نشرت صحيفة المانيفستو الإيطالية تقريرا قالت فيه، إن قائد الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي "خان" الشهداء الذين سقطوا في الثورة التي أطاحت بنظام حسني مبارك، وأعاد منظومة القمع والاستبداد القديمة ذاتها، وسط صمت تام من بعض وجوه النخبة المثقفة المصرية، الذين يبررون موقفهم بأن السيسي رغم كل مساوئه أفضل من الإخوان. وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الأغلبية الساحقة من النخبة المثقفة في مصر تلتزم الصمت، على غرار الكاتب علاء الأسواني، وكل من يتجرأ على انتقاد النظام يتعرض للقمع والإسكات، حتى أصبحت مصر بعد خمس سنوات من ثورة 25 يناير التي أسقطت نظام حسني مبارك، دولة استبدادية ودكتاتورية بمعنى الكلمة.
وأضافت الصحيفة أن النظام العسكري الذي حكم مصر بعد الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب محمد مرسي في صيف 2013، فرض سيطرة تامة على النخب كافة، وقضى على مناخ الحرية في البلاد، ورغم ذلك فإن علاء الأسواني الذي كان في السابق معارضا لحسني مبارك، والذي ساند في الانتخابات الرئاسية في سنة 2012 المرشح اليساري حمدين صباحي، يساند الآن هذا النظام العسكري ويعتبره أقل سوءا من نظام حكم الإخوان المسلمين، ويعتبر أن هذا مبرر كاف للانقلاب الذي أطاح بمحمد مرسي، الرئيس المنتخب في أول انتخابات ديمقراطية في تاريخ مصر، والحكم عليه بالإعدام، وقتل المئات وربما الآلاف في اعتصام رابعة العدوية؛ لأنهم ساندوا الشرعية ووقفوا ضد الانقلاب.
واعتبرت الصحيفة أن مصر اليوم تعيش تحت دكتاتورية مقنعة، بعد أن نجحت في القيام بمسرحية الانتخابات البرلمانية والرئاسية، التي جرت في ظروف أسوأ من عهد مبارك.
وقالت إنه على عكس حسني مبارك الذي سقط في 2011 تحت شعار "الشعب يريد إسقاط النظام"، فإن عبد الفتاح السيسي يحظى بدعم بعض المثقفين المصريين وقادة الأنظمة الغربية، الذين يعتبرون أنه الحل الأمثل لتجنب وصول الإسلاميين للحكم، وهم بذلك يتغاضون عن مسائل أخرى مبدئية، مثل احترام حقوق الإنسان واحترام النتائج التي أسفرت عنها الديمقراطية. وذكرت الصحيفة أن ميدان التحرير، الذي كان بالأمس رمزا للثورة ضد نظام حسني مبارك، ونافذة للحلم بمستقبل أفضل للشباب المصري، حوله عبد الفتاح السيسي إلى سجن، في بلد يسير بخطى حثيثة نحو الاقتصاد الليبرالي وتفشي الفقر أكثر فأكثر، حيث إن شوارع القاهرة وضفاف النيل والأسواق أصبحت تعج أكثر من أي وقت مضى بالعاطلين عن العمل، وقوات الشرطة والجيش التي تقوم بقمع الشعب.
وذكرت الصحيفة في هذا السياق أن نظام السيسي جهز مخططاته الأمنية، لتجنب أي تظاهرات أو احتجاجات في المدن المصرية كافة بمناسبة الذكرى الخامسة للثورة، وكالعادة تذرع النظام بأن هذه الإجراءات تهدف "لتجنب عمليات إرهابية تقوم بها جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر"، رغم أن كل المتابعين يؤكدون أن حظر التظاهر يشمل كل النشطاء من أطياف الشارع المصري كافة، وليس فقط الإسلاميين.
وأشارت الصحيفة إلى تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية حول الأوضاع في مصر في سنتي 2014 و2015؛ يلخص الحالة التي وصلت إليها البلاد تحت حكم عبد الفتاح السيسي بالقول: "إن الجنرال الذي قاد الانقلاب على أول رئيس منتخب بعد الثورة المصرية، استحوذ على منصب الرئاسة، وواصل موجة القمع التي لم تستهدف فقط الإخوان المسلمين، بل أيضا كل التيارات السياسية المعارضة له، والنشطاء ووسائل الاعلام والمنظمات الحقوقية، حيث إن آلاف الناس يقبعون في السجون، وتعرض المئات لأحكام الإعدام الجماعية".
وذكرت الصحيفة أن عبد الفتاح السيسي الذي يواصل رفع شعار مكافحة الإرهاب، وتخويف الشعب المصري من تنظيم الدولة، خاصة مع تصاعد أعمال المجموعات المسلحة في سيناء، دعا خلال الأيام الأخيرة المصريين للدفاع عن البلاد وحمايتها، وحاول ثنيهم عن التظاهر بمناسبة ذكرى الثورة، كما أنه حول يوم 25 يناير إلى يوم للشرطة.
واعتبرت الصحيفة أن فكرة سيطرة الأجهزة الأمنية على المشهد في البلاد، تعيد إلى الأذهان كابوس 30 سنة من حكم حسني مبارك، ولكن السيسي يواصل الاستعانة بهذه الأجهزة لقمع الناس، وقد تعهد في آخر احتفال له في أكاديمية الشرطة في القاهرة، بأنه سوف "ينتقم لكل ضباط الشرطة الذين قتلوا على يد المجموعات المسلحة في مصر"، فيما لم يتعرض بأي إشارة إلى آلاف المصريين الذي قتلتهم الشرطة على مدى السنوات الماضية، خاصة المتظاهرين السلميين الذين قتلوا في سنة 2013، حيث إن السيسي، الذي قال عنه الأسواني إنه الأقل سوءا، لا يعترف إلا بمن سقطوا دفاعا عنه هو.