"الشاذلي" القائد العسكرى الذى أنصفه الرئيس المدني
06/10/2016 07:51 م
أحمدي البنهاوييتعمد الانقلاب بل والعسكر منذ 1973، محو أي أثر لمن كان سببا حقيقيا في نصر أكتوبر الذي تحل ذكراه الـ43 اليوم، ومن أهم تلك الآثار، الفريق سعد الدين الشاذلي، رئيس أركان القوات المسلحة في الفترة من (1971-1973)، وهو الشخصية التي جعلت القوات المسلحة المصرية على أتم الاستعداد لعملية اقتحام خط بارليف، وتحقيق نصر تقول عنه "مجلة الإكونومسيت البريطانية"، "لقد كـان فوزا عظيما، إنه أعظم الانتصارات العربية فى التاريخ الحديث".
والباحث في تاريخ الشاذلي يرى تاريخا مهنيا مشرفا وعقلية عسكرية نادرة وكفاءة وقدرة عسكرية غنية، تسببت في منحه الكثير من الألقاب والمناصب، فتعيينه قائدًا للقوات الخاصة والصاعقة والمظلات في الفترة ما بين (1967 -1969) تعد الأولى في تاريخ الجيش المصري، والتي يتم فيها الجمع بين القوات الثلاث.
السادات والجمسي
وكانت شهادة الرئيس الراحل محمد أنور السادات في مذكراته "البحث عن الذات"، والتي اتهم فيها الفريق الشاذلي بالتخاذل، وتسببه في "الثغرة" أثناء حرب أكتوبر، الفارقة في حياة الشاذلي، والتي قلبت موازين الأمور لاحقا.
في حين أن المشير محمد عبد الغني الجمسي، رئيس هيئة العمليات أثناء حرب أكتوبر، في مذكراته (مذكرات الجمسي/ حرب أكتوبر 1973)، قال: "لقد عاصرت الفريق الشاذلي خلال الحرب، وقام بزيارة الجبهة أكثر من مرة، وكان بين القوات في سيناء في بعض هذه الزيارات، وأقر أنه عندما عاد من الجبهة يوم 20 أكتوبر لم يكن منهارا، كما وصفه الرئيس السادات في مذكراته (البحث عن الذات صفحة 348) بعد الحرب. لا أقول ذلك دفاعا عن الفريق الشاذلي لهدف أو مصلحة، ولا مضادا للرئيس السادات لهدف أو مصلحة، ولكنها الحقيقة أقولها للتاريخ".
الشاذلي يرد
وعلى موقعه الإلكتروني الذي يحمل اسمه، دافع الفريق الشاذلي عن نفسه قائلا: "إن الانتصار العسكرى الباهر تحول إلى هزيمة سياسية، عندما انتقلت مصر بموجب معاهدة كامب ديفيد من معسكر الدول العربية المناهضة لإسرائيل إلى معسكر الدول العربية التى تنادى بالتصالح مع إسرائيل".
مضيفا أن "خروج مصر من دائرة الصراع العسكرى ضد إسرائيل الميزان العسكرى بين العرب وإسرائيل، أصابها بخلل بالغ. ما أتاح لإسرائيل فرصة أن تحاول القضاء على الدول العربية الواحدة بعد الأخرى".
واعتبر "الشاذلي" أن الخطوة الأولى نحو تنفيذ هذا المخطط الخطير، يوم 11 أكتوبر 73، عندما أصر الرئيس أنور السادات على تطوير الهجوم المصرى نحو المضايق، بالرغم من معارضة القادة العسكريين".
متابعا: هذا الهجوم الذى تم بدون توفر أى حماية جوية أو وسائل دفاع جوى، والذى أدى فشله إلى نجاح إسرائيل فى اختراق القوة الدفاعية المصرية فى منطقة الدفرسرار. والذى أدى بدوره إلى حصار الجيش الثالث، والذى أدى بدوره إلى مفاوضات الكيلو 101، والذى أدى بدوره إلى التنازلات الواحدة بعد الأخرى.
التكريم ومبارك
ويعتبر الفريق الشاذلي الوحيد من قادة حرب أكتوبر الذي لم يتم تكريمه، بل وتم تجاهله في الاحتفاليات التي أقامها مجلس الشعب المصري لقادة حرب أكتوبر، والتي سلمهم خلالها "أنور السادات" النياشين والأوسمة، ومنهم قائد سلاح الطيران حسني مبارك.
وفي حياته، كان يعبر الفريق الشاذلي عن شعوره بمرارة الظلم وتجاهل دوره الكبير في حرب أكتوبر ومحاولات التنكيل به؛ بسبب خلافه مع السادات ومعارضته لمعاهدة كامب ديفيد، حتى بعد رحيل السادات، وكتبه عن حرب أكتوبر، والتي كانت سببا لاتهامه وإدانته والحكم عليه بالسجن.
فلم يذكر إعلام مبارك الدور الكبير الذي أحرزه الشاذلي وقت حرب أكتوبر، فلم يكن منافسا لصاحب الضربة الجوية التي بالغ الإعلام في تكرارها، كما نزعت صورته من بانوراما حرب أكتوبر وتم وقف معاشه، ليقضي آخر 20 عاما في حياته على أجر قطعة أرض ورثها عن أبيه.
ومثل تكريم الثورة (25 يناير)، ممثلة في شخص الرئيس د. محمد مرسي، لاسم الفريق سعد الدين الشاذلي- الذي توفي عن 89 عاما في 10 فبراير 2011، بالمركز الطبي العالمي التابع للقوات المسلحة- وهو عبارة عن قلادة النيل العظمى، تسلمتها أسرته في 3 أكتوبر 2012، لدور الفريق الشاذلي المشرف في حرب أكتوبر.
وهو ما مثل صدمة لبعض قيادات الجيش، التي كانت تصر على منع التكريم عن شخص "الشاذلي"؛ لإظهار "مبارك" أنه صاحب الانتصار وقائد الضربة الجوية الأولى!.
وشاءت إرادة الله أن يكون يوم تنحي مبارك جنازة عسكرية مهيبة للفريق الشاذلي؛ حضرها آلاف الضباط والجنود والثوار، وتقدمها الشيخ حافظ سلامة، قائد المقاومة الشعبية في السويس في حرب أكتوبر.
كتاب الشاذلي
وأوضح كتاب (حرب أكتوبر/ مذكرات الشاذلى) تفاصيل الثغرة، وكيف تسببت قرارات السادات في الانحناء أمام إرادة الصهاينة والأمريكان، ويعتبر كتاب الفريق "الشاذلى"، هو الكتاب الوحيد الصادر عن "أكتوبر" دون إذن أو رقابة من السلطات المصرية، بحسب مؤلفه، وذلك بعكس الأخرى التى نشرت بواسطة القادة العسكريين أو بواسطة الصحفيين، فقد خضعت جميعها لرقابة وزارة الدفاع المصرية قبل النشر.
وأعاد الفريق الشاذلي طباعة الكتاب عام 2003، بعد إضافة ثلاثة أبواب، خصصت جميعها للرد على التعليقات التى ظهرت فى كتب الأخرى عن حرب أكتوبر.
الغريب أن الكتاب كان في متناول القارئ من خلال تحميله من خلال الموقع الخاص بالفريق الشاذلي ومن خلال مواقع أخرى، غير أنه لم يعد متوفرا، ما يضع الكثير من علامات الاستفهام حول دور وزارة الدفاع في محو الكتاب من خريطة الكتب التي تتحدث عن نصر أكتوبر من غير زاويتها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق