رغم مرور ما يقرب من أربعة أعوام على اتخاذ قرار تعيين قائد نظام العسكر عبدالفتاح السيسى، كعضو فى المجلس العسكرى المصرى، إلا أن السؤال مازال يطرح نفسه، وهو لماذا "السيسى" تحديدًا، وما الذى كان مقصودًا من ذلك.
فالعديد من الأسئلة، يجيب عنها النائب البرلمانى السابق، محمد العمدة، الذى كشف أسرار تعيين عبد الفتاح السيسي في المجلس العسكري، وذلك عبر مدونته الشخصية، التي حملت عنوان "أسرار تعيين "السيسي" في المجلس العسكري".
وقال "العمدة": "بتاريخ 26/3/2014 نشر موقع (BBC News) تقريرا مطولاً كتبه روبرت سبرينجبورج بعنوان " Abdul Fattah al-Sisi: New face of Egypt's old guard " وترجمته "عبد الفتاح السيسي وجه جديد للحرس المصري القديم" ، التقرير فيه معلومات كثيرة وخطيرة، لكننا سنعرض منه ما قد يكشف لنا بعض الحقائق الهامة وهي:
- من وراء اختيار السيسي ليصبح مديراً لجهاز المخابرات الحربية والاستطلاع ؟
- لماذا تم اختياره لهذا المنصب الذي جعله بالضرورة عضوا في المجلس العسكري ، رغم صغر سنه ؟
- لماذا تم اختياره لهذا المنصب في غضون شهر يناير 2010م ؟
وأضاف "العمدة" قائلاً: وفيما يتعلق بالإجابة علي هذه الأسئلة يقول سبرينجبورج في تقريره:
" بعد حصول السيسي علي الأسس المهنية للقيادة العسكرية والاتصال الشخصي مع الوحدات العسكرية تم نقله لشغل وظيفة أخري أكثر حيوية وهي وظيفة مدير لإدارة المخابرات الحربية والاستطلاع وهو الجهاز المسئول بشكل أساسي عن رقابة سلك الضباط بالقوات المسلحة.
ومن خلال منصب مدير إدارة المخابرات الحربية تمكن المشير طنطاوي من تعيين السيسي في المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي حكم من خلاله طنطاوي مصر بعد موافقته علي الإطاحة بمبارك عام 2011م .
لم يكن السيسي ضمن العشرين ضابط الأساسيين بالمجلس العسكري ، وبعد تعيينه كان أصغر الأعضاء سناً ، ومن الواضح أن السيسي عُين عن طريق المشير طنطاوي بسبب ولائه له فضلا عن مواهب السيسي السياسية والتي أظهرها بحثه الذي قدمه لكلية الحرب الأمريكية عام 2006م .
ففي عام 2006م تم إرسال السيسي في بعثة للولايات المتحدة الأمريكية للحصول علي درجة الماجستير من كلية الحرب الأمريكية .
في ورقة بحثية أسماها السيسي " الديمقراطية في الشرق الأوسط " قال : أنه ليس بالضرورة أن نُطور الديمقراطية في الشرق الأوسط علي القالب الغربي .
زعم السيسي في بحثه أن الديمقراطية ككيان علماني لن يكون مرحبا بها من أغلبية الشرق أوسطيين وهم متدينون بالفكر الإسلامي .
وأضاف السيسي بأن الديمقراطية في الشرق الأوسط لا يمكن فهمها بدون فهم مبدأ الخلافة وهو النظام الذي خلط بين الحكم السياسي والديني علي أرض الإسلام خلال القرون الستة اللاحقة لوفاة النبي محمد ، تلك الفترة التي كانت انعكاسا لقيم الإنصاف والعدالة والمساواة والوحدة والإحسان .
وأضاف السيسي بأنه لا يوجد ضمان بأن قوات الجيش والشرطة سوف تخضع للأحزاب المنبثقة عن الديمقراطيات الوليدة .
وعلي الفور أصبح السيسي واجهة المجلس العسكر التي تتعامل مع المسائل الخلافية مثل " كشوف العذرية " التي أجراها الجيش علي المتظاهرات من النساء الذين تم القبض عليهن .
والأكثر أهمية أن عبد الفتاح السيسي كان من وراء الكواليس هو رجل الاتصال الممثل للمجلس العسكري في التعامل مع الإخوان المسلمين ، وأن المشير طنطاوي أيضا هو الذي خصصه لهذه المهمة.
وحرص السيسي علي أن يُعرف علي نطاق واسع أنه رجل متدين ، يحظي بفضيلة الأسرة المحافظة ، مغرم باستخدام جمل قرآنية في أحاديثه اليومية ، فضلا عن دفاعه عن الإسلام أمام الجمهور الغربي ، لقد شرع السيسي في إقناع الإخوان المسلمين بأنه يشاركهم في العديد من الآراء ، وأنه الضابط الذي يمكن أن يثقوا به ، وقد نجح السيسي في هذا الدور لدرجة أن محمد مرسي اختاره لمنصب وزير الدفاع حين أراد أن يستبدل المشير طنطاوي ، وافق السيسي علي قبول المنصب بشرط ألا يكون هناك تضحية أو إضرار بالمشير طنطاوي أو رئيس أركانه سامي عنان أو أي من الضباط المقربين لهم ليُظهر نفسه علي أنه لم يصعد للقمة من خلال الإطاحة بالضباط الأعلى منه ، وإنما بلغ القمة من خلال رعايته لهم " .
انتهي ما اقتبسناه من تقرير روبرت سبرينجبورج .
واشار "العمدة" بقوله: "إذن يتضح لنا مما سبق أن السيسي تم اختياره للحصول علي دورة كبار القادة بكلية الحرب الأمريكية عام 2006م ، مع الأخذ في الاعتبار أن أمريكا استحدثت هذه الدورة عام 2005م ، وحصل عليها الفريق صدقي صبحي في ذات العام أي 2005م ، بينما حصل عليها السيسي عام 2006م" .
وتابع: "من الواضح أن اختيار السيسي وصدقي صبحي للحصول علي هذه الدورة كان إعدادا لهما لإدارة شئون مصر بعد أن ظهر الرفض الشعبي لمبارك من جهة ، فضلا عن أن مبارك كان سيبدأ فترته الرئاسية الخامسة بعد أن أعلنت لجنة الانتخابات الرئاسية فوزه بمنصب الرئيس بتاريخ 9/9/2005م وكان قد بلغ من العمر 77 عام ، أي أن هناك مخاوف من وفاته وعدم استكمال الفترة الخامسة ، فضلا عن أن مجموعة رجال الأعمال المحيطين ب جمال مبارك كانوا يعدون العدة لتوريثه الحكم" .
وأوضح "العمدة": "حين تفاقمت الاضطرابات بالشركات والتظاهرات المتكررة ضد مبارك ونظامه ، عجلت أمريكا بزراعة رجلها البار / عبد الفتاح السيسي بالمجلس العسكري من خلال طنطاوي الذي بالتأكيد هو من رشحه في الأصل للحصول علي دورة كبار القادة في كلية الحرب الأمريكية عام 2006م ، وصدرت الأوامر للمشير طنطاوي ليصدر قرارا بتاريخ 28/1/2010م بتعيين السيسي مديرا لإدارة المخابرات الحربية والاستطلاع وهي الوظيفة التي تجعله بالضرورة عضوا في المجلس الأعلى للقوات المسلحة فضلا عن رقابته علي كافة ضباط الجيش ، ليصبح السيسي بذلك أصغر عضو بالمجلس العسكري" .
واستطرد قائلاً: "بالفعل حدث ما توقعته أمريكا وقامت الثورة ضد مبارك وتمت الإطاحة به ليبدأ السيسي في القيام بالأدوار التي يُكلف بها من وزارة الدفاع الأمريكية رأسا ، فيكلفونه بالتعامل مع الإخوان المسلمين وإيهامهم بأنه رجل متدين وأنه يوافقهم الفكر حتي وثقوا به ، وعينه الرئيس محمد مرسي وزيرا للدفاع ليستكمل السيسي مهمته بعد أكثر من خمسين مكالمة بينه وبين وزير الدفاع الأمريكي تشيك هيجل الذي نشر منذ فترة وجيزة ما كان يفكر فيه ويقوله السيسي قبل الانقلاب بدقائق" .
وأختتم "العمدة" تدوينته بقوله: "إنها زراعة الجواسيس".