الاثنين، 15 يوليو 2013

سالة إلى الفريق السيسي د. محمود غزلان المتحدث الرسمي باسم الإخوان المسلمين

سالة إلى الفريق السيسي
د. محمود غزلان
المتحدث الرسمي باسم الإخوان المسلمين

سيادة الفريق ..

وقفت بين مجموعة من جنودك تحاول أن تستقوى بهم وتجمع شتات نفسك الممزقة بعد كل ما اقترفت يداك، وقفت لتهاجم السيد الرئيس الشرعي محمد مرسي، ولا أعتقد أن هذا من المروءة في شئ، فهذا الرئيس هو الذي اختارك من بين مئات من القادة العسكريين لتكون وزيرا للدفاع وقائدا عاما للقوات المسلحة وأعلى رتبتك العسكرية ووضع فيك ثقته، وحلفت اليمين على الولاء للنظام واحترام الدستور والقانون، فانقلبت على ذلك كله وخنت الأمانة ونقضت العهد ونكثت بالقسم، والله عز وجل يقول : (وأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إذَا عَاهَدتُّمْ ولا تَنقُضُوا الأَيْمَان بَعْدِ تَوْكِيدِهَا وقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) (النحل91) وعزلت الرئيس واعتقلته وأخفيته، ثم رحت تهاجمه في وسط مجموعة من جنودك وتنسب إليه من المواقف والتصرفات في غيابه ما هو منه برئ، فهلك لديك من الشجاعة ما تسمح له ان يرد عليك على الملأ ليعلم الناس أين هى الحقيقة، يقينا أنك لن تفعل، بدليل خوفك منه وهو الرجل المدني الأعزل وأنت الرجل العسكري الذي يمتلك القوة المادية والأسلحة، لأنه صاحب الحق فهو الرئيس المنتخب شعبيا وأنت مجرد من الحق ومغتصب للسلطة ومنقلب على إرادة الشعب ودائما الحق أقوى من الباطل ولو كان ميزان القوة المادية ليس لصالح الحق .

والدليل الدامغ على باطلك وضعفك أنك كررت أنك انقلبت استجابة للإرادة الشعبية حوالى 20 مرة في ثلاث صفحات، وهذا معناه أنك فاقد للشرعية، وتتمسح فيها لعل الناس ينخدعون بقولك فرحت تكررها مرات عديدة على طريقة المريب الذي يكاد يقول خذوني أو ذلك "الذي على راسه بطحة" كما تقول العامة، والسؤال هناك : أي شعب تقصد، هل هم الذين تظاهروا في 30/6، إن الذين تظاهروا في 30/6 هم مجموعة من السياسيين الفاشلين الذي خاضوا الانتخابات والاستفتاءات خمس مرات على مدى العامين الماضيين وفشلوا فيها جميعا، نعم كان هناك متظاهرون ساخطون على الأحوال المعيشية والأزمات الحياتية، ولكنكم بيقين تعلمون من الذي صنع هذه المشكلات إن لم تكونوا ضالعين فيها بدليل أنها زالت فورا بعد انقلابكم المشئوم، مما يدل على أنها كانت بفعل فاعل .

ولماذا رأيتم مظاهرات 30/6 وشجعتموها، ولم تروا المظاهرات الحاشدة التي تؤيد الشرعية والتي لا تزال معتصمة في الميادين وتتزايد يوما بعد يوم، هل أولئك هم الشعب وهؤلاء أعداء الشعب، إن موقفك هذا هو الذي يعمق الشرخ ويوسع الفجوة بين أطياف الأمة ويهدد الأمن القومي.

إن الجيش ملك للشعب كله كما نص على ذلك الدستور، وانحيازك ومجموعة من القادة الانقلابيين معك لفصيل ضد فصيل من شأنه أن يهدد وحدة الجيش وتماسكه، وهو خطر عظيم، يتمناه أعداء مصر حتى لا يكون في العالم العربي كله جيش قوى متماسك، وثقتنا أن جيش مصر إنما هو جيش وطني محترف لا يمكن أن ينحاز لفئة على حساب فئة أو ينشق على نفسه ولو حاول ذلك مجموعة من قادته المغامرين .

ومما يدل على شعورك العميق بفقدان الشرعية تسترك بشيخ الأزهر وبابا الكنيسة لتجميل انقلابك المنكر، وكلاهما ليسا من رجال السياسة، وماكان لهما أن ينغمسا فيها، كما أن هذا المسلك إنما يمثل لعبة شديد الخطورة لأنه من الممكن أن يؤدي لفتنة طائفية نبذل قصارى جهدنا للقضاء عليها، وهذا أيضا يمثل تهديدا للأمن القومي .

سيادة الفريق ..
لقد كشفت عن وجهك الحقيقي حينما أمرت بقتل المواطنين المدنيين السلميين المعتصمين أمام دار الحرس الجمهوري مطالبين بالإفراج عن رئيسهم المنتخب والمختطف، لقد تبين مدى وحشيتك ودمويتك وأنت تأمر بقتل إخوانك في الوطن وهم يؤدون صلاة الفجر ويستقبلون القبلة وظهورهم لدار الحرس الجمهوري حتى سقط حوالي مائة شهيد، وحوالي ألف مصاب، إضافة إلى ثمانمائة معتقل عوملوا أسوأ معاملة حتى وضع أحد الجنود حذائه الغليظ على رقبة أحد المواطنين المعتقلين، كل ذلك من أجل إرهاب المتظاهرين المؤيدين للشرعية والرئيس، ولكن لتعلم أن شعب مصر قد استعلى على الخوف وأيقن أن حريته أثمن من حياته وأنه لن يذل بعد اليوم ..

سيادة الفريق ..

إنني مشفق عليك – علم الله – فكيف تلقى الله بالغدر والخيانة، ثم بدماء كل هؤلاء الشهداء والجرحى، وكيف تحتمل دعوات الأمهات الثكلى والزوجات الأرامل والأطفال اليتامى الذين قتلت رجالهم، ودعوات الملايين ليس في مصر فقط، ولكن في الحرمين الشريفين والمسجد الأقصى وعلى طول العالمين العربي والإسلامي وعرضهما .

أيها الفريق ..

لقد تحولت من قائد يحبه الناس إلى قاتل يمقتونه وينتظرون قصاص الله منه، وأحسبه يكون قريبا – بإذن الله - .

لقد ذكرت أكثر من مرة أنك تعلم دور الجيش ووظيفته، وليس من بينها التدخل في السياسة واستخدمت تعبيرات خادعة – نعلم من كتبها لك – مثل : "البعد عن السياسة"، "أن تقترب من العملية السياسية" "القرب من المسئولية الوطنية" فالحقيقة يا سيدي أنكم تسعون للهيمنة على السلطة السياسية في الدولة ولو من وراء ستار، وقد تجلت هذه الرغبة في وثيقة السلمي التي أعددتموها له ودفعتموه لتقديمها بما تحمله من مواد فوق دستورية تتيح للجيش أن يكون حاميا ورقيبا على الشرعية الدستورية بحيث يحق له أن يقوم بانقلاب على السلطة الشرعية إن شاء ومتى شاء، ويتم ذلك بسلطة الدستور، ولما تصدى الشعب لهذه الوثيقة وأسقطها ظلت الفكرة راسخة في أذهانكم معشر القادة الإنقلابيين حتى نفذتموها في 3/7/2013م، وأصبحت أنت الحاكم الفعلى للبلاد بستار يتمثل في عدلى منصور ومن حوله .

ادعيت في حديثك أن إرادة الشعب قد تجلت بحيث لا تقبل شبهة ولا شك، وأنت تقصد توقيعات حركة تمرد ومظاهرات 30/6، أما بالنسبة لحركة تمرد فهي صنيعة المخابرات، وقد بدأت حقيقتها تظهر في الفضائيات، كما أن زعمها أنها جمعت 22 مليون توقيع فهي كذبة كبرى لم يقم عليها دليل واحد إلا الزعم الكاذب، أما مظاهرات 30/6 فقد قابلتها مظاهرات أضخم بكثير استمرت حتى الآن أكثر من أسبوعين، وما زلتم تتعامون عنها وتمارسون إرهابا حقيقيا وعدوانا وقتلا ضدها، في الوقت الذي كنتم تشجعون مظاهرات 30/6 وتحمونها، وتحرضونها بطرق غير مباشرة على حرق مقرات الإخوان وحزب الحرية والعدالة ومحاصرة المساجد وقتل المصلين داخلها والاعتداء على الرجال والنساء ومنازل المؤيدين للشرعية والرئيس المنتخب .

ثم هل تجميع توقيعات وقيام مظاهرات هو المعيار العلمي والموضوعي لمعرفة إرادة الشعب بحيث لا تقبل شبهة ولا شكا ؟ أم أن هذا افتئاتا على الديمقراطية وخداعا للشعب، وهروبا من انتخابات الصناديق .

لقد صرحت مرة حينما طلب منك السياسيون الفاشلون أن تستخدم الجيش في هدم النظام والشرعية، بأنك مع الشرعية الدستورية وأنه خير لمصر أن يقف المواطن في طوابير الانتخابات 15 ساعة من أن يتدخل الجيش في السياسة وتتأخر البلاد 30 أو 40 عاما، فهل كنت تعني ما تقول أم كنت تخدع الناس . وإذا كنت وغالبية المصريين يؤمنون بأن تدخل الجيش في السياسة دائما يؤدي إلى خراب البلاد، والدليل على ذلك أن قادة الجيش حينما انغمسوا في السياسة حدثت نكبة 1967 وحينما كان القادة عسكريين محترفين تحقق لمصر نصر 1973 ،ـ فهل تريد تخريب البلاد وإفسادها بانقلابك هذا تحت زعم الإرادة الشعبية ؟

لقد حاولت مرارا أن توهم الناس أنكم اضطررتم للانقلاب لأنه كان إرادة شعبية، والحقيقة أنه كان مؤامرة دبرت بليل بدأت فصولها تظهر فيما نشر أخير من أن لقاءات كانت تتم بينكم وبين رؤوس جبهة الإنقاذ – وقد كنتم تصفونهم بالخيانة في مجالسكم الخاصة – وكانت تقوم على أن يحشد السياسيون والإعلاميون ضد النظام وعندئذ تقومون بانقلابكم، وهذا الأمر ليس جديدا، فقد ذكره محمد أبو حامد بعد نجاح الرئيس محمد مرسي بالرئاسة من أن شخصية كبيرة في السفارة الأمريكية دعته إلى حشد 100 ألف شخص أمام قصر الاتحادية وستعترف بهم أمريكا وأن المشير طنطاوي وعده في حالة نجاحهم في هذا الحشد بالتحرك ضد النظام، وسر لقاءاتكم مع البرادعي وموسى وصباحي نشر في صحيفة وول ستريت جورنال .

ذكرت أن أوضاع الاقتصاد المصري كانت تنذر بالخطر، وكذلك سوء الأحوال الاجتماعية والمعيشية، وتعثر نوايا الإصلاح كانت أسبابا لسخط شريحة من الناس، والسؤال .. هل يتحمل الرئيس محمد مرسي تبعات ضعف الاقتصاد المصري أم أنه ميراث الفساد الطويل طيلة الستين سنة الأخيرة وأن تعثر نوايا الإصلاح كانت بسبب الحصار الاقتصادي الإقليمي والدولى وعمليات التظاهر والتخريب المستمرة التي لم تدع فرصة لالتقاط الأنفاس، والتي كانت تهدف للإفشال، ورغم ذلك فقد تحققت إنجازات عديدة وجيدة في كثير من المجالات، فلماذا رأيتم تلك وتعاميت عن هذه ؟ أم أنه التربص للقيام بالمؤامرة.

ذكرت أنك نصحت للرئاسة في مواقف كثيرة، وذكرت أن القيادة العامة للقوات المسلحة أبدت رغبتها أن تقوم الرئاسة نفسها بإجراء استفتاء يحدد به الشعب مطالبه، وذكرت أنك أمهلت الرئاسة أسبوعا، وبعده يومين وأنك أعددت خريطة للمستقبل تشرف على إجرائها، فقل لى : ماذا تكون السياسة إن لم تكن هذه كلها استغراق في السياسة ؟ وهل هذا من احتصاص الجيش ؟

ثم لماذا لم تنصح الجبهة الأخرى وقد كان بغيها وعدوانها ورغبتها في الإفشال وإسقاط النظام بعد تعويقه عن الإصلاح واضحا، فإسقاط المؤسسات الدستورية المنشأة كان هدفا لهم (مجلس الشعب – الجمعية التأسيسية الأولى – ثم الانسحاب من الجمعية التأسيسية الثانية ومحاولة تعويق الاستفتاء على الدستور وأعمال العنف في أرجاء الجمهورية ورفض دعوات الحوار التي دعا إليها الرئيس، وكذلك رفض المصالحة التي دعا إليها الرئيس والإصرار على رحيله، فمن هو الظالم المتعنت ومن هو المظلوم .

أما أن مصر كلها راضية باهتمام العالم بما يجري فيها فهي دعوى مغلوطة فغالبية المصريين يركزون اهتمامهم، ويضحون بكل غال ونفيس من أجل استعادة ثورتهم وحريتهم وكرامتهم، ولن تخيفهم تهديدات أو وعيد ولن تنطلي عليهم حيل أو أكاذيب ولن يتزحزحوا حتى يعيدوا شرعيتهم ويفرضوا إرادتهم رغم أنف العسكريين الإنقلابيين، وفي ذات الوقت التمسك بحب الجيش الوطني وقوته وتماسكه ليكون درعهم وسيفهم ضد أعداء الوطن الخارجيين .

ارجع إلى شعبك واعدل عن انقلابك وتب إلى ربك لعله يغفر لك ..

(ولا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ)
(وسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عاجل | إذاعة الجيش الإسرائيلي: صفارات الإنذار دوت تحذيرا من صواريخ باليستية أطلقت من لبنان على منطقة تل أبيب

عاجل | إذاعة الجيش الإسرائيلي: صفارات الإنذار دوت تحذيرا من صواريخ باليستية أطلقت من لبنان على منطقة تل أبيب 14/10/2024|آخر تحديث: 14/10/20...