رغم حالات القمع، وتسويق العسكر وغيرهم فى الوطن العربى على أنهم من آل الحكم المجيد والذى سيمتد إلى آلاف السنين، إلا أن كل التقارير الدولية، تؤكد أن الثورات العربية سوف تنفجر من جديد، وستكون أقوى من نظائرها فى 2011 بالأخص فى مصر.
هكذا اوضحت صحيفة "الجارديان" البريطانية، فى مستهل تقرير له ، والتى حذرت فيه من الأوضاع الصعبة التى يعيشها الوطن العربى بالأخص شبابة.
وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من أن العالم العربي يضم %5 من سكان العالم، إلا أنه يشهد نصف الهجمات الإرهابية التي تقع بالعالم، وفي ظل الفقر الذي يقضي علي التنمية، وتزايد أعداد الشباب، وكبت الحريات، فالانفجار آتٍ لا محالة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الفساد في الدول العربية أدى إلى إهدار كم هائل من الموارد، يصل إلى ما يقرب من 11 تريليون دولار خلال نصف قرن، بحسب تقرير حديث للأمم المتحدة.
وخلصت الصحيفة إلى أن إغلاق أبواب الاحتجاج السلمي أمام الشباب العربي ربما يدفعهم للثورة بأشكال مباشرة وأكثر عنفًا.
وعادت الصحيفة بالذاكرة إلى ما قبل 6 أعوام، وهو بداية ما عرف إعلاميًا بالربيع العربي، وتناولت الأحداث التي كان من المفروض أن تشكل نقطة تحول في الشرق الأوسط الحديث.
ولفتت الصحيفة إلى أن مصر - أكبر البلدان العربية من حيث تعداد السكان - لم تشهد الديمقراطية المنشودة منذ إسقاط مبارك، ولم تحقق الثورة أهدافها.
كما لم تغفل الصحيفة الإشارة إلى حالة البلدان العربية الأخرى التي شهدت ثورات، وقالت إن غالبية المناطق في كل من ليبيا واليمن تحولت إلى ركام نتيجة الصراعات التي لم تتوقف، كما شهدت سوريا أكبر أزمة إنسانية يشهدها بلد على مر العصور.
واستطردت الصحيفة: "النجاح الديمقراطي الوحيد كان من نصيب تونس، التي شهدت انتقالًا سلميًا من الحكم السلطوي إلى الحكومة المنتخبة. كان الحزب الإسلامي الرئيسي فيها قد فاز بالسلطة. وفي العام الماضي، أعلن عن وقف كافة نشاطاته الثقافية والدينية، والتركيز على السياسة دون غيرها، متحولًا بذلك إلى حزب ديمقراطي مسلم، على نسق نظرائه المسيحيين الغربيين. إلا أن لكل قاعدة استثناءً، فيشكل التونسيون العدد الأكبر من المقاتلين الأجانب في صفوف تنظيم الدولة.
وذكرت الصحيفة أن الأسباب التي فجرت الثورات لم تتبدد ولم تختفِ، بل لعل الظروف اليوم من عدة جوانب أشد وأصعب مما كانت عليه قبل 6 سنوات، وصارت الأوضاع أكثر قابلية للانفجار مقارنة بعام 2011. فتعيش الدول العربية في أزمة في كل مكان تقريبًا؛ فالقيادة في مصر تخلق الأزمة تلو الأخرى، والرجال والنساء الذين تملكهم اليأس ويمموا تجاه أوروبا، إنما خرجوا طلبًا لحياة أفضل من تلك التي تتوفر لهم في أوطانهم.
وبحسب تقرير التنمية العربي الصادر عن الأمم المتحدة - وهو الأول الذي يصدر منذ تفجر الربيع العربي - فإن الشرق الأوسط يسكنه خمسة بالمئة فقط من سكان العالم، لكنه يولّد 45 % من الإرهاب في العالم، وتبلغ نسبة الوفيات فيه بسبب الحروب 68%، ونسبة المهاجرين 58%، وهذا يأتي في وقت - كما تحذر الأمم المتحدة - يتجاوز فيه تعداد الشباب من العرب 100 مليون نسمة، ويستمر عددهم في التزايد بشكل سريع، ولكن ليس بالسرعة ذاتها لمعدلات البطالة والفقر والتهميش.
ورأت الصحيفة أن ظهور أكبر جيل من الشباب يعدّ الأفضل تعليمًا والأعلى تمدنًا في تاريخ المنطقة - الذي يفوق في تدينه ما عليه أقرانه في مناطق العالم الأخرى بمراحل - يعطي انطباعًا بأنه قوة تدفع باتجاه الزعزعة والاضطراب. لذا كان رد الفعل في داخل المنطقة هو اللجوء إلى القمع؛ وسحق المعارضة، ولكن دون معالجة الأسباب التي أوجدتها. ولذلك ليس عجيبًا أن تحذر الأمم المتحدة من "تراكم المطالب وعودتها إلى الظهور بأشكال أكثر عنفًا".
وألمحت الصحيفة إلى أن الأسباب التي ستولد دورة جديدة من الاحتجاجات واضحة، ومن ذلك أن العالم العربي تزدهر فيه السيوف لا المحاريث، وهو الذي أنفق خلال ربع القرن الأخير ما يقرب من 75 مليار دولار سنويًا على التسلح. الأعمال التجارية لا تكاد تتم دون الواسطة والمحسوبية. وأدى الفساد إلى إهدار كم هائل من الموارد. تقول الأمم المتحدة إن ما يقرب من 11 تريليون دولار نهبت خلال نصف قرن. كان يمكن لهذه المبالغ أن تُستثمر في إيجاد فرص العمل وتحسين الخدمات الأساسية. لا بد من التخلص من الفكر الذي يوصد الأبواب في وجه من يتحدى الوضع القائم.
وأضافت الصحيفة: إ"ن وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض سيساعد في التخلص من حالة اليأس والإحباط في الشارع العربي. ولعل إقدام تيريزا ماي بشكل مفتقر إلى الحكمة والكياسة على وخز وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لإلقائه خطابًا انتقد فيه إسرائيل، يدفع بالأمور في الاتجاه ذاته".
واختتمت الصحيفة بالقول "ما من شك في أن الذين يحال بينهم وبين تغيير مجتمعاتهم بالوسائل الديمقراطية، سيحولون غضبهم إلى الداخل، وقد يحولونه إلى الخارج أيضًا".