صحيفة أمريكية تؤكد التحالف العسكري بين الانقلاب ودولة جنوب السودان
من أجل النيل أم إسرائيل؟! | جيش مصر فى حرب بالوكالة بجنوب السودان
البداية كان مع خبر نشرته عدد من الصحف السودانية. نقلته عنهم صحف مصرية قريبة من السلطة العسكرية الحاكمة في مصر. يقول متن الخبر ” مع اشتداد وتيرة العنف الدائر في جنوب السودان بين قوات حكومة سلفا كير ومتمردين بمنطقة أيود بولاية جونقلي، زعمت صحف سودانية دخول عناصر من الجيش المصري لمساندة القوات المؤيدة لسلفاكير.
حيث نشرت صحيفة الانتباه السودانية تقريرًا زعمت خلاله أن الجيش الأبيض المعارض في دولة جنوب السودان، نجح في أسر مجموعة من القوات المصرية كانت تقاتل لجانب قوات حكومة سلفاكير.
من أجل النيل أم إسرائيل؟! | جيش مصر فى حرب بالوكالة بجنوب السودان
البداية كان مع خبر نشرته عدد من الصحف السودانية. نقلته عنهم صحف مصرية قريبة من السلطة العسكرية الحاكمة في مصر. يقول متن الخبر ” مع اشتداد وتيرة العنف الدائر في جنوب السودان بين قوات حكومة سلفا كير ومتمردين بمنطقة أيود بولاية جونقلي، زعمت صحف سودانية دخول عناصر من الجيش المصري لمساندة القوات المؤيدة لسلفاكير.
حيث نشرت صحيفة الانتباه السودانية تقريرًا زعمت خلاله أن الجيش الأبيض المعارض في دولة جنوب السودان، نجح في أسر مجموعة من القوات المصرية كانت تقاتل لجانب قوات حكومة سلفاكير.
وبحسب ما زعمه بيان قوات المعارضة المسلحة فإن المعركة وقعت الأسبوع
الماضي، عندما حاولت قوات “كير” بمعاونة قوة مصرية وأوغندية، استعادة منطقة
“أيود”، لكن تعزيزات الجيش الأبيض وصلت ما كبد القوات الحكومية خسائر
فادحة حيث تم إحصاء 400 جندي من الجيش الشعبي بجانب 14 جنديًا مصريًا و4
جنود أوغنديين، بينما فقد الجيش الأبيض 90 مقاتلًا قُتلوا جميعًا في
المعركة.
كما زعمت صحيفة “أعالي النيل” الصادرة بجنوب السودان إن الجيش الأبيض استطاع أن يأسر 12 جنديًا مصريًا وجنديين أوغنديين، ضاعوا خلال المعركة، ونشرت الصحيفة ما زعمت أنها أسماء الجنود المصريين وهم عويس أحمد – النقيب احمس – عمران صالح – ايمن ثروت – عبدالرحمن – عمر – عثمان – عبد الله سعيد – محمد رعد – يوسف عبده – النقيب على شمت – شمس الدين والجنديان الأوغنديان هما عقيقي لويوا وصموئيل منجوغال.
وبحسب قوة الجيش الأبيض فإنه تم نقل الأسرى إلى مكان آمن، يضم أسرى آخرين من قوات حركة العدل والمساواة السودانية، وصرح أحد قيادات الجيش الأبيض يدعى مابيو غاتلواك أن بين القتلى كان هناك قوات من الحركة الشعبية قطاع الشمال وحركة العدل والمساواة أيضًا.
خبر كهذا ليس من السهل أن يمر بسهولة دون تدقيق. وفي ظل صمت المتحدث العسكري المصري عن نفي الخير أو تأكيده. يظل الأمر صحيحاً. والقاعدة الصحفية والأعراف المتداولة في مثل تلك المواقف أن النافي أو المؤكد للخبر يجب أن يكون شخصية اعتبارية ممثلا للجهة التي تعلن التأكيد أو النفي، والنفي والتأكيد يكون بدلائل.. فالأسماء المعلنة كأسرى يجب أن تخرج وتقول إنها سليمة ولم تتعرض لأذى أو ينفي المتحدث العسكري للقوات المسلحة بنفسه وجود هذه الأسماء في القوات المسلحة.
تأكيد World Tribune لوورلد تريبيون
يأتي هذا فيما نقلت صيحفة “وورلد تريبيون” في الثامن والعشرين من إبريل الماضي عن المتمردين الجنوبين اتهامهم للسلطة العسكرية في مصر بمساعدة حكومة سيلفا كير في الحرب الأهلية، ونقل التقرير عن المتمردين تأكيدهم أن مصر انضمت إلى قوات أوغندية تحارب إلى جانب القوات الحكومية لاستعادة المعاقل التي استولوا عليها – أي المتمردين-.
وأوضح التقرير، أن السلطة العسكرية في مصر قامت بنقل ذخائر ومعدات عسكرية لحكومة جوبا لمواجهة المتمردين، كما أنها أرسلت مجموعة من الضباط التابعين للجيش المصري لتدريب ضباطا جنوبيين.
ونقلت الصيحفة على لسان المتمردين قولهم إن مصر قامت بهذه المساندة لحكومة سيلفاكير مقابل تعهد جوبا بدعم القاهرة في قضية سد النهضة، وأن رئيس جنوب السودان سالفا كير يخطط لتحويل المياه إلى مصر من أعالي النيل.
وبافتراض صحة خبر أسر الجنود، وما ذكره تقرير “وورلد تريبيون” عن دعم مصري للحكومة الجنوبية، فيجب أن نعيد البحث أكثر في علاقة السلطة المصرية بدولة جنوب السودان.
دولة جنوب السودان الوليدة هي دولة تقع في وسط أفريقيا، وتعتبر مدينة جوبا عاصمتها وأكبر مدنها، ومن أكبر مدنها هي واو وملكال ورومبيك وأويل وياي. تأسست جنوب السودان عندما استقلت عن السودان في استفتاء شعبي لسكان الجنوب أعلن عن نتائجه النهائية في فبراير 2011، وتم الإعلان عن استقلال كامل للدولة في 9 يوليو 2011.
يعد التاريخ السياسي لجنوب السودان من الملفات المهمة لفهم طبيعة السودان الخاصة، حيث تضافرت مجموعة من العوامل علي تقسيم السودان معنويًا قبل أن تصبح حدوديًا في القرن التاسع عشر عندما استعمرت بريطانيا السودان مع مصر. قامت السياسات الاستعمارية علي اظهار الاختلافات الإثنية واللغوية والعرقية والدينية، وفرقت المملكة المتحدة في التعامل مع الجنوب والشمال في قضايا أهمها التعليم، فبدأت تظهر الاختلافات الثقافية وساد اعتقاد لدي الأوساط المسيحية في الجنوب أن الشماليين هم تجار رقيق. وبعد جلاء القوات بريطانيا وانفصال السودان عن مصر طالب الجنوبيون أن يكون لهم نظام خاص لهم داخل الدولة السودانية الموحدة، وهو الأخذ بنظام الفدرالية، ولكن الحكومة رفضت الاقتراح معللة إنه يؤدي إلى انفصال الجنوب كتطور طبيعي. في أغسطس 1955 تمرد بعض أعضاء الفرقة الجنوبية من الجيش السوداني بإيعاز من المملكة المتحدة ضد الشمال، حيث كانت هناك شكوك لدي الجنوبيين على سياسات وزارة إسماعيل الأزهري التي تشكلت في يناير من نفس العام. وفي عام 1958 وبعد تولي إبراهيم عبود للسلطة قامت الحكومة العسكرية باتباع سياسة التذويب بالقوة مع الجنوبيين، وأدي ذلك إلى مطالبة الأحزاب الجنوبية وعلي راسهم “حزب سانو” باستقلال الجنوب، كما تم تشكيل حركة أنانيا التي بدأت عملياتها العسكرية في عام 1963، وبعد الشد والجذب تم بحث تسوية سلمية للصراع، حيث عقد مؤتمر المائدة المستديرة عام 1965. وفي عام 1972 تم توقيع اتفاقية أديس أبابا والتي أعطت للإقليم الحكم الذاتي في إطار السودان الموحد، إلا أنه في يوليو وسبتمبر من عام 1983 أصدر الرئيس جعفر نميري عدة قرارات أطاحت بالاتفاق منها تقسيم الإقليم إلى ثلاثة أقاليم ونقل الكتيبة (105) وبعض الجنود إلى الشمال وإتهام قائدها كاربينو كوانين بإِختلاس أموال، كما تم إرسل قوات لإخضاعها فأدي ذلك إلى هروبها إلى الادغال الاستوائية لتصبح فيما بعد نواة لجيش الرب، فكلفت الحكومة العقيد جون قرنق بتأديب الكتيبة، إلا أنه أعلن انضمامه إلى المتمردين مؤسسًا الحركة الشعبية لتحرير السودان ولها جناح عسكري عبارة عن جيش، وأعلن إن هدف الحركة هو “تأسيس سودان علماني جديد” قائم على المساواة والعدل الاقتصادي والاجتماعي داخل سودان موحد، وقام برفع شعارات يسارية فحصل علي دعم من إثيوبيا وكينيا خصوصًا الرئيس الإثيوبي منغستو هيلا ميريام.
وبعد الإطاحة بنظام جعفر نميري عبر انتفاضة شعبية عام 1985 كان هناك أمل في التوصل إلى اتفاق مع الحركة، ولكنه فشل بعد اجتماع رئيس الوزراء الجديد الصادق المهدي مع قرنق بعام 1986. وفي نوفمبر من عام 1988 تم إبرام اتفاق بين قرنق ومحمد عثمان الميرغني في أديس أبابا والذي نص على تجميد قرارت سبتمبر 1983، ولكن هذا الاتفاق لم يأخذ طريقه إلى التنفيذ بعد انقلاب يونيو 1989 بقيادة عمر البشير والتي تبنت شعار “الجهاد الإسلامي” ضد القوى الجنوبية مستعينة بتسليح مليشيات تدعى قوات الدفاع الشعبي، وحققت الحكومة عددة انتصارات عسكرية.
وفي أغسطس 1991 وبعد سقوط نظام منغستو في إثيوبيا وانشقاق الحركة الشعبية، حاولت الحكومة الاستفادة من هذا الانشقاق فأجرت الاتصال منفردة مع لام أكول بوثيقة عرفت باسم “وثيقة فرانكفورت” والتي وقعت في يناير من عام 1992، إلا أن الحكومة السودانية أنكرتها بعد ذلك. وفي مايو 1992 وتحت رعاية الرئيس النيجيري إبراهيم بابنجيدا أجريت الجولة الأولى للمفاوضات في أبوجا، ثم الجولة الثانية في مايو من عام 1993، ولكن لم تسفر هذه المفاوضات عن شيء. وتضاعفت الجهود الدولية من خلال “منظمة الإيغاد” إلى أن تم توقيع اتفاق اطاري يسمي “بروتوكول ماشاكوس” وذلك في يوليو من عام 2005 والذي أعطى للجنوب حكم ذاتي لفترة انتقالية مدتها 6 سنوات، وحق تقرير المصير وفرصة للجنوبيين لتفكير في الانفصال، كذلك أعطى الفرصة في بناء مؤسسات الحكم الانتقالية كنوع من الضمانات. وفي 9 يناير 2005 وقعت الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان اتفاقية السلام الشامل في نيفاشا، والذي نصت بنوده على: حق تقرير المصير للجنوب عام 2011، إجراء انتخابات عامة علي كافة المستويات في مدة لا تتجاوز عام 2009، تقاسم السلطة بين الشمال والجنوب، تقاسم الثروة، إدارة المناطق المهمشة بين الشمال والجنوب، وتم الاستفتاء على تقرير المصير في 9 يناير 2011 وصوت الجنوبيون باكتساح للانفصال.
وبالعودة لتفاصيل العلاقة بين مصر والحركة الشعبية لتحرير السودان التي تزعمها جون قرنق للانفصال عن الشمال السوداني قبل وفاته في حادث طائرة هليوكبتر صيف 2005 تظل هذه التفاصيل غامضة جداً سوى تصريحات دبلوماسية خلال اللقاءات التي حاولت فيها مصر التقريب بين الشمال والجنوب السوداني في إطار التحضيرات لاتفاقية “نيفاشا”. ثم تحولت هذه العلاقة بين مصر والجنوب إلى لبصيص من الوضوح بعد رحيل قرنق.
ربما كان هذا البصيص فيما أعلنه الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان باقان أموم اوائل أغسطس 2010 إن مصر ستكون أول دولة تعترف بدولة جنوب السودان إذا كانت تلك نتيجة استفتاء تقرير المصير المقرر فى يناير المقبل.
وقال أموم، فى تصريحات صحيفة على متن أول طائرة تابعة لشركة مصر للطيران إلى مدينة جوبا، عاصمة جنوب السودان: «إذا جرى الاستفتاء بصورة حرة ونزيهة ستكون مصر أول دولة تعترف بنتائجه؛ لأن مصر تحترم حق أبناء جنوب السودان فى تقرير مصيرهم».
وأشاد أموم بالعلاقة بين القاهرة وجوبا بقوله إن مصر من أكثر الدول دعما للتنمية فى الجنوب، خاصة فما يتعلق بالخدمات الاجتماعية، مثل التعليم والرعاية الصحية، لذا فالعلاقة بين جوبا والقاهرة علاقة مميزة.
وتعهد القيادى الجنوبى حينها بالعمل على التوسط فى أزمة حوض النيل بين مصر ودول المنبع فى حالة استقلال جنوب السودان، إذا استقل الجنوب سنعمل على تقريب وجهات النظر بين دول منابع النيل ودولتى المصب (مصر والسودان)، فنحن نعتبر أنفسنا دولة بينية، إذ تضم أراضى الجنوب جزءا من منابع النيل، وفى نفس الوقت تستقبل المياه من منابعها الكبرى على الهضبة الاستوائية.
وضمت أول رحلة لشركة مصر للطيران إلى جوبا وفدين حكوميين مصريين، أولهما من جامعة الإسكندرية، التى تنشئ فرعا لها فى عاصمة الجنوب، ستبدأ فيه الدراسة خلال العام الجامعى المقبل بأربع كليات هى الطب البيطرى والزراعة والتربية والتمريض، أما الوفد الآخر فهو وفد من وزارة الصحة يضم أطباء وممرضين وموظفين لتشغيل «العيادة المصرية» والمساهمة فى عمل مستشفيات أخرى.
ومن التصريحات التي ربما يجب أن توضح أيضا ما قاله الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل في تصريحات تلفزيونية نهاية يونيو العام الماضي 2013 بأن الرئيس المخلوع مبارك أفسد العلاقات مع السودان بتقديم السلاح للبشير لضرب الجنوب، وبعد ذلك قيام مصر بمساعدة الجنوب ضد الشمال.
وبالعودة لموقع “عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام” وطبقا للقرار المؤرخ مارس 2005، قرر مجلس الأمن أن إنشاء بعثة الأمم المتحدة في السودان (UNMIS) التي دعمت تنفيذ اتفاق السلام الشامل الذي وقعته حكومة السودان وحركة جيش التحرير الشعبي السوداني في 9يناير 2005، وأدت مهام معينة ارتبطت بالمساعدة الإنسانية وحماية حقوق الإنسان وتعزيزها، وتساهم مصر طبقا للموقع بأفراد من الجيش والشرطة، وبمراجعة قوائم وسجلات السفر العسكرية المصرية تجد رحلات سفر دائمة من مطار شرق القاهرة العسكري إلى مطار جوبا عاصمة جنوب السودان والعكس.
وكانت مصر قد وقعت في 15 أبريل 2009 مذكرة تفاهم مع الأمم المتحدة لزيادة عدد قواتها في بعثة حفظ السلام في جنوب السودان، وبلغ حجم المساهمة المصرية فى قوات حفظ السلام فى جنوب السودان قد وصل الى 1507 أفراد يضاف اليهم 2375 فردا فى بعثة حفظ السلام المهجنة فى دارفور، الى جانب وحدة شرطة قوامها 140 فردا سيتم نشرها بحلول مايو المقبل فى دارفور .
وفي 9 يوليو 2011 أصبحت جنوب السودان أحدث بلدان العالم عهدا. ويعد مولد جمهورية جنوب السودان تتويجا لعملية سلام استغرقت ست سنوات وبدأت بالتوقيع على اتفاق السلام الشامل في عام 2005.
وقرر مجلس الأمن، باتخاذه القرار 1996 (2011) وفي 8 يوليو 2011، أن الحالة التي يواجهها جنوب السودان لا تزال تشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين في المنطقة. وأنشأ المجلس بعثة الأمم المتحدة في جمهورية جنوب السودان لفترة مبدئية مدتها سنة واحدة، بدءا من 9 يوليو2011، وشاركت مصر بقوات من الجيش في هذه القوة طبقا لموقع الأمم المتحدة.
وعقب الأزمة السياسية والأمنية التي اندلعت بصورة عنيفة في جوبا، عاصمة جنوب السودان، في 15 ديسمبر 2013، اتخذ مجلس الأمن القرار 2132 (2013) المؤرخ 24 ديسمبر، الذي أيد فيه التوصية التي قدمها الأمين العام بزيادة القوام العام لعنصري الأفراد العسكريين والشرطة في البعثة بصورة مؤقتة. وتم رفع المستوى المؤقت للقوات العسكرية إلى 500 12 فرد ومستوى عنصر الشرطة إلى 323 1 فردا، بمن فيهم أفراد الوحدات المشكلة حسب الاقتضاء، عن طريق التحويلات المؤقتة من عمليات حفظ السلام القائمة من خلال التعاون فيما بين البعثات.
وفي مارس 2014، أوصى الأمين العام كذلك بأن يبقي مجلس الأمن على هذه المستويات المعززة للقوات ولأفراد الشرطة لمدة 12 شهرا أخرى على الأقل. ولم تصرح مصر بشكل معلن أو على نحو محدد قوام أفرادها العاملين في هذه القوات، وخصوصا وأن زيارات متعددة بدأت من جانب حكومة جنوب السودان تجاه مصر عقب عزل الجيش للرئيس المنتخب محمد مرسي في انقلاب عسكري في الثالث من يوليو الماضي.
واختلفت آراء المراقبين في دولة جنوب السودان بشأن طبيعة الخلاف الذي يعصف بالبلاد بين اعتبار بعضهم بأنها أزمة سياسية تحولت إلى صراع مسلح، واعتبار البعض الآخر أنها خلاف عرقي بين قبيلتي الدينكا والنوير، أصحاب الرأي الأول يقولون إن هذا الصراع بدأ داخل منظومة الحركة الشعبية كحزب سياسي، وامتد حتى إقالة رياك مشار من منصب نائب الرئيس، ويقول أصحاب الرأي الثاني، أن كل القوات التي تحارب الحكومة الآن وتقف مع مشار ينتمي أفرادها إلى قبيلة النوير التي ينتمي إليها كل من مشار والجنرال المؤيد له بيتر قديت.
وفي نهاية ديسمبر الماضي ونقلا عن “سكاي نيوز عربية” نفى متحدث باسم المتمردين أن يكون “الجيش الأبيض” – وهو أحد الفرق المحاربة للحكومة الجنوبية- خاضع لسيطرة نائب الرئيس السابق رياك مشار، الذي ينتمي لقبيلة النوير ويعارض أتباعه الرئيس سلفا كير المنتمي لقبيلة الدنيكا.
وعلى نحو متصاعد بدأت علاقة متينة تزداد بين السلطة في مصر مع حكومة سيلفاكير المعروفة بعلاقتها المتينة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
بداية هذا الظهور المصري في نهاية ديسمبر العام الماضي 2013 بوفد قررت مصر إيفاده برئاسة نائب وزير الخارجية للشئون الإفريقية، السفير حمدى سند لوزا فى مهمة عاجلة إلى جوبا للمساعدة فى نزع فتيل الأزمة بين الفريقين المتصارعين فى جنوب السودان، ودعم جهود الوساطه الإقليمية والدولية القائمة.
وطبقا لموقع ” سودان تريبيون” فإن حكومة سيلفا كير وقعت مع حكومة السلطة العسكرية في مصر في 24 مارس الماضي اتفاق تعاون ثنائى مع مصر في أعقاب زيارة وفد من جنوب السودان بقيادة وزير الدفاع كول مانيانج، رافقه خلالها مسئولون من الأمن القومى والمخابرات العسكرية.
وأكد موقع صحيفة “Northafricapost” المغربية، إن توقيع مصر وجنوب السودان “اتفاق تعاون” قد أثار مخاوف حكومة الرئيس السوداني عمر البشير.
وأضافت الصحيفة الناطقة بالإنجليزية، في تقرير لها أن تفاصيل الاتفاق التعاون الثنائي “يشوبه الضبابية” ولكن المعلوم أنه يتركز على تعزيز التعاون في تبادل الخبرات، وتدريب القوات الخاصة، وإجراء تدريبات مشتركة، والمشاركة في الندوات وعمليات الإنقاذ العسكري.
وأوضحت الصحيفة أن الصفقة العسكرية المصرية مع جنوب السودان تأتي في الوقت الذي تواجه فيه الخرطوم وجوبا، نزاعات حدودية على ترسيم المنطقة أبيي الغنية بالنفط.
وقبل توقيع هذه الاتفاقية التقى قائد الانقلاب العسكري قبيل استقالته ليتثنى له ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية المزمعة عبد الفتاح السيسي التقى بوزير الدفاع الجنوب سوداني الفريق كوال منيانق جووك، ومعه الفريق مابوتو مامور وزير الأمن القومي.
ولكن الأمر الذي يثير الاستغراب هو إعلان عدلي منصور الرئيس المؤقت المعين من الجيش عقب الانقلاب العسكري في منتصف العام الماضي استعداد مصر المشاركة ببعثة قوات حفظ السلام في جنوب السودان، في حين إن مصر بالفعل مشاركة بقوة عسكرية ضمن قوات حفظ السلام بالجنوب السوداني طبقا لموقع الأمم المتحدة.
ومن الأمور المستغربة أيضا ما نشرته جريدة “المصري اليوم” في تقرير لها بعنوان “ساويرس يحسم سباق المال والأعمال” بمناسبة حصوله على على لقب الشخصية الأكثر تأثيرًا فى مجال المال والاقتصاد، في استفتاء الجريدة نتائج استفتاء قراء الجريدة لعام 2013 ووصفته ” سياسيا، أسس حزب المصريين الأحرار ودعم أحزابا أخرى ليبرالية، لكن كثيرا ما كنا نعرف فجأة أن لـ«نجيب» دورا وطنيا فى أمور دارت فى جنوب السودان أو فى فلسطين أو فى مواجهة ما يخص المشروع القرضاوى القطرى للمنطقة”.
وفي ظل التقارب السلطة العسكرية في مصر عقب الانقلاب بينها وبين دولة الاحتلال الإسرائيلي تبرز العلاقة بين دول الاحتلال وبين دولة الجنوب السوداني، إذ يقول تقرير لـ”معهد العربية للدراسات”: الحديث عن العلاقات الإسرائيلية مع دولة جنوب السودان، علاقات واتصالات لطالما بقيت لسنوات طوال خلف الأبواب المغلقة، انتقلت إلى العلن، منذ إعلان ولادة دولة الانفصال. وما لبثت أن أعلنت الحكومة الإسرائيلية وحكومة جنوب السودان في 28 من يوليو 2011 عن إقامة علاقات دبلوماسية بين الدولتين، ويتقدم جنوب السودان وتل أبيب نحو التطبيع المعلن، بعد سنوات من التطبيع السري، الذي كانت تتحدث عنه التقارير، خصوصاً في مجال الخدمات التي قدمتها إسرائيل لما كان يسمى جيش التحرير في الجنوب في تمرده الذي أدى في نهاية المطاف إلى انفصال الجنوب عن الوطن الأم.
ويضيف التقرير: ولطالما دعمت وتدعم إسرائيل نفوذها في إفريقيا بتشجيع جيل جديد من القادة الجدد الذين ينتمون إلى الأقليات في بلدانهم ويرتبطون بإسرائيل بعلاقات وثيقة، ومن هؤلاء سيلفا كير رئيس دولة جنوب السودان وقبله (دوزن جارانج، قبل الاستقلال)، فاستغلت إسرائيل حاجة هذه الدولة إلى العون وعرضت عليها مساعدتها وخبراتها ورؤوس أموالها وقروضها ودعمها السياسي والأمني، الأمر الذي جعل دولة جنوب السودان تسارع لعقد الاتفاقيات معها، ومنذ ذلك الوقت أي من بدء الاتصالات بين إسرائيل وحركة التمرد في جنوب السودان بدأت عام 1963 ومن وقتها كانت إسرائيل وما زالت في طليعة الدول ذات الأدوار الإقليمية التي سعت بدأب ومثابرة تراكمية للتأثير في المعادلة الداخلية السودانية والمحيط العربي، وبعد أن نجحت إسرائيل في تغذية الاستقطابات الداخلية السودانية على نحو أنتج تقسيم السودان بين شمال وجنوب، وتمخض بعد ذلك عن تأسيس دولة جنوب السودان وعاصمتها جوبا عندما انفصلت عن باقي السودان في استفتاء شعبي لسكان الجنوب أعلن عن نتائجه النهائية في فبراير 2011، وتم الإعلان عن استقلال كامل للدولة في 9 يوليو 2011، لتتحول بعد ذلك لدولة وظيفية أوكلت إليها إسرائيل ومن خلفها قوى غربية “صاحبة اختصاص” مفاقمة الأزمات وقلقلتها في تلك المنطقة.
وتلخيصا لما مضى يبقى هناك عدة تساؤلات واستنتاجات خصوصا وأنه اتصال هاتفي مع وكالة الأناضول نفى ريك مشار وجود قوات مصرية تقاتل في جنوب السودان في حين أن من أعلن أسر الجنود المصريين هو الجيش الأبيض المعارض الذي نفى أن يكون تابعا لمشار.
يبقى التساؤل لما أعلنت مصر على لسان رئيسها المعين من الجيش عزمه على إرسال قوة لحفظ السلام في حين أن مصر بالفعل مشاركة في قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، ولما تم تقيع اتفاقية التعاون العسكري بين مصر وجنوب السودان في نفس الفترة التي صرح بها عدلي منصور عن قوة حفظ السلام تلك، وما عدد القوات المصرية المشاركة في قوات حفظ السلام الدولية التابعة للأمم المتحدة المعلن عنها عبر موقع الهيئة الدولية، وهل مصر بإعلانها عن قوة جديدة ستشارك في حفظ السلام في جنوب السودان هل يعني أن مصر انفصلت عن القوة الدولية وإذا انفصلت فلماذا انفصلت وقررت تشكيل قوة خاصة بها وما المظلة التي ستعمل تحتها تلك القوات، وما مصلحة مصر في استقرار جنوب السودان المتصارع مع الشمال الذي يقوده عمر البشير وهل هناك علاقة بين هذا التواجد المصري في جنوب السودان وبين العلاقة الجيدة المصرية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي الداعمة للجنوبيين، وهل تستطيع مصر القيام بدور في الجنوب دون موافقة دولة الاحتلال.. اسئلة تحتاج للتفكير والإجابة.
المصدر : المرصد العربي للحقوق والحريات
كما زعمت صحيفة “أعالي النيل” الصادرة بجنوب السودان إن الجيش الأبيض استطاع أن يأسر 12 جنديًا مصريًا وجنديين أوغنديين، ضاعوا خلال المعركة، ونشرت الصحيفة ما زعمت أنها أسماء الجنود المصريين وهم عويس أحمد – النقيب احمس – عمران صالح – ايمن ثروت – عبدالرحمن – عمر – عثمان – عبد الله سعيد – محمد رعد – يوسف عبده – النقيب على شمت – شمس الدين والجنديان الأوغنديان هما عقيقي لويوا وصموئيل منجوغال.
وبحسب قوة الجيش الأبيض فإنه تم نقل الأسرى إلى مكان آمن، يضم أسرى آخرين من قوات حركة العدل والمساواة السودانية، وصرح أحد قيادات الجيش الأبيض يدعى مابيو غاتلواك أن بين القتلى كان هناك قوات من الحركة الشعبية قطاع الشمال وحركة العدل والمساواة أيضًا.
خبر كهذا ليس من السهل أن يمر بسهولة دون تدقيق. وفي ظل صمت المتحدث العسكري المصري عن نفي الخير أو تأكيده. يظل الأمر صحيحاً. والقاعدة الصحفية والأعراف المتداولة في مثل تلك المواقف أن النافي أو المؤكد للخبر يجب أن يكون شخصية اعتبارية ممثلا للجهة التي تعلن التأكيد أو النفي، والنفي والتأكيد يكون بدلائل.. فالأسماء المعلنة كأسرى يجب أن تخرج وتقول إنها سليمة ولم تتعرض لأذى أو ينفي المتحدث العسكري للقوات المسلحة بنفسه وجود هذه الأسماء في القوات المسلحة.
تأكيد World Tribune لوورلد تريبيون
يأتي هذا فيما نقلت صيحفة “وورلد تريبيون” في الثامن والعشرين من إبريل الماضي عن المتمردين الجنوبين اتهامهم للسلطة العسكرية في مصر بمساعدة حكومة سيلفا كير في الحرب الأهلية، ونقل التقرير عن المتمردين تأكيدهم أن مصر انضمت إلى قوات أوغندية تحارب إلى جانب القوات الحكومية لاستعادة المعاقل التي استولوا عليها – أي المتمردين-.
وأوضح التقرير، أن السلطة العسكرية في مصر قامت بنقل ذخائر ومعدات عسكرية لحكومة جوبا لمواجهة المتمردين، كما أنها أرسلت مجموعة من الضباط التابعين للجيش المصري لتدريب ضباطا جنوبيين.
ونقلت الصيحفة على لسان المتمردين قولهم إن مصر قامت بهذه المساندة لحكومة سيلفاكير مقابل تعهد جوبا بدعم القاهرة في قضية سد النهضة، وأن رئيس جنوب السودان سالفا كير يخطط لتحويل المياه إلى مصر من أعالي النيل.
وبافتراض صحة خبر أسر الجنود، وما ذكره تقرير “وورلد تريبيون” عن دعم مصري للحكومة الجنوبية، فيجب أن نعيد البحث أكثر في علاقة السلطة المصرية بدولة جنوب السودان.
دولة جنوب السودان الوليدة هي دولة تقع في وسط أفريقيا، وتعتبر مدينة جوبا عاصمتها وأكبر مدنها، ومن أكبر مدنها هي واو وملكال ورومبيك وأويل وياي. تأسست جنوب السودان عندما استقلت عن السودان في استفتاء شعبي لسكان الجنوب أعلن عن نتائجه النهائية في فبراير 2011، وتم الإعلان عن استقلال كامل للدولة في 9 يوليو 2011.
يعد التاريخ السياسي لجنوب السودان من الملفات المهمة لفهم طبيعة السودان الخاصة، حيث تضافرت مجموعة من العوامل علي تقسيم السودان معنويًا قبل أن تصبح حدوديًا في القرن التاسع عشر عندما استعمرت بريطانيا السودان مع مصر. قامت السياسات الاستعمارية علي اظهار الاختلافات الإثنية واللغوية والعرقية والدينية، وفرقت المملكة المتحدة في التعامل مع الجنوب والشمال في قضايا أهمها التعليم، فبدأت تظهر الاختلافات الثقافية وساد اعتقاد لدي الأوساط المسيحية في الجنوب أن الشماليين هم تجار رقيق. وبعد جلاء القوات بريطانيا وانفصال السودان عن مصر طالب الجنوبيون أن يكون لهم نظام خاص لهم داخل الدولة السودانية الموحدة، وهو الأخذ بنظام الفدرالية، ولكن الحكومة رفضت الاقتراح معللة إنه يؤدي إلى انفصال الجنوب كتطور طبيعي. في أغسطس 1955 تمرد بعض أعضاء الفرقة الجنوبية من الجيش السوداني بإيعاز من المملكة المتحدة ضد الشمال، حيث كانت هناك شكوك لدي الجنوبيين على سياسات وزارة إسماعيل الأزهري التي تشكلت في يناير من نفس العام. وفي عام 1958 وبعد تولي إبراهيم عبود للسلطة قامت الحكومة العسكرية باتباع سياسة التذويب بالقوة مع الجنوبيين، وأدي ذلك إلى مطالبة الأحزاب الجنوبية وعلي راسهم “حزب سانو” باستقلال الجنوب، كما تم تشكيل حركة أنانيا التي بدأت عملياتها العسكرية في عام 1963، وبعد الشد والجذب تم بحث تسوية سلمية للصراع، حيث عقد مؤتمر المائدة المستديرة عام 1965. وفي عام 1972 تم توقيع اتفاقية أديس أبابا والتي أعطت للإقليم الحكم الذاتي في إطار السودان الموحد، إلا أنه في يوليو وسبتمبر من عام 1983 أصدر الرئيس جعفر نميري عدة قرارات أطاحت بالاتفاق منها تقسيم الإقليم إلى ثلاثة أقاليم ونقل الكتيبة (105) وبعض الجنود إلى الشمال وإتهام قائدها كاربينو كوانين بإِختلاس أموال، كما تم إرسل قوات لإخضاعها فأدي ذلك إلى هروبها إلى الادغال الاستوائية لتصبح فيما بعد نواة لجيش الرب، فكلفت الحكومة العقيد جون قرنق بتأديب الكتيبة، إلا أنه أعلن انضمامه إلى المتمردين مؤسسًا الحركة الشعبية لتحرير السودان ولها جناح عسكري عبارة عن جيش، وأعلن إن هدف الحركة هو “تأسيس سودان علماني جديد” قائم على المساواة والعدل الاقتصادي والاجتماعي داخل سودان موحد، وقام برفع شعارات يسارية فحصل علي دعم من إثيوبيا وكينيا خصوصًا الرئيس الإثيوبي منغستو هيلا ميريام.
وبعد الإطاحة بنظام جعفر نميري عبر انتفاضة شعبية عام 1985 كان هناك أمل في التوصل إلى اتفاق مع الحركة، ولكنه فشل بعد اجتماع رئيس الوزراء الجديد الصادق المهدي مع قرنق بعام 1986. وفي نوفمبر من عام 1988 تم إبرام اتفاق بين قرنق ومحمد عثمان الميرغني في أديس أبابا والذي نص على تجميد قرارت سبتمبر 1983، ولكن هذا الاتفاق لم يأخذ طريقه إلى التنفيذ بعد انقلاب يونيو 1989 بقيادة عمر البشير والتي تبنت شعار “الجهاد الإسلامي” ضد القوى الجنوبية مستعينة بتسليح مليشيات تدعى قوات الدفاع الشعبي، وحققت الحكومة عددة انتصارات عسكرية.
وفي أغسطس 1991 وبعد سقوط نظام منغستو في إثيوبيا وانشقاق الحركة الشعبية، حاولت الحكومة الاستفادة من هذا الانشقاق فأجرت الاتصال منفردة مع لام أكول بوثيقة عرفت باسم “وثيقة فرانكفورت” والتي وقعت في يناير من عام 1992، إلا أن الحكومة السودانية أنكرتها بعد ذلك. وفي مايو 1992 وتحت رعاية الرئيس النيجيري إبراهيم بابنجيدا أجريت الجولة الأولى للمفاوضات في أبوجا، ثم الجولة الثانية في مايو من عام 1993، ولكن لم تسفر هذه المفاوضات عن شيء. وتضاعفت الجهود الدولية من خلال “منظمة الإيغاد” إلى أن تم توقيع اتفاق اطاري يسمي “بروتوكول ماشاكوس” وذلك في يوليو من عام 2005 والذي أعطى للجنوب حكم ذاتي لفترة انتقالية مدتها 6 سنوات، وحق تقرير المصير وفرصة للجنوبيين لتفكير في الانفصال، كذلك أعطى الفرصة في بناء مؤسسات الحكم الانتقالية كنوع من الضمانات. وفي 9 يناير 2005 وقعت الحكومة والحركة الشعبية لتحرير السودان اتفاقية السلام الشامل في نيفاشا، والذي نصت بنوده على: حق تقرير المصير للجنوب عام 2011، إجراء انتخابات عامة علي كافة المستويات في مدة لا تتجاوز عام 2009، تقاسم السلطة بين الشمال والجنوب، تقاسم الثروة، إدارة المناطق المهمشة بين الشمال والجنوب، وتم الاستفتاء على تقرير المصير في 9 يناير 2011 وصوت الجنوبيون باكتساح للانفصال.
وبالعودة لتفاصيل العلاقة بين مصر والحركة الشعبية لتحرير السودان التي تزعمها جون قرنق للانفصال عن الشمال السوداني قبل وفاته في حادث طائرة هليوكبتر صيف 2005 تظل هذه التفاصيل غامضة جداً سوى تصريحات دبلوماسية خلال اللقاءات التي حاولت فيها مصر التقريب بين الشمال والجنوب السوداني في إطار التحضيرات لاتفاقية “نيفاشا”. ثم تحولت هذه العلاقة بين مصر والجنوب إلى لبصيص من الوضوح بعد رحيل قرنق.
ربما كان هذا البصيص فيما أعلنه الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان باقان أموم اوائل أغسطس 2010 إن مصر ستكون أول دولة تعترف بدولة جنوب السودان إذا كانت تلك نتيجة استفتاء تقرير المصير المقرر فى يناير المقبل.
وقال أموم، فى تصريحات صحيفة على متن أول طائرة تابعة لشركة مصر للطيران إلى مدينة جوبا، عاصمة جنوب السودان: «إذا جرى الاستفتاء بصورة حرة ونزيهة ستكون مصر أول دولة تعترف بنتائجه؛ لأن مصر تحترم حق أبناء جنوب السودان فى تقرير مصيرهم».
وأشاد أموم بالعلاقة بين القاهرة وجوبا بقوله إن مصر من أكثر الدول دعما للتنمية فى الجنوب، خاصة فما يتعلق بالخدمات الاجتماعية، مثل التعليم والرعاية الصحية، لذا فالعلاقة بين جوبا والقاهرة علاقة مميزة.
وتعهد القيادى الجنوبى حينها بالعمل على التوسط فى أزمة حوض النيل بين مصر ودول المنبع فى حالة استقلال جنوب السودان، إذا استقل الجنوب سنعمل على تقريب وجهات النظر بين دول منابع النيل ودولتى المصب (مصر والسودان)، فنحن نعتبر أنفسنا دولة بينية، إذ تضم أراضى الجنوب جزءا من منابع النيل، وفى نفس الوقت تستقبل المياه من منابعها الكبرى على الهضبة الاستوائية.
وضمت أول رحلة لشركة مصر للطيران إلى جوبا وفدين حكوميين مصريين، أولهما من جامعة الإسكندرية، التى تنشئ فرعا لها فى عاصمة الجنوب، ستبدأ فيه الدراسة خلال العام الجامعى المقبل بأربع كليات هى الطب البيطرى والزراعة والتربية والتمريض، أما الوفد الآخر فهو وفد من وزارة الصحة يضم أطباء وممرضين وموظفين لتشغيل «العيادة المصرية» والمساهمة فى عمل مستشفيات أخرى.
ومن التصريحات التي ربما يجب أن توضح أيضا ما قاله الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل في تصريحات تلفزيونية نهاية يونيو العام الماضي 2013 بأن الرئيس المخلوع مبارك أفسد العلاقات مع السودان بتقديم السلاح للبشير لضرب الجنوب، وبعد ذلك قيام مصر بمساعدة الجنوب ضد الشمال.
وبالعودة لموقع “عمليات الأمم المتحدة لحفظ السلام” وطبقا للقرار المؤرخ مارس 2005، قرر مجلس الأمن أن إنشاء بعثة الأمم المتحدة في السودان (UNMIS) التي دعمت تنفيذ اتفاق السلام الشامل الذي وقعته حكومة السودان وحركة جيش التحرير الشعبي السوداني في 9يناير 2005، وأدت مهام معينة ارتبطت بالمساعدة الإنسانية وحماية حقوق الإنسان وتعزيزها، وتساهم مصر طبقا للموقع بأفراد من الجيش والشرطة، وبمراجعة قوائم وسجلات السفر العسكرية المصرية تجد رحلات سفر دائمة من مطار شرق القاهرة العسكري إلى مطار جوبا عاصمة جنوب السودان والعكس.
وكانت مصر قد وقعت في 15 أبريل 2009 مذكرة تفاهم مع الأمم المتحدة لزيادة عدد قواتها في بعثة حفظ السلام في جنوب السودان، وبلغ حجم المساهمة المصرية فى قوات حفظ السلام فى جنوب السودان قد وصل الى 1507 أفراد يضاف اليهم 2375 فردا فى بعثة حفظ السلام المهجنة فى دارفور، الى جانب وحدة شرطة قوامها 140 فردا سيتم نشرها بحلول مايو المقبل فى دارفور .
وفي 9 يوليو 2011 أصبحت جنوب السودان أحدث بلدان العالم عهدا. ويعد مولد جمهورية جنوب السودان تتويجا لعملية سلام استغرقت ست سنوات وبدأت بالتوقيع على اتفاق السلام الشامل في عام 2005.
وقرر مجلس الأمن، باتخاذه القرار 1996 (2011) وفي 8 يوليو 2011، أن الحالة التي يواجهها جنوب السودان لا تزال تشكل تهديدا للسلم والأمن الدوليين في المنطقة. وأنشأ المجلس بعثة الأمم المتحدة في جمهورية جنوب السودان لفترة مبدئية مدتها سنة واحدة، بدءا من 9 يوليو2011، وشاركت مصر بقوات من الجيش في هذه القوة طبقا لموقع الأمم المتحدة.
وعقب الأزمة السياسية والأمنية التي اندلعت بصورة عنيفة في جوبا، عاصمة جنوب السودان، في 15 ديسمبر 2013، اتخذ مجلس الأمن القرار 2132 (2013) المؤرخ 24 ديسمبر، الذي أيد فيه التوصية التي قدمها الأمين العام بزيادة القوام العام لعنصري الأفراد العسكريين والشرطة في البعثة بصورة مؤقتة. وتم رفع المستوى المؤقت للقوات العسكرية إلى 500 12 فرد ومستوى عنصر الشرطة إلى 323 1 فردا، بمن فيهم أفراد الوحدات المشكلة حسب الاقتضاء، عن طريق التحويلات المؤقتة من عمليات حفظ السلام القائمة من خلال التعاون فيما بين البعثات.
وفي مارس 2014، أوصى الأمين العام كذلك بأن يبقي مجلس الأمن على هذه المستويات المعززة للقوات ولأفراد الشرطة لمدة 12 شهرا أخرى على الأقل. ولم تصرح مصر بشكل معلن أو على نحو محدد قوام أفرادها العاملين في هذه القوات، وخصوصا وأن زيارات متعددة بدأت من جانب حكومة جنوب السودان تجاه مصر عقب عزل الجيش للرئيس المنتخب محمد مرسي في انقلاب عسكري في الثالث من يوليو الماضي.
واختلفت آراء المراقبين في دولة جنوب السودان بشأن طبيعة الخلاف الذي يعصف بالبلاد بين اعتبار بعضهم بأنها أزمة سياسية تحولت إلى صراع مسلح، واعتبار البعض الآخر أنها خلاف عرقي بين قبيلتي الدينكا والنوير، أصحاب الرأي الأول يقولون إن هذا الصراع بدأ داخل منظومة الحركة الشعبية كحزب سياسي، وامتد حتى إقالة رياك مشار من منصب نائب الرئيس، ويقول أصحاب الرأي الثاني، أن كل القوات التي تحارب الحكومة الآن وتقف مع مشار ينتمي أفرادها إلى قبيلة النوير التي ينتمي إليها كل من مشار والجنرال المؤيد له بيتر قديت.
وفي نهاية ديسمبر الماضي ونقلا عن “سكاي نيوز عربية” نفى متحدث باسم المتمردين أن يكون “الجيش الأبيض” – وهو أحد الفرق المحاربة للحكومة الجنوبية- خاضع لسيطرة نائب الرئيس السابق رياك مشار، الذي ينتمي لقبيلة النوير ويعارض أتباعه الرئيس سلفا كير المنتمي لقبيلة الدنيكا.
وعلى نحو متصاعد بدأت علاقة متينة تزداد بين السلطة في مصر مع حكومة سيلفاكير المعروفة بعلاقتها المتينة مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
بداية هذا الظهور المصري في نهاية ديسمبر العام الماضي 2013 بوفد قررت مصر إيفاده برئاسة نائب وزير الخارجية للشئون الإفريقية، السفير حمدى سند لوزا فى مهمة عاجلة إلى جوبا للمساعدة فى نزع فتيل الأزمة بين الفريقين المتصارعين فى جنوب السودان، ودعم جهود الوساطه الإقليمية والدولية القائمة.
وطبقا لموقع ” سودان تريبيون” فإن حكومة سيلفا كير وقعت مع حكومة السلطة العسكرية في مصر في 24 مارس الماضي اتفاق تعاون ثنائى مع مصر في أعقاب زيارة وفد من جنوب السودان بقيادة وزير الدفاع كول مانيانج، رافقه خلالها مسئولون من الأمن القومى والمخابرات العسكرية.
وأكد موقع صحيفة “Northafricapost” المغربية، إن توقيع مصر وجنوب السودان “اتفاق تعاون” قد أثار مخاوف حكومة الرئيس السوداني عمر البشير.
وأضافت الصحيفة الناطقة بالإنجليزية، في تقرير لها أن تفاصيل الاتفاق التعاون الثنائي “يشوبه الضبابية” ولكن المعلوم أنه يتركز على تعزيز التعاون في تبادل الخبرات، وتدريب القوات الخاصة، وإجراء تدريبات مشتركة، والمشاركة في الندوات وعمليات الإنقاذ العسكري.
وأوضحت الصحيفة أن الصفقة العسكرية المصرية مع جنوب السودان تأتي في الوقت الذي تواجه فيه الخرطوم وجوبا، نزاعات حدودية على ترسيم المنطقة أبيي الغنية بالنفط.
وقبل توقيع هذه الاتفاقية التقى قائد الانقلاب العسكري قبيل استقالته ليتثنى له ترشيح نفسه في الانتخابات الرئاسية المزمعة عبد الفتاح السيسي التقى بوزير الدفاع الجنوب سوداني الفريق كوال منيانق جووك، ومعه الفريق مابوتو مامور وزير الأمن القومي.
ولكن الأمر الذي يثير الاستغراب هو إعلان عدلي منصور الرئيس المؤقت المعين من الجيش عقب الانقلاب العسكري في منتصف العام الماضي استعداد مصر المشاركة ببعثة قوات حفظ السلام في جنوب السودان، في حين إن مصر بالفعل مشاركة بقوة عسكرية ضمن قوات حفظ السلام بالجنوب السوداني طبقا لموقع الأمم المتحدة.
ومن الأمور المستغربة أيضا ما نشرته جريدة “المصري اليوم” في تقرير لها بعنوان “ساويرس يحسم سباق المال والأعمال” بمناسبة حصوله على على لقب الشخصية الأكثر تأثيرًا فى مجال المال والاقتصاد، في استفتاء الجريدة نتائج استفتاء قراء الجريدة لعام 2013 ووصفته ” سياسيا، أسس حزب المصريين الأحرار ودعم أحزابا أخرى ليبرالية، لكن كثيرا ما كنا نعرف فجأة أن لـ«نجيب» دورا وطنيا فى أمور دارت فى جنوب السودان أو فى فلسطين أو فى مواجهة ما يخص المشروع القرضاوى القطرى للمنطقة”.
وفي ظل التقارب السلطة العسكرية في مصر عقب الانقلاب بينها وبين دولة الاحتلال الإسرائيلي تبرز العلاقة بين دول الاحتلال وبين دولة الجنوب السوداني، إذ يقول تقرير لـ”معهد العربية للدراسات”: الحديث عن العلاقات الإسرائيلية مع دولة جنوب السودان، علاقات واتصالات لطالما بقيت لسنوات طوال خلف الأبواب المغلقة، انتقلت إلى العلن، منذ إعلان ولادة دولة الانفصال. وما لبثت أن أعلنت الحكومة الإسرائيلية وحكومة جنوب السودان في 28 من يوليو 2011 عن إقامة علاقات دبلوماسية بين الدولتين، ويتقدم جنوب السودان وتل أبيب نحو التطبيع المعلن، بعد سنوات من التطبيع السري، الذي كانت تتحدث عنه التقارير، خصوصاً في مجال الخدمات التي قدمتها إسرائيل لما كان يسمى جيش التحرير في الجنوب في تمرده الذي أدى في نهاية المطاف إلى انفصال الجنوب عن الوطن الأم.
ويضيف التقرير: ولطالما دعمت وتدعم إسرائيل نفوذها في إفريقيا بتشجيع جيل جديد من القادة الجدد الذين ينتمون إلى الأقليات في بلدانهم ويرتبطون بإسرائيل بعلاقات وثيقة، ومن هؤلاء سيلفا كير رئيس دولة جنوب السودان وقبله (دوزن جارانج، قبل الاستقلال)، فاستغلت إسرائيل حاجة هذه الدولة إلى العون وعرضت عليها مساعدتها وخبراتها ورؤوس أموالها وقروضها ودعمها السياسي والأمني، الأمر الذي جعل دولة جنوب السودان تسارع لعقد الاتفاقيات معها، ومنذ ذلك الوقت أي من بدء الاتصالات بين إسرائيل وحركة التمرد في جنوب السودان بدأت عام 1963 ومن وقتها كانت إسرائيل وما زالت في طليعة الدول ذات الأدوار الإقليمية التي سعت بدأب ومثابرة تراكمية للتأثير في المعادلة الداخلية السودانية والمحيط العربي، وبعد أن نجحت إسرائيل في تغذية الاستقطابات الداخلية السودانية على نحو أنتج تقسيم السودان بين شمال وجنوب، وتمخض بعد ذلك عن تأسيس دولة جنوب السودان وعاصمتها جوبا عندما انفصلت عن باقي السودان في استفتاء شعبي لسكان الجنوب أعلن عن نتائجه النهائية في فبراير 2011، وتم الإعلان عن استقلال كامل للدولة في 9 يوليو 2011، لتتحول بعد ذلك لدولة وظيفية أوكلت إليها إسرائيل ومن خلفها قوى غربية “صاحبة اختصاص” مفاقمة الأزمات وقلقلتها في تلك المنطقة.
وتلخيصا لما مضى يبقى هناك عدة تساؤلات واستنتاجات خصوصا وأنه اتصال هاتفي مع وكالة الأناضول نفى ريك مشار وجود قوات مصرية تقاتل في جنوب السودان في حين أن من أعلن أسر الجنود المصريين هو الجيش الأبيض المعارض الذي نفى أن يكون تابعا لمشار.
يبقى التساؤل لما أعلنت مصر على لسان رئيسها المعين من الجيش عزمه على إرسال قوة لحفظ السلام في حين أن مصر بالفعل مشاركة في قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، ولما تم تقيع اتفاقية التعاون العسكري بين مصر وجنوب السودان في نفس الفترة التي صرح بها عدلي منصور عن قوة حفظ السلام تلك، وما عدد القوات المصرية المشاركة في قوات حفظ السلام الدولية التابعة للأمم المتحدة المعلن عنها عبر موقع الهيئة الدولية، وهل مصر بإعلانها عن قوة جديدة ستشارك في حفظ السلام في جنوب السودان هل يعني أن مصر انفصلت عن القوة الدولية وإذا انفصلت فلماذا انفصلت وقررت تشكيل قوة خاصة بها وما المظلة التي ستعمل تحتها تلك القوات، وما مصلحة مصر في استقرار جنوب السودان المتصارع مع الشمال الذي يقوده عمر البشير وهل هناك علاقة بين هذا التواجد المصري في جنوب السودان وبين العلاقة الجيدة المصرية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي الداعمة للجنوبيين، وهل تستطيع مصر القيام بدور في الجنوب دون موافقة دولة الاحتلال.. اسئلة تحتاج للتفكير والإجابة.
المصدر : المرصد العربي للحقوق والحريات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق