربة من الرئيس، عبدالفتاح السيسي، في إزاحة هذا النمط من اﻹعلاميين، الذين ظهروا في أعقاب ثورة 25 يناير 2011 ، ولعبوا دورًا في قيادة الثورة المضادة إعلامياً إلى أن تمخضت عن انقلاب 3 يوليو ، التي أدارها السيسي.
ويشير مقربون من النظام أن بعض مساعدي السيسي، ومنهم مستشاره للشؤون اﻷمنية، أحمد جمال الدين، باتوا يعتبرون موسى وعكاشة وأمثالهما من المنتمين مباشرة لنظام الرئيس المخلوع، حسني مبارك، "خطرا على السيسي وشعبيته في الشارع، بسبب الصورة الذهنية السلبية لدى جموع المصريين عنهما"، وتم قياس ذلك الاستنتاج خلال عرض عكاشة وموسى بالنيابة، حيث أبدت الجماهير ارتياحًا كبيرًا وسعادة بحبسهما.
وقدرت جهات مخابراتية أن خطاب السب والقذف وتراشق ااتهامات في وسائل اﻹعلام، والذي يتزعمه موسى وعكاشة، يخصم من رصيده الشعبي والدعائي، فهو يفضل إعلاميين يقدمون نفس الجرعة الدعائية الترويجية للنظام، ولكن بلهجة أقل تصادما وأكثر هدوءاً.
ووفقًا للمعلومات المتوافرة، فإن أحد مساعدي السيسي وجه رسالة شديدة اللهجة لمسؤولي قناة "صدى البلد"، التي يملكها رجل اﻷعمال، محمد أبو العينين، ويقدم أحمد موسى برنامجها الرئيسي، وذلك بعد تكرار إجراء مداخلات هاتفية مع مبارك، وتبني حملة لتكريمه تحت شعارات رد الجميل.
وطلب هذا المساعد من القناة عدم تكرار هذه التصرفات بدون تنسيق مع مؤسسة الرئاسة، وذلك لورود عدة تقارير سيادية تؤكد تأثر شعبية السيسي سلبًا، خصوصًا في أوساط الشباب والمثقفين، نتيجة خطاب تخوين ثورة يناير والترويج لـ"إعادة اعتبار مبارك".
الإقصاء الخشن
ولعل الاعتداء على أحمد موسى بالضرب المبرح والإساءة الخادشة للحياء التي تعرض لها ، وفق رواية عفيفي، يقف وراءها جهات أمنية، معروف عنها تلك الطريقة، كما حدث مع الإعلامي عبد الحليم قنديل، بضربه وسحله وتركه بالعراء في منطقة المقطم، جنوب القاهرة، عاريا بلا ملابس، في عهد المخلوع حسني مبارك.
ويدعم ذلك، كلام أحمد موسى، حين وصل إلى قسم الشرطة بأكتوبر...وأخذ يردد: "لازم أعرف مين اللي عمل كده فيا والرئيس لازم يجيبلي حقي ولا هيه مترتبة ليه ..إحالة للجنايات ومخدنيش سنغافورة إيه الحكاية لازم أعرف"، تلك الكلمات تكشف عن حقيقة الترتيبات التي تستهدف صياغة خارطة اعلامية جديدة لعهد السيسي، تكون أقل تكلفة من ناحية اثارة المشاكل والأزمات للسيسي ونظامه المترهل ، غير القادر على التمدد السيساسي والمدني، إلا من خلال قوة الجسش والالة العسكرية.
وكانت وسائل اعلامية عدة تناقلت ما كتبه عفيفي عبر صفحته على الغيس بووك، قائلا: "قام 4 أشخاص مجهولين، يستقلون سيارة بدون لوحات، فجر اليوم الاثنين، بإيقاف سيارة الإعلامي أحمد موسى وتجريده من ملابسه هو وسائقه وحارسه واعتدوا عليهم ضربًا ثم تركوهم عرايا على طريق المحور، بعدما جردوهم من كل ما معهم من ملابس وتليفونات وأموال، وقاموا بأعمال فاضحة"..
وأضاف عفيفي إنه تعرف على تفاصيل الواقعة من خلال ضباط وأمناء قسم شرطة أكتوبر.!!!
ولعل ما يؤكد نهاية إعلام الردح والمسخرة بقيادة عكاشة وموسى، بحث الداعم الأساسي جهات إعلامية جديدة، تعتمد على وجوه من عينة خالد صلاح وإعلاميي اليوم السبع، الذين ترعاهم المخابرات الحربية، والذين حظوا بزيارة محمد دحلان وكيل أعمال آل زايد، والمستشار الأمني لحاكم دبي محمد بن زايد، مؤخرًا.
حيث تحدثت تقارير مؤكدة عن قيام لإمارات بضخ مليار دولار في الإعلام المصري، أشرف على توزيعها محمد دحلان، وأن هناك مليارًا ثانية ستضخ قريبً..
هنادي بديل موسى وعكاشة
وعلى ما يبدو أن الأجهزة العسكرية الحاكمة حسمت خياراتها، بالاتجاه إلى إعلام الفنانات والفرح والأغاني بديلاً عن إعلام المهاترات والمعارك السياسية التي تجلب الأزمات وتفقد قائد الانقلاب شعبيته.
مؤسسة الجيش التي تتحكم في دوائر الإعلام حول السيسي، كرمت مؤخرًا الفنانة جنات لدورها الوطني بإحياء حفلات الجيش، دفعت نحو تصعيد الفنانة هنادي ابنة الراقصة فيفي عبده...التي تزوجت مؤخرا من ابن شقيقة محمد دحلان.. والتي تمتلك قناة TEN والتي تحولت لقناة "هنادي" ومن المتوقع أن تلعب دورا في دعم السيسي بدولته الجديدة من رجال الأعمال ونخبته الجديدة..