أجنحة الانقلاب والمشير طنطاوي يحاصرون رجل السيسي الأول بحبسه.. والأخير يعرض الهجرة
منذ يوم
عدد القراءات: 19065
كتب: نصر العشماوى
إنه ليس رجل ساذج كما يظن البعض ولا مجرد لسان تباسط حتي اقترب من القاعدة العريضة من المصريين؛ ولكنه أذكي إعلامي في وسط شلة إعلام الانقلاب. إنه توفيق عكاشة الذي تمكن من إقناع الكثيرين جدا إبان حكم مرسي أن الإخوان هم الشبح المخيف الذي سيدمر مصر، وكان الإعلامي الوحيد الذي استطاع أن يخرج كتلة معينة من الناس للتظاهر ضد حكم الإخوان؛ والأخطر أنه مهد لقبول فكرة الإطاحة بالحاكم، وتلك هي قلب القضية كلها ومربط الفرس الحقيقي، ولذلك يظل توفيق عكاشة خطرا علي نظام الانقلاب ذاته طالما تم استبعاده من أخذ نصيبه من التورتة الكبيرة التي تم توزيعها علي جميع شركاء الانقلاب إلا هو، فقد كان يظن عكاشة أن أقل ما سيحصل عليه هو منصب وزير الإعلام علي الأقل، ودعك من قوله أنه لا يبحث عن أي مناصب سياسية، فلو عرضوا عليه المنصب لأتاه ولو حبوا، كما أنه سبق أن أقسم أنه لن يرشح نفسه لمجلس الشعب ثم تراجع في الفترة الأخيرة طامعا في كرسي رئيس المجلس، فهو يريد الوصول إلي نصيبه من التورتة بأي طريقة ومن أي جهة.
لكن المثير في قضية عكاشة الذي تم إلقاء القبض عليه فجر أمس بعد انتهاء حلقة برنامجه وبطريقة وصفها معد برنامجه عز الأطروض أنها مخيفة فقد كبلوه بالقيود وعصبوا عينه؛ وحاصرته القوات الخاصة بالأسلحة؛ وكأنه ارهابي هارب، المثير أن القبض علي عكاشة يكشف مدي ما وصلت إليه أجنحة الانقلاب المختلفة من تباين في الأراء والتوجهات والذي يبنون عليه أفعالهم بينما أجنحة أخري تنتظر ماذا تفعل بالضبط ومن تختار لتضحي به!!
والمتتبع لبرنامج عكاشه سيجد أن فيه أشاء خطيرة بالفعل لا يقولها أي إعلامي آخر؛ وهذا ينبع من كون عكاشة يري في نفسه تماما أنه الأصل وأنه القائد الحقيقي لما يطلقون عليه ثورة 30 يونية، بل إن عائلته شخصيا تعيش بنفس هذا الإحساس، حتي أن ابن توفيق عكاشة حينما عامله الموظفون بقدر رآه هو أنه لا يليق بابن زعيم قال لهم: أنا ابن توفيق عكاشة اللي قوم الثورة ولولاه ما كنتوا أنتم لسه في أماكنكم، وهذه واقعة معروفة ونشرت في حينها.
ومن الأشياء الخطيرة التي ذكرها عكاشة أنه حينما تعرض لشخص المشير طنطاوي وقال إنه أخطأ وأجرم في حق مصر وهو كعبد الحكيم عامر، فعبد الحكيم سلم سيناء للصهاينة وطنطاوي سلم البلد كلها لإخوان الشيطان قاصدا الاخوان المسلمين، وظن عكاشة أنه بذلك فإنه يتقرب للسيسي أكثر بينما كان طنطاوي لحظه العثر في تلك الأيام يعود للأضواء من جديد ويلازم السيسي في كل احتفالاته، ويبدو كما لو كانت المياه تعود لمجاريها علنا بعدما كانت في حفرة سرية، تعرض عكاشة لطنطاوي فوجد من يرسل له رسالة كما أعلن هو عبر برنامجه من المشير طنطاوي يقول له أن دورك قد انتهي.. ثم أردف قائلا أنا مش عارف المشير طنطاوي بيكرهني ليه.. جايز بقي هو شايفني نقاش قمت دهنت لهم البوابة وكام جدار وقلت لهم اتفضلوا ودوري انتهي علي كده!!
ويقصد عكاشة ولكن بطريقة لئيمة وماكرة أن يقول أنه هو الذي مهد لـ 30 يونية التي اتكأوا عليها للانقلاب علي حكم مرسي؛ واستطاع تجميل انقلاب العسكر ليدخلوا القصر دخول الثوريين بفضل مجهوداته.
كما قال عكاشة أن مبارك أخطأ خطأ فادحا حينما ترك المشير طنطاوي في منصبه طوال هذه الفترة، ويبدو أن إذاعة تلك الحلقة قد أزعجت طنطاوي جدا حتي يهدد عكاشة ويرسل له من يقول له أن دوره قد انتهي، صحيح أن عكاشة هو الآخر أقلقه ذلك التهديد وفي اليوم التالي مباشرة حاول أن يصلح ما أفسدته الحلقة الماضية وقال إننا لا يجب أن نقرأ المشير طنطاوي من السطر الأخير.. لأ.. ده له حاجات حلوة برضه (لم يذكر حاجه حلوة واحدة) وبعدين هو ماسلمش البلد للإخوان أنا بس اللي كنت منفعل شوية جايز.. ما هي كانت انتخابات وفاز فيها مرسي ها يعمل إيه هو؟!
(علي فكرة ما أذكره أذيع بحذافيره في آخر ثلاث حلقات لعكاشة قبل القبض عليه؛ ومن يريد المراجعة فله ذلك).
ولكن يبدو أن طنطاوي كان قد اتخذ قرارا بشأن عكاشة.
أضف إلي ذلك أيضا أن عكاشة قال صراحة أن نظام السيسي سوف ينهار لعدة عوامل كما يراها وذكرها وقال أنه سينهار من الطابور الخامس بداخله؛ وقال إنهم أربع قيادات بالداخلية علي رأسهم الوزير وأربع شخصيات بالقوات المسلحة اثنين منهم لا يزالون بالخدمة واثنين خارج الخدمة، وقال أن هؤلاء الثمانية يتفرع منهم أفرع أخري، وأنا بأقول كده لمصلحة السيسي ونظامه عشان يتجنب نفس اللي حصل لحسني مبارك.. هو مين اللي ضيع مبارك في الأول والآخر.. الناس اللي حواليه برضه.. نفس الأمر بيتكرر مع السيسي، كل ذلك وعكاشة يظن أنه ما زال رجل السيسي الأول في الإعلام؛ وأن الانقلاب يحفظ له الجميل، ولكنه أحس ببعض التخلي عنه حينما ظهر طنطاوي في الصورة ويبدو مما استشرفه عكاشة أن السيسي قد استجاب لنصيحة طنطاوي بألا يكون له أي دور حاليا وأنه أدي ما طلب منه وانتهي الأمر، بدا ذلك واضحا في رعب عكاشة من المجهول حينما قال: طيب أنا دوري انتهي.. ماشي أنا موافق وأنا مش هأعمل حاجة خالص ضد النظام لأني أنا شريك هذا النظام ولا يمكن أن أتحول لمعارض أبدا.. لا يمكن، أنا عايزهم بس يسيبوني أسافر، يدوني تأشيرة سنه حتي لألمانيا، ومن المؤكد أن عكاشة يكرر عرضه التليفزيوني الآن علي مسامعهم، وأعتقد أنهم لن يقبلوا بذلك، فهم يخشونه في الخارج أكثر من خشيتهم له هنا.. فلسانه من الممكن أن ينطلق ويحكي أسرار التمهيد للانقلاب وتصبح الكارثة عالمية!!
كل هذا حدث وأكثر منه مما لا يتسع المقام لذكره قبل إلقاء القبض عليه بحجة الأحكام واجبة النفاذ.. تلك الورقة التي يلاعبونه بها كلما أرادوا، والواضح أنه يلاعبهم وهم يلاعبونه من حين لآخر حتي تنزل ستارة النهاية.
والواضح أكثر والمتحقق فعلا أن من أعان ظالما سلطه الله عليه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق