من أين تحصل إسرائيل على سلاحها؟.. عتاد بمليار دولار ومخزن خاص وفرته حليفتها للوقوف أمام حماس
منذ 2 ساعة
عدد القراءات: 597
وهكذا
تستمر أمريكا فى دعم حليفتها، وإمدادها بالسلاح والعتادى فى الخفاء، وفى
العلن تأسف لما يحدث فى المدنيين من قتل ودمار لبيوتهم، ولا يخفى علينا
دموع التماسيح التى تذرفها أمريكا على المدنيين فى فلسطين أو أى دولة
عربية، فهى لها حليفة واحدة فقط مزروعة وسط الدول العربية وهى "إسرائيل"
الكيان الصهيونى، وفى هذا المقال الذى نشر معهد واشنطن، تفسير لكيفية دعم
أمريكا لحليفتها إسرائيل.
"إذا
ما استمر وقف إطلاق النار الأخير في قطاع غزة، من المرجح أن لا يحقق
السلام الدائم، إلا أنه قد يوفر الفرصة لحركة «حماس» لحفر الخنادق من جديد
إن لم يكن إعادة تسلحها، أما إسرائيل، فليست بحاجة إلى هذه المهلة: فقد
جددت مخزونها في أواخر يوليو، أي قبل بدء عملية وقف إطلاق النار، من خلال
الاستفادة من عتاد حربي أمريكي بقيمة مليار دولار وفّرته الولايات المتحدة
مسبقاً في إطار برنامجها المعروف باسم “حلفاء مخزون احتياطيات الحرب –
إسرائيل”.
وقد
تم إنشاء هذا البرنامج في تسعينيات القرن الماضي بناءً على تشريعات من قبل
الكونجرس الأمريكي، وهو عبارة عن أحد من مخزَنَين أمريكيَين للذخيرة
مركزهما في الخارج – الآخر هو في كوريا الجنوبية – بإمكان الحلفاء
استخدامهما في أي حالة طارئة واستبدال ما أُخذ منهما في وقت لاحق. وفي
الشهر الماضي، في ذروة العمليات العسكرية في غزة، سحبت إسرائيل دبابات
وقذائف إضاءة لقاذفات القنابل وغيرها من المواد غير المحددة من مخزن “حلفاء
مخزون احتياطات الحرب” كجزء من عملية بيع عسكرية أجنبية. ويُذكر أن المرة
الأخيرة التي لجأت فيها إسرائيل إلى هذا المخبأ كانت في عام 2006، خلال
الحرب ضد «حزب الله» اللبناني التي استمرت 34 يوماً.
وبغض
النظر عن سبب حاجة إسرائيل إلى تجديد قذائف الدبابات – بعد ثلاثة أسابيع
فقط من قتالها حركة «حماس» التي هي أقل قدرة منها إلى حد كبير – فإن برنامج
“حلفاء مخزون احتياطيات الحرب- إسرائيل” يشكّل هبة استراتيجية لإسرائيل.
والعملية
مبسطة وسلسة: لا يلزم إخطار الكونغرس قبل 60 يوماً [من موعد سحب المعدات
العسكرية]، وليس هناك حاجة إلى الانتظار حتى التسليم، وعلى أبسط المستويات،
يهدف البرنامج إلى منع تكرار الحادثة المشهورة جداً من حرب عام 1973، حين
تأخرت إدارة الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون في إعادة تأمين النقل
الجوي إلى إسرائيل.
إن
عملية “حلفاء مخزون احتياطات الحرب” فعالة للغاية، وفي الواقع، وفقاً
لمقالة نشرتها صحيفة “وول ستريت جورنال” في الأسبوع الثاني من أغسطس، لم
يكن البيت الأبيض على علم بعملية النقل التي تمت في سياق هذا البرنامج في
الشهر الماضي، الأمر الذي أثار استياءه.
عند
إنشاء برنامج “حلفاء مخزون احتياطات الحرب”، تم تصميم المخزون كأنظمة
أسلحة وذخيرة موجهة للانتشار السريع للقوات الأمريكية في المنطقة، وكان يضم
معدات عسكرية أمريكية بقيمة 100 مليون دولار، لكن بناءً على طلب إسرائيل،
قام الكونغرس الأمريكي على مدى السنوات الماضية بتعزيز البرنامج بشكل كبير،
كما قامت الإدارات الأمريكية المتعاقبة بتنفيذ الموافقة التشريعية، وستصل
قيمة برنامج “حلفاء مخزون احتياطات الحرب – إسرائيل” في العام المقبل إلى
1.2 مليار دولار أمريكي.
ومع
زيادة تمويل هذا المخزون، تطورت غاية البرنامج أيضاً، فاليوم، يهدف برنامج
“حلفاء مخزون احتياطات الحرب – إسرائيل” في المقام الأول إلى تلبية حاجات
الطوارئ العسكرية الإسرائيلية، وليس الأمريكية، كما أن تطويع البرنامج
لأغراض أخرى يعود، في جزء كبير منه، إلى جهود موظف غير مشهور في البنتاغون
الأمريكي من المستوى المتوسط يدعى "كيث رو".
كان
رو عاملاً سابقاً في بريد الولايات المتحدة، ضخم البنية يصل وزنه إلى 400
رطل، اعتاد على مضغ التبغ واحتاج إلى ساعتين ليصل من منزله في ولاية
بنسلفانيا إلى مكتبه في شمال ولاية فرجينيا، وبالتالي لا يبدو كطرف مرجح في
مثل هذه المبادرة الهامة في السياسة الأمريكية، وكونه مسيحياً إنجيلياً،
حتى وإن لم يعلن عن ذلك بالضرورة لزملائه، فقد يكون قد تمتع بنوع من
التقارب الروحي تجاه الدولة اليهودية، إلا أنه فهم أيضاً بوضوح الأهمية
الاستراتيجية للتحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وعمل بلا كلل على
تعزيزه.
لقد
خدم كيث مديراً للشؤون الإسرائيلية في “وكالة التعاون الأمني الدفاعي” أو
“دسكا”، وهي دائرة في “مكتب وزير الدفاع” الأمريكي مسؤولة عن بيع السلاح
إلى الدول الأجنبية، كما كان خبيراً في “الطرق” الغامضة والملتوية لنقل
الأسلحة إلى الحلفاء، وربما كان التدريب البريدي قد عاد بالفائدة عليه.
في
عام 2006، وخلال الحرب بين إسرائيل و «حزب الله»، كان كيث في طليعة
المشاركين في تقنية بيروقراطية مبتكرة في إطار القانون الأمريكي الحالي
للسماح للدولة اليهودية بالاستفادة من مخزون الولايات المتحدة [من
الأسلحة]، وفي خضم ذلك، أسس سابقة لشحن الأسلحة الأمريكية من إسرائيل إلى
إسرائيل دون الحاجة إلى موافقة البيت الأبيض؛ وعادة ما يكون الحصول على
موافقة كهذه مرهقاً ومشحوناً سياسياً.
وبالنسبة
للأشخاص غير الملمين بعالم المشتريات العسكرية المعقد، قد يبدو هذا
الإنجاز تافهاً، إلا أن محيط وزارة الدفاع الأمريكية المشحون بالفضولية –
حيث لا تتم مكافاة الإبداع والمبادرة بصورة منتظمة – كان نجاح كيث في تحويل
برنامج “حلفاء مخزون احتياطات الحرب” بمثابة المعادل البيروقراطي للنجاح
الكاسح المراوغ في بطولة الغولف الأمريكية في موسم واحد.
لقد
رأى كيث أن ترتيب “حلفاء مخزون احتياطيات الحرب” يصب في مصلحة جميع
الأطراف، حيث أن البرنامج يعزز مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة فضلاً
عن الدفاع عن حليف إقليمي هام، أما إسرائيل، فقد رأت أن برنامج “حلفاء
مخزون احتياطات الحرب” يزيد من الطابع المؤسساتي للعلاقة العسكرية بين
الجيشين، واعتبرته بمثابة وسيلة لضمان أن تكون إسرائيل مجهزة لمكافحة ذلك
النوع من الحروب المكثفة والقصيرة التي تفضلها نظراً إلى اعتمادها الكبير
على قوات الاحتياط والحد الأدنى من العمق الاستراتيجي.
ووفقاً
لمسؤولي الدفاع من الجانبين الإسرائيلي والأمريكي، كانت عملية السحب
الأخيرة من برنامج “حلفاء مخزون احتياطيات الحرب – إسرائيل” مسألة حصول على
موارد وليست حاجة طارئة. إذ يبدو أن صلاحية غالبية المعدات كانت على وشك
الإنتهاء – إذ قال لي أحد كبار مسؤولي الدفاع السابقين في إسرائيل إن
المعدات قد “عفا عليها الزمن تقريباً” – مما يجعل من عملية الشراء هذه
ملائمة وغير مكلفة للغاية بالنسبة لإسرائيل حيث ستستخدم لأغراض تدريبية
بدلاً من عملياتية، وبالطبع، ستتم الاستعاضة عن هذا العتاد بذخائر أمريكية
جديدة لدعم الحملة العسكرية الإسرائيلية المقبلة.
ويقيناً،
أن برنامج “حلفاء مخزون احتياطيات الحرب – إسرائيل” لا يخلو من الجدل.
فقبل أكثر من عقد من الزمن، شارفت المفاوضات على التوقف تقريباً عندما ضغطت
إسرائيل على واشنطن لدفع تكاليف الشحن. ويتذكر العديد من المشاركين في
الاجتماع أن الطلب أثار استياء ضابط أمريكي كبير. إذ قال الجنرال لمحاوريه
الإسرائيليين، وفق ما ورد: “عندما يتم تقديم هدية إليكم، عليكم على الأقل
دفع ثمن ورق التغليف”. (وهذه عادةً ليست هي الطريقة التي تُقدم فيها
الهدايا، ومع ذلك تدفع إسرائيل حالياً ثمن النقل).
وعلى
الرغم من أن هناك قلة في الغرب الذين شككوا من استفادة إسرائيل من برنامج
“حلفاء مخزون احتياطيات الحرب – إسرائيل” خلال الحرب ضد «حزب الله» عام
2006، إلا أن البعض قد انتقد سماح واشنطن لإسرائيل بالوصول إلى هذه الذخائر
في غمرة العمليات العسكرية في غزة في الشهر الماضي. ونتيجة لذلك، فإن
إدارة أوباما الغاضبة مما حصل والذي تمثّل بسحب السلاح من برنامج “حلفاء
مخزون احتياطيات الحرب – إسرائيل”، قامت في أعقاب ذلك بتأخير نقل صواريخ
“هيلفاير”، معتبرة أنه من الأفضل تدقيق مبيعات الأسلحة في المستقبل، وفقاً
لتقرير صحيفة “وول ستريت جورنال”.
وبالطبع،
لا تحتاج إسرائيل إلى الذخيرة لهزيمة «حماس»، ولكن قد تتطلب الوصول إلى
هذا المخزون يوماً ما، وعندما تحتاج إلى ذلك، سيكون العتاد الحربي متوفراً،
وعلى الرغم من الضجة الحالية حول برنامج “حلفاء مخزون احتياطيات الحرب”،
لا يزال البرنامج عبارة عن عرض لا لبس فيه لالتزام واشنطن طويل الأجل
بتعزيز قدرة إسرائيل على الدفاع عن نفسها.
ولم
يعِش كيث رو ليرى إسرائيل تستفيد من المخزون “الخاص به” في الشهر الماضي،
فقد توفي في سن مبكر جداً لأسباب طبيعية في عام 2011 وهو في التاسعة
والأربعين من عمره، وبينما لم تلقَ وفاته الكثير من الاهتمام في أوساط
واشنطن، إلا أن العديد من كبار المسؤولين الإسرائيليين – بمن فيهم نائب
مدير بعثة وزارة الدفاع الإسرائيلية في نيويورك – حضروا جنازته للتعبير عن
تعازيهم وتقديرهم للجهود التي بذلها كيث في العلاقة بين البلدين.
وقبل
سنوات قليلة من موته المفاجئ، تناولت الغداء مع كيث. وبطريقته المتواضعة
التي كان يقلل من أهميتها تحدث عن الكيفية التي أدت بموجبها التغييرات،
التي ساعد في إحداثها في برنامج “حلفاء مخزون احتياطيات الحرب”، إلى تعزيز
مصالح الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط المضطربة. ولو كان كيث حياً،
كان سيشعر بالسرور دون شك من استمرار نتائج الجهود التي بذلها.
ديفيد شينكر : مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق