نكشف كيف يخدع النظام الشعب المصرى.. وكيف انقلب الأمر عليه ؟
الأمر كله تلخص فى "الأرقام"
منذ 13 ساعة
عدد القراءات: 2519
منذ أواخر عام 2014، وكل معسكر رافضى حكم العسكر والمعارضين الذين دعموا الانقلاب على الشرعية فى بدايته يتسائلون، لماذا لا يخرج الشعب ضد العسكر لإنقاذ البلاد من الكوارث القادمة؟، ولكن لم يكن هناك ميب، بل كان حينها تجد أشخاص فى الشوارع يدافعون عن النظام بكل قوة، مع التأكيد أن ذلك تغير بشكل كبير الآن، لكنه مستمر ولو بشكل بسيط.
الأمر كله تلخص طوال الفترة الماضية، فى تلاعب العسكر وإعلامه بالأرقام، فكما كان يفعل المخلوع مبارك، فعل "السيسى" وجنرالاته مثله، وضللوا الشعب المصرى بأرقام بعيدة تمامًا عن الواقع حتى يتم إيهامهم أن الأمر قد تم، وبعد فضح كل ذلك ينقلب الأمر على العسكر، وتصبح لعبة الأرقام نقمة عليه.
وأحدث الأمثلة على ذلك الأرقام المعلنة من قبل مؤسسات رسمية وعلى لسان مسؤولين حكوميين وتتعلق بميزان المدفوعات وإيرادات قناة السويس والصادرات والاستثمارات الأجنبية التي تم جذبها للبلاد، وكذلك بمعدل التضخم ونمو البطالة والفقر وغيرها.
مهاب مميش وإيرادات قناة السويس
فالأسبوع الماضى خرج علينا رئيس هيئة قناة السويس، الفريق مهاب مميش، ليعلن أن إيرادات القناة ستقفز إلى 80 مليار جنيه في العام الجاري 2017، مقابل 49.7 مليار جنيه في العام الماضي 2016، وهو الخبر الذي أسعد ملايين المصريين، إذ يعني أن القناة ستزيد إيراداتها أكثر من 30 مليار جنيه في عام واحد وبما يعادل نسبة زيادة تفوق 60.9% بالجنيه المصري.
لكن نظرة متأنية لأرقام الزيادة التي أعلنها مميش نجد أنها غير صحيحة وبها تلاعب واضح، فعندما تحسب رقم إيرادات قناة السويس بالدولار، وهي عملة السداد المعتمدة بالقناة، نجد أن الإيرادات ستتراجع إلى 4.44 مليارات دولار في عام 2017، (80 مليار جنيه على 18 جنيهاً متوسط السعر حالياً تساوي 4.44 مليارات دولار) مقابل 5.035 مليارات دولار إيرادات العام 2016، وهو ما سيعني خسارة القناة نحو 591 مليون دولار في العام الحالي، وبنسبة تراجع 11.7%.
البنك المركزى والفائض
ونهاية الأسبوع الماضي، كشف البنك المركزي المصري عن تحوّل ميزان المدفوعات من العجز إلى الفائض، خلال النصف الأول من العام المالي الجاري 2016-2017، قائلاً إن الفائض بلغ نحو 7 مليارات دولار، خلال الفترة من يوليو إلى ديسمبر من عام 2016، مقابل عجز بلغت قيمته 3.4 مليارات دولار في نفس الفترة من العام الماضي.
وميزان المدفوعات Balance of payments لمن لا يعرفه هو ذاك المؤشر الذي يقيس العمليات المالية التي تتم بين مصر والخارج خلال فترة معينة من الزمن.
هذه الأرقام والفائض المحقق يعني، على الفور، أن مصر جذبت موارد ضخمة من النقد الأجنبي في النصف الثاني من عام 2016، وأن هناك زيادة في الموارد الأجنبية تجاوزت 10 مليارات دولار، وأن قطاعات اقتصادية استردت عافيتها مثل السياحة والصادرات غير البترولية والاستثمارات الأجنبية وتحويلات العاملين بالخارج، وهذا غير صحيح على الإطلاق، لأن نظرة مدققة لهذه الموارد تظهر أنها تراجعت وبشكل حاد.
والملفت أنه عقب الإعلان عن تحول ميزان المدفوعات من السالب الي تحقيق فائض، سارعت وسائل الإعلام لتؤكد أن ذلك يعد مؤشراً جيداً وإيجابياً، وخير دليل على أن الاقتصاد المصري يسير بخطى ثابتة على المسار الصحيح، خاصة أن تقرير البنك المركزي أشار إلى أن نسبة 73% من هذا الفائض تحققت خلال الفترة من أكتوبر وحتى ديسمبر من العام الماضي.
لكن عندما نبحث عن السبب الحقيقي في تحول عجز ميزان المدفوعات إلى فائض، نجد أن السر يكمن في اقتراض مصر 14 مليار دولار في النصف الثاني من عام 2016، فالقروض تمثل نحو 80% من صافي التدفقات الرأسمالية المسؤولة عن تحقيق الفائض، وهنا نكون دخلنا في لعبة التلاعب بالأرقام، وربما تخرج علينا المؤسسات الحكومية بعد شهور لتؤكد استمرار الفائض، خاصة مع حصول مصر على 5 مليارات دولار قروضا في شهر واحد، هو يناير 2017.
جذب الاستثمارات الخارجية
هناك مثال آخر في لعبة الأرقام، فوسائل الإعلام المصرية تنشر حاليا حملة حكومية تؤكد حدوث تحسن كبير في الاستثمار الأجنبي المباشر، وأن البلاد جذبت 12 مليار دولار في عام. وعندما تبحث عن الحقيقة تجد أن الرقم مبالغ فيه، وأن ما تم جذبه، إما عبارة عن استثمارات في قطاع البترول، أو أنها أموال ساخنة في الأذون والبورصة، وهي استثمارات ضررها للاقتصاد أكثر من نفعها.
تقرير الجهاز المركزى والتضخم
رقم آخر يؤكد تلاعب الحكومة بالأرقام، فالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أعلن يوم الخميس الماضي أن معدل التضخم بلغ 31.7% في فبراير الماضي، وبعدها بساعات خرج علينا البنك المركزي ليؤكد أن معدل التضخم الأساسي تجاوز 33%، وهو ما يعني أن أرقام التضخم التي تعلنها الحكومة غير دقيقة وتقل كثيراً عن الواقع الذي يعيشه المصريون، لأن معدل التضخم الأساسي يستبعد من حساباته السلع سريعة التقلب مثل الخضار والفاكهة وغيرها.
أرقام الفقر فى مصر
وننتقل لرقم آخر يتعلق بالفقر، ففي الوقت الذي تؤكد فيه الأرقام الرسمية أن نسبة الفقر في البلاد تقدر بـ26.3%، طبقاً لبيانات آخر بحث أجراه الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وأن نسبة الفقر المدقع تدور حول 5%، نجد أن وزير التنمية المحلية، هشام الشريف، يخرج علينا ليؤكد أن عدد المصريين الذين هبطوا تحت خط الفقر المدقع تخطى حاجز الـ 40%، نتيجة تحرير سعر صرف العملة المحلية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق