فى الوقت الذى يحتفى به العسكر ورجاله، بسبب قرض صندوق النقد الدولى، الذى يزيد أعباء البلاد والمجتمع والأجيال القادمة، وهو بالمناسبة مجرد مسكن لعملية الانهيار الاقتصادى التى نشهدها ليس أكثر، أكدت مصادر سياسية واقتصادية، أن سلطات الانقلاب العسكرى، تبحث عدة سيناريوهات فى حال تدهور الأوضاع الاقتصادية منها إشهار إفلاس الدولة، غير أن خبراء ماليين استبعدوا الإقدام على هذه الخطوة في ظل عدم وجود مؤشرات على عجز القاهرة عن سداد الديون.
وقالت المصادر حسب ما نشره موقع "العربي الجديد"، إن بعض المشاركين في وضع هذه السيناريوهات، أشاروا إلى دوائر النظام أن إشهار الإفلاس رسمياً سيمكّن الدولة من الحصول على 75% من الودائع المتواجدة في البنوك.
وأضافت: "وفقاً للقانون الدولي، فإنه في حال إشهار إفلاس الدولة، لا يحق للمودعين بالبنوك إلا استرداد 25% فقط من قيمة ودائعهم".
ولجأت حكومة الانقلاب، يوم الخميس الماضي، إلى تحرير سعر صرف الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، وهو ما أدى إلى زيادة سعر الدولار الأميركي إلى الضعف بشكل رسمي، كما رفعت أسعار المنتجات البترولية بنسبة تراوح بين 30% و45% حسب النوع، الأمر الذي أثار حالة من السخط بين كثير من المواطنين، ما ينذر بانتفاضة شعبية بسبب تردي مستوى المعيشة.
وأعلنت وزارة التعاون الدولي، في تقرير أرسلته قبل أيام إلى اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، أن إجمالي الدين العام للدولة بلغ ثلاثة تريليونات و33 مليار جنيه، منها 2.54 تريليون جنيه للدين المحلي، و489 مليار جنيه للدين الخارجي، لتزيد الديون بما يقارب الضعف في أول عامين من حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي.
في المقابل، أكد مسؤول بارز في وزارة المالية، أن "إفلاس مصر غير وارد ولن يحدث"، مشيراً إلى أن مصر ستحصل على 10 مليارات دولار قبل نهاية العام الحالي 2016، من خلال اتفاقات مع بعض الدول الأجنبية وقرض صندوق النقد الدولي وطرح السندات الدولية، ما سيؤدي إلى دعم الاحتياطي النقدي للبلاد ووصوله إلى 29 مليار دولار.
كما استبعد خبراء اقتصاد إعلان مصر إفلاسها على الرغم من تفاقم مشكلة الدين العام وتجاوزه حاجز ثلاثة تريليونات جنيه (ما يعادل 188 مليار دولار)، وسوء الأوضاع الاقتصادية، معتبرة أن الدين الخارجي لم يتجاوز حدود الخطر، كما أن البنك المركزي يضمن أموال المودعين في البنوك حسب القانون.
وقال إيهاب الدسوقي، أستاذ الاقتصاد في أكاديمية السادات بالقاهرة، إن الحديث عن إفلاس مصر نوع من الفزاعات الاقتصادية التي تتردد من حين لآخر.
وأشار الدسوقي إلى صعوبة حدوث إفلاس، لأن الاقتصاد المصري يتميز بالتنوع ويعتمد على الزراعة والصناعة والخدمات بصورة متوازنة، فضلاً عن استمرار التدفقات الخاصة بقناة السويس وتحويلات المصريين العاملين في الخارج، الأمر الذي يدعم الاقتصاد المحلي لحين تعافي الإنتاج والسياحة.
وأضاف: "اجتزنا أهم التحديات الاقتصادية، خاصة الاستقرار الأمني، ولم يتبق سوى امتصاص السوق آثار الإجراءات الأخيرة".
لكن مصادر دبلوماسية كانت قد كشفت مطلع أكتوبر الماضي، أن تقريراً مشتركاً بين البرلمان والخارجية في ألمانيا، حذر من إمكانية حدوث انتفاضة شعبية جديدة في مصر بسبب الأوضاع الاقتصادية، التي تراجعت بشدة خلال الفترة الأخيرة.
وتعتزم الحكومة المصرية اللجوء إلى قرارات تقشفية جديدة لتخفيض عجز الموازنة العامة للدولة، بحسب رئيس الوزراء شريف إسماعيل.
وقال مسؤول حكومي، في تصريحات خاصة، إن الدولة ستضطر إلى رفع أسعار المنتجات البترولية وتقليص الدعم السلعي المخصص للبطاقات التموينية مجدداً بعد شهرين.
وأضاف المسؤول: "ما حدث من زيادة أسعار الوقود ليس معناه تخفيض الدعم، وإنما هو رد فعل طبيعي لتعويم الجنيه وانخفاضه بنحو كبير أمام الدولار".
وأشار إلى أن الحكومة كانت تشتري المنتجات البترولية بسعر 8.88 جنيهات للدولار الواحد، بينما يبلغ متوسط السعر حالياً 14 جنيهاً، فضلاً عن ارتفاع سعر برميل البترول بين 48 و52 دولاراً، في حين أن الموازنة المصرية وضعت متوسط سعره عند 40 دولاراً للبرميل فقط، وبالتالي الحكومة ستكون مضطرة لرفع جديد لأسعار الطاقة مطلع العام المقبل 2017، ولن تتأخر أكثر من ذلك نظراً لرقابة صندوق النقد الدولي.
وقال المسؤول الحكومي، إن وزارة التموين والتجارة الداخلية تعد أيضاً، كشوفاً لحذف نحو 10 ملايين فرد غير مستحقين لدعم السلع التموينية، لافتاً إلى أن هذا الإجراء يأتي ضمن خطة لتقليص عدد المستحقين للدعم إلى 20 مليون شخص، مقابل 73 مليوناً حالياً.