28/11/2015
مصير التحالفات والاتفاقات الدولية للانقلاب
بقلم: عبد الرحمن يوسف
من أهم ما ينبغي على الحركة الوطنية التي تواجه الانقلاب العسكري في مصر أن تنتبه له ... هو حجم التحالفات والاتفاقات الدولية التي ارتكبها نظام عبدالفتاح "سيسي"، والتي غيرت موقع مصر الدولي، وغيرت من طبيعة دور الدولة المصرية في إقليمها العربي والإفريقي، وغيرت كذلك من دورها الدولي.
لقد أصبحت مصر بفضل سياسات الرئيس أنور السادات دولة تابعة لأمريكا بعد كامب ديفيد، وفي عهد الرئيس المخلوع مبارك أصبحت مصر تابعا ذليلا لإسرائيل، ولكنها ظلت بثقلها البشري والسياسي والعسكري رقما مستعصيا على كثير من التجاوزات والتحالفات (نظريا على الأقل).
لقد كانت مصر في عهد مبارك دولة في بدروم الأمم، لا دور لها في أي ملف من الملفات الإقليمية (وهو ما ندفع ثمنه الآن).مصر مجرد بواب على معبر رفح، وبواب على (كارتة) قناة السويس، هذا حالها في لحظة قيام ثورة يناير العظيمة.
ثم شاءت الأقدار أن تقع مصر في قبضة رئيس الأمر الواقع ... السيد "سيسي"، ذلك الذي لا يفقه شيئا في السياسة الخارجية، ولا يعلم دور مصر في الداخل ولا الخارج، وفي الوقت نفسه نراه على استعداد لبيع أي شيء لكي يحصل على الشرعية التي تؤرقه ليل نهار.
بسبب هذا الشخص وتصرفاته ... أصبحت مصر عرضة للابتزاز من سائر القوى الدولية العظمى، والصغرى ... لدرجة أننا أصبحنا "ملطشة" لإثيوبيا وغيرها من الدول!.
مصر بفضل "سيسي" على راسها بطحة!
لذلك كله.. ينبغي أن تنتبه الحركة الوطنية التي تقاوم هذا الانقلاب اللعين إلى مجموعة من الحقائق الكبرى التي تغيرت بعد أن حكمت هذه العصابة مصر أكثر من عامين.
لا بد من الانتباه إلى أن المصريين غير ملزمين بكل الاتفاقات الدولية الآتية:
أولاً: المصريون غير ملزمين بأي اتفاقيات وقعت تتعلق بحقوق مصر التاريخية في مياه النيل، وكل من يظن أن بإمكانه أن يغير الأوضاع الثابتة في هذا الشأن واهم، ومن يظن أنه سيضع المصريين تحت حذاء الأمر الواقع لا بد أن يعلم أن المصريين الذين بنوا السد العالي ... قادرون على هدم أي سد يحول بينهم وبين ماء النيل.
ثانيًا: المصريون غير ملزمين بأي اتفاقيات تتعلق بترسيم حدود الدولة المصرية المعروفة الثابتة تاريخيا، ينطبق ذلك على الحدود البرية والبحرية، وعلى المياه الإقليمية والاقتصادية، وكل تغيير في خرائط مصر لن يمر مهما كانت الظروف، وكل الثروات التي تقع ضمن حدود مصر لن يسمح المصريون لأي دولة أو شركة بالاستيلاء عليها تحت أي ظرف من الظروف، ومن يتخيل أن بإمكانه أن يبتلع ثروات مصر عليه أن يجهز نفسه لمليارات الدولارات من التعويضات التي ستحصل عليها مصر عاجلا أو آجلا.. أو للحرب!.
ثالثًا: جميع التحالفات العسكرية التي أقامها النظام الانقلابي لا تلزم شعب مصر، ولا تلزم جيش مصر، ومن حق الأمة أن تقر ما تراه في صالحها، وأن تلغي ما تراه ضد مصلحتها، وكل جندي مصري خارج حدود مصر من حقنا أن نعيده إلى بلاده أيا كانت الالتزامات التي التزمتها عصابة الانقلاب.
ولسنا مضطرين إلى التأكيد على أن من حق المصريين أن يعيدوا انتشار جيشهم على كل التراب المصري وفقا لمقتضيات الأمن القومي.
رابعًا: جميع صفقات السلاح التي أبرمت خلال فترة الانقلاب العسكري ستصبح قيد المراجعة، وكل ما ترتب عليها من حقوق مالية لأي طرف من الأطراف سيتم التفاهم عليها بالشكل المناسب.
ينطبق ذلك على صفقات السلاح التي كانت مصر فيها في موضع المشتري، أو في موضع البائع، وينطبق ذلك أيضا على جميع عقود التصنيع والصيانة.
خامسًا: جميع اتفاقات التعاون العسكري، أو التسهيلات العسكرية، أو القواعد العسكرية لجيوش أجنبية تعتبر لاغية، ولا بد من إعادة إقرارها والموافقة عليها من الأمة المصرية عبر مؤسساتها المنتخبة.
سادسًا: الشعب المصري غير ملزم بأي اتفاقات نتج عنها قروض أو منح أو أي شكل من أشكال الالتزامات المالية على الدولة المصرية تجاه دول، أو مؤسسات مالية، أو منظمات إقليمية أو دولية ... وسيعاد النظر في سائر هذه الديون، وعلى الدائنين أن يلوموا أنفسهم في التعاون مع عصابة الانقلاب ضد إرادة الأمة، وأن يطالبوا أفراد هذه العصابة برد هذه الأموال، خصوصا أن جزء كبيرا من هذه الأموال لم يدخل خزينة الدولة من الأساس، بل تم تحويله إلى أرصدة شخصية.
ينطبق ذلك على اتفاقات الغاز والبترول والمعادن، وكذلك على القروض والسندات وأذون الخزانة، وعلى عقود بيع الأراضي وإنشاء محطات الكهرباء، وسائر التعاملات التجارية والاقتصادية.
لقد تغير موقع مصر الدولي بسبب عصابة الانقلاب، وتغيرت التزامات مصر أمام العالم أجمع (سياسيا واقتصاديا) بسبب هذه العصابة، وهو أمر لا يمكن أن يدفع ثمنه المصريون، خاصة أن كل ذلك قد تم بتواطؤ إقليمي ودولي مفضوحين.
آن للدول التي موّلت الانقلاب أن تدفع ثمن تمويلها، وآن للدول التي سلحت ميليشيات الانقلاب أن تدفع ثمن تسليحها، وآن للدول التي استغلت هذه العصابة لتنهب ثروات مصر أن تعيد ثرواتنا إلينا.
باختصار.. سيسقط الانقلاب قريبا بإذن الله، ولن نقبل أن نستلم مصر من بعده جثة هامدة، ولن نقبل بسداد ديون عصابة الانقلاب، ولن نقبل أن تكون مرحلة ما بعد "سيسي" مكرسة لسداد ديونه وإصلاح جرائمه الدولية.
يحلم البعض بأن تتحول مصر بعد سقوط الانقلاب إلى سلحفاة مقلوبة على ظهرها، كل همها أن تعود على وجهها لتتمكن من السير بسرعة السلحفاة، وأن تدخل درقتها حين تواجه خصومها.
هذا زمن مضى، لقد أظهرت مصر بعد ثورة يناير أنها أسد ... وهي الآن أسد جريح ... فاحذروه !
المجتمع الدولي شريك للانقلاب لأنه اعترف به، وانتهز الفرصة لأكل لحم مصر نيئا، ولا بد أن يتحمل الجميع تبعات هذه القرارات المشينة.
أما إذا تخيل أحد أن المصريين سيقبلون بدفع فاتورة بهذا الحجم ... فهذا خبل، وهناك اختيارات أخرى كثيرة !
احذروا الأسد الجريح !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق