تركيا استفادت من تكنولوجيا الاتصالات في وأد الانقلاب
19/07/2016 10:17 ص
المعتاد في أي انقلاب عسكري كلاسيكي أن يسارع الانقلابيون للسيطرة على التلفزيون الحكومي، كأول الأهداف، ليعلنوا منه بيانهم الاول بالاستيلاء على الحكم، ويقطعوا تواصل السلطة القائمة مع شعبها، ولهذا تمعن الانظمة القمعية خصوصا في حماية مباني التلفزيون بقوات كثيفة.
وعندما تحرك انقلابيو تركيا للاستيلاء على الحكم، ساروا علي نفس النهج الكلاسيكي التقليدي القديم، فما كان من الرئيس التركي أردوغان إلا أن سجل كلمة على موبيله (الايفون) وبعث بها لمحطة تلفزيون تركية أخري، يدعو شعبه للنزول للتصدي للانقلابيين، ما أربكهم، وكان اول مسمار في نعش انقلابهم الفاشل.
ومع أن وسائل التكنولوجيا الحديثة، كالموبيل والكاميرا والانترنت أثبتت قدرتها علي صنع "المواطن الصحفي" مبكرا الذي يغطي الاحداث وينقل – بأسرع من الصحف والفضائيات ما يراه ويسجله بكاميراته، فهي اثبتت في الحالة التركية أنها قادرة على إنقاذ الأنظمة الحاكمة من السقوط إذا ما تعرضت لأزمات.
وبعد أن كانت السيطرة على مبنى الإعلام الرسمي للدولة تعني نجاح أي انقلاب يحدث، أثبتت هذه التكنولوجيا الحديثة أن السيطرة على مباني التلفزيونات بالدبابات لا قيمة له، والحاكم يمكنه أن يعود للسلطة مرة أخرى إذا استطاع الوصول لشعبه، وحارب الانقلابيون بسلاح الاعلام والوصول للشعب.
الفارق بين مصر وتركيا
وقد فتح ما جري لاردوغان، باب المقارنة بين ما جري له، وبين ما فعله قادة الانقلاب في مصر في الثالث من يوليو 2013، بعزل الرئيس الشرعي محمد مرسي، حيث حاول مرسي القيام بما قام به اردوغان وبعث باخر رسالة له عبر كاميرا الموبيل لشعبه، ولكن الرسالة لم تبثها أي قناة مصرية بسبب مشاركة اصحابها في الانقلاب، كما ان مرسي جري احتجازه وقطعه عن العالم تماما.
ولكن العنصر المشترك بين الحالتين هو (كاميرا الموبايل) التي ظهر من خلالها رئيسا الدولتين أثناء الأحداث ليوجهوا رسائل لمؤيديهم، ونجحت في الحالة التركية، لأسباب اخري كثيره اهمها ان اردغان كان حرا ولم يطاله الانقلابيون، بينما مرسي جري التحفظ على او اختطافه قسريا في ثكنة عسكرية.
فقد بعث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر (فايس تايم) رسالة فيديو مصوره له عبر كاميرا الموبيل الخاص به، الي قناة (سي إن إن تركيا) وما ان بثتها حتى دب الحماس في نفوس مؤيديه للنزول، وكبح وحدات من الجيش التي حاولت الانقلاب على نظام حكمه.
وما ان سمع الاتراك رسالته بالنزول للشارع لمواجهة الانقلاب، حتى امتلأت بهم الشوارع وبدأوا يصطدمون مع جنود الانقلاب ثم يعتقلونهم، وأجهضوا الانقلاب بفضل كاميرا الموبيل التي وقفت أمام الدبابة.
وعلى العكس في مصر، نجح انقلاب 3 يوليه 2013 ضد الرئيس محمد مرسي، لأنه في الوقت الذي كان يجري فيه بث اعلان وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي بعزل رئيس الجمهورية محمد مرسي، كان مرسي ينقل الي ثكنة عسكرية خارج القاهرة تبين لاحقا انه في الإسكندرية.
ومع أنه ظهر خطاب مسرّب لمرسي وهو في مكتبه، يتحدث فيه للشعب المصري، تم تصوير بواسطة كاميرا هاتف محمول إلا أن هذا الخطاب لم يصل لأي وسيلة اعلام في حينه، كما أن الاوضاع كانت مختلفة وهناك خطة انقلابية متكاملة يشارك فيها الجيش والشرطة واجهزة الدولة العميقة كلها بلا استثناء وحتى احزاب المعارضة، بعكس الوضع في تركيا.
ايضا عندما خرج مؤيدي مرسي للتظاهر كان أغلبهم من الاخوان والاسلاميين، وحاصرتهم الشرطة والجيش معا وجرت ضدهم عدة مجازر، وشارك في الانقلاب اعلي محكمة دستورية والمخابرات واطياف سياسية اخري بعكس الحالة التركية.
الآيفون هزم الدبابات
وقد أشار لهذا الكاتب البريطاني "ديفيد هيرست" في مقال بعنوان " كيف هزم الايفون الدبابات في تركيا؟"، مشيرا لأن الانقلابيين الاتراك لجأوا إلى كافة الوسائل علهم يستولون على السلطة، حيث احتلوا مطارين وأغلقوا ثالثا، وحاولوا فصل الجانب الأوروبي عن الجانب الآسيوي من إسطنبول، وقصفوا البرلمان تسع مرات، وضربوا المقر الرئيسي لوكالة الاستخبارات التركية، ومع هذا هزمه موبيل الرئيس التركي.
فلإلحاق الهزيمة بالانقلاب، لجأ الرئيس التركي إلى هاتفه النقال (الآيفون)، ولجأت المساجد إلى سماعاتها التي انطلق منها صوت التكبير قبل ساعات من طلوع الفجر.
وتابع: "جاءت نقطة التحول في أحداث تركيا عندما بثت صور أردوغان وهو يتكلم عبر هاتفه الآيفون ثم انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي كانتشار النار في الهشيم".
ففي تلك اللحظة بدت الأمور كما لو أن الانقلاب كان على وشك النجاح، إلا أن أردوغان طالب شعبه بالخروج إلى الشوارع والبقاء فيها، ولبي الاتراك النداء، وهزم الآيفون الدبابات، وأثبتت تركيا أنها ليست مصر.
وسائل التواصل تنقذ أردوغان
وقد اشارت لهذا أيضا صحيفة هآرتس التي أشارت لأن أردوغان هاجم وسائل التواصل ووصفها بالوسائل المظلمة التي تسعى للنيل من بلاده، لكن تلك التكنولوجيا هي من ساعده في إخراج مؤيديه للشوارع.
وقال المحلل الإسرائيلي "أنشيل بيبر" في مقال بصحيفة "هآرتس" أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في حشد مؤيدي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأمر الذي أدى في النهاية إلى إحباط محاولة الانقلاب عليه.
فقال إن "القاعدة الأولى في الانقلاب هي ضرورة سيطرة المتآمرين بسرعة على مبنى التلفزيون الوطني لإقناع الأمة بأنهم باتوا يسيطرون على الوضع"، وأن الانقلابيون الذين خططوا ونفذوا محاولة الانقلاب الذي مني بالفشل الذريع، عملوا وفقا لهذه القواعد وسيطروا على القناة الرسمية TRT.
وقالت انه في وقت الشدة كانت تلك التكنولوجيا ووسائل التواصل هي ما ساعدت في إخراج مؤيدي الرئيس للشوارع، وقنوات التلفزة الخاصة تلك هي التي بثت من أجله الأخبار، إلى جانب وسيلة إعلام أقدم للغاية هي مكبرات المساجد في الأحياء.
وتقول "هأرتس": "أردوغان الذي يؤمن أن الانترنت والصحافة الحرة تتبنى أجندة معادية لتركيا، رأى الآن كيف أمكن استخدامهم أيضا لإحباط عمليات المتآمرين ضده، ومع ذلك من المبالغ فيه الآن توقع أن يغير تعامله مع المسألة حتى بعد إحباطه لمحاولة الانقلاب".
ثورة معلومات
لم يعد الانترنت مجرد جهاز للتصفح وقراءة الأخبار والمعلومات وإنما يمكن من خلاله خلق الأخبار والعمل كوكالة أنباء مستقلة بعدما أصبح كل مواطن يمتلك (كاميرا موبيل + جهاز كمبيوتر + أنترنت) أن يتحول لصحفي يبث على الانترنت أخبار عن مظاهرة ما بالصور، بل وأن يضع فيديو للحدث (مظاهرة أو صور تعذيب) على موقع يوتيوب أو تويتر أو غيره وينهي الرقابة الحكومية.
هذه الثورة المعلوماتية مثلما سمحت لكل تيار ديني أو غيره أن يستفيد من الشبكة في نشر أخباره ونشراته وصور وفيديو ندواته وفعاليته بدون حواجز أو حدود أو زمن، فهي سمحت أيضا بإفشال الانقلاب التركي.
وعندما تحرك انقلابيو تركيا للاستيلاء على الحكم، ساروا علي نفس النهج الكلاسيكي التقليدي القديم، فما كان من الرئيس التركي أردوغان إلا أن سجل كلمة على موبيله (الايفون) وبعث بها لمحطة تلفزيون تركية أخري، يدعو شعبه للنزول للتصدي للانقلابيين، ما أربكهم، وكان اول مسمار في نعش انقلابهم الفاشل.
ومع أن وسائل التكنولوجيا الحديثة، كالموبيل والكاميرا والانترنت أثبتت قدرتها علي صنع "المواطن الصحفي" مبكرا الذي يغطي الاحداث وينقل – بأسرع من الصحف والفضائيات ما يراه ويسجله بكاميراته، فهي اثبتت في الحالة التركية أنها قادرة على إنقاذ الأنظمة الحاكمة من السقوط إذا ما تعرضت لأزمات.
وبعد أن كانت السيطرة على مبنى الإعلام الرسمي للدولة تعني نجاح أي انقلاب يحدث، أثبتت هذه التكنولوجيا الحديثة أن السيطرة على مباني التلفزيونات بالدبابات لا قيمة له، والحاكم يمكنه أن يعود للسلطة مرة أخرى إذا استطاع الوصول لشعبه، وحارب الانقلابيون بسلاح الاعلام والوصول للشعب.
الفارق بين مصر وتركيا
وقد فتح ما جري لاردوغان، باب المقارنة بين ما جري له، وبين ما فعله قادة الانقلاب في مصر في الثالث من يوليو 2013، بعزل الرئيس الشرعي محمد مرسي، حيث حاول مرسي القيام بما قام به اردوغان وبعث باخر رسالة له عبر كاميرا الموبيل لشعبه، ولكن الرسالة لم تبثها أي قناة مصرية بسبب مشاركة اصحابها في الانقلاب، كما ان مرسي جري احتجازه وقطعه عن العالم تماما.
ولكن العنصر المشترك بين الحالتين هو (كاميرا الموبايل) التي ظهر من خلالها رئيسا الدولتين أثناء الأحداث ليوجهوا رسائل لمؤيديهم، ونجحت في الحالة التركية، لأسباب اخري كثيره اهمها ان اردغان كان حرا ولم يطاله الانقلابيون، بينما مرسي جري التحفظ على او اختطافه قسريا في ثكنة عسكرية.
فقد بعث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر (فايس تايم) رسالة فيديو مصوره له عبر كاميرا الموبيل الخاص به، الي قناة (سي إن إن تركيا) وما ان بثتها حتى دب الحماس في نفوس مؤيديه للنزول، وكبح وحدات من الجيش التي حاولت الانقلاب على نظام حكمه.
وما ان سمع الاتراك رسالته بالنزول للشارع لمواجهة الانقلاب، حتى امتلأت بهم الشوارع وبدأوا يصطدمون مع جنود الانقلاب ثم يعتقلونهم، وأجهضوا الانقلاب بفضل كاميرا الموبيل التي وقفت أمام الدبابة.
وعلى العكس في مصر، نجح انقلاب 3 يوليه 2013 ضد الرئيس محمد مرسي، لأنه في الوقت الذي كان يجري فيه بث اعلان وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي بعزل رئيس الجمهورية محمد مرسي، كان مرسي ينقل الي ثكنة عسكرية خارج القاهرة تبين لاحقا انه في الإسكندرية.
ومع أنه ظهر خطاب مسرّب لمرسي وهو في مكتبه، يتحدث فيه للشعب المصري، تم تصوير بواسطة كاميرا هاتف محمول إلا أن هذا الخطاب لم يصل لأي وسيلة اعلام في حينه، كما أن الاوضاع كانت مختلفة وهناك خطة انقلابية متكاملة يشارك فيها الجيش والشرطة واجهزة الدولة العميقة كلها بلا استثناء وحتى احزاب المعارضة، بعكس الوضع في تركيا.
ايضا عندما خرج مؤيدي مرسي للتظاهر كان أغلبهم من الاخوان والاسلاميين، وحاصرتهم الشرطة والجيش معا وجرت ضدهم عدة مجازر، وشارك في الانقلاب اعلي محكمة دستورية والمخابرات واطياف سياسية اخري بعكس الحالة التركية.
الآيفون هزم الدبابات
وقد أشار لهذا الكاتب البريطاني "ديفيد هيرست" في مقال بعنوان " كيف هزم الايفون الدبابات في تركيا؟"، مشيرا لأن الانقلابيين الاتراك لجأوا إلى كافة الوسائل علهم يستولون على السلطة، حيث احتلوا مطارين وأغلقوا ثالثا، وحاولوا فصل الجانب الأوروبي عن الجانب الآسيوي من إسطنبول، وقصفوا البرلمان تسع مرات، وضربوا المقر الرئيسي لوكالة الاستخبارات التركية، ومع هذا هزمه موبيل الرئيس التركي.
فلإلحاق الهزيمة بالانقلاب، لجأ الرئيس التركي إلى هاتفه النقال (الآيفون)، ولجأت المساجد إلى سماعاتها التي انطلق منها صوت التكبير قبل ساعات من طلوع الفجر.
وتابع: "جاءت نقطة التحول في أحداث تركيا عندما بثت صور أردوغان وهو يتكلم عبر هاتفه الآيفون ثم انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي كانتشار النار في الهشيم".
ففي تلك اللحظة بدت الأمور كما لو أن الانقلاب كان على وشك النجاح، إلا أن أردوغان طالب شعبه بالخروج إلى الشوارع والبقاء فيها، ولبي الاتراك النداء، وهزم الآيفون الدبابات، وأثبتت تركيا أنها ليست مصر.
وسائل التواصل تنقذ أردوغان
وقد اشارت لهذا أيضا صحيفة هآرتس التي أشارت لأن أردوغان هاجم وسائل التواصل ووصفها بالوسائل المظلمة التي تسعى للنيل من بلاده، لكن تلك التكنولوجيا هي من ساعده في إخراج مؤيديه للشوارع.
وقال المحلل الإسرائيلي "أنشيل بيبر" في مقال بصحيفة "هآرتس" أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في حشد مؤيدي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأمر الذي أدى في النهاية إلى إحباط محاولة الانقلاب عليه.
فقال إن "القاعدة الأولى في الانقلاب هي ضرورة سيطرة المتآمرين بسرعة على مبنى التلفزيون الوطني لإقناع الأمة بأنهم باتوا يسيطرون على الوضع"، وأن الانقلابيون الذين خططوا ونفذوا محاولة الانقلاب الذي مني بالفشل الذريع، عملوا وفقا لهذه القواعد وسيطروا على القناة الرسمية TRT.
وقالت انه في وقت الشدة كانت تلك التكنولوجيا ووسائل التواصل هي ما ساعدت في إخراج مؤيدي الرئيس للشوارع، وقنوات التلفزة الخاصة تلك هي التي بثت من أجله الأخبار، إلى جانب وسيلة إعلام أقدم للغاية هي مكبرات المساجد في الأحياء.
وتقول "هأرتس": "أردوغان الذي يؤمن أن الانترنت والصحافة الحرة تتبنى أجندة معادية لتركيا، رأى الآن كيف أمكن استخدامهم أيضا لإحباط عمليات المتآمرين ضده، ومع ذلك من المبالغ فيه الآن توقع أن يغير تعامله مع المسألة حتى بعد إحباطه لمحاولة الانقلاب".
ثورة معلومات
لم يعد الانترنت مجرد جهاز للتصفح وقراءة الأخبار والمعلومات وإنما يمكن من خلاله خلق الأخبار والعمل كوكالة أنباء مستقلة بعدما أصبح كل مواطن يمتلك (كاميرا موبيل + جهاز كمبيوتر + أنترنت) أن يتحول لصحفي يبث على الانترنت أخبار عن مظاهرة ما بالصور، بل وأن يضع فيديو للحدث (مظاهرة أو صور تعذيب) على موقع يوتيوب أو تويتر أو غيره وينهي الرقابة الحكومية.
هذه الثورة المعلوماتية مثلما سمحت لكل تيار ديني أو غيره أن يستفيد من الشبكة في نشر أخباره ونشراته وصور وفيديو ندواته وفعاليته بدون حواجز أو حدود أو زمن، فهي سمحت أيضا بإفشال الانقلاب التركي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق