الدعم الخليجي يغادر القاهرة إلى تونس والسبسي يعاير السيسي
30/11/2016 09:45 م
كتب- يونس حمزاوي:
في مؤشر لافت لا تخفى دلالته، يبدو أن الدعم الخليجي غادر القاهرة متجهًا إلى تونس؛ حيث انطلقت أمس أعمال "المؤتمر الدولي للاستثمار تونس ٢٠٢٠"، وسط إجراءات أمنية مشددة، وعرضت الحكومة على المستثمرين ١٤٥ مشروعًا حكوميًا وخاصًا، بتكلفة ٣٣ مليار دولار أمريكي، فى محاولة للنهوض باقتصادها المُنهَك، بعد ٦ سنوات على الثورة، وأبرمت الحكومة عقودًا بمليارات الدولارات، وتلقت مساعدات ومنحًا وقروضًا وودائع بعدة مليارات أخرى خلال أول أيام المؤتمر الذي يستمر يومين.
دعم خليجي
ومع توتر العلاقات السعودية مع سلطات الانقلاب في مصر، وتعليق الرياض دعمها للسيسي بوقف إمدادات البترول من شركة أرامكو التي كانت تغطي 40% من احتياجات السوق المصرية من الوقود يبدو أن الدعم الخليجي - باستثناء الإمارات - غادر القاهرة متجها إلى تونس.
وحصدت تونس في اليوم الأول من المؤتمر، أكثر من 9 مليارات دولار منحًا وقروضًا من قطر والكويت والسعودية وتركيا وفرنسا وكندا وسويسرا وعدد من الصناديق العربية والأوروبية.
وقدم أمير قطر، تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، منحة قيمتها 1.25 مليار دولار، فيما أعلن نائب رئيس الصندوق السعودي للتنمية، يوسف بن إبراهيم البسام، أن بلاده ستقدم دعمًا جديدًا لتونس بقيمة 800 مليون دولار.
وقدمت الكويت 500 مليون دولار، وتركيا وديعة بمائة مليون دولار، والبنك الدولي مليار دولار، وسويسرا 108 ملايين دولار. وكندا نحو 24 مليون دولار.
كما أعلن البنك الأوروبي للاستثمار عن إقراض تونس 2.5 مليار يورو في الفترة الممتدة حتى 2020. وقدم الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي مبلغ 1.5 مليار دولار لتمويل مشروعات التنمية، كما وقعت تونس وفرنسا ست اتفاقيات تعاون بقيمة 1.3 مليار دولار.
رئيس تونس يعاير السيسي
وفي لفتة تمثل معايرة من جانب الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي لقائد الانقلاب في مصر عبدالفتاح السيسي صرح السبسي قبيل المؤتمر أن الثورة التونسية هي "الوحيدة التي نجحت في المنطقة" في إشارة إلى فشل تجربة مصر على يد العسكر الطامعين في احتكار السلطة.
وأضاف السبسي، في حوار مع قناة "العربية" عشية المؤتمر: "حققت نتائج لم يحققها غيري، رغم عدم مشاركتي في الثورة، ومنعت تونس من الانزلاق في حمام دم" في إشارة إلى مصر وسوريا واليمن وليبيا.
وتابع: "تونس نجحت في تحقيق الانتقال الديمقراطي، وهي الثورة الوحيدة التي نجحت رغم المشاكل الاقتصادية والأمنية".
رعاية قطرية
وحضر المؤتمر قرابة 2000 من الضيوف، بحسب المنظّمين، يمثلون 14 بعثة من الأمم المتحدة وحكومات أجنبية بجانب ممثلين عن مصارف عالمية ورجال أعمال.
وتشير وقائع المؤتمر الذي ينتهي اليوم الأربعاء، إلى أن الدعم المالي الأكبر، والعزيمة السياسية الأوضح، جاءت من دولة قطر التي قدمت مبادرة ورعاية لهذا المؤتمر منذ فكرته الأولى.
وحضرت قطر بقوة في أعمال المؤتمر من خلال تمثيل سياسي رفيع تمثل بمشاركة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني على رأس وفد اقتصادي كبير، وهو ما دفع الرئيس التونسي إلى توجيه رسالة شكر كبيرة لقطر، على مساندتها المستمرة لبلاده منذ انطلاق الثورة التونسية.
وتُرجم اهتمام الدوحة بمساعدة تونس على تخطي صعوباتها الاقتصادية من خلال إعلان أمير قطر عن منح بلاده دعمًا ماليًا لتونس بقيمة 1.250 مليار دولار، مشيرًا إلى أن الدوحة ستواصل دعم وتقديم المساعدات اللازمة لتونس من أجل إنجاح تجربتها الديمقراطية والتصدي للمخاطر الإرهابية التي تحيط بالمنطقة.
واعتبر الشيخ تميم أن المشاركة الدولية الواسعة في المؤتمر، تؤكد المكانة التي تحظى بها تونس في المنطقة والعالم، وهو ما يفسر الاهتمام بتجربتها الديمقراطية الواعدة.
وأضاف: "نجاح برامج التنمية في تونس هو هدف بحد ذاته؛ لأنه يمكّن من خلق فرص عمل للشباب، من شأنها أن تساهم في حل مشكلة البطالة والوقاية من الظواهر السلبية التي ترتبط بها، ومنها اليأس والتطرف".
وأعرب أمير قطر عن مساندة خطّة الحكومة التونسية في التنمية والنهوض الاقتصادي والاجتماعي وتعزيز الاستقرار السياسي، وحشد الدعم الإقليمي والدولي لتمويل مشاريع تطوير البنية التحتية ضمن خطة تونس للتنمية.
تبديد المخاوف
وبدّد الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل، حسين العباسي، مخاوف مراقبين من عدم وجود مناخ اجتماعي سليم بسبب الإضرابات، التي قد تكون تسببت في خروج عدد من المستثمرين من تونس إلى بلدان أخرى في السنوات القليلة الماضية.
وقال العباسي، في كلمة خلال المؤتمر، إن اتحاد الشغل يؤمن بالحوار ويسعى إلى مساعدة المؤسسات في النمو، وكذلك توفير الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للعمال.
وأضاف أن هذا المؤتمر ينعقد وقد قطعت تونس شوطًا كبيرًا في الانتقال الديمقراطي وأرست مؤسسات الدولة الديمقراطية، مشيرًا إلى أن بلاده صادقت على عدة قوانين لتسهيل الاستثمار.
وقال إن تونس عانت من الفساد والمحسوبية قبل الثورة، وأن أمامها مهمة كبيرة تتمثل في مقاومة الفساد القائم حتى اليوم.