ing Figo بمشاركة صورة Salah Moh.
الشاب الذى رفع المصحف
أحمد منصور
فى أعقاب مجزرة دار الحرس الجمهورى التى ذهب ضحيتها ما يقرب من ألف ومائة من المصريين ما بين شهيد وجريح، ظهرت صور كثيرة من بينها صورة شاب كان يمشى فى شارع الطيران تجاه القوات التى كانت قادمة من جهة دار الحرس الجمهورى يرفع مصحفا إلى الأعلى ويسير وحده حتى وصل إلى السلك الشائك الذى وضعته القوات.
ثم دار حوار قصير بينه وبين أحد الضباط قام الضابط بعدها بتصويب البندقية له ثم أطلق عليه النار فسقط ثم أعقبه بضربتين أخريين وهو على الأرض، تقدم بعدها ثلاثة من الشباب وقاموا بسحبه جرا من أمام القوات ونقلوه إلى المستشفى واعتقد الجميع أن هذا الشاب قد قتل، وملأت صوره المواقع الإخبارية والاجتماعية، وسمعت هذه الرواية من أكثر من شاهد عيان بينهم سيدة تقطن فى عمارة مواجهة لهذه الأحداث.
فجأة وجدت نفسى وجها لوجه مساء الخميس الماضى مع هذا الشاب الذى كان يحمل المصحف، كان يمشى بصعوبة على عكاز، ثم اكتشفت أنى أعرفه فهو أحد شباب ثورة 25 يناير ولا ينتمى لأى فصيل إسلامى بل هو أحد قيادات اتحاد شباب الثورة أحد الكيانات الثورية التى ظهرت خلال الثورة وهو طبيب أسنان عمره أربعة وعشرون عاما وكان مسئولا عن العيادة الطبية الميدانية خلال أحداث شارع محمد محمود.
وأعتقد أن الكثيرين يعرفونه هو الدكتور عمر مجدى، وهو كان رئيس الوفد المفاوض للمجلس العسكرى بعد أحداث محمد محمود، ومن النتائج التى حققوها إقالة حكومة الدكتور عصام شرف، كما أنه هو الذى رتب ملف الضابط الذى سمى بقناص العيون، عمر مجدى شاب مصرى ينتمى لتراب مصر ونيلها، وهو من أسوان.
قال لى: كنت أصلى الفجر فى مسجد قريب من منطقة الأحداث حينما اتصل بى صديق وقال إن هناك إطلاق نار كثيف فى محيط منطقة دار الحرس الجمهورى، توجهت مع ثلاثة من أصدقائى فى سيارتنا ووصلنا إلى شارع خضر التونى الذى به المترو الذى يقسم شارع الطيران إلى قسمين، وجدنا أعدادا هائلة من الجرحى والشهداء يتم نقلهم إلى نقاط الأسعاف وهناك تجمهر كبير من الشباب وفى كل لحظة يسقط أحدهم جريحا أو قتيلا، قلت لأصدقائى لابد أن نفعل شيئا لوقف هذه المجزرة، قالوا وماذا نستطيع أن نفعل قلت لهم لنتقدم نحن الأربعة رافعين المصاحف تجاه القوات لنقول لهم إن الجميع هنا مسالمون ولا يحمل أحد شيئا إلا المصاحف ربما يساعد هذا فى وقف هذه المجزرة، وافق الجميع على الفكرة، لا أستطيع أن أنكر أنى كنت خائفا لكن ليس هناك حل آخر.
رفعنا نحن الأربعة المصاحف وتقدمنا، كانت المسافة حوالى سبعين مترا، لكنها بالنسبة لى كأنها سبعون كيلومتر أغمضت عينى وتقدمت وأنا أعتقد فى كل لحظة أن رصاصة يمكن أن تستقر فى رأسى أو فى قلبى، كانت أنفاسى تتلاحق وقلبى يدق بشدة لكن نيتى كانت هى وقف سيلان الدماء، حينما اقتربت وجدت الجنود قد وضعوا سلكا شائكا أمام المدرعات على اعتبار كأنهم فى معركة يؤمِّنون به أرضا جديدة اكتسبوها.
ثم وجدت نفسى أمام السلك مباشرة وتلفّتُ فلم أجد أصدقائى ربما خافوا فرجعوا فوجدت نفسى وحدى أرفع المصحف وجها لوجه مع ضابط من قوات الشرطة الخاصة يرتدى الملابس السوداء ودرعا واقيا للرصاص، قلت له: لماذا تقتلوننا نحن مسالمون ليس معنا شىء؟ قال بلغة حاسمة وهو يوجه لى بندقيته ارجع وإلا أطلقت عليك النار.
لم يمهلنى الضابط وكان يرتدى زى قوات الشرطة الخاصة الأسود أن أرد عليه فعاجلنى بدفعة خرطوش مباشرة فى ركبتى فسقطت على الأرض ثم أتبعها بأخرى شعرت أن نارا قد اشتعلت داخل جسمى، فلأن المسافة كانت قريبة استقر الخرطوش بشكل عميق فى مفصل الركبة وعضلات الفخذ، كنت أتألم بشدة وشعرت أن قوتى قد انهارت، فوجئت بعدها بضابط يرتدى زى قوات المظلات وأذكر جيدا أنه كان برتبة ملازم أول، صوب نحوى بندقيته الآلية ثم سحب أجزاءها وانتظرت الرصاصة القاتلة التى ستخترق قلبى وأنا أنطق الشهادتين ضغط على الزناد وأنا أنظر إليه لكن الرصاصة لم تخرج ضعط مرة أخرى على الزناد بعصبية لكن شاء الله أن تتعطل البندقية، ألقاها وأخذ أخرى من زميل له بعصبية وأنا ملقى على الأرض أنظر إليه وأنتظر الرصاصة القاتلة، سحب أجزاء البندقية الأخرى وضغط على الزناد لكن الرصاصة لم تخرج زادت عصبيته فأخذ بندقية الخرطوش من ضابط الشرطة الذى أطلق على الخرطوش فصوبها نحوى وأنا أنظر إليه فأطلق دفعة الخرطوش الثالثة مباشرة على صدرى أصابتنى خرطوشة فى شفتى وكسرت بعض أسنانى لكن العجيب أن باقى الخرطوش لسعنى لكن لم يخترق جسدى.
فى هذه الأثناء كان أصدقائى الذين كانوا يرقبون المشهد من بعيد قد وصلوا إلى وسحبونى على الأرض فاعتقد معظم الناس أنى استشهدت، كنت فى حالة من الذهول وعدم التصديق، وكنت فى صدمة كيف لضابط مصرى مثلى ربما أكون أخوه أو ابن عمه أو قريبا له يصوب نحوى بندقيته وأنا أعزل لا أرفع سوى المصحف ثم يطلق على الرصاص؟.
إن ما حدث لى كان معجزة بكل المعايير أن يقوم ضابط يحمل بندقية آلية بسحب أجزائها وهو فوق رأسى ثم يضغط على الزناد فلا يخرج الرصاص فيتركها ويأخذ أخرى من زميله ويصوبها نحوى وهو فى قمة الغضب ثم يسحب الأجزاء ويضغط على الزناد فتتعطل ولا يخرج الرصاص حتى دفعة الخرطوش الذى صوبها مباشرة إلى صدرى لم تخترقه كأن الله أراد أن يخزيه ويقول له أنا الذى خلقته وأنا الذى أملك حياته وموته وليس أنت رغم ما تحمل من سلاح وعتاد، هذا شىء من الخيال لكنى عشته وأقسم بالله على صدق كل كلمة فيه، وهو يؤكد على أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك وأن إرادة الله فوق الجميع.
نقلنى أصدقائى إلى مستشفى التأمين الصحى فى شارع الطيران فهى الأقرب إلى ساحة المذبحة، لكنى حينما وصلت هناك اكتشفت أنى أقل الناس إصابة، لقد كانت ساحة المستشفى عبارة عن ساحة مجزرة الدماء والجثث والجرحى فى كل مكان، ولم تكن إصابتى بالنسبة للآخرين إلا شيئا بسيطا، لقد عايشت مجزرة محمد محمود وماسبيرو والتحرير من قبل، وما حدث لم يكن سوى امتداد لقهر هذا الشعب بالسلاح والرصاص الحى، لكن هذا الشعب الذى استرد حريته وكرامته بعد 25 يناير لن يتراجع ولن يستسلم، إن هناك 48 كيانا ثوريا من شباب 25 يناير بدءوا يكملون مسيرة الثورة ويلتحمون بالميادين بعدما اكتشفوا الخدعة وأنا واحد منهم، وأؤكد للجميع أن الثورة مستمرة حتى تحقق كل أهدافها ولن تضيع دماء الشهداء هدر
أحمد منصور
فى أعقاب مجزرة دار الحرس الجمهورى التى ذهب ضحيتها ما يقرب من ألف ومائة من المصريين ما بين شهيد وجريح، ظهرت صور كثيرة من بينها صورة شاب كان يمشى فى شارع الطيران تجاه القوات التى كانت قادمة من جهة دار الحرس الجمهورى يرفع مصحفا إلى الأعلى ويسير وحده حتى وصل إلى السلك الشائك الذى وضعته القوات.
ثم دار حوار قصير بينه وبين أحد الضباط قام الضابط بعدها بتصويب البندقية له ثم أطلق عليه النار فسقط ثم أعقبه بضربتين أخريين وهو على الأرض، تقدم بعدها ثلاثة من الشباب وقاموا بسحبه جرا من أمام القوات ونقلوه إلى المستشفى واعتقد الجميع أن هذا الشاب قد قتل، وملأت صوره المواقع الإخبارية والاجتماعية، وسمعت هذه الرواية من أكثر من شاهد عيان بينهم سيدة تقطن فى عمارة مواجهة لهذه الأحداث.
فجأة وجدت نفسى وجها لوجه مساء الخميس الماضى مع هذا الشاب الذى كان يحمل المصحف، كان يمشى بصعوبة على عكاز، ثم اكتشفت أنى أعرفه فهو أحد شباب ثورة 25 يناير ولا ينتمى لأى فصيل إسلامى بل هو أحد قيادات اتحاد شباب الثورة أحد الكيانات الثورية التى ظهرت خلال الثورة وهو طبيب أسنان عمره أربعة وعشرون عاما وكان مسئولا عن العيادة الطبية الميدانية خلال أحداث شارع محمد محمود.
وأعتقد أن الكثيرين يعرفونه هو الدكتور عمر مجدى، وهو كان رئيس الوفد المفاوض للمجلس العسكرى بعد أحداث محمد محمود، ومن النتائج التى حققوها إقالة حكومة الدكتور عصام شرف، كما أنه هو الذى رتب ملف الضابط الذى سمى بقناص العيون، عمر مجدى شاب مصرى ينتمى لتراب مصر ونيلها، وهو من أسوان.
قال لى: كنت أصلى الفجر فى مسجد قريب من منطقة الأحداث حينما اتصل بى صديق وقال إن هناك إطلاق نار كثيف فى محيط منطقة دار الحرس الجمهورى، توجهت مع ثلاثة من أصدقائى فى سيارتنا ووصلنا إلى شارع خضر التونى الذى به المترو الذى يقسم شارع الطيران إلى قسمين، وجدنا أعدادا هائلة من الجرحى والشهداء يتم نقلهم إلى نقاط الأسعاف وهناك تجمهر كبير من الشباب وفى كل لحظة يسقط أحدهم جريحا أو قتيلا، قلت لأصدقائى لابد أن نفعل شيئا لوقف هذه المجزرة، قالوا وماذا نستطيع أن نفعل قلت لهم لنتقدم نحن الأربعة رافعين المصاحف تجاه القوات لنقول لهم إن الجميع هنا مسالمون ولا يحمل أحد شيئا إلا المصاحف ربما يساعد هذا فى وقف هذه المجزرة، وافق الجميع على الفكرة، لا أستطيع أن أنكر أنى كنت خائفا لكن ليس هناك حل آخر.
رفعنا نحن الأربعة المصاحف وتقدمنا، كانت المسافة حوالى سبعين مترا، لكنها بالنسبة لى كأنها سبعون كيلومتر أغمضت عينى وتقدمت وأنا أعتقد فى كل لحظة أن رصاصة يمكن أن تستقر فى رأسى أو فى قلبى، كانت أنفاسى تتلاحق وقلبى يدق بشدة لكن نيتى كانت هى وقف سيلان الدماء، حينما اقتربت وجدت الجنود قد وضعوا سلكا شائكا أمام المدرعات على اعتبار كأنهم فى معركة يؤمِّنون به أرضا جديدة اكتسبوها.
ثم وجدت نفسى أمام السلك مباشرة وتلفّتُ فلم أجد أصدقائى ربما خافوا فرجعوا فوجدت نفسى وحدى أرفع المصحف وجها لوجه مع ضابط من قوات الشرطة الخاصة يرتدى الملابس السوداء ودرعا واقيا للرصاص، قلت له: لماذا تقتلوننا نحن مسالمون ليس معنا شىء؟ قال بلغة حاسمة وهو يوجه لى بندقيته ارجع وإلا أطلقت عليك النار.
لم يمهلنى الضابط وكان يرتدى زى قوات الشرطة الخاصة الأسود أن أرد عليه فعاجلنى بدفعة خرطوش مباشرة فى ركبتى فسقطت على الأرض ثم أتبعها بأخرى شعرت أن نارا قد اشتعلت داخل جسمى، فلأن المسافة كانت قريبة استقر الخرطوش بشكل عميق فى مفصل الركبة وعضلات الفخذ، كنت أتألم بشدة وشعرت أن قوتى قد انهارت، فوجئت بعدها بضابط يرتدى زى قوات المظلات وأذكر جيدا أنه كان برتبة ملازم أول، صوب نحوى بندقيته الآلية ثم سحب أجزاءها وانتظرت الرصاصة القاتلة التى ستخترق قلبى وأنا أنطق الشهادتين ضغط على الزناد وأنا أنظر إليه لكن الرصاصة لم تخرج ضعط مرة أخرى على الزناد بعصبية لكن شاء الله أن تتعطل البندقية، ألقاها وأخذ أخرى من زميل له بعصبية وأنا ملقى على الأرض أنظر إليه وأنتظر الرصاصة القاتلة، سحب أجزاء البندقية الأخرى وضغط على الزناد لكن الرصاصة لم تخرج زادت عصبيته فأخذ بندقية الخرطوش من ضابط الشرطة الذى أطلق على الخرطوش فصوبها نحوى وأنا أنظر إليه فأطلق دفعة الخرطوش الثالثة مباشرة على صدرى أصابتنى خرطوشة فى شفتى وكسرت بعض أسنانى لكن العجيب أن باقى الخرطوش لسعنى لكن لم يخترق جسدى.
فى هذه الأثناء كان أصدقائى الذين كانوا يرقبون المشهد من بعيد قد وصلوا إلى وسحبونى على الأرض فاعتقد معظم الناس أنى استشهدت، كنت فى حالة من الذهول وعدم التصديق، وكنت فى صدمة كيف لضابط مصرى مثلى ربما أكون أخوه أو ابن عمه أو قريبا له يصوب نحوى بندقيته وأنا أعزل لا أرفع سوى المصحف ثم يطلق على الرصاص؟.
إن ما حدث لى كان معجزة بكل المعايير أن يقوم ضابط يحمل بندقية آلية بسحب أجزائها وهو فوق رأسى ثم يضغط على الزناد فلا يخرج الرصاص فيتركها ويأخذ أخرى من زميله ويصوبها نحوى وهو فى قمة الغضب ثم يسحب الأجزاء ويضغط على الزناد فتتعطل ولا يخرج الرصاص حتى دفعة الخرطوش الذى صوبها مباشرة إلى صدرى لم تخترقه كأن الله أراد أن يخزيه ويقول له أنا الذى خلقته وأنا الذى أملك حياته وموته وليس أنت رغم ما تحمل من سلاح وعتاد، هذا شىء من الخيال لكنى عشته وأقسم بالله على صدق كل كلمة فيه، وهو يؤكد على أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك وأن إرادة الله فوق الجميع.
نقلنى أصدقائى إلى مستشفى التأمين الصحى فى شارع الطيران فهى الأقرب إلى ساحة المذبحة، لكنى حينما وصلت هناك اكتشفت أنى أقل الناس إصابة، لقد كانت ساحة المستشفى عبارة عن ساحة مجزرة الدماء والجثث والجرحى فى كل مكان، ولم تكن إصابتى بالنسبة للآخرين إلا شيئا بسيطا، لقد عايشت مجزرة محمد محمود وماسبيرو والتحرير من قبل، وما حدث لم يكن سوى امتداد لقهر هذا الشعب بالسلاح والرصاص الحى، لكن هذا الشعب الذى استرد حريته وكرامته بعد 25 يناير لن يتراجع ولن يستسلم، إن هناك 48 كيانا ثوريا من شباب 25 يناير بدءوا يكملون مسيرة الثورة ويلتحمون بالميادين بعدما اكتشفوا الخدعة وأنا واحد منهم، وأؤكد للجميع أن الثورة مستمرة حتى تحقق كل أهدافها ولن تضيع دماء الشهداء هدر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق