هيرست: هذه الحسابات الخاطئة تؤكد انتصار قطر
08/06/2017 05:30 م
كتب رانيا قناوي:
قال الكاتب البريطاني ديفيد هيرست، إنه كان من شأن محاولة تركيع قطر عبر إغلاق حدودها وفرض حصار تام عليها أن سلطت الضوء على القوى الحقيقة، التي تتنافس على النفوذ في المنطقة في فترة ما بعد العالم الغربي التي نعيش فيه اليوم، وهي إيران والسعودية وتركيا وقطر، ومعهما جماعة الإخوان المسلمين والقوى الفاعلة في الربيع العربي.
وأضاف هيرست -خلال مقاله المنشور على موقع "عربي 21" اليوم الخميس- أنه في هذا الصراع الثلاثي، يسهم حلفاء أمريكا في تقويض استقرار النظام الإقليمي بالقدر ذاته الذي يسهم فيه أعداؤها، ولا أدل على ذلك من الحملة التي شنت على قطر، موضحا أن السعودية أخطأت الحسبة؛ إذ سعت لفرض إرادتها على دولة قطر الصغيرة، كما أنها بمحاولتها تلك خلخلت النظام الإقليمي الذي اعتمدت عليه في التصدي لنفوذ إيران في مختلف البلدان المحيطة بالمملكة.
ودلل هيرست على حديثه بأنه إذا كانت الحرب الأهلية السورية التي تدعمها إيران ألفت بين السعوديين والأتراك، فإن الصراع مع قطر سيفعل العكس تماما، بل ما يمكن أن يحدث في أرض الواقع هو أن هذا الصراع من شأنه أن يؤسس لقضية مشتركة بين إيران وتركيا وقوى الإسلام السياسي السنية، رغم ما يبدو عليه هذا الأمر من غرابة، بسبب رعونة وقصر نظر السياسات التي تنتهجها المملكة العربية السعودية، خاصة وأن وزير الخارجية الإيراني كان في زيارة إلى أنقرة أمس الأربعاء ( لبحث الأزمة الخليجية التي افتعلتها السعودية والإمارات مع قطر).
وأشار إلى ما طرأ من عنصرين غيرا من قواعد اللعبة، وأثرا على مسار الحملة السعودية ضد قطر، وهما قرار البرلمان التركي تسريع إصدار تشريع يسمح للقوات التركية بالانتشار في قاعدة داخل قطر، وبيان قوات الحرس الثوري الإيراني الذي اتهم المملكة العربية السعودية بالمسئولية عن الهجوم على البرلمان الإيراني وعلى مرقد آية الله الخميني، ما أسفر عن مقتل 12 شخصا، ما يؤدي إلى عزل المملكة العربية السعودية، التي بإمكانها أن تتنمر على دولة صغيرة، لكنها لا تملك الدفاع عن نفسها دون أن تحظى بكميات ضخمة من الدعم العسكري الخارجي.
وقال هيرست إنه مهما غرد به القائد الأعلى للقوات الأمريكية، فإن قوات الولايات المتحدة الأمريكية المنتشرة في الخليج تسعى جاهدة إلى تجنب تقديم مثل هذا الدعم، مدللا بتضارب التصريحات الواردة من البيت الأبيض، ومن البنتاغون حول قطر خلال هذا الأسبوع، حتى أصدر البنتاغون بيانا أشاد فيه بقطر؛ "لالتزامها الثابت بأمن المنطقة"، وذكر البيان قاعدة العديد بالاسم، وهي القاعدة المتقدمة للقيادة المركزية لسلاح الجو الأمريكي، قائلا إن "جميع الرحلات مستمرة كما هو مخطط لها". ويذكر أن القاعدة تؤوي ما يزيد على عشرة آلاف عسكري.
يأتي ذلك بالتزامن مع تغريدات ترامب، والتي ادعى فيها أنه صاحب فكرة التحركات غير الاعتيادية ضد قطر، وذلك من خلال قوله إنها جاءت ثمرة للخطاب الذي ألقاه أمام خمسين من زعماء العرب والمسلمين. ولكن تلا ذلك بيان ثان صادر عن البنتاغون يجدد الإشادة بقطر لاستضافتها القوات الأمريكية، إلا أن أوروبا انضمت إلى البنتاغون، أو على الأقل وزير خارجية أهم دولة في أوروبا، ألمانيا، سيغمار غابرييل الذي قال: "من الواضح أن المقصود هو عزل قطر عزلا تاما تقريبا وتهديدها وجوديا.. مثل هذه المعالجة الترامبية بالغة الخطورة في منطقة تحيط بها الأزمات من كل مكان".
واعتبر هيرست أن أول حسبة خاطئة للسعودية هي الثقة بكلام ترامب، خاصة في ظل إحصاء الجهات الساخطة على ترامب –المخابرات المركزية الأمريكية والبنتاجون، ووزارة الخارجية، وأعضاء مجلس الشيوخ من كل ألوان الطيف، وكذلك القضاة. هؤلاء ليسوا فقط دولة أمريكا العميقة، ولكن حتى لو اقتصر الأمر عليهم لكفى.
وتابع: "ثم إن هناك سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة، الذي كثيرا ما يتصدر نشرات الأخبار وعناوين الصحف، والذي ارتكب خطأ جسيما حينما ظن أنه كما أطعم وزير الدفاع السابق روبرت غيتس من يده فإنه يمكن أن يفعل الشيء ذاته مع بقية مسؤولي وزارة الدفاع.
وأوضح أن الحسبة الثانية الخاطئة هي افتراض أنه نظرا لأن قطر صغيرة، فلن تهب أي دولة أكبر منها لنجدتها، موضحا أنه يوجد لدى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة استثمارات ضخمة في تركيا، ومنها استثمار قامت به أبو ظبي بعد محاولتها الإطاحة برجب طيب أردوغان في انقلاب عسكري، إلا أن العكس تماما هو الذي حصل، حيث أدرك أردوغان إنه إذا جرى سحق قطر فلن يبقى في ذلك المعسكر غيره واقفا.
وأما الحسبة الخاطئة الثالثة، فكانت كشفهما عن حقيقة ما يريدانه من قطر، وهو لا يتعلق أبدا بدعم الإرهاب ولا بالتقارب مع إيران. بل إن الإماراتيين الذين يشكلون جزءا من التحالف الذي يتهم قطر بالانحياز إلى طهران لديهم تجارة عظيمة مع إيران لا تخفى على أحد.
وأشار هيرست إلى انضمام إسرائيل إلى حلف عرب صهيون، حيث ورد اسم حماس والإخوان المسلمين في المطلب الذي ورد للضغط على قطر، حيث أكد هيرست إيراد اسم حماس في هذه القائمة حسبة خاطئة أخرى؛ لأنه وبغض النظر عما تظنه الولايات المتحدة الأمريكية وعن موقفها تجاه هذه الحركة الفلسطينية، ما من شك في أنها تتمتع بشعبية كبيرة في منطقة الخليج.
وأشار إلى أنه "في الذكرى الخمسين لاحتلال إسرائيل القدس، يتشكل حلف مصري سعودي إماراتي بحريني إسرائيلي، ويفرض حصارا بريا وجويا على بلد عربي، لا لشيء إلا لتأييده المقاومة الفلسطينية واللبنانية والثورات العربية في العقدين الماضيين، لا سيما الثورة المصرية التي أطاحت بحليف إسرائيل وهددت سلطة عسكر كمب ديفيد في القاهرة، مؤكدا أنهم لا يعاقبون الدوحة على سوريا وليبيا واليمن والقاعدة الأمريكية، بل يعاقبونها على شهادة الجزيرة في حروب العراق ولبنان وغزة ودعم المقاومة الفلسطينية في 2009 و2010 و2014، والمقاومة اللبنانية في 2000 و2006، ويعاقبونها على سقوط مبارك في 2011.
واختتم هيرست مقاله بأن الخطأ الأكبر للسعودية وحلفائها هو أن قطر ليست غزة، فقطر لديها أصدقاء، وهؤلاء لديهم جيوش جرارة، وهي رغم صغر حجمها -تعداد سكانها أقل من عدد سكان هيوستن- إلا أن لديها صندوق ثروة سياديا تقدر قيمته بما لا يقل عن 335 مليار دولار. فهي أكبر منتج للغاز الطبيعي في الشرق الأوسط، ولديها علاقة مع شركة إكسون.
والسعوديون والإماراتيون ليسوا الوحيدين الذين يمارسون لعبة اللوبي. وحتى غزة تمكنت من البقاء رغم الحصار.
قال الكاتب البريطاني ديفيد هيرست، إنه كان من شأن محاولة تركيع قطر عبر إغلاق حدودها وفرض حصار تام عليها أن سلطت الضوء على القوى الحقيقة، التي تتنافس على النفوذ في المنطقة في فترة ما بعد العالم الغربي التي نعيش فيه اليوم، وهي إيران والسعودية وتركيا وقطر، ومعهما جماعة الإخوان المسلمين والقوى الفاعلة في الربيع العربي.
وأضاف هيرست -خلال مقاله المنشور على موقع "عربي 21" اليوم الخميس- أنه في هذا الصراع الثلاثي، يسهم حلفاء أمريكا في تقويض استقرار النظام الإقليمي بالقدر ذاته الذي يسهم فيه أعداؤها، ولا أدل على ذلك من الحملة التي شنت على قطر، موضحا أن السعودية أخطأت الحسبة؛ إذ سعت لفرض إرادتها على دولة قطر الصغيرة، كما أنها بمحاولتها تلك خلخلت النظام الإقليمي الذي اعتمدت عليه في التصدي لنفوذ إيران في مختلف البلدان المحيطة بالمملكة.
ودلل هيرست على حديثه بأنه إذا كانت الحرب الأهلية السورية التي تدعمها إيران ألفت بين السعوديين والأتراك، فإن الصراع مع قطر سيفعل العكس تماما، بل ما يمكن أن يحدث في أرض الواقع هو أن هذا الصراع من شأنه أن يؤسس لقضية مشتركة بين إيران وتركيا وقوى الإسلام السياسي السنية، رغم ما يبدو عليه هذا الأمر من غرابة، بسبب رعونة وقصر نظر السياسات التي تنتهجها المملكة العربية السعودية، خاصة وأن وزير الخارجية الإيراني كان في زيارة إلى أنقرة أمس الأربعاء ( لبحث الأزمة الخليجية التي افتعلتها السعودية والإمارات مع قطر).
وأشار إلى ما طرأ من عنصرين غيرا من قواعد اللعبة، وأثرا على مسار الحملة السعودية ضد قطر، وهما قرار البرلمان التركي تسريع إصدار تشريع يسمح للقوات التركية بالانتشار في قاعدة داخل قطر، وبيان قوات الحرس الثوري الإيراني الذي اتهم المملكة العربية السعودية بالمسئولية عن الهجوم على البرلمان الإيراني وعلى مرقد آية الله الخميني، ما أسفر عن مقتل 12 شخصا، ما يؤدي إلى عزل المملكة العربية السعودية، التي بإمكانها أن تتنمر على دولة صغيرة، لكنها لا تملك الدفاع عن نفسها دون أن تحظى بكميات ضخمة من الدعم العسكري الخارجي.
وقال هيرست إنه مهما غرد به القائد الأعلى للقوات الأمريكية، فإن قوات الولايات المتحدة الأمريكية المنتشرة في الخليج تسعى جاهدة إلى تجنب تقديم مثل هذا الدعم، مدللا بتضارب التصريحات الواردة من البيت الأبيض، ومن البنتاغون حول قطر خلال هذا الأسبوع، حتى أصدر البنتاغون بيانا أشاد فيه بقطر؛ "لالتزامها الثابت بأمن المنطقة"، وذكر البيان قاعدة العديد بالاسم، وهي القاعدة المتقدمة للقيادة المركزية لسلاح الجو الأمريكي، قائلا إن "جميع الرحلات مستمرة كما هو مخطط لها". ويذكر أن القاعدة تؤوي ما يزيد على عشرة آلاف عسكري.
يأتي ذلك بالتزامن مع تغريدات ترامب، والتي ادعى فيها أنه صاحب فكرة التحركات غير الاعتيادية ضد قطر، وذلك من خلال قوله إنها جاءت ثمرة للخطاب الذي ألقاه أمام خمسين من زعماء العرب والمسلمين. ولكن تلا ذلك بيان ثان صادر عن البنتاغون يجدد الإشادة بقطر لاستضافتها القوات الأمريكية، إلا أن أوروبا انضمت إلى البنتاغون، أو على الأقل وزير خارجية أهم دولة في أوروبا، ألمانيا، سيغمار غابرييل الذي قال: "من الواضح أن المقصود هو عزل قطر عزلا تاما تقريبا وتهديدها وجوديا.. مثل هذه المعالجة الترامبية بالغة الخطورة في منطقة تحيط بها الأزمات من كل مكان".
واعتبر هيرست أن أول حسبة خاطئة للسعودية هي الثقة بكلام ترامب، خاصة في ظل إحصاء الجهات الساخطة على ترامب –المخابرات المركزية الأمريكية والبنتاجون، ووزارة الخارجية، وأعضاء مجلس الشيوخ من كل ألوان الطيف، وكذلك القضاة. هؤلاء ليسوا فقط دولة أمريكا العميقة، ولكن حتى لو اقتصر الأمر عليهم لكفى.
وتابع: "ثم إن هناك سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة، الذي كثيرا ما يتصدر نشرات الأخبار وعناوين الصحف، والذي ارتكب خطأ جسيما حينما ظن أنه كما أطعم وزير الدفاع السابق روبرت غيتس من يده فإنه يمكن أن يفعل الشيء ذاته مع بقية مسؤولي وزارة الدفاع.
وأوضح أن الحسبة الثانية الخاطئة هي افتراض أنه نظرا لأن قطر صغيرة، فلن تهب أي دولة أكبر منها لنجدتها، موضحا أنه يوجد لدى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة استثمارات ضخمة في تركيا، ومنها استثمار قامت به أبو ظبي بعد محاولتها الإطاحة برجب طيب أردوغان في انقلاب عسكري، إلا أن العكس تماما هو الذي حصل، حيث أدرك أردوغان إنه إذا جرى سحق قطر فلن يبقى في ذلك المعسكر غيره واقفا.
وأما الحسبة الخاطئة الثالثة، فكانت كشفهما عن حقيقة ما يريدانه من قطر، وهو لا يتعلق أبدا بدعم الإرهاب ولا بالتقارب مع إيران. بل إن الإماراتيين الذين يشكلون جزءا من التحالف الذي يتهم قطر بالانحياز إلى طهران لديهم تجارة عظيمة مع إيران لا تخفى على أحد.
وأشار هيرست إلى انضمام إسرائيل إلى حلف عرب صهيون، حيث ورد اسم حماس والإخوان المسلمين في المطلب الذي ورد للضغط على قطر، حيث أكد هيرست إيراد اسم حماس في هذه القائمة حسبة خاطئة أخرى؛ لأنه وبغض النظر عما تظنه الولايات المتحدة الأمريكية وعن موقفها تجاه هذه الحركة الفلسطينية، ما من شك في أنها تتمتع بشعبية كبيرة في منطقة الخليج.
وأشار إلى أنه "في الذكرى الخمسين لاحتلال إسرائيل القدس، يتشكل حلف مصري سعودي إماراتي بحريني إسرائيلي، ويفرض حصارا بريا وجويا على بلد عربي، لا لشيء إلا لتأييده المقاومة الفلسطينية واللبنانية والثورات العربية في العقدين الماضيين، لا سيما الثورة المصرية التي أطاحت بحليف إسرائيل وهددت سلطة عسكر كمب ديفيد في القاهرة، مؤكدا أنهم لا يعاقبون الدوحة على سوريا وليبيا واليمن والقاعدة الأمريكية، بل يعاقبونها على شهادة الجزيرة في حروب العراق ولبنان وغزة ودعم المقاومة الفلسطينية في 2009 و2010 و2014، والمقاومة اللبنانية في 2000 و2006، ويعاقبونها على سقوط مبارك في 2011.
واختتم هيرست مقاله بأن الخطأ الأكبر للسعودية وحلفائها هو أن قطر ليست غزة، فقطر لديها أصدقاء، وهؤلاء لديهم جيوش جرارة، وهي رغم صغر حجمها -تعداد سكانها أقل من عدد سكان هيوستن- إلا أن لديها صندوق ثروة سياديا تقدر قيمته بما لا يقل عن 335 مليار دولار. فهي أكبر منتج للغاز الطبيعي في الشرق الأوسط، ولديها علاقة مع شركة إكسون.
والسعوديون والإماراتيون ليسوا الوحيدين الذين يمارسون لعبة اللوبي. وحتى غزة تمكنت من البقاء رغم الحصار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق