في سادس قرار من نوعه منذ الانقلاب العسكري على الرئيس الشرعي محمد مرسي، ويكشف عن تفشي الصراع بين أجهزة المخابرات، أصدر عبد الفتاح السيسي، قرارًا جديدًا اليوم الخميس بإحالة 10 من وكلاء المخابرات العامة للمعاش، زعم أن سبب الإحالة "بناء على طلبهم"، وآخر "لعدم لياقته للخدمة صحيا".
ونص القرار -الذي نشرته الجريدة الرسمية، اليوم الخميس- على "الإحالة للمعاش بناء على طلبهم" لكل من: أحمد حسين عبد الحميد، وأسامة جابر عبد الله، وإبراهيم صلاح الدين الجارحي، وهشام محمد أبو خليل، ومحمد إبراهيم دبور، وشريف مصطفى عبد الناصر، ومحمود وزكي حسين، وطارق أحمد يوسف، وثروت محمود منير، ومحمد كمال الدين حسين، ومايسة محمد إبراهيم.
كما تضمن القرار إحالة عز الدين عبد الرحمن فوزي، إلى المعاش لـ"عدم لياقته للخدمة صحيا"، ليصبح المجموع 11.
ويعد هذا هو القرار السادس الذي يصدر منذ 30 يونيو 2013، وانقلاب السيسي علة رئيسه محمد مرسي، وبموجبه يرتفع عدد المحالين للمعاش إلى 68 مسئولا ووكيلا بجهاز المخابرات العامة، الذي سبق أن نشرت تسريبات عن خلافات بينه وبين جهاز المخابرات العامة حول الوضع في سيناء.
6 قرارات بـ 68 إحالة للمعاش والتقاعد
وكانت أولى خطوات استبعاد عاملين في جهاز المخابرات بدأت في 2 ديسمبر 2013، حين أحيل للتقاعد 10 ضباط بالمخابرات العامة للتقاعد، في ظل وجود "الطرطور" المؤقت عدلي منصور وتولي السيسي وزارة الدفاع.
والمرة الثانية كانت في 2 يوليو 2014 حينما صدق السيسي على إحالة 14 وكيلًا للمخابرات العامة للمعاش، وجاء في القرار الجمهوري أن هذا تم "بناء على طلبهم".
والمرة الثالثة في الخامس من فبراير 2015 حينما أصدر السيسي قرارات، تم نشرها بالجريدة الرسمية، بنقل ثلاثة من موظفي المخابرات العامة، هم: محمد منصور هليل، إلى وزارة الاستثمار، وماجد محمود ماجد، إلى وزارة الاتصالات، وعبد الناصر فرج، إلى وزارة الكهرباء، بناء على مواد 47 لسنة 1978، وقانون 100 لسنة 1971 بشأن العاملين بالدولة.
أما المرة الرابعة فكانت في 18 يونيو الماضي 2015، حيث أصدر السيسي قرارًا بإحالة 11 من وكلاء المخابرات العامة للمعاش، وتضمن القرار -الذي نشرته الجريدة الرسمية- إحالة تسعة بناء على طلبهم، وإحالة الآخرين لعدم لياقتهم للخدمة صحيًّا، حسب القرار، على أن يتم العمل به، اعتبارًا من الثاني من يوليو 2015.
وجاءت المرة الخامسة في يوليو 2015، بإحالة 19 من مسئولي الجهاز للتقاعد، لتكون المرة الخامس والأكبر، والأكثر جدلا لأنها تضمنت نقل مسئولين إلى وظائف بالوزارات المختلفة.
وجاء القرار الجمهوري الذي صدر اليوم الخميس 31 ديسمبر 2015، ليكون هو السادس في سلسلة القرارات هذه، وتضمن إحالة 10 للمعاش، وواحد لعدم لياقته صحيا.
تسريبات مكملين تكشف الصراع
وسبق أن بثت قناة "مكملين" تسريبًا، بالتزامن مع هذه القرارات الجمهورية بعزل العديد من العاملين في الجهاز السيادي الأول في مِصْر، كشف عن أن السيسي ومدير مكتبه اللواء عباس كامل -الذي خرجت التسريبات من مكتبه- لا يثقون في (المخابرات العامة)، ويثقون فقط في (المخابرات الحربية) التي كان السيسي رئيسًا لها قبل أن يعينه الرئيس السابق مرسي وزيرًا للدفاع.
ففي هذا التسريب لقناة "مكملين" الفضائية، ظهر صوت من يعتقد أنه اللواء عباس كامل، مدير مكتب السيسي، ليكشف بشكل غير مباشر وجود خلافات بين المخابرات العامة وقيادات المجلس العسكري، وأنهم يفضلون عليه المخابرات الحربية.
حيث ظهر في التسجيل، عباس كامل وهو يتحدث مع السيسي بخصوص أحمد قذاف الدم وضرورة مقابلته والتنسيق معه بشأن الأوضاع داخل ليبيا، وقال له نصًا -متحدثًا عن علاقة أحمد قذاف الدم بجهاز المخابرات العامة المصرية-: "هو بيتعامل يا فندم مع العامة (يقصد المخابرات العامة) واحنا إيدنا والأرض من العامة في كل حاجة (أي لا نثق فيها)، إيدنا والأرض في كوول حاجة".
سر الصراع بين الأجهزة
وتتضارب التكهنات حول أسباب إقالته هؤلاء المسئولين في جهاز المخابرات العامة، ما بين ترجيح رغبة بعضهم في التقاعد بالفعل، وبين التخلص منهم لإحلال موالين للسيسي بالجهاز، في ظل شائعات أن السيسي لا يثق في جهاز المخابرات العامة ويفضل عنه جهاز المخابرات الحربية، وبين تكهنات بما يسميه البعض "اختراق إخواني" للمخابرات، وأخيرا وجود نفوذ للواء أحمد شفيق المرشح الرئاسي السابق في الجهاز.
إذ يقول مراقبون إن أسباب عدم ثقة السيسي في جهاز المخابرات العامة، ترجع لما يعتبره البعض "اختراق إخواني" للجهاز بعدما انقلب على الرئيس مرسي، رئيس الجهاز المؤيد للسيسي مراد موافى وعين بدلا منه إبراهيم شحاتة صاحب صفقة "شاليط" الإسرائيلية الشهيرة، واحتمالات تسرب إخوان للجهاز (تعيين متعاطفين معهم).
فيما يقول آخرون إن السبب هو ولاء بعض أعضاء الجهاز للمرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق الذي توجد بينه وبين السيسي منافسة حاليا.
وما عزز هذا التكهن الأخير أن جريدة "الشروق" المِصْرية نشرت تقريرًا في 25 مايو 2015 حول وجود مؤيدين للمرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق من كبار الضباط في "جهات مهمة"، في إشارة على ما يبدو لأن جهاز المخابرات العامة "يتواصل مع شخصيات في جهات مهمة ما زالت باقية على دعمه وما زالت تأمل في أن يكون له دور في الحياة السياسية".
وقالت الشروق -في خبر غريب تحت عنوان: الدولة ترد على تحركات شفيق «المريبة»-: إنسى) و"رجال المرشح الرئاسي السابق تحت المتابعة والأجهزة ترصد اجتماعاتهم مع رجال أعمال ومسئولين إماراتيين وسعوديين وأمريكان" نقلا عما أسمته "مصدر سياسي رفيع".. قوله: "إن دوائر السلطة في القاهرة أرسلت إلى الفريق أحمد شفيق، تحذره وتحذر «أعوان شفيق» وأن "الرسالة التي نقلت لهم بوضوح هي أن اجتماعاتهم واتصالاتهم ونشاطاتهم تحت المتابعة، حتى وإن كان بعضهم ما زال يعمل في جهات مهمة في الدولة".
وكان أحمد شفيق قال في أحد حواراته: "نسقت مع المخابرات العامة المصرية والأمريكية لانقلاب 30 يونيو وفي الآخر محدش قالي ارجع مصر".
أيضا كشف الوزير السابق في عهد الرئيس محمد مرسي، يحيى حامد، عن اتصالات جرت بين قيادات من جماعة الإخوان ومسؤولين كبار في جهات سيادية مصرية بحثت في مرحلة ما بعد السيسي في مصر، ما يعتبره محللون مؤشرًا آخر على غضب السيسي من المخابرات العامة لاحتمال أن يكون الجهاز هو المعني بهذه الاتصالات.
إنتليجنس أونلاين: سيناء السر
وقد أكدت نشرة إنتليجنس أونلاين الاستخباراتية الفرنسية -في تقرير نشرته يوم 22 يوليو- أنباء أخرى حول هذا الصراع بين أجهزة الاستخبارات في مصر في تقرير بعنوان: (اشتباك بين أجهزة المخابرات المصرية في سيناء)، مشيرة إلى تصاعد التوتر بين رئيس المخابرات المصرية خالد فوزي، ورئيس المخابرات العسكرية محمد الشحات؛ بشأن الوضع المتدهور في سيناء.
وأوضحت النشرة الاستخباراتية الفرنسية، أن "فوزي" يتهم "الشحات" بالتدخل في نطاق صلاحياته في المنطقة، وأن السيسي يميل إلى جانب المخابرات العسكرية، بينما لا يمتلك ثقة كبيرة في المخابرات العامة، التي يُشتَبَه في أنها مختَرَقَة من قبل الإخوان المسلمين.
وأشارت النشرة الفرنسية إلى حث "الشحات" رئيس المخابرات الحربية ومعه رئيس الأركان محمود حجازي، السيسي على شن غارات ضد قطاع غزة، على غرار تلك التي شُنَّت في مدينة درنة الليبية في فبراير، بدعوي أن "حماس تقدم دعمًا لجماعة أنصار بيت المقدس" في سيناء.
وأكدت النشرة أنه "على الرغم من الدعم الذي يقدمه الاحتلال الإسرائيلي، فقد ثبت أنه غير كافٍ لتخفيف الضغط الذي يمثله الإسلاميون في سيناء".
وفي تقريرٍ آخر، في مايو 2015، تحدثت إنتليجينس أونلاين، عما قالت أنه "شك السيسي في ولاء بعض المسؤولين رفيعي المستوى في جهاز المخابرات المصرية، الذين يعتقد أنهم يدعمون جماعة الإخوان المسلمين، هو ما دفعه لتوجيه رئيس الجهاز بإقالة 11 ضابطًا، معظمهم من إدارة مكافحة التجسس"، حسب التقرير الفرنسي.
واعتبرت أن "نشر أسمائهم في مرسوم رسمي، يقضي بحرمانهم نهائيًا من العودة إلى الخدمة؛ ويعتبر مؤشرًا على مدى التهديد الذي تعتقد الحكومة المصرية أنهم يمثلونه"، واصفة ما حدث بأنه "هزة عنيفة" في جهاز المخابرات العامة المصرية، "خاصة في هذا التوقيت الذي تخوض فيه معركة على الأرض.