هروب جماعى للكبار من أمام "السيسى"
بسبب السياسات الاقتصادية التى كلفتهم كثيرًا
منذ 5 ساعة
عدد القراءات: 5506
تستمر سياسات قائد الانقلاب العسكرى، عبدالفتاح السيسى، ورجاله الذين أحكموا سيطرتهم على كل شئ بالبلاد، إلى حالة هروب جماعية لكبار المستثمرين، متوجهين حسب وصفهم إلى أسواق أكثر استقراراً ووضوحًا بالمنطقة، حتى جاءت أزمة السكر مع استمرار ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه ليعجل بمسلسل الهروب.
الانقلاب كان بداية
ومع إعلان العسكر الانقلاب على الشرعية التى ارتضاها الشعب المصرى لنفسه، شهدت البلاد هروبًا جماعيًا للمستثمرين، حيث قامت ما يزيد عن 10 شركات عالمية بإغلاق فروعها في مصر وهروبها إلى الخارج بسبب هذا إلى جانب توقف شركات محلية كبرى وتسريح عدد كبير من العاملين بها، حيث بلغ عدد المصانع التي أغلقت بعد أحداث الثالث من يوليو حوالي 855 مصنعًا وذلك وفقًا للخطابات المقدمة من أصحاب تلك المصانع لمركز تحديث الصناعات، و3500 شركة صغيرة ومتوسطة بحسب الاتحاد العام لنقابات عمال مصر.
كما توقفت العديد من المصانع عن التشغيل وقامت بتسريح العمالة بها واضطرت في المقابل مصانع أخرى إلى تقليل عدد الورديات وتسريح عدد كبير من العمالة لعدم قدرتها على الوفاء بالالتزامات المطلوبة منها، لينضم إلى طابور العاطلين نحو 33 ألف مواطن.
وكانت بداية الشركات الراحلة عن مصر هي شركة "توماس كوك" الألمانية للسياحة والسفر -والتي تعد واحدة من أكبر الشركات السياحية التي كانت تعمل في مصر- اتخذت قرارها بوقف النشاط والرحلات، وأعلنت الشركة عن بيع 100% من أسهمها في مصر ولبنان إلى مجموعة "يوسف بن أحمد كانو" البحرينية، وتبعتها شركة (TUI) الألمانية للسياحة.
وفي أغسطس 2014، أغلقت أيضا شركة "رويال داتش شل" النفطية أبوابها حرصا على سلامة عمالها، بدعوى "مراقبة الوضع"، بالإضافة إلى شركة "باسف" الألمانية العملاقة للكيماويات، التي أغلقت بسبب "العنف الذي يعصف بالبلاد"، كما أنهت شركة "يلدز" التركية للصناعات الغذائية باستثماراتها العملاقة في مصر تعاملاتها بسبب انخفاض مبيعاتها.
كما قررت مصانع 3 شركات عالمية للسيارات هي "جنرال موتورز" و"تويوتا "و"سوزوكي" التوقف عن تجميع هياكلها في مصر حرصا على أرواح العاملين.
لم تكن هذه الشركات هي الأولي التي قررت الرحيل عن مصر، فقد سبقتها بعض الشركات العالمية
الكبري مثل "أديداس" Adidas و"بوما" Puma اللذين أقفلا ورحلا وخلّفا وراءهما 12 ألف موظف انضموا لتعداد العاطلين عن العمل.
بالإضافة إلى سبعة آلاف آخرين تم تسريحهم من مصانع "إلكترولوكس" السويدية للأجهزة المنزلية والتي كانت توظف نحو 6750 عاملا في مصانعها بمجمعين حول القاهرة، وبلغ حجم إيرادات الشركة في مصر العام الماضي 308 ملايين دولار.
وفي فبراير 2014 أعلنت شركة "ماكرو ماركت مصر"، التابعة لمجموعة "مترو كاش آند كاري"العالمية المتخصصة في متاجر التجزئة، تصفية أعمالها في مصر وبيع أصولها لمستثمرين سعوديين.
لا توجد رؤية
يرى خبراء أن هناك أسباب عدة أدت لهروب المستثمرين من مصر، وتعليقا على هذا الأمر قال الدكتور عفت السادات رئيس حزب "السادات الديمقراطي" - في تصريحات صحفية - أن السبب الرئيسي وراء هروب المستثمرين المصريين والأجانب من السوق المصرية هو الرؤية الضبابية لمستقبل الوضع الاقتصادي فى البلاد.
وأشار السادات أن من أسباب هروب المستثمرين أيضًا هي البيروقراطية والروتين وعدم ثقة المصريين في الخارج في الاقتصاد المصري، محذرًا من خطورة إعلان تعويم الجنيه أمام الدولار ليصل تقريبا إلى 12 جنيها للدولار الواحد، دون أن تكون هناك خطة محددة الملامح وممنهجة ودون أن يتم توفير العملة الصعبة للمتعاملين واصفًا القرار بأنه سيضر أكثر مما سينفع.
وفي حوار مع صحيفة "الوطن" أكد مستثمر الفرنسى الجنسية، مصرى الأصل، يدعى عبدالعظيم ليلة، بأنه فوجئ، على مدار أكثر من عشر سنوات حاول خلالها النفاذ للسوق المصرية، بتلال من الصعاب والمشكلات التى لم يألفها فى أى بلد آخر، واصفًا مصر بأنها "بلد العجائب" بسبب تضارب اختصاصات وزارات وهيئات، ومتاهات وثغرات فى إجراءات التقاضى.
وأكد "أبوليلة" الذى يدير شركة استشارات فى الاستثمار الصناعى فى باريس، أنه جمع كل هذه المشكلات والملاحظات والمشاهدات، مشفوعة بمقترحات وحاول طرحها على كل مسئول مصرى يزور فرنسا منذ لكن دون جدوى تذكر، مشيرًا إلى صعوبة الحصول على الأراضى، مع "هوّس" فى الاستثمار فى الأراضى الفضاء والعقارات.
وأوضح أن المسئولون فى مصر يعتقدون أن بإمكانهم إقناع المستثمر الأجنبى بكلام إنشائى، ولا يعلمون أن السفارات الأجنبية والغرف التجارية ومجالس الأعمال تعد تقارير دقيقة لمستثمريها، وهذه التقارير هى التى يبنى عليها المستثمر قراره، وليس الكلام المعسول الذى يسمعه من المسئولين فى مصر.
وصادرت السلطات المصرية هذا الأسبوع ألفي طن من مخزون السكر، في إجراء لمواجهة نقص مادة السكر في مصر، وسط أزمة اقتصادية تركت بعض المحال التجارية خاوية وباتت تشكل واقعا مريرا تعاني منه مختلف الطبقات الاجتماعية في مصر.
أزمات متتالية
قرار مداهمة السلطات لشركة "ايديتا" لصناعة الأغذية لتي تمتلك مصنع الحلوى هذا الأسبوع أثار قلقا كبيرا لدى المستثمرين في مصر حيث قالت مديرة علاقات الاستثمار في الشركة إن الأمر يثير قلقا لدى مجتمع الاستثمار، في حين اعتبر نائب رئيس الوزراء السابق في عهد الحكومة الانتقالية بعد الانقلاب على مرسي في 2013 أن إدارة أزمة السكر مقلقة جدا للمستثمرين.
وقبل أزمة النقص في السكر طالت الأزمة كذلك مادة الأرز، وزيت الطبخ، ولبن الأطفال والأدوية.
الخبير الاقتصادي لدى بنك المجموعة المالية "هيرميس" الاستثماري محمد باشا قال من جهته إن حصول الحكومة على قرض صندوق النقد الدولي يهدف إلى حل نقص النقد الأجنبي وسوء التسعير في السوق، والتعامل مع الاختلالات المالية البارزة لكن هذه الإصلاحات التي ترمي إلى تخفيف العجز في الميزانية، تشوبها إجراءات عشوائية تؤدي إلى خطوات مثل مصادرة السكر.
وبلغت احتياطات مصر من النقد الأجنبي 19،6 مليار دولار أميركي في سبتمبر الفائت، وهو ما يلامس بالكاد نصف احتياطي مصر مطلع عام 2011 فيما تفيد الأرقام الرسمية أن 27.8% من سكان مصر يعيشون تحت خط الفقر ووصل مستوى التضخم إلى أكثر من 14%، وهو ما قد يؤدي إلى احتمالات خروج تظاهرات حاشدة احتجاجية ضد الحكومة كذلك يخشى العديد من المصريين الاضطرابات وعنف الجهاديين الذي استهدف السياح والمستثمرين خلال السنوات الست الماضية.
ساويرس كان أول الهاربين
وأيضا قرر الملياردير ناصف ساويرس مؤسس شركة أوراسكوم للإنشاء والصناعة، إحدى كبرى شركات التشييد والأسمدة في العالم، إنهاء الوجود القانوني لشركته "أوراسكوم" في مصر في يناير من نفس العام، جاءت تلك الخطوة متوازيةً مع نقل عائلة "ساويرس" معظم استثماراتها خارج مصر إما ببيعها إلى شركات أخرى أو الاستحواذ عليها بواسطة شركات تابعة لها في دول أجنبية، مثلما حدث مع شركة أوراسكوم التي استحوذت عليها شركة هولندية أنشأها ساويرس نفسه.
ومن قبلها قررت شركة "ياهو" التي تقدم خدمات إنترنت عدّة أبرزها البريد الإلكتروني ومحرك البحث غلق مكتبها في مصر بنهاية عام 2013 في إطار خطة لتركيز فروعها في أماكن أقل.
بدأ مكتب "ياهو" في مصر بحوالي 200 موظف منذ عامين تقريبًا، وتقلص العدد وقت إصدار قرار غلق المكتب إلى 120 موظفًا، تم تسريح أغلبهم ونقل بعضهم إلى فرعي الشركة في دبي وعمان.
الإمبراطورية العسكرية أحد تلك الأسباب
وصف المصري - الفرنسي عبدالعظيم ليلة أن تسجيل الأراضى فى مصر على سبيل المثال "مصيبة"، لأنه لا توجد هيئة واحدة تضمن أحقية المستثمر فى الأراضى التى تشتريها بعيدًا عن مشاكل الوراثة وإعلان الوفاة وغيرها من المتاهات القانونية التى يجد المستثمر نفسه فيها، موضحًا الوضع فى فرنسا بسيط جدًا، لأن هناك هيئة تقوم بكل هذه الإجراءات، وتمنحك صكًا يحميك من المنازعات على الأرض.
وعند الحديث عن صعوبة حصول المستثمر على الأراضي، يتوجب الحديث عن الأراضي التي يستولي عليها جنرالات الجيش بمنتهى السهولة، لأنهم أصبحوا من يحكم بمفردهم ولا يخضعون لأي محاسبة أو قوانين.
ومنها ما حدث في يونيو الماضي حين أعلن عبد الفتاح السيسي في الجريدة الرسمية بتخصيص أراضي بعمق 2 كيلو متر على جانبي الطرق ذات طبيعة عسكرية التي يتم إنشاؤها أو إصلاحها حاليا، ويبلغ إجمالي مختلف الطرق في أنحاء الجمهورية لوزارة الدفاع 21 طريقا، وهو القرار الذي آثار جدلا كبيرا بين مختلف طوائف الشعب، خاصة فى ضوء نقص المعلومات المتاحة مع صدوره، بجانب مخالفته للمادة 32 من الدستور التى تحظر على الدولة تحويل أراضي الدولة والملكية العامة إلى ملكية خاصة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق