هل قتل الناشط مصطفى النجار؟
أصدقاء الناشط مصطفى النجار أكدوا مقتله على يد قوات حرس الحدود
منذ يوم
عدد القراءات: 890
نشر موقع «ميدل إيست آي» البريطاني تقريرا سلط من خلاله الضوء على شهادات أصدقاء الناشط الحقوقي المصري مصطفى النجار، الذين أفادوا بأن حرس الحدود أردوه قتيلا أثناء محاولته مغادرة البلاد لتجنب السجن.
وقال الموقع، في هذا التقرير الذي ترجمته «عربي21»، إن زوجة الناشط الحقوقي المصري تحدثت لموقع ميدل إيست آي وأفادت بأن مصطفى النجار، الناشط الحقوقي البارز الذي عمل في صلب أول برلمان منتخب في مصر عقب الثورة التي أطاحت بحسني مبارك في 2011، شوهد للمرة الأخيرة في 28 سبتمبر الماضي.
وخلال آخر مكالمة جمعت بينهما، أخبر مصطفى زوجته بأنه كان في مدينة أسوان الجنوبية وأنه سيعود قبل جلسة المحكمة التي كان من المقرر أن يحضرها في أكتوبر الماضي.
وفي ما يتعلق بهذه الجلسة الاستئنافية التي تتمحور حول التهم الموجهة إليه بشأن «إهانته للسلطة القضائية»، سبق للنجار نفيها والقول إن لها دوافع سياسية.
وخلال حديثها للموقع يوم الاثنين الماضي، أفادت زوجة النجار بأنها لم تتلق أي معلومة من السلطات المصرية في ما يتعلق باختفاء زوجها.
من جهته، قال أحد أصدقاء الناشط الحقوقي المفقود، إسلام لطفي، إن صديقه كان يخطط لمغادرة مصر عبر الحدود الجنوبية مع السودان بالاعتماد على مساعدة المهربين، خلال شهر سبتمبر الماضي.
ونقل الموقع عن لطفي أنه سمع روايات شهود عيان أفادوا بأن النجار قُتل على يد قوات حرس الحدود المصرية.
الجدير بالذكر أن العديد من التقارير السابقة أشارت إلى أن الناشط الحقوقي المصري تعرض للاعتقال خلال رحلته إلى مدينة أسوان، كما أن مراسلي موقع «ميدل إيست آي» عجزوا عن التحقيق بشكل مستقل في تفاصيل اختفاء مصطفى النجار.
وفي ما يتعلق بالاستفسارات التي أرسلها مراسلو الموقع إلى المسؤولين المصريين لإماطة اللثام عن حقيقة المزاعم التي تفيد بمقتل النجار، فقد رفض المسؤولون الرد عليها.
خلال شهر ديسمبر من السنة الماضية، حُكم على النجار بالسجن ثلاث سنوات، وكان من المتوقع حضوره في جلسة الاستئناف التي جرت في أكتوبر الماضي لكنه امتنع عن ذلك.
وحيال هذا الشأن، صرح محامي المتهم، نجاد البرعي، بأنه يعتقد بأن موكله تعرض للاحتجاز في منشأة عسكرية في مدينة أسوان، لكن السلطات المصرية أنكرت هذه المزاعم بعد أيام فقط من هذا التصريح.
وأورد الموقع أنه في بيان صادر بتاريخ 18 أكتوبر الماضي، قالت الهيئة العامة للاستعلامات في مصر إنها «تنفي بشكل قاطع» اعتقال النجار واحتجازه بشكل قسري، مضيفة أنه هرب «بصفة طوعية» وتجنب حضور جلسة الاستئناف.
من جهته، أورد صديق النجار والنائب السابق في البرلمان المصري، عمرو الشوبكي، أن اثنين من كبار المسؤولين المصريين أخبراه بأن النجار لم يكن في الحجز وأن مكانه ما زال مجهولا.
في هذا الإطار، أوضح الشوبكي أن رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، الذي يشرف على إدارة المركز الصحفي الرسمي للحكومة المصرية، فضلا عن رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي تديره الحكومة، محمد فائق، أخبراه بأن نجار اختفى عن عمد للتهرب من الحكم بالسجن.
وغادر النجار جماعة الإخوان المسلمين عقب نشوب خلافات أيديولوجية مع قادتها، حيث سبق له أن كان عضوا سابقا في الجماعة وأحد قادتها الشباب. بالإضافة إلى ذلك، كان الناشط المصري رمزا لثورة سنة 2011 وأحد المنظمين الرئيسيين لاحتجاجات ميدان التحرير التي قادت إلى الإطاحة بحسني مبارك.
وذكر الموقع أن النجار عمد إلى المشاركة في تأسيس حزب العدل العلماني، ليكون بذلك العضو الوحيد الذي يفوز بمقعد في البرلمان عن هذا الحزب.
وفي 30 يونيو 2013، انضم الناشط المصري إلى الاحتجاجات المناهضة للرئيس المصري السابق محمد مرسي، كما أنه عارض الجنرال عبد الفتاح السيسي الذي أضحى رئيسا للبلاد.
وفي مقالته الأخيرة، التي نشرتها زوجته شيماء نيابة عنه، رفض النجار الحكم الصادر ضده كونه «ذا خلفية سياسية» و«خاليا من جميع أسس العدل».
وأضاف الموقع أن النجار كان واحدا من بين 19 متهما في القضية، بما في ذلك محمد مرسي، والسياسي والأكاديمي البارز عمرو حمزاوي والصحفي عبد الحليم قنديل.
وكان النجار قد قال إن الدليل الوحيد الذي استُخدم لإدانته ووقع ذكره في المحكمة تمثل في الخطاب الذي ألقاه في البرلمان سنة 2012، والذي ناقش فيه المخالفات المزعومة في محاكمات مبارك بعد الإطاحة به. وخلال خطابه، أدان النجار فشل القضاء في تقديم المسؤولين عن مقتل أكثر من ألف متظاهر خلال الثورة إلى العدالة.
وصرح صديقا النجار لموقع «ميدل إيست آي» بأن الناشط كان يعتقد أن سجنه لمدة ثلاث سنوات سيكون أمرا حتميا، لذلك فقد قرر مغادرة البلد قبل صدور الحكم من المحكمة.
وقال لطفي، الذي تحدث للموقع في لندن، إن النجار أخبر أصدقاء مشتركين بأنه يريد السفر إلى المملكة المتحدة، لكنه يخشى اعتقاله في حال تنقل إلى المطار للسفر.
وأضاف لطفي أنه لا يوجد أي دليل يدعم اعتقاد المحامين في ما يتعلق باحتجاز النجار في سجن الشلال في أسوان نظرا لإنكار الحكومة بصفة متكررة لهذا الأمر.
وأردف بأن «الفرضية المنطقية تتمثل في أن الحكومة المصرية لو قامت باحتجازه لكانت قد كشفت عن مكانه واتهمته بمحاولة الفرار بطريقة غير شرعية».
أما الرواية الثانية حول اختفاء النجار، التي يعتقد لطفي أنها أكثر منطقية، فتتمثل في إمكانية إطلاق النار عليه من قبل حرس الحدود المصريين عندما كان يغادر البلاد في طريقه إلى السودان.
وأفاد لطفي قائلا: «لقد كان النجار متواجدا داخل القافلتيْن المسافرتيْن عبر الحدود البرية مع السودان بمساعدة المهربين».
وفي هذا الصدد، قال لطفي، مستعينا بشهادات بعض الأشخاص الذين تحدث معهم حول هذا الموضوع: «لقد غادرت القافلة الأولى الحدود بنجاح، لكن الأشخاص الذين تمكنوا من الفرار في هذه القافلة أكدوا أنهم سمعوا صوت إطلاق نار على القافلة الثانية التي لم تتمكن من عبور الحدود».
وأضاف: «نعلم أن النجار كان في طريقه لمغادرة مصر لأنه لم يكن يرغب في التضحية بحريته وقضاء عقوبة ظالمة في السجن لمدة ثلاث سنوات. كما تعتبر السلطات المصرية مسؤولة عن سلامته كمواطن مصري حتى لو وقعت إدانته».
وأفاد الموقع بأن جميع أصدقاء النجار عبروا عن قلقهم حول إمكانية مقتله. وقال لطفي إن مرور ثلاثة أشهر على اختفائه لا تعد وضعا طبيعيا بالنسبة لشخص في مكانته.
وقد طالب السلطات المصرية بالكشف عن معلومات حول الأشخاص الذين وقع احتجازهم على الحدود خلال شهر أكتوبر، وما إذا وقع إطلاق النار على أولئك الذين حاولوا اجتياز الحدود. وأورد لطفي قائلا: «من حقنا معرفة ما حدث بكل شفافية».
ونقل الموقع عن عمرو مجدي، الباحث المصري في منظمة هيومن رايتس ووتش، أن «منظمته تشعر بالقلق بشأن حياة النجار بسبب ‘أسلوب الكذب والتستر’ الذي تنتهجه مصر، لكنها لا تمتلك دليلا يدعم نظرية اختفاء النجار».
وأضاف مجدي أن «الاختفاء القسري يعني أن السلطات تعتقل شخصا لكنها ترفض الاعتراف بعملية اعتقاله أو الكشف عن مكانه».
وقال مجدي إن «الدولة مسؤولة عن البحث عن الأشخاص المفقودين، كما أنه ينبغي عليها إشراك أسرهم في هذه المساعي».
وأضاف أن منظمة هيومن رايتس ووتش تتساءل عن رواية الدولة المصرية المتعلقة «بسجلها الحافل بالتضليل» في قضايا مشابهة لملف النجار.
وأورد مجدي أن «عملية اختفائه مثيرة للقلق لأننا نعلم أن أجهزة الدولة المصرية تقوم بالتغطية على حالات الاختفاء القسري بشكل روتيني».
وفي الختام، أوضح الموقع أنه وفقا لحملة «أوقفوا الاختفاء القسري»، فإنه يشتبه في تورط السلطات المصرية في عمليات الاختفاء القسري لما لا يقل عن 1520 شخصا منذ سنة 2013. وقد وثقت الأمم المتحدة 258 حالة اختفاء قسري خلال 12 شهرا، إلى حدود شهر مايو الماضي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق