هل التقارب التركي السوداني يستهدف تطويق نظام العسكر؟
25/12/2017 07:10 م
كتب- حازم الأشموني:
حالة من الترقب والقلق تسود أروقة نظام عسكر 30 يونيو، على خلفية الزيارة التي يقوم بها الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان للسودان الشقيق وتستغرق يومي الأحد والإثنين، ويحذر خبراء موالون للعسكر من نتائج هذه الزيارة التي اعتبروها تطويقًا للقاهرة ردًا على تقارب قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي مع كل من اليونان وقبرص اللتين لهما علاقات غير مستقرة من أنقرة لاعتبارات حدودية وسياسية سابقة.
ويقوم الرئيس التركي بجولة إفريقية لمدة أربعة أيام، تضم السودان وتشاد وتونس حتى يوم 27 من ديسمبر الجاري، ويتصدر تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي جدول أعمالها.
ومن المقرر أن يوقع السودان وتركيا خلال الزيارة عددا من اتفاقيات التعاون والاستثمار في مجالات الزراعة والصناعة والنقل.
واعتبر وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور أن زيارة "أردوغان" لبلاده، من شأنها الارتقاء بالعلاقة الثنائية إلى المستوى الاستراتيجى، وتشكيل لجنة عليا بقيادة زعيمى البلدين، مشيراً إلى أن "الميزان التجارى بين البلدين لا يرقى لطموحات الحكومتين والشعبين".
وتأتي زيارة أردوغان للخرطوم في توقيت يحمل مغزى سياسي أيضًا؛ حيث تمر المنطقة العربية بأزمة كبيرة حول وضع مدينة القدس بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بنقل سفارة واشنطن لها، وهي الأزمة التي تعد تركيا هي اللاعب الأكبر فيها.
كما تأتي الزيارة بعد تأكيد وزير الخارجية بحكومة الانقلاب، سامح شكري، السبت، أن مصر تأمل في عودة العلاقات مع تركيا، وأن القاهرة منفتحة ولديها رغبة دائمة في تجاوز أي توتر.
موالون للعسكر: تطويق للقاهرة
ويحذر الدكتور بشير عبدالفتاح، الخبير فى الشأن التركي والموالي للعسكر، من نتائج التقارب التركي السوداني، وقال إن «أردوغان اختار السودان ليكون أول رئيس تركى يزور السودان»، مضيفًا أن "أردوغان يريد أن يبعث برسالة إلى مصر أنه موجود فى السودان خاصة أنه سيزور ميناء بورسودان وبعض المناطق التجارية هناك، إلى جانب الشراكة الزراعية والتجارية" كما يريد إرسال رسالة أخرى بأنه موجود فى دول حوض النيل".
وعن رأيه في جولة "أردوغان" الإفريقية بعد الجولة التي قام بها أمير قطر، يرى أن "الدوحة ترتبط بتركيا بشكل كبير خاصة فى الأزمة الخليجية، وربما تكون جولة أمير قطر نحو إفريقيا بناءً على نصائح أردوغان له، فى محاولة لتطويق مصر من قبل أنقرة والدوحة"ن بحسب المحلل السياسي الموالي للعسكر.
مغزى الزيارة والهدف منها
لكن مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، الدكتور عبدالله الأشعل، يرى أن "الرئيس التركي، يتبع بشكل عام سياسة هجومية مع أعدائه"، مشيرًا إلى أن "السيسي تحرك من قبل مع اليونان وقبرص مشكلاً تحالفًا سياسيًا جنوب تركيا مناهضًا لأنقرة".
وقال الأشعل إن "أردوغان يتحرك في السودان اقتصاديا أيضا، وفي نفس الوقت تتحرك قطر"، مشيرًا لانفتاح السوق السودانية على دول عدة بينها روسيا من خلال قاعدة عسكرية مقترحة ومفاعل نووي على غرار المصري مقرر أن تبنّيهما روسيا بكلتا الدولتين.
وأشار الأشعل إلى أن "أردوغان يطمح بشدة في الدخول إلى القارة الأفريقية المفتوحة للاستثمارات والتي يتبارى حولها دول كبرى مثل الصين وروسيا وإيران وتركيا"، لافتًا إلى أن "روسيا كانت تسيطر في عهد الاتحاد السوفيتي على نصف دول القارة تقريبًا".
وحول خسائر مصر من التقارب التركي السوداني وزيارة أردوغان، أكد الأشعل، أنه "في الملفات الشائكة بين القاهرة والخرطوم كمياه النيل وحلايب لا تأثير لتركيا"، نافيًا أن يكون هناك تحالف بين أردوغان والبشير ضد مصر حول ملف حوض النيل.
وأوضح أن "أردوغان رئيس مسلم مهما كان بينه وبين النظام المصري من تباين في المواقف، إلا أنه لا يسمح بأن يتضرر الشعب المصري".
ويستبعد الأشعل أن تكون الزيارة موجهة للجانب الأمريكي، بعد أزمة القدس، نافيا أن تكون زيارة أردوغان للسودان وتشاد وتونس ردا على تهديد ترامب بعقاب الدول المصوتة ضد قرار بلاده بيهودية القدس في الأمم المتحدة، خاصة وأن أردوغان أعلن عن رغبته في التعاون مع الدول التي أكدت عربية القدس.
الباحث والمحلل السياسي محمد حامد، يرى أن "الزيارة مهمة واستراتيجية وتأخرت كثيرا وتأجلت أكثر من مرة"، وقال "لا أرى أن الزيارة موجهة لمصر وأنه لا يجب أن نصطاد في الماء العكر ونسيء النوايا".
وقال إنه "من حق كل دولة أن تبحث عن حليفها الاستراتيجي"، موضحا أن "السودان وتركيا بينهما تحالف استراتيجي من قبل ثورات الربيع العربي، وأن هناك تفاهم وتوافق في أمور كثيرة، كما أنه "من حق السودان تنويع علاقاته الدولية ولذا لا يجب أن ننظر لهذا التحالف على أنه موجه ضد مصر".
ورفض حامد فكرة أن تكون الزيارة لصناعة تحالف تركي سوداني جنوب مصر مقابل تقارب مصري مع اليونان وقبرص وتشكيل تحالف ثلاثي على البحر المتوسط فهم منه أنه ضد تركيا.
وتعتبر الزيارة هي الأولى لرئيس تركي منذ عام 1956م، كما يتصدر أردوغان أكثر زعماء العالم زيارة إلى أفريقيا. حيث سيبلغ عدد زياراته إليها مع إتمام الجولة الأخيرة، 28 دولة، 18 زيارة منها قام بها خلال فترة رئاسته للجمهورية.
ويمكن ترتيب أكثر الدول الإفريقية التي زارها أردوغان على الشكل التالي: مصر ثم الجزائر ثم تونس ثم إثيوبيا.
وتجدر الإشارة إلى أن زيارات وجولات أردوغان الإفريقية، كان لها تأثير كبير من الناحية الاقتصادية لتركيا. وخير مثال على ذلك ارتفاع حجم التبادل التجاري بين تركيا والبلدان الإفريقية والتي تجاوز 93.5 مليار دولار بين عامي 2012 و2016.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق