الأربعاء، 21 مايو 2014

بين المشروع النضالي والمشروع السياسي بقلم: محمد كمال

 بين المشروع النضالي والمشروع السياسي
بقلم: محمد كمال
صديقي الثائر الوطني مغترب عن مصر منذ سنوات طوال، لكنه دائم المشاركة في كل الفعاليات الوطنية.
فاجأني برؤية كاملة عن كسر الانقلاب والتئام القوى الوطنية، وتصور لإدارة الوطن بعد انكسار الانقلاب.
وهنا ثارت نقطة جوهرية استوقفتنا حول العلاقة بين المشروع النضالي والمشروع السياسي للثوار.
واتفقنا على أنه هناك ثلاثة خيارات أمام ثورتنا:
الخيار الأول: قيادة المشروع النضالي للمشروع السياسي:
وهذا الاختيار يفترض أن القيادة هي التي بالميدان، وأن مطالب الثوار هي ما ينبغي أن تكون أجندة العمل السياسي للثورة.
وأن الديبلوماسية الشعبية الممثلة للثورة سواء في أنحاء العالم، أو بالداخل، لا خيار لها إلا الالتزام بمطالب الثوار، وهي معلومة للجميع، وأن الإبداع التفاوضي ينبغي أن يدور حول هذه المبادئ، وبالتالي فإن الحلول الوسط مرفوضة، والتجاوز عن مبدأ لصالح مبدأ آخر مرفوض، وأن التنازل بهدف حقن الدماء، أو إنقاذ المعتقلين وأسرهم ليس غاية في ذاته، فالثوار قد قبلوا كل هذه التضحيات من أجل هدف أسمى وهو "استعادة الإرادة".
بهذه الشروط ينبغي أن يتحرك الساسة الثوريون وأيديهم مغلولة عن بذل أي وعد أو تعهد لكائن من كان بأي تنازل، والتضحيات الكبيرة ليست مسوغا للتنازلات ولو كانت صغيرة.
الخيار الثاني: قيادة المشروع السياسي للمشروع النضالي:
وهنا يجاهد الثوار من أجل أن يمنحوا ورقا قويا للساسة بحيث يستطيعون به الوصول (لأفضل الحلول)، كما يناضل الساسة من أجل تحقيق أهداف الثورة طبقا لموازين القوى المشتبكة في الصراع الحالي.
ويرى أنصار هذا الاختيار أن تفكيك محاور الانقلاب تحتاج إلى صراع متعدد الجبهات، ولا ينبغي التعامل معها دفعة واحدة، فهناك محور السلطة العسكرية داخليا، وهو ما ينبغي الصمود بمواجهتها، وهناك محور الدعم الإقليمي الخليجي وهو ما ينبغي تحييده، وهناك المحور العالمي وهو ما يمكن الاكتفاء بفضح نفاقه أمام شعبه (أمريكا-الاتحاد الأوروبي)، وهذه المساعي قد تتطلب (بعض المرونة)، وينبغ بالتالي تحديد ما هو (مرونة) وما هو (تنازل مهين).
ويرى أنصار هذا الاختيار أن الجهد النضالي ينبغي أن يتزايد ثم يعطى تفويضا لقيادة سياسية تصل (لأفضل انتصارات مرحلية)، ثم تواصل الكفاح من أجل انتصارات أخرى، مع تحديد أجندة أولويات ترصد ما ينبغي تقديمه، وما يمكن تأخيره.
وفى هذه الحالة يأتمر الحراك الثوري بأمر الساسة ويتناغمون ولا يتضاربون رغم اختلاف دور كل منهم، وأن يتماسك الجميع على قبول الانتصارات الجزئية التي تجتمع فتنتج انتصارا كاملا.
الخيار الثالث: استقلال المشروع النضالي عن المشروع السياسي:
وكلمة استقلال هي كلمة مخففة، والمعنى المقصود، وهو أن يكون المشروع النضالي والذى هو أساس الثورات قد شغل بالمواجهة الساخنة، ولم يحدد استراتيجية للمواجهة الباردة، فتتعدد الآراء وتتسرب الخلافات ؛ فترى فصيلا ثوريا يأبى التنازل أو التفاوض أو أي وساطات ولو كانت دولية، وعلى النقيض سترى من يؤمن أن الحراك الثوري لا ينجح بغير قيادة سياسية تفاوضية (تعبر عنه)، أو (تقوده)، هنالك يحدث الشقاق بين الثوار أنفسهم، ويسيرون على غير هدى، وهذه هي النقطة التي تبدأ الثورات عندها التشرذم والتخوين رغم أن الجميع يعمل من أجل الثورة، لكن عدم تحديد استراتيجية واضحة تضبط العلاقة بين الحراك الثوري والحراك السياسي هو ما يشتت الجهود ويكسر البوصلة.
إن تحديد العلاقة بين المشروع النضالي والمشروع السياسي يجعلهما مشروعا واحدا هو (المشروع الثوري).
إلى الآن فإن الخيار الأول هو الحاكم، والحادث على الأرض أن الحراك الثوري هو الذى يعلن مبادئه ويفرضها على الساسة.
ولأن الجهاد الثوري الحقيقي سيبدأ بوصول قائد الانقلاب إلى سده الحكم، فينبغي الاستقرار تماما إما على الاستمرار في خيارنا الأول – وهذا ما نؤيده - أو تعديله طبقا لآلية متفق عليها، المهم التواؤم بين المناضل على الأرض والمناضل الديبلوماسي، وأن يستظلوا بمشروع الثورة، حتى نظل محافظين على التناغم الحالي مهما كانت التحديات.
هذا درس مستفاد من الانتفاضات والثورات الشعبية التي سبقتنا، وهى قضية تستنفر التفكير وإعمال العقل واستلهام الخبرات.
مكملين...
لا رجوع...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

عاجل | إذاعة الجيش الإسرائيلي: صفارات الإنذار دوت تحذيرا من صواريخ باليستية أطلقت من لبنان على منطقة تل أبيب

عاجل | إذاعة الجيش الإسرائيلي: صفارات الإنذار دوت تحذيرا من صواريخ باليستية أطلقت من لبنان على منطقة تل أبيب 14/10/2024|آخر تحديث: 14/10/20...