عاصم الفولى يكتب: حانزل لو نزلوا .. الحيلة العبيطة لإجهاض الثورة
منذ 18 ساعة
عدد القراءات: 2415
حانزل لو نزلوا .. جملة سمعتها عشرات المرات خلال الأسبوع الأخير من مصريين لا علاقة لهم بالإخوان، منهم من كان مؤيدا لما حدث في 30-6، ومنهم من لم يكن يبالي أي الفريقين حكم، وفي كل مرة كان محدثي يبدأ بتعداد مصائب الانقلاب وما يكابده هو شخصيا بسببه، مؤكدا أن الوضع الآن أسوأ بمراحل مما كان أيام مبارك، وأنه يتمنى أن يحدث شيء في 25 يناير يغير من هذا الوضع المرشح لأن يزداد سوءا دون أي بارقة أمل في إصلاح قريب .. يعني نازل يا حاج؟ .. يا ريت، لكن لا يبدو أن الناس ستتحرك بالقوة المناسبة لإسقاط الانقلاب .. لكن انت عاوز تنزل يا حاج؟ .. حانزل لو نزلوا، يا ريت ينزلوا .. طيب يا حاج إذا كنت أنت تعاني من سوء الحال وتريد النزول لماذا تتصور أن باقي الناس لا يريدون؟ .. لا أظن أنهم سيتمكنوا من دخول التحرير، لو دخلوه سأنزل معهم .. في البداية كانت تعتريني الحيرة، ولابد أن حاجبي كانا ينعقدان وتبدو على ملامحي علامات الدهشة، فكان محدثي ينظر إلي عادة باستغراب نظرته إلى من يجهل واحدة من أهم بديهيات الثورة في مصر .. لكن دهشتي زالت عندما شاهدت حلقة من حلقات برنامج "الواقع العربي" على قناة الجزيرة، ظهر فيها ضيف مصري مقيم في أمريكا، محلل سياسي ومحاضر في الجامعات، يعني بيفهم في السياسة، فإذا به يكرر نفس المقولة العجيبة: نعم هناك حالة من السخط العام حتى بين الذين كانوا مؤيدين للإنقلاب، لكني لا أظن أن الحراك سيؤدي لإسقاط النظام .. سأله المذيع: لماذا؟ .. قال: لأن السلطة قد تعلمت من درس يناير .. رد المذيع: وماهو الدرس الذي تعلمته السلطة؟ .. قال: تعلمت أن تمنع المتظاهرين من دخول ميدان لتحرير بأي ثمن، والتحرير هو رمز الثورة، إذا لم يدخله المتظاهرون فلن يسقط النظام .. يا سلام [!!!] .. هل معقول أن يكون المحلل السياسي والمحاضر في الجامعات الأمريكية قد فكر فعلا بهذه الطريقة العبيطة؟ .. أدركت على الفور أن أنها مجرد حيلة .. فكرة تشيعها أجهزة الثورة المضادة لتثبيط الجماهير.
من أين جاءت حكاية أن الثورات لا تنجح في مصر إلا إذا دخل المحتجون ميدان التحرير واعتصموا فيه؟ .. هل هناك مادة في الدستور تقول "يسقط النظام إذا دخل المحتجون ميدان التحرير، أما إذا لم يتمكنوا من دخوله فلا قيمة لاحتجاجاتهم"، أم ترى يوجد قانون طبيعي أو اجتماعي بهذا المعنى؟ ..
صحيح أن ميدان التحرير هو رمز ثورة يناير المجيدة، لكن في يوم 24 يناير 2011 لم يكن ميدان التحرير يمثل شيئا في تاريخ الحراك الوطني المصري، وقد نجحت ثورة 1919 في مواجهة الملك والاحتلال الإنجليزي بدون أن يدخل الثوار ميدان التحرير أو أي ميدان آخر..لقد اكتسب ميدان التحرير رمزيته الثورية من ثورة يناير لأن الثوار اختاروا أن يكون الاعتصام فيه هو الفعالية الرئيسية, وليس العكس، ولو كان الشباب الثائر في 2011 قد اختار أسلوبا آخر للتعبير عن ثورته ثم شاركه الشعب وتبنى هذا الأسلوب لكان للثورة رمز آخر يعبر عن هذا الأسلوب البديل .. إن الثورات السلمية تنجح عندما يصر الشعب على التعبير عن رفضه للنظام بالطريقة التي يجدها أكثر ملائمة لظروفه وإمكاناته .. الثورة تفرض نفسها إذا واصلت الجماهير التعبير عن مطالبها بغير كلل، بالاعتصام أو بأي طريقة أخرى، في التحرير أو في أي مكان آخر.
نسأل الله أن يوفق جماهيرنا لاختيار الطريقة الأكثر ملائمة للتعبير عن إصراره على تحقيق مطالبه في "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية" ولا تثنيهم هذه الحيل العبيطة.
والله أكبر ويحيا الشعب
والله أكبر ويحيا الشعب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق