لأول مرة وبعد أكثر من 70 طلب للتظاهر ضد سياسات وزير الأوقاف ورجل الثورة الدينية كما يسميها النظام، مختار جمعة، الذى تصاعدت الأصوات داخل الوزارة وهيئة الأوقاف لإقالته، سمح وزير الداخلية بمفاجأة كبيرة ، له حيث أعطى الضوء الأخضر لخطباء المكافأة بالأوقاف الذين رفض جمعة أى مطالب لهم طوال العام ونصف الأخيرين.
وتجدر الإشار أن الداخلية واجهت جميع التظاهرات بالقوة التى خرجت لأى أسباب منذ الانقلاب العسكرى، وبالأخص تظاهرات الأوقاف التى رفضتها بالمرة لكن الموافقة عليها الآن قد يُعنى شئ آخر حسب مراقبون.
ويجدر بالذكر ايضًا أن السماح للتظاهرة بالخروج غير مرتبط بقرار الدستورية فى تعديل المادة العاشرة من قانون التظاهر والتى قررت منع إبداء الداخلية رأيها فى التظاهرات ومنع خروجها.
فقد أكد موقع "مصراوى" أن الداخلية وافقت أخيرًا على تنظيم تظاهرة لخطباء الأوقاف أمام مجلس الوزراء.
وقال رجب السنباطي، أحد خطباء المكافأة المشاركين في الاعتصام الأول لخطباء الأوقاف، والذى كانت هناك دعوات لتوسعته، مقرر القيام بها يوم 12/12 إلا ان حادث الكنيسة البطرسية حال دون ذلك: "لا تنازل عن مطلب إقالة وزير الأوقاف؛ نظرا لتقصيره في قضية خطباء المكافأة، وأيضا الوعود الكثيرة التي حصلوا عليها من المسئولين في الوزارة دون تنفيذ أي وعود، كما نجدد طلباتنا بالتثبيت والتعيين في الوزاره لضمان حقوقنا كباقي الموظفين".
تأتي الوقفة في ظل تجريم قانوني للتظاهر، وفي وقت يرى فيه كثير من المحللين أن هناك القليل من يعلم خلفية الصراع بين شيخ الأزهر أحمد الطيب، ووزير الأوقاف الأمني مختار جمعة، غير أن هذه العلاقة يحكمها أجندة ينفذها السيسي، فيقرب أحدهم لتسيل الفتاوى "المفبركة" لصالح الأجندة، وقوة الفتوى المطلوبة من جانب الجهة التي يدعمها "الأزهر" أم "الأوقاف"، ومطالب الطرف الغربي المعني بمنح رضاه على ما يدعيه السيسي بـ"تجديد الخطاب الديني".
وأرجع مراقبون موقف السيسي إلى محاولته اكتساب ثقة الأزهر في الأزمة، خوفًا من فقدان تأييده له، لا سيما دعم الأزهر الرسمي للحرب التي أعلنها السيسي على ما وصفه بالإرهاب، بجانب قرب "الطيب" من الكفيل السعودى.
ولا يمل "السيسي" من التصريح والتلميح بعدم رضاه عن أداء "أزهر" الطيب، في ظل عدم الاستجابة المطلوبة مع دعوات "تجديد الخطاب الديني" التي يدعوه إليها باستمرار.
في مارس الماضي، تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو للسيسي، وهو يؤدي صلاة الجمعة في مسجد المشير طنطاوي، وقد فصل أحد حراسه شيخ الأزهر أحمد الطيب عنه.
وفي احتفال دأب السيسى على حضوره بذكرى المولد النبوي، كان يتودد لشيخ الأزهر بحديثه إليه، "أنا بحبك"، فيرد عليه الشيخ السبعيني "أنت بتعذبني"، ثم تتحول دفة الحديث عن الخطبة الموحدة، فيعلن السيسي عن أنه في صف الأزهر في صراعه مع وزارة الأوقاف.
وقال السيسي: "وزير الأوقاف كان متحمسًا وأدلى بتصريح بأن الخطبة ستكون موحدة، إحنا كده بنختزل الموضوع"، ثم وجه حديثه لشيخ الأزهر مباشرة.
وكان السيسي قد أصدر تعليماته لوزير الأوقاف محمد مختار جمعة، في أغسطس الماضي، بإلغاء الخطبة المكتوبة، التي أصدر الأخير قرارًا بتطبيقها في سائر المساجد، ورفضتها مشيخة الأزهر ممثلة في هيئة كبار العلماء، حتى وصفها عضوها أحمد عمر هاشم، بـ"الخطبة المنكوبة" لا "المكتوبة".
الخطاب الودود الذي ألقاه السيسي يختلف تمامًا عما كان عليه في نفس المناسبة عام 2015، الذي بدا فيه منفعلًا وهاجم المقدسات، بحسب مراقبين، قائلًا: "إن هناك نصوصًا دينية تتعارض مع الدنيا، كما أن مليار مسلم يريدون قتل باقي سكان العالم لكي يعيشوا وحدهم، نحن بحاجة إلى ثورة دينية".
ويرى البعض أن السيسي لا يفضل عزل جمعة لقيامه بمهامه الأمنية على أكمل وجه، فضلا عن علاقته القوية بمفتي الانقلاب علي جمعة، ولكن يريد إظهاره لشيخ الأزهر على أنه في موقف لا يحسد عليه، وأن المنقلب غير راض عنه، فيعتذر جمعة عن الخطبة الموحدة بعد لقاء جمع السيسي وشيخ الأزهر، الأسبوع الماضي، وتسمح "الداخلية" بمظاهرة تطالب بإقالته، ويمنع الأزهر مندوب "علي جمعة" من دخول الأزهر.
غير أن بعض العلماء يرون أن الصراع القائم حاليا هو نتيجة طبيعية لتأييد "المؤسسة الدينية" للانقلاب على الرئيس الشرعية، ومن ثم تأييد إراقة الدماء، أو على الأقل الصمت على الدماء التي أسالها المنقلب بغير وجه حق.