صم بكم عمي.. صمت دولي أمام تعطيل فرنسا لحقوق الإنسان
28/11/2015 02:57 م
كتب: أسامة حمدان
"البيض الفاسد يعدي بعضه بعضًا" مقولة تنطبق بشدة على قرار فرنسا الأخير بشأن وقف العمل باتفاقيات حقوق الإنسان، بذريعة مواجهة الإرهاب وتداعيات الهجمات التي تعرضت لها باريس، ما يعيد إلى الأذهان تصريحات ساسة وإعلاميين وفتاوى رجال دين مصريين مؤيدين للانقلاب، وتشجيعه على المضي قدمًا في سياسة القمع والدم بحجة الحفاظ على الأمن.
بعد هجمات باريس انتفضت جمعيات ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان بشدة، وأدانت ما وصفتها بـ"الهجمات الإرهابية البربرية" التي استهدفت فرنسا موطن النور والحريات، وخلفت أكثر من مائة قتيل ومئات الجرحى، لكن تلك المنظمات التزمت الصمت المطبق عندما قصفت الطائرات الفرنسية يوم الخميس الماضي، مدرسة أطفال بالموصل في العراق، مخلفة وراءها 28 طفلاً شهيدًا، وعشرات الجرحى غارقين في دمائهم!.
وعبرت تلك المنظمات والجمعيات عن تضامنها "اللا مشروط" مع الشعب الفرنسي، ومع كل ضحايا الإرهاب بالعالم، لكنها تدرج ضحايا القصف الفرنسي في الموصل أو في سوريا أو في مالي أو في جمهورية إفريقيا الوسطى ضمن هؤلاء الضحايا، فقط لأنهم مسلمون ودماؤهم عند المجتمع الدولي بلا ثمن.
تلك الجمعيات الحقوقية الدولية والعربية دعت المجتمع الدولي أي الدول المتسلطة على مجلس الأمن، بالتدخل العاجل والفوري لتخليص البشرية من هذه التنظيمات الإرهابية، وذلك عن طريق نشر قواتها بالبلدان التي تعرف انتشار لهذه التنظيمات الإرهابية، في دعوة صريحة للاحتلال الدولي ولو تحت مظلة الأمم المتحدة.
أين حقوق "عورة" الإنسان؟
ووجهت فرنسا خطابًا في 24 من شهر نوفمبر الحالي إلى المنظمة الأوروبية، تطالب فيه بحقها في اللجوء إلى المادة 15 بهذه الاتفاقية، والخاصة بالمخالفات الاضطرارية في ظل الحالات الطارئة، وهو إجراء من الممكن تفعيله في حالات الحرب والتعرض لأخطار تهدد الأمن العام.
هذا التدبير يمنح الشرطة الفرنسية صلاحيات جديدة تنتهك حقوق الإنسان، ولا يلزمها بالحصول على موافقة مسبقة من قاض، لا سيما فيما يتعلق بالمداهمات وإخضاع الأشخاص للمراقبة والتحقيق.
وكانت صورة للشرطة الفرنسية انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وندد نشطاء خلال اعتقال أحد المشتبه بهم "مسلم" في الهجمات الإرهابية التي ضربت باريس، بتصويره عاريًا تمامًا من ملابسه.
تعمدت الشرطة الفرنسية عدم إخفاء "عورة" المشتبه به كونه "مسلم"، والذي حاصرته قوة الشرطة الفرنسية في ضاحية "سان دوني" بباريس؛ حيث شنّت الشرطة حملة مداهمات واسعة النطاق في الضاحية مما أسفر عن مصرع 3 أشخاص وإصابة 5 من الشرطة، واعتقال عدد آخر.
والتقطت عدسات المصورين الصورة من الخلف لرجال الشرطة الفرنسية وهم يقودون المشتبه به، وهو عار تمامًا من الجزء الأسفل وحافي القدمين، بعد إلقاء القبض عليه.
ونشرت صحيفة "الديلي تليجراف" البريطانية الصورة، ونسبتها إلى الوكالة الأوربية للصور الصحفية "إي بي إيه"، التي بثّت الصورة دون أي تعديل حيث ظهرت "مؤخرة" المشتبه به واضحة تمامًا.
طابور خامس
وأعلن مجلس أوروبا أن فرنسا أبلغته قرارها مخالفة الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، نظرًا لفرضها حالة الطوارئ بعد الاعتداءات الإرهابية، التي شهدتها مناطق عدة من العاصمة الفرنسية باريس مؤخرًا.
وقال جون دالوسين مدير العفو الدولية لشؤون أوروبا وآسيا الوسطى، منتقدًا قرار فرنسا تعطيل العمل باتفاقيات حقوق الإنسان: "من المفارقة تعطيل حقوق الإنسان من أجل حمايتها".
وشبه القرار الجديد بقانون الوطنية الذي وسّع صلاحيات التجسس وأقرته الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، وقال "الولايات المتحدة كانت أول من دخل هذه الدوامة التي لا تطاق بإصدارها قانون الوطنية".
وعبّر عن خشيته من النظر إلى المسلمين بوصفهم "طابورا خامسا"، وأن يستخدم السياسيون المناهضون للمهاجرين الهواجس الأمنية لمنع دخول المهاجرين الذين يتدفقون على أوروبا الآن ومعظمهم مسلمون من الشرق الأوسط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق