السيسي والحوثيون.. زواج على ورقة طلاق لتهميش دور مصر بالمنطقة
10/07/2015 11:19 م
كتب – عبد الله محمد
تسود علاقة سلطة الانقلاب بمليشيات الحوثي في اليمن، كثير من الضبابية؛ خاصة منذ وقوع انقلابهم على الرئيس اليمني هادي منصور في 21 سبتمبر الماضي، وسيطرتهم على كافة مؤسسات الدولة بالقوة.
منذ اللحظات الأولى للانقلاب في اليمن، تلاعب الحوثيون بالنظام الانقلابي في مصر من خلال التلويح عدة مرت باستخدام ورقة مضيق "باب المندب" والذي يكتسب أهمية دولية كممر مائي دولي، يعد شريان الحياة الملاحية لمصر ودول أوروبا وأسيا؛ نظرا لارتباطه بمياه البحر الأحمر والممر المائي لقناة السويس، ما يجعل أي تهديد لهذا المضيق الواقع بين مصر واليمن بمنزلة "خسارة اقتصادية فادحة".
ووجد كلا الطرفين في تدعيم العلاقة بينهما مصلحة مشتركة، فالحوثيون يدركون جيدا ثقل الدور التاريخي لمصر في المنطقة، ويرغبون في تحييدها إن لم يتم ضمها لمعسكرهم في الصراع الدائر بينها وبين الدول العربية التي شكلت حلفا ضدها، في حين أراد نظام الانقلاب في مصر من خلال تقاربه مع الحوثيين تشكيل ورقة ضغط على دول الخليج؛ لضمان استمرار تدفق مليارات الدولارات إليها، في وقت بدأت فيه بوادر تراجع تلك المليارات.
هذه العلاقة المريبة بين الجانبين، ظهرت جليا خلال الأيام الماضية بسماح سلطات الانقلاب في مصر للحوثيين بتنظيم معرض بعنوان "أوقفوا العدوان على اليمن"، تم خلالها توزيع نسخ من تقارير صادرة عن منظمات حقوقية تمولها إيران، تضمنت توثيقا لما سمي "جرائم العدوان السعودي على اليمن"، بالإضافة إلى إجراء لقاءات بين شخصيات مصرية محسوبة على النظام وبين قيادات في حزب "المؤتمر الشعبي" الذي يقوده المخلوع علي عبد الله صالح؛ حيث التقى مساعد وزير خارجية مصر للشئون العربية عبد الرحمن صلاح في القاهرة بالقياديين بحزب المخلوع صالح (ياسر العواضي وأبو بكر القربي)، فضلا عن الالتقاء بعمرو موسي.
وقال بيان صادر عن حزب صالح: إن القياديين استعرضا خلال اللقاءات "العدوان والحصار الجائر الذي تتعرض له اليمن، وما نتج عن ذلك من مآس وقتل وتدمير، مطالبين بإيقاف العدوان، ورفع الحصار الجائر، وإعادة إحياء العملية السياسية اليمنية".
واعتبر مراقبون، أن توقيت إقامة مثل هذا المعرض، وهذه الزيارات يثير تساؤلات كثيرة عن هدف السلطات المصرية من وراء السماح لهم بإقامة مثل هذه الفعاليات في مصر، التي سبق أن أعلنت على لسان زعيم الانقلاب، عبد الفتاح السيسي، مشاركتها وتأييدها للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.
العلاقة مع الحوثيين لم تكن وليدة اليوم، بل ظهرت بوادرها قبيل أيام من تمكن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من مغادرة صنعاء، بعد حصار فرضه عليه الحوثيون؛ حيث صدر تصريح خلال تلك الفترة من عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي، محمد البخيتي، قال فيه: "هناك لقاء تم بين ممثلين للجماعة مع السفارة المصرية باليمن منذ أسبوعين، وأسفر عن تفاهمات كبيرة"، مضيفا "لم ولن تتأثر الملاحة في باب المندب؛ لأننا حريصون على تأمينه؛ لكونه ممرا دوليا وحيويا لكل دول المنطقة بما فيها اليمن ومصر، وأي إخلال بأمنه سيؤثر سلبا على الجميع، ونحرص على توطيد العلاقات اليمنية المصرية، وليس هناك أي نوايا لغلق ممر باب المندب؛ خصوصا أن هناك ما يجمعنا بمصر وهو مواجهة الإرهاب المتمثل في القاعدة وداعش".
ويبدو أن دول الخليج - خاصة السعودية بقيادة الملك سلمان - فطنت جيدا الدور المصري المنحاز للحوثيين وقامت بتوجيه ضربات لمعاقل الحوثيين منذ عدة شهور في إطار التحالف العربي لدعم الشرعية، دون علم أو دعوة مصر للمشاركة؛ خوفا من تسريبها للحوثيين موعد تلك الضربات، الأمر الذي شكل صفعة لقادة الانقلاب في مصر وكشف مدى تقزم دور مصر تحت قيادتهم.
الاتهامات التي وجهت لسلطات الانقلاب خلال اليومين الماضيين بعقد لقاءات سرية مع الحوثيين وقيادات المخلوع صالح بهدف ابتزاز السعودية لضخ مزيد من المليارات، دفعت وزارة الخارجية في حكومة الانقلاب، لإصدار بيان تنفي فيه حدوث تغيير في موقف بلادها بشأن الوضع في اليمن، مؤكدة دعمها للشرعية المتمثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي، مشيرة إلى وجود تنسيق كامل ومستمر ووثيق بين مصر ودول التحالف الداعم للشرعية في اليمن، خاصة المملكة العربية السعودية، فيما يتعلق بكافة التطورات اليمنية، لافتة أن أية محاولات لإحداث الوقيعة والترويج لن يكتب لها النجاح ولن تنال من مستوى التنسيق الوثيق القائم بين البلدين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق