تقارير وتحليلات
مؤشر الديمقراطية : الدولة البوليسية أثبتت إخفاقات تاريخية في التعامل مع طلاب الجامعات
علامات أونلاين - خاص - 2014-10-15 12:32:47
القوانين المكبلة للحريات أداة القمع منذ الملكية وحتى حكومة محلب
الإقصاء السياسي للطلاب هو مفتاح الانتفاضات الطلابية الكبرى
الحوار مع الطلاب ضرورة حتمية والإفراج عن كل المعتقلين منهم
أصدر مؤشر الديمقراطية بيانا بخصوص الأحداث الأخيرة التي شهدتها الجامعات المصرية، وحالة الحراك الطلابي.
وقال البيان "واجهت الإدارة المصرية حالة من الحراك الطلابي خلال العام 2013 حيثُ نظم الطلاب أكثر من 3000 احتجاج طلابي تخللهم أكثر من 600 حادثة عنف خلال العام الدراسي الماضي، الأمر الذي دفع الإدارة المصرية لإعادة إنتاج مجموعة من السياسات التي رأت أنها ربما تكون حوائط صد لهذا الحراك الطلابي السلمي منه أو العنيف، لكن تلك السياسات لم تفرز سوى المزيد من الاحتقان والمواجهات التي اعتقل على أساسها نحو 70 طالبا خلال أول يومين من العام الدراسي الحالي، ناهيك عن حالات الشغب والعنف بين الطلاب والأمن أو الطلاب على مختلف انتماءاتهم، لذا كان علينا التوقف عند تلك السياسات في محاولة للتوصل لفاعليتها من عدمه، وتذكير الإدارة المصرية بحقائق مهمة في التعامل مع الحراك الطلابي وطرح مبادرة لإصلاح حالة المواجهات المستمرة بين طلاب الجامعات والإدارة المصرية.
إن الدولة المصرية أعادت إنتاج سياسات أثبتت إخفاقات تاريخية في التعامل مع طلاب الجامعات
المواجهات الأمنية لا تولد إلا مقاومة طلابية عنيفة:
منذ أكثر من 120 عاما بدأت الحركة الطلابية المصرية في العمل على القضايا الوطنية، بداية من مقاومة الاحتلال وحتى مقاومة الدكتاتورية والرجعية المحلية، الأمر الذي يؤكد على أن التصدي الأمني الذي يحدث الآن للنشاط الطلابي والذي اعتقل/ألقي القبض على أكثر من 70 طالبا خلال أول يومين من العام الدراسى الحالي تحت مسميات وحجج مختلفة، ناهيك عن الملايين التي صرفتها الجامعات على التعاقد مع شركات الأمن الخاصة والكمائن المستفزة أمام الجامعات والتي حولتها لما يشبه مناطق عسكرية/مناطق عمليات حربية، لا يعد سوى امتدادا لسياسات القمع الأمني التي انتهجتها دولة الحكم في مصر ضد الطلاب بداية من بوليس القصر وحتى نظام مبارك. ورغم جميع تلك المواجهات الأمنية مع الطلاب، إلا أنها لم تستطع يوما صدهم عن ممارسة أنشطتهم، بل إنها أعطت الحركة الطلابية المزيد من التكتيكات والخبرة والحشد والمصداقية، وعززت من ضعف كل نظام حاول انتهاج سياسة المواجهات الأمنية، مثلما حدث مع نظام مبارك الذي مثل الطلاب المكون الأساسي لثورة أقصته عن الحكم في أيام معدودات، لذا فإن المواجهات الأمنية للنشاط الطلابي مهما اختلف ممارسوها لم ولن تجد نفعا أمام نشاط الطلاب الوطني المفعم بالنشاط والذكاء والخبرة المتراكمة، بل أقصى ما يمكنها تحقيقه هو الدفع بالدولة للمزيد من الخسائر البشرية والاقتصادية، وكذلك الدفع بالطلاب للمزيد من التنظيمات السرية الانتقامية والتي ستستهدف الانتقام من رموز سلطات الدولة وخاصة الأمنية منها، رغبة في الخلاص من قمع تلك السلطات.
"التقييد التشريعي" أداة القمع منذ حكومة القصر وحتى حكومة محلب:
تنوعت محاولات قمع الحراك الطلابي من قبل الإدارة الحالية للبلاد مستخدمة التشريعات المقيدة للحريات مثل قانون التظاهر الذي تعرض لمعارضات واسعة من معظم فئات المجتمع حتى المناصرة للإدارة الحالية للدولة، إضافة للائحة العمل الطلابي الجديدة التي أحدثت شرخا واضحا بين إدارة الدولة وبين الطلاب، وعكست فجوة هائلة ناتجة عن إعادة إنتاج الدولة لسياسات التقييد التشريعي للنشاط الطلابي والتي بدأت منذ قانون 22 لسنة 1929 والمسمى بقانون "حفظ النظام" والذي أصدرته وزارة محمد محمود، لقمع الحراك الطلابي بعد تعطيل الحياة النيابية عام 1928، وكذلك التمهيد للانقلاب الدستوري الحاصل في الفترة من 1930-1933، ومرورا بلائحة السادات في 79، وتعديلاتها في عصر مبارك 1984، لنرى أن قانون محمد محمود لم ينتج عنه سوى انتفاضة طلابية 1935، ولوائح السادات ومبارك لم تعمل سوى على تدمير النشاط الطلابي داخل الجامعة ،ناهيك عما كان لذلك من أثر على الحياة السياسية والحزبية في مصر، وينطبق الأمر حاليا على قوانين التظاهر واللوائح الطلابية الحالية والتي لم تنتج سوى المزيد من الدماء والاعتقالات والفوضى، لذا فإن أية محاولة تقييد تشريعي للحراك الطلابي سوف تواجه إما بتحدي تلك التشريعات وخرقها عمدا، أو زيادة الاحتقان الذي سينتج انتفاضات طلابية وسعة، وفي كل الأحوال سيولد المزيد من المواجهات العنيفة بين إدارة الدولة وبين الطلاب.
الإقصاء السياسي للطلاب هو مفتاح الانتفاضات الطلابية الكبرى:
وقف العمل السياسي بالجامعات والتهديد بمحاكمة من يسيء لرئيس الدولة وحل الأسر الجامعية.. إلخ من القرارات التي حاولت بكافة الأشكال إقصاء الطلاب الجامعين المعارضين للإدارة الحالية من العمل السياسي بالجامعة، وفي الوقت ذاته تقييد حرية التظاهر والتنظيمات الشبابية خارج الجامعة بشكل يمثل خنقا واضحا لكافة متنفسات العمل السياسي للطلاب، الأمر الذي لا يضع أمامهم سوى خيارات خرق تلك القرارات علنا والوقوع في مواجهات مع السلطة أو الاتجاه للعمل السري، وقد كشفت التجارب التاريخية القديمة والحديثة صحة تلك النظرية، حيثُ كانت كل محاولة لحصار العمل الطلابي السياسي تنتهي بانتفاضات طلابية ومواجهات فارقة، نذكر منها انتفاضات الطلبة 1935، 1946 حادثتي كوبري عباس) و1968 والتي رضخت لها دولة ناصر، وحركة الطلاب 1972 ودورهم في انتفاضة الخبر 1977 ضد دولة السادات، ناهيك عن قيادتهم لكل الحركات الرافضة لمبارك من كفاية و6 أبريل حتى الوطنية للتغير وانتهاء بقيادتهم لثورة أطاحت بمبارك، لذا فإن الحصار السياسي للطلاب لن ينتج عنه سوى المزيد من المواجهات والاحتقان بين الإدارة المصرية والطلاب، ولن ينتج عنه سوى خسارات سياسية للإدارة المصرية، والمزيد من المكاسب لمعارضيها وأعدائها وخصومها السياسيين والدوليين.
"التشويه الإعلامي للحراك الطلابي" أداة فاشلة في عصر الإعلام الاجتماعي:
" نعم لن نعبر ولن تعبر الدولة المصرية سوى على أجسادكم " كانت هذه المقولة شعارا لأحد مقدمي البرامج على واحدة من أكثر الفضائيات انتشارا، تعليقا منه على بيان لطلاب الجامعات، ولم يكن هذا التحريض الذي صمت عنه الجميع سوى امتددا لسياسات متعمدة لتشويه الحراك الطلابي السياسي على مر العصور، لكنه وصل لذروته في العام الدراسي 2014، ليتهم الطلبة بالعمالة والإرهاب والبلطجة، ويتم وصم كل من يعارض الإدارة الحالية وتصنيفه على أنه منتمٍ لجماعة إرهابية، ناهيك عن سياسات واضحة تقصي المتحدثين باسم الطلاب ومصالحهم وتبرز دعايا سلبية لكل احتجاجاتهم وتحركاتهم، في حالة تناسٍ واضحة أن الطلاب الجامعيين يمثلون المكون الأساسي لنجاح أي كيان إعلامي، وأن لديهم من الوسائل الإعلامية الحديثة ما يمكنهم من قيادة حملات إعلامية كاملة ضد كل من يروج ضدهم، وأن تلك السياسة هي امتداد لسياسات قمع الحراك الطلابي وأساسا لشحن الطلاب وإحداث المزيد من العنف.
البتر الاجتماعي للطلاب مجرد خطوة لإشعال نار العنف:
طالعنا رئيس جامعة الأزهر في غرة العام الدراسي 2014 بتفاخره "بتجنيد جواسيس من بلدياته لمراقبة الطلاب" ظنا منه أن هذا دوره الوطني والقومي، في حين تناقلت وسائل الإعلام تصريحات رجال الدولة والتعليم حول تصنيف الطلاب لمتعاونين يتم تجنيدهم لمراقبة الطلاب المشاغبين أو الإرهابيين، مما عكس سياسة واضحة للتصنيف والتفرقة بين الطلاب أنفسهم، وخلال العام الدراسي 2013 حدث ما يقارب من 100 حالة اشتباك بين الأهالي والطلاب، في حين رأت الإدارة المصرية تصنيف الأهالي المشتبكين مع الطلبة على أنهم المواطنين الشرفاء، وجرى تصنيف الطلاب على أنهم مجرمون، إضافة لبعض الشحن الإعلامي ضد الحراك الطلابي وتوفير غطاء شرعي من إدارة الدولة للمواطنين الشرفاء لملاحقة الطلاب المجرمين على حد وصف الدولة، الأمر الذي عكس انتهاج الدولة لسياسة بتر اجتماعي للطلاب وشحذ لباقي قطاعات المجتمع ضدهم ومحاولة إلقاء جميع مشكلات الأمة على عاتق الحراك الطلابي خارج الجامعة أو داخلها، وتلك السياسية لا تمثل إلا أداة لتوسعة فجوة الخصام المجتمعي في مصر، وعائقا أساسيا أمام أفكار المصالحة الوطنية وشحذ الجهود ناحية البناء لا القمع الهدم والفرقة.
حقائق يجب على الدولة مراعاتها عند التعامل مع الحراك والحريات الطلابية:
1- أن نشأة الحراك الطلابي كانت من أجل العمل الوطني وما لبث أن أصبح عملا وطنيا طلابيا ينتهج مسارات سياسية وتثقيفية، لذا فإن فكرة فصل العمل السياسي عن النشاط الطلابي هي كفصل روح عن جسد، وهي فكرة مستحيلة التطبيق عمليا في الواقع المصري.
2- أن التظاهرات والإضرابات والمسيرات وغيرها من وسائل الاحتجاج والتظاهر هي الأساس الذي قام عليه نشاط الحركة الطلابية ولن تجدي محاولات قمع التظاهر خاصة لدى الطلاب، وعلى إدارة الدولة تنظيم هذا الحق وليس منعه أو قمعه بأي وسيلة.
3- أن ظهور وسيطرة الإسلام السياسي وجماعات الفكر المتطرف على العمل الطلابي لم تأت سوى في فترات الوهن الحزبي والسياسي في مصر، أو بمساعدة من الإدارة المصرية لإضعاف والقضاء على الجماعات الطلابية المعارضة للإدارة.
4- أن أكثر فترات ازدهار الحركة الطلابية وإنتاجها كانت فترات العمل السياسي المنظم والمشترك بين الطلاب المنتمين للأحزاب المدنية، وأن الطلاب كانوا المحرك الأول للحياة الحزبية ونشر المفاهيم والأيدولوجيات الديمقراطية داخل وخارج المجتمع الجامعي.
5- أن الحراك الطلابي رغم ضخامته وقوته إلا أنه قوة زئبقية لا يمكن لسلطة أو إدارة التحكم بها أو قمعها أو إحكام السيطرة عليها، ولكنها قوة تمثل إضافة حقيقية لأي إدارة تنصت لها وتشاركها في عمليات الإصلاح والبناء. وأن هناك علاقة طردية واضحة بين منح الحراك الطلابي المزيد من الحريات وبين استقرار الأنظمة والحكومات، مثلما أن أي تقييد للحريات الطلابية هو أحد العوامل الأساسية لزعزعة استقرار أي نظام إداري أو حكومة.
كيف نبدأ حل الأزمة:
- البدء في عملية تفاوض جادة وحقيقية تجمع ممثلين عن إدارة الدولة – الاتحادات الطلابية – قطاع التدريس بالجامعات – المنظمات المدنية العاملة في مجال حقوق الطلبة والحقوق والحريات المدنية والسياسية – الإعلام، بهدف الوقف الفوري للمواجهات الحالية بين الدولة والطلاب، والجلوس على مائدة تفاوض من أجل حماية وإقرار الحريات الطلابية مع حماية الجامعات من العنف والفوضى وأعمال الشغب، وحماية حقوق جميع الطلاب في تلقي المعلومة في جو ملائم. وأن تبدأ المفاوضات أجندتها بالنظر في الخطوات التالية:
- إيقاف المواجهات الأمنية مع الطلاب وإعادة النظر فيما يخص التعاقدات الخاصة بشركات الأمن ودور قوات الأمن في تنظيم عملية حماية الأمن داخل وخارج أسوار الجامعة دون تحويلها لمعسكرات مخابراتية أو أمنية.
- العفو عن جميع الطلاب المعتقلين تحت قضايا تخص مشاركتهم في أنشطة واحتجاجات طلابية وإعطائهم فرصة أخرى للتعليم عوضا عن الزج بهم بين المسجونين الجنائيين.
إعادة النظر في اللائحة الطلابية:
- تنظيم العمل الطلابي وتشجيعه بما يصب في صالح تنمية العملية التعليمية والعمل الوطني الهادف لبناء الدولة والمواطن المصري.
- بناء آليات جديدة للمشاركة المجتمعية للطلاب في صناعة القرار.
إن الدولة المصرية قادرة ورغم جميع تلك التحديات من العمل المشترك مع الحراك الطلابي بما يسرع من عملية بناء الدولة الديمقراطية المصرية عوضا عن الوقوف في مواجهة هذا القطاع الوطني وإحالة الأمر برمته لحالة من الصراع التي يخسر جميع أطرافها والخاسر الأول به هو مصر الشعب والدولة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق