كيف يواجه "السيسى" الإفلاس ولم يعلنه حتى اللحظة؟
خبراء ووقائع يكشفون الأمر
منذ 30 دقيقة
عدد القراءات: 545
"انتو ناسيين انكم نور عينينا ولا ايه"، جمله لم ينساها أحد حتى تلك اللحظة، ساخطين على عقولهم التى استمعت لأول خطبة لوزير الدفاع الذى طالبهم بالنزول للشوارع لانقاذ مصر من الإخوان المسلمين، الذين سوف ينهبون البلاد ويقومون باخونتها ويقتلون الشعب ويعتقلونه ويجعلون اقتصاد البلاد ينهار، ويرفعون الدعم عن المواطنين الفقراء..إلخ، إلى أن تعرضت البلاد لحالة مماثله تمامًا للإفلاس، لكن لم يتم الإعلان عنه بعد، فحسب خبراء فإن احتياطى النقد الأجنبى "سالب"، ورغم ذلك استمر "السيسى"، وهذا ما نحاول رصده فى التقرير التالى.
فالعديد من تلك الأمور التى سبق ذكرها، انطلقت فى الثلاثين من يونيو عام 2013 وقبلها بفترة قصيرة لشحن المواطنين على النظام الحاكم بقيادة مرسى، ولكن مالم يكن يعلمونه حينها، أنها المصيدة التى سيعود العسكر بها إلى سدة الحكم لتنفيذ كل ما نسبوه إلى الرئيس مرسى دون غيره، بل وزادوا عليه، حتى وصلنا للمرحلة الخطرة التى نحن عليها اليوم والتى تم التحذير منها مرارًا وتكرارًا، لكن الآله الإعلامية للعسكر استطاعت أن تغير تلك الفكرة حتى وقت قصير مضى.
فالأمر بدأ عندما قام "السيسى" بوعد داعميه من بسطاء الشعب المصرى، بوفرة فى المنتجات وزيادة فى الدعم، لكن النتيجة كانت عكسية تمامًا، وأصبح المواطن يئن ويصرخ دون أن يستمع إليه أحد، بل إنه أصبح حافظة نقود للنظام الانقلابى يأخذ منها ما يشاء ومتى يريد، على الرغم من انها خاوية تمامًا.
إلغاء الدعم
دائما ما صرحت حكومة الانقلاب برئاسة "السيسى" بأنها مع محدودي الدخل، وأن الدعم الأكبر لهم، إلا أن واقع الحال وسياسات الحكومة نقلتهم من محدودي الدخل، إلى معدومي الدخل.
وعمدت الحكومة في خطة متعاقبة، إلى إلغاء الدعم تدريجيا عن الوقود والكهرباء والغاز والمياه، فارتفعت فواتير تلك الخدمات أكثر من 200%، في ظل انخفاض للقيمة الحقيقية للنقود، وارتفاع حالات التضخم، الأمر الذي يعني، انخفاض حقيقي في الدخول وغلاء حقيقي في الأسعار.
يجدر بالذكر، أن دولة العسكر تدعم المشاريع الاستثمارية الكبرى، بالوقود والكهرباء، كشركات الأسمدة والكيماويات، فتنتج الشركة دون التكلفة الحقيقية، ثم تقوم الشركة بالتصدير للخارج بالسعر الحر، آخذة الدعم من أقوات المصريين.
الدولار وأزمة الأسعار
إثر التقلبات السياسية، والانفلات الأمني الذي فشلت الدولة في القضاء عليه، والسياسات النقدية الخاطئة، أدى ذلك إلى قلة الإنتاج، وزيادة التطلب الأمر الذي نتج عنه زيادة الأسعار لكثرة الطلب من الخارج، فانخفضت قيمة الجنيه بمقابل العملات الصعبة.
في عهد الرئيس المدني المنتخب محمد مرسي، وصل سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري، إلى ما يقرب من 7 جنيه، الأمر الذي وصفه البعض بالفشل لارتفاع الدولار مقابل الجنيه.
وبعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي وتولية الجيش زمام الأمور، شهدت أسواق الصرف المصرية، ارتفاعا ملحوظا في صرف الجنيه مقابل الدولار.
فسجل سعر صرف الدولار 12 جنيه، مع تحفظ من أصحاب العملة الصعبة في صرف أموالهم، نظرا لما يتوقعه خبراء أن أسعار الصرف سترتفع إلى ما يقرب من 15 جنيه.
الإصدار النقدى الجديد هكذا واجه "السيسى" الإفلاس وأطاح بأحلام الفقراء
قال الدكتور محمود إبراهيم أستاذ الاقتصاد السياسي، عادة ما تلجأ الدول للتمويل الغير العادي وذلك عند إنشاء المشاريع القومية، وحينها تكون تلك النفقات حقيقية غير استهلاكية، الأمر الذي يجعلها مضيفة للداخل القومي.
وأضاف إبراهيم، إن الحكومة المصرية قد عمدت للإصدار النقدي الجديد دون غطاء، كما أقدمت على الاقتراض والاستدانة الداخلية والخارجية، لتمويل مشروعات وهمية وسداد مرتبات الجيش والشرطة، الأمر الذي يجعل منها نفقة استهلاكية، تضيف الأعباء وتصدرها للأجيال القادمة ليتحملوا السياسة الاقتصادية الفاسدة.
الدين الداخلى
ووصل حجم الدين الداخلي إلى 2ترليون و259 مليار جنيها بعدما كان قد توقف عند تريليون ومأتي مليار جنيهًا، وحجم الدين الخارجي من 28 مليار دولار إلى 47 مليار دولار، وهو ما يهدد البلاد بإعلان الإفلاس.
ولذلك نجد أن تكلفة نزول الجيش إلى الشارع في مصر تتفاقم، والاقتصاد يتهاوى، ولا أحد يُدرك أو يلتفت إلى حجم الكارثة، في الوقت الذي ينهار فيه الجنيه المصري تدريجيًا، وترتفع نسبة التضخم في البلاد بصورة جنونية، وتزداد الأوضاع المعيشية للمصريين سوءًا، بسبب الارتفاع الحاد في تكاليف وأسعار السلع والمواد الأساسية.
الاحتياط الأجنبى
في شهر ديسمبر 2010، أي قبل شهرين فقط من نزول الجيش إلى الشارع في مصر، خلال ثورة 25 يناير العظيمة، كان احتياطي النقد الأجنبي في مصر يتجاوز 36 مليار دولار، أما اليوم فيصارع البنك المركزي المصري من أجل الحفاظ على مستويات الـ16 مليار دولار فقط، ويبدو واضحًا أن الرقم سيهبط سريعًا خلال الشهور القليلة المقبلة.
أما الكارثة فتظهر لنا بكل وضوح عندما نعلم بأن إجمالي الديون الخارجية لمصر بلغ 46.1 مليار دولار، كما هو في ديسمبر 2015، أي أن إجمالي الديون الخارجية تزيد بنحو ثلاثة أضعاف عن السيولة النقدية المتوفرة لدى الحكومة في مصر.
يضاف أن الاحتياطي الأجنبي لدى البنك حاليا، هو نتيجة ودائع قطرية وإماراتية وسعودية.
فطالبت قطر بسداد وديعتها، في نفس الوقت الذي أودعت فيه الإمارات مبلغا مساويا لقيمة الوديعة المسددة لقطر، الأمر الذي يجعل أن الاحتياطي النقدي الحقيقي لمصر أقل من 8 مليار.
مشروعات أضرت بالاقتصاد
تطبيق قرار الحد الأقصى للأجور دون تطبيقه على مؤسسات الدولة العليا كأجهزة القضاء والشرطة والجيش، الأمر الذي عمل على فقدان الكفاءات بالقطاع المصرفي، وترك مناصبه لغير أهل الخبرة، وانتقالهم إلى البنوك الأجنبية.
كذلك مشروع التفريعة الموازية بقناة السويس، والتي منذ بدء افتتاحها واجهت إيرادات القناة تراجعًا لأول مرة، بهذا الشكل المتتالي، فضلًا عن تراجع حركة التجارة العالمية وتباطؤها وانخفاض حركة عبور السفن بالقناة، فكانت غير مدروسة وغير مفيدة خلال الوقت الراهن، والتي أعلن عبد الفتاح السيسي عدم الجدوى الاقتصادية لها.
رفع قيمة الجنيه
حيث قام البنك المركزي مؤخرًا، برفع قيمة الجنيه أمام الدولار بنحو 20 قرشًا، الأمر الذي عمل على استقرار أسعار العملات بالمدى القصير "فقط"، حيث رأى الاقتصاديون أن عملية تراجع الجنيه ستأتي عاجلًا أم آجلًا بسبب زيادة قوة الدولار، متوقعين هبوط سعر الجنيه بشكل ملحوظ خلال العام الجاري، حتى يحدث توازن بالأسعار، وهو ما حدث فعلا.
السياسة النقدية التي يتبعها نظام الانقلاب، وتحويل الأزمات من أماكن إلى أخرى، وتأجيل ما يمكن تأجيله منها، بالإضافة إلى تحميل الأجيال القادمة، فساد الإدارة الحالية لا يعكس إلا أمرا واحدا، وهو أن مصر على شفى الإفلاس، إلم يكن قد دخلت فيه فعليا.
***
***