"العصيان المدني".. التجربة السودانية تهز عرش السيسي
29/11/2016 04:56 م
كتب- سيد توكل:
موجة غليان وغضب في الشارع السوداني، احتجاجًا على غلاء الأسعار، وارتفاع فواتير الكهرباء والمياه والغاز، وصولاً إلى أزمة البترول، وسط دعوات ناجحة بالعصيان المدني في مواجهة "القمع الأمني".
وانتشرت في كل مواقع التواصل الاجتماعي دعوة للعصيان المدني الأحد الماضي بالسودان، في وقت لم تتبن فيه جهة سياسية أو شبابية ناشطة الدعوة في وقت بدأت فيه بعض الفتيات الكتابة على الجدران بالدعوة إلى الاعتصام.
ونشطت الحملة الداعية لمواجهة الحكومة "سلميًّا" ودون مواجهة مباشرة جميع السودانيين إلى التزام بيوتهم احتجاجًا على موجات الغلاء الكبيرة التي تضرب البلاد منذ زمن طويل، لكنها تفاقمت مع سياسات تخفيض سعر الصرف وزيادة أسعار الدواء، واستحوذ هشتاج “عصيان_مدني_27_نوفمبر” على اهتمام كثير من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، وأعلن عدد من الفنانين والصحفيين تأييدهم له.
مصر والعصيان المدني
يعرف الكاتب "بيرهيرنجرين" العصيان المدني في كتابه "طريق المقاومة.. ممارسة العصيان المدني" بأنه نشاط شعبي متحضر، يعتمد أساسًا على مبدأ اللاعنف، وأنشطة العصيان المدني هي عبارة عن تحدٍ لأمر ما أو لقرار ما، حتى لو كانت غير مقيدة بالقانون، وهدف النشاط المباشر هو أن يحافظ على ظاهرة معينة، أو أن يغير ظاهرة معينة في المجتمع.
والعصيان المدني ليس غريبًا على التاريخ المصري فقد بدأت ثورة 1919 في مصر بالعصيان المدني لقطارات السكة الحديد، وخلع الفلاحون القضبان في الريف، وفي عام 1971 اعتصم الآلاف من الطلاب في ميدان التحرير احتجاجًا على استمرار احتلال سيناء منذ 1967 ما كان له الأثر في اندلاع حرب أكتوبر 1973 للتحرير.
وتعددت دعوات العصيان المدني، حتى في الفترة ما قبل ثورة 25 يناير2011، وتحديدًا منذ عام 2008 حتى العام الجاري 2016، ففي أبريل 2008، دعا عدد من النشطاء لحركة شباب 6 أبريل إلى إضراب جديد، وتعليق علم مصر على شرفات المنازل، وفي خلفية السيارات وارتداء الملابس السوداء، وعدم الشراء أو البيع يوم 6 أبريل؛ بسبب ما وصفوه بالظروف الاقتصادية، البالغة السوء، التي يكابدها المواطن البسيط في مصر، وتضامنًا مع إضراب عمال المحلة، واعتبروه يتعرض لعملية إفقار منظمة من مسئولين بالدولة، يمثلون قلة من رجال الأعمال والمنتفعين بسياسات الحزب الوطني "المنحل"، يتحكمون في توزيع ثروات البلاد القومية لصالحهم.
ورغم أن تلك الدعوات شهدت قبولًا ملحوظًا، خصوصًا على مستوى المشاركة العمالية، فإنها واجهت بقمع أمني، عبر شن حملة اعتقالات ضد أبرز الداعين لها، ويعتبرها كثيرون بروفة أولى لثورة 25 يناير، التي لحقتها بثلاثة أعوام.
"نعم للعصيان المدني.. يسقط حكم العسكر"
في 11 فبراير 2012، بالتزامن مع ذكرى تنحي المخلوع محمد حسني مبارك، أعلن ما يزيد عن 117 حركة وحزبًا سياسيًا وقوى عمالية وطلاب جامعات حكومية وخاصة وفنية، مشاركتهم في الإضراب للضغط على المجلس العسكري، بهدف إرغامه على الرحيل عن السلطة، وتسليمها إلى رئيس مجلس الشعب أو انتخاب المجلس رئيسًا مؤقتًا، مع تحقيق القصاص لشهداء 25 يناير، ومحاكمة الرئيس المخلوع وأعوانه محاكمة ثورية، وتطهير مؤسسات الدولة من الفساد.
ولاقت الدعوة ردود فعل واسعة، بعد استجابة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة لطلب تسريع نقل السلطة، عبر الدعوة إلى انتخابات رئاسية أقيمت الجولة الأولى منها يومي 23 و24 مايو من نفس العام، أسفرت عن وصول الرئيس المنتخب محمد مرسي للقصر الرئاسي.
سبتمبر 2016
في سبتمبر 2016، دعا "المجلس الثوري المصري"، الشعب المصري إلى "العصيان المدني"، والامتناع عن دفع الفواتير في البلاد، ضمن حملة بعنوان "مش دافع"، لمناهضة نظام الانقلاب.
وخلال بيان للمجلس، قُرئ في مؤتمر صحفي بإسطنبول، جاء أنه "لم يعد أمامنا سوى طريقين، إما المقاومة الشعبية السلمية ضد السلطة العسكرية، أو الاستكانة والاستسلام حتى يفقد الشعب كل مقومات الحياة".
وأكدت رئيسة المجلس الثوري المصري، مها عزام، أن العصيان المدني ضد المنظومة القمعية الفاسدة والمغتصبة للسلطة في مصر، هو أول خطوات الثورة الشاملة للشعب المصري نحو تحرره من النخبة الفاسدة.
ونوهت إلى أن سياسات نظام السيسي أضرت بجميع قطاعات المجتمع، من خلال غلاء الأسعار الجنوني وتدهور معدلات النمو، حتى أصبحت الحياة العادية للعمال والفلاحين والموظفين شبه مستحيلة، بينما تستمر نخبة العسكر والقضاة والإعلاميين بالاستمتاع بترف يفوق ترف الأغنياء في الغرب.
مؤخرًا، دشنت صفحة عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، حملة لإعلان العصيان المدني، بالتزامن مع الدعوات للتظاهر يوم 11/11، رفضًا للانقلاب، والسعي إلى إسقاطه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق