وصف المتحدث الرسمي السابق باسم "جبهة الإنقاذ"، رئيس مركز الأهرام للترجمة والنشر السابق، الدكتور وحيد عبد المجيد، الحريات في مصر حاليا، بأنها "الأسوأ منذ ستينيات القرن الماضي"، وفق قوله.
وأضاف أنها "أسوأ مما كانت عليه في عهدي مبارك والسادات، في ظل الاستقطاب الحاد الذي يصنع حالة من الإقصاء والتخوين المتبادل، وبالتالي، فإن تحسين أوضاع الحريات في مصر ليس نوعا من الترف، بل ضرورة، لإنقاذ المجتمع من حالة الصدام السائدة بين المصريين".
وأوضح أن تلك الحالة تظهر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب غلق باب الحوار على أرض الواقع، وهنا تظهر أهمية الحوار الإيجابي والبناء، الذي يجب أن يُتبع بعيدا عن المهاترات التي نعيش فيها، على حد قوله.
الشباب قادمون ومعارضون
جاء ذلك في حوار له مع صحيفة "فيتو" الورقية الصادرة هذا الأسبوع، توقع فيه أن تشهد مصر، خلال الفترة المقبلة، ظهور قوى معارضة جديدة مع انتهاء دور المعارضة القديمة، التي كانت موجودة في عهد مبارك والإخوان، باستثناء عدد من الأحزاب، ربما يكون لهم دور في صورة المعارضة الجديدة، وفق قوله.
وأشار إلى أن صورة المعارضة الجديدة تشمل أجيالا جديدة بصورة أكبر من الأجيال القديمة، موضحا أن معظم الأحزاب التي لديها مواقف مع النظام أصبحت بحكم التركيب العمري للمجتمع المصري "في حالة شيخوخة"، لذا فإنه من المتوقع في السنوات المقبلة ظهور أطر وكيانات وأحزاب جديدة بقيادة أجيال جديدة مختلفة، بحيث لا يبقى من كل هذا القديم سوى عدد قليل من الأحزاب التي تتضمن بداخلها أعدادا معقولة من الشباب.
المحبطون أكثر من المتظاهرين
وبالنسبة لتأثر شعبية السيسي سلبا في ظل الأوضاع الحالية التي تشهدها مصر، قال عبد المجيد إن الظروف الحالية، وغياب الرؤية، وتفاقم الأزمات، أثرت بالفعل في شعبية السيسي.
وأضاف أن من يشعرون بالإحباط من السياسات القائمة، ومن خابت توقعاتهم وآمالهم، أكثر بكثير ممن خرجوا في التظاهرات الأخيرة، وهذه التظاهرات ليست إلا صورة مصغرة لما حدث خلال الفترة الماضية من تغييرات في اتجاهات الرأي العام.
وأردف أن "هذا أمر ينبغي أن يعيه نظام الحكم ورئيس الجمهورية شخصيا (قائد الانقلاب)، بما يفيد أن هناك نزيفا مستمرا (في شعبيته) يحدث نتيجة طريقة حكم هو لا يزال معتقدا في صحتها، لكنها طريقة تجعله الخاسر الأول، وكذلك البلد، وإذا استمر الوضع بهذا الشكل سندخل مرة أخرى إلى طريق مسدود"، على حد قوله.
وشدد على أن "أسلوب الحكم "اللا سياسي" لا يناسب مصر في هذا العصر، وأعني بأسلوب الحكم بداية من قمة السلطة التنفيذية، ويشمل هذا السلطة بأكملها، بما فيه من مؤسسات ووزارات، وتغيير هذا الأسلوب يأتي من تغيير المنهج، وهذا التغيير يأتي من أعلى قمة السلطة التنفيذية، كما أن مشكلة مصر ليست في بنيتها الأساسية بل في بنيتها المؤسسية".
لا توجد حكومة
وبالنسبة لبيان الحكومة، قال: "قرأته تماما مثل ما قرأت بيانات أكثر من 30 حكومة على مدى 50 عاما مضت، فهو البيان ذاته الذي تؤكد دلالته الأساسية أنه لا توجد حكومة".
وتابع بأن بيانات الحكومات منذ 50 عاما مجرد قص ولزق، مشيرا إلى أن "الحكومة ليست شكلا مكونا من مجموعة وزارات ووزراء، بل هي مؤسسة تعمل وفقا لرؤية سياسية كاملة وواضحة، وتعمل كفريق عمل واحد لتنفيذ هذه الرؤية، أما الوزارات في مصر فتتبع سياسة الجزر المنعزلة، فلا توجد علاقة بين بعضهم البعض حتى أصبح من الصعوبة بمكان تعاون وزارتين معا"، وفق رأيه.
ليس هناك أداء برلماني
وعن تقييمه لأداء النواب بعد 100 يوم على بداية عمله، قال: "ليس هناك أداء حتى الآن لكي يمكن تقييمه، لأن هذا المجلس لم يعمل إلا لمدة أسبوعين تقريبا، ناقش فيهما القرارات الصادرة قبل انتخابه، وبعد ذلك حدثت كارثة، وهي تعطيل عمله إلى حين انتهاء إصدار اللائحة، وهذا قرار عشوائي يدل على انعدام الخبرة".
ورأى أن أداء رئيس مجلس النواب "ضعيف"، فضلا عن أنه "المسؤول الأساسي عن تعطيل عمل المجلس لمدة أربعة شهور، وهو قرار خاطئ، أدى إلى الإساءة لصورة المجلس الذي جاء نتيجة انتخابات سيئة السمعة، فزاد الطين بلة"، بحسب تعبيره.
واختتم عبدالمجيد بالقول: "للأسف، التعديل في لائحة المجلس أبقى على سلطات رئيس البرلمان على الرغم من أنه لا يعقل أن يحظى رئيس المجلس بصلاحيات على السلطة التشريعية أكثر من صلاحيات رئيس الجمهورية على السلطة التنفيذية، فهذا وضع مختل، وبفعله يمكن لرئيس المجلس إلغاء البرلمان بأكمله، وأن يفعل ما يشاء، أي أنه حاكم بأمره، وهذا وضع لا يستقيم"، على حد قوله.
يشار إلى أن "جبهة الإنقاذ الوطني" تكتل سياسي تأسست في 22 نوفمبر 2012 ، بعد الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي، وتشكلت من 35 حزبا سياسيا وحركة سياسية وثورية ذات أيدلوجيات ليبرالية ويسارية.
وساندت الجبهة الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي في 3 يوليو عام 2013.