09/12/2016 |
وعي الشعب.. أم بلاعات الإعلام؟
بقلم: د. عز الدين الكومي
النظام الانقلابي الذي سيطر على الإعلام من خلال أذرعه الإعلامية، واستعان بالشؤون المعنوية لعسكر كامب ديفيد، لافتعال معارك وهمية في شكل مؤامرات كونية يتحدث عنها جنرالات العسكر والخوابير الاستراتيجيين والأمنيين في كل مناسبة، ليَصرف انتباه الشعب عن جرائمه البشعة، فيما يُعرَف بسياسة الإلهاء!!
فالشعب صار ضحية لعصابة تسيطر على مقدرات البلد، لإذلاله، وبالتالي فهي متمسكة بما حققته من مكتسبات، ولن تتنازل عنها بسهولة مهما كلفها ذلك، كما عبر عن ذلك اللواء محمود نصر، الذي حمل الشعب المسؤولية عن الانهيار الاقتصادي بقوله: الشعب هو السبب فيما يحدث، الناس ما بتشتغلش ليه؟ ما بتشتغلش ليه؟ انجرفوا لاتجاهات سياسية ونسوا من أين سنأكل، وعن مشروعات ومكتسبات العسكر الاقتصادية، قال: ده عرقنا وسنقاتل كل من يقترب منه!! كما اعتمد النظام الانقلابي على الأدوات القمعية المعروفة لأي نظام شمولي دكتاتوري، وهي المخابرات الحربية، والمخابرات العامة، وأمن الدولة، والقوات الخاصة مع استخدام العنف المفرط ضد الرافضين للانقلاب، على الرغم من أن احتجاجاتهم كانت سلمية!! والعجيب أن قائد الانقلاب في أحدث كذبة له في لقائه مع رئيس سلوفينيا -دولة ورئيس لا يسمع عنهما أحد- يقول: إن ما تحقق خلال السنوات الماضية من أمن واستقرار، بفضل وعي الشعب المصري وإدراكه لأهمية الحفاظ على الاستقرار، عقب التطورات التي شهدتها مصر خلال السنوات الخمس الماضية!! وأن برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه حكومة الانقلاب من أجل التغلب على المشكلات المزمنة التي يعاني منها الاقتصاد المصري، ويتغنى بأن رد فعل الشعب المصري إزاء الإجراءات الاقتصادية التي تم اتخاذها هو محل تقدير واحترام كبير، ويعكس ما يتحلى به المصريون من مسئولية ووعي!! وماذا يفعل الشعب في ظل نظام قمعي لا يبني غير السجون والمعتقلات، ويتوعد الشعب بمزيد من القهر والانتقام ورفع الأسعار وإلغاء الدعم؟؟!! والحقيقة أن الشعب فقد وعيه، في ظل ظاهرة الإعلام العكاشية وصبيان المعلم عباس والشؤون المعنوية لعسكر كامب ديفيد، الذين مارسوا عملية غسيل مخ للشعب وجعله يعيش في غيبوبة ويسير بلا وعي!! وإلا أين وعي الشعب من طوابير السكر والبنزين والغاز وحليب الأطفال، وهل فعلا المصريون لم يضيقوا ذرعا بتفشي البطالة والفقر واكتظاظ السجون والمعتقلات وأماكن الاحتجاز بالمعتقلين، وتراكم الديون وانهيار الاقتصاد، ما دام الإعلام المضلل يقنعهم بأن النظام الانقلابي حقق نجاحات باهرة، وينبغي تسليط الضوء عليها حتى يدرك المواطنون أن نعيم الوهم خير لهم من جحيم الواقع!! إن أغلب الشعب لم يعد يثق في وعود قائد النظام الانقلابي، التي تبين لاحقا أنها مجرد أوهام، والذي يعتمد على شركات العلاقات العامة لتسويقه وتلميعه لإعادة بيع الوهم للشعب!! فعندما يقول زعيم عصابة الانقلاب إنه أنفق أكثر من ترليون و400 مليار جنيه على المشروعات الفنكوشية، وأن الإجراءات القانونية التي اتخذت في هذه المشروعات ليس بها عيب، على الرغم من أن هذه المشروعات تمت دون دراسات جدوى حقيقية، وهو الذي صرح بأن فنكوش القناة الجديدة كان القصد منه رفع الروح المعنوية للشعب!! ومن المعروف أن قائد الانقلاب وجنرالات العسكر يعتمدون على الخيال العلمي لخداع الشعب؛ فمرة يقول: إن المصريين عارفين أهل الشر كويس قوي داخلياً وخارجياً، وطول ما الشعب المصري قوي لا تخافوا، ما حدش يقدر يغلب دولة ولا شعب، ما فيش قوة في العالم بكل قدرتها وإمكانياتها تقدر تهزم الشعب، وإحنا ما زلنا متماسكين، وده مش كلام معنوي!! ومرة يقول كل ما الوعي بيزيد كل ما التماسك بيزيد، ووعى المصريين مثير للانتباه، والمصريين بيفحصوا كويس قوي قبل ما يتعاطفوا مع الدين، ويقدروا يحددوا الصح من الغلط، وهما متعاطفين مع الدين وليس مع كل من يتحدث باسم الدين!! إن الأنظمة الديكتاتورية تحاول بث أفكارها عن طريق الإعلام المضلل، ليصبح هو المصدر الوحيد للتلقي، كما كان الحال في الحقبة الناصرية منذ انقلاب 1952، وحتى اليوم باستثناء السنة التي حكم فيها الرئيس مرسى!! وإذا كان جوزيف جوبلز وزير الإعلام الهتلري قال : أعطني إعلامًا بلا ضمير، أعطك شعبًا بلا وعي؛ فإن الإعلام العكاشي أعطى لنا شعبا مغيبا، صدّق بأن قائد الانقلاب أسر قائد الأسطول السادس الأمريكي، وأن أوباما إخوان، وأن الرئيس مرسي تخابر مع حماس وقطر، وأن الدكتور محمد على بشر تخابر مع النرويج، وأن العسكر وطنيون ويخدمون البلد وأنهم خير أجناد الأرض!! ولله در الشهيد سيد قطب حيث يقول في ظلاله الوارفة: (استخفاف الطغاة للجماهير أمر لا غرابة فيه، فهم يعزلون الجماهير أولاً عن كل سبل المعرفة، ويحجبون عنهم الحقائق حتى ينسوها، ولا يعودوا يبحثون عنها؛ ويلقون في رُوعهم ما يشاءون من المؤثرات حتى تنطبع نفوسهم بهذه المؤثرات المصطنعة، ومن ثم يسهل استخفافهم بعد ذلك، ويلين قيادهم، فيذهبون بهم ذات اليمين وذات الشمال، ولا يملك الطاغية أن يفعل بالجماهير هذه الفعلة إلا وهم فاسقون لا يستقيمون على طريق، ولا يمسكون بحبل الله، ولا يزِنون بميزان الإيمان.. فأما المؤمنون فيصعب خداعهم واستخفافهم واللعب بهم كالريشة في مهب الريح. ومن هنا يعلل القرآن استجابة الجماهير لفرعون فيقول: {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِين}. فهل يمكن أن يكون لدى شعب مقهور ومحكوم بالقبضة الأمية أي نوع من الوعي؟ اللهم إلا إذا كان مثل وعي شعب كوريا الشمالية!! |
الجمعة، 9 ديسمبر 2016
وعي الشعب.. أم بلاعات الإعلام؟
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
عاجل | إذاعة الجيش الإسرائيلي: صفارات الإنذار دوت تحذيرا من صواريخ باليستية أطلقت من لبنان على منطقة تل أبيب
عاجل | إذاعة الجيش الإسرائيلي: صفارات الإنذار دوت تحذيرا من صواريخ باليستية أطلقت من لبنان على منطقة تل أبيب 14/10/2024|آخر تحديث: 14/10/20...
-
محمد العمدة يكتب: السيسي والعسكر ونهب مصر (5) تحقيق جمعة الشوال ...
-
تداول نشطاء قطريون معارضون لنظام تميم بن حمد بن خليفة أل ثانى صورة لقطريين يتناولون مثلجات عليها صورة "ت...
-
00 :00 00 :30 نشرة أخبار 00 :30 01 :00 نشرة أخبار 01 :00 01 :05 نشرة أخبار 01 :05 02 :00 أفلام وثائقية 02 :00 02 :30 نشرة ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق