هل فشلت "ثورة الغلابة"
د.م عاصم الفولي
منذ يوم
عدد القراءات: 4057
هل فشلت "ثورة العلابة" الإجابة على هذا السؤال تتوقف على ما كنت تتوقعه، أو ما الذي تعتبره نجاحا، إذا كنت تتصور أن النجاح هو أن يخرج عبد الفتاح السيسي من السلطة يوم 12/11 فسترى أن النتيجة سلبية، أما إذا كنت لاتطمح في أكثر من استعادة الحراك في الشارع فسترى أن شيئا ما قد حدث فعلا، لكن ما هو تقييمنا لهذا الذي حدث؟
من المبكر جدا أن نفكر في إصدار حكم على ما حدث في 11/11، هل هو بداية معقولة لحراك ثوري، أم أنه مجرد فورة عبرت عن نفسها وانتهت، كل ما نملكه الآن هو أن نقول أن حقيقتين قد ظهرا بوضوح يوم أمس:
أولا: لقد عبر العديد من القوى الثورية عن تخوفهم من أن تكون الدعوة للتظاهر يوم 11/11 هي مجرد دعوة مخابراتية، الهدف منها هو تكرار تمثيلية 30/6 لاستبدال السيسي بعسكري آخر، أو بدمية مدنية تمتص غضب الجماهير لكنها لا تغير شيئا من حقيقة جوهر النظام العسكري، وهذا التخوف جعلهم يراوحون في أماكنهم، يقدمون قدماً ويؤخرون أخرى، لا يستطيعون رفض النزول في 11/11 أو في أي يوم آخر، وفي نفس الوقت لا يريدون أن يكونوا أداةً في يد العسكر، يمثلون دوراً رسم لهم، ليبدو القادم الجديد كما لو كان انتصاراً للثورة، بينما هو مجرد خديعة كخديعة تنحي مبارك يوم 11/2/2011، أحسب أن هذا التخوف قد تراجع للخلف، واتضح أن العسكر ما زال ملتفا حول عبد الفتاح السيسي، أو أنه يريد استبداله، لكنه غير مستعد للمجازفة باستعادة زخم ثورة 25 يناير في سبيل ذلك .. هل سيؤدي هذا الاستنتاج إلى أن تستعيد هذه القوى الثورية حماسها للتغير، أم أن حماسها قد فتر، ولم يكن تلميحها إلى فكرة المؤامرة المخابراتية وعدم رغبتها في أن تكون أداة في يد العسكر إلا محاولة لستر ترهلها وعدم رغبتها، أو عدم قدرتها، على دفع فاتورة الثورة .. من المؤكد أن بعضهم كان يعبر عن تخوف حقيقي، الآن سنعرف من هو، وسنميزه عن الآخرين الذين كانوا يبحثون عن حجة للتخاذل أو للتخذيل.
ثانيا: لقد بدا واضحا أن السيسي لم يعد له أي ظهير شعبي، فالمناقشات التي كانت تدور بين الجماهير في كل مكان لم تكن حول ما إذا كانت الرغبة في التغيير خطأ أم صواب، ولكن المناقشات كانت حول مدى جدوى التظاهر في مواجهة سلطة قمعية تقتل المتظاهرين .. لم يبد أي ممن سمعناهم أو سمعنا عنهم خلال أبواق الإعلام أي دفاع عن السيسي، أو إدانة للرغبة في تغييره .. قارن هذا بموقف الجماهير العريضة التي كان قسما معتبرا منها يؤيد السيسي ويبدي تقديره وتأييده لعملية إزاحة الإخوان عن السلطة .. هل يمكن أن نعد هذا واحدا من النتائج الإيجابية لدعوة 11/11؟ .. الشيء الإيجابي ليس هو فقدان السيسي لشعبيته، فهو قد فقدها بسبب تصرفاته وسياساته، لكن ينسب لدعوة العلابة أنها كانت المناسبة التي اكتشف فيها كل واحد أنه ليس وحده، وهو اكتشاف مهم، فأنت لا تعبر علنا عن رفضك لنظام قمعي إذا كنت تتصور أنك ستكون وحدك.
هل نتوقع إذن أن يتصاعد الحراك ليتحول إلى ثورة؟ .. لا أستطيع الإجابة عن هذا السؤال، فالناس لا تثور لمجرد أنها تكره الموجود في السلطة، لابد أن تكون لديها فكرة معقولة عن البديل الذي تثور لتفرضه .. هل استعادت الجماهير ثقتها في الإخوان حتى تثور في سبيل استعادة حكم الرئيس مرسي؟ .. لا أظن .. يبقى أن تدرك الجماهير أن المطلوب هو استعادة النظام الديمقراطي، هو استعادة حقها في فرض من تريد، والرقابة عليه، وتغييره إذا لزم الأمر .. وأن تدرك أنها لن تعرف البديل في الظلام الدامس الذي تفرضه علينا حالة القمع التي نعيشها، لابد من فتح أبواب التعبير والحراك حتى يمكن اكتشاف البديل .. هل تدرك الجماهير كل ذلك؟ .. هل من سبيل لجعلها تدركه؟ .. الجماهير لن تثور لمجرد أنها غاضبة، الجماهير الغاضبة التي ليس لديها بديل تريد فرضه إما أن تتقوقع على آلامها في صمت، أو تخرج في حالة هياج تحطم فيه كل شيء، ثم لا تنتهي إلى شيء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق