المراجع والمرجعية قائمة المراجع الكتب التي استعان بها المؤلف في وضع بحثه أو مؤلفه، وخصوصً التي اقتبس جرت العادة أن تضم ا تلك
. منها بشكل مباشر وهذا يدل على هيمنة النماذج التراكمية والمادية. فالمصادر التي لم نقتبس منها قد تكون أكثر أهمية من
تلك التي نقتبس منها، وذلك إن أّ ثرت في صياغة النموذج الدراكي والتفسيري نفسه الذي يستخدمه الكاتب في طريقة
للحقائق؛ مادة أرشيفية وحسب. ا من الكتب التي نقتبس منها هي مجرد مصدر
رؤيته للظواهر، بينما نجد أن كثيرً
ويمكننا هنا أن نمّ يز بين المراجع والمرجعية. فالمراجع تتناول القتباسات المباشرة أما المرجعية فتتناول جذور الفكر نفسه
وتشكل . النموذج التفسيري والتحليلي وأعتقد أنه لبد أن يوجد ثبت بالمرجعية إلى جانب ثبت المراجع، ُ تدرج فيه أسماء
الساتذة والمؤلفين والشخصيات التي أّ ثرت في الكاتب حتى لو لم يقتبس مباشر ً ة من كتاباتهم.
) أ المرجعية:
من أهم مرجعياتي ( ) الستاذ سعيد البسيوني بالبنك الهلي صديقي منذ الصبا، الذى ساهم في تدريبي على التفكير وعلى
التعمق في المور وتجاوز السطح؛ والدكتور إميل جورج، مدرس الفلسفة بدمنهور الثانوية، والدكتورة نور شريف، رئيس
قسم اللغة النجليزية وآدابها بالسكندرية؛ والدكتور محمد مصطفى بدوي، أستاذ بجامعة أوكسفورد، والستاذ ديفيد وايمر،
أستاذ الدب المريكي بجامعة رتجرز؛ وليونيل تريلنج، الناقد المريكي المعروف والستاذ بجامعة كولومبيا، والستاذ كافين
رايلى، المؤرخ المريكى وزميلى فى جامعة رتجرز.
ومن أهم الكتابات التي ساعدت على تشكيل مرجعيتي والمنهج التحليلي الذي أتبناه كتابات كارل ماركس النسانية وجورج
لوكاتش وروجيه جارودي . وماكس فيبر وبازل ويلي وإرفنج بابيت وقد ساهمت كتابات أبراهام ماير، مؤلف كتاب المرآة
والمصباح، وزيجمونت باومان، عالم الجتماع، في تشكيل كثير من أفكاري . ومقولتي التحليلية وفي الونة الخيرة قرأت
أعمال رئيس البوسنة علي عزت بيجوفيتش ا على تعميق فكري
ووجدت فيها فكرًا عميق ًا ومنهجًا واضحًا ساعدني كثيرً
ومنهجي.
أما فيما يتصل بالشأن الصهيوني فلعل كتابات الدكتور إسماعيل راجي الفاروقي ( عن اليهودية والصهيونية وهو أستاذ ديانات
. ا تماماً
مقارنة هي التي بّ ) ينت لي الطريق لتجاوز السياسي وصولًإلى المعرفي وكان أسلوب معالجته للموضوعات مختلف ً
ا من البعاد الغامضة التي أخفقت كتب السرد التاريخي في . توضيحها وقد استفدت إلى
عما كنت أقرؤه، فقد و ّضح لي كثيرً
ح ّ د كبير بكتابات حبيب قهوجي وبديعة أمين وأسعد رزوق، كما ( قرأت أعمال جمال حمدان وتأثرت بها بشكل عميق كما
بّ ينت في كتابى المعنون اليهود فى عقل هؤلء والصادر عن دار المعارف عام 1998 .(
وغني عن القول أن ( ) « المرجعية النهائية لهذه الموسوعة وللمشرف علىها هو ما أسميه المرجعية » المتجاوزة ، واليمان
بوحدانية الله وثنائية الوجود النساني كما هو مبّ ( ين في المجلد الول المعنون الطار النظري).
) ب المراجع:
جرت العادة على أل تورد الموسوعات بشكل عام، والموسوعات المتخصصة على وجه التحديد، قائمة بالمراجع التي
. استخدمها كاتب مدخل ما ولعل هذا يعود إلى أن مراجع المداخل التي تدور حول موضوع ما ستكون في الغالب واحدة وهو
. ما يؤدي إلى التكرار كما أن مراجع مدخل واحد قد تكون من الضخامة بحيث أن حجم الموسوعة يمكن أن يتضاعف نتيجة
هذا.
ولضرب مثلً ( « ») بالمداخل التي تغطي حروب الفرنجة المجلد السادس المعنون الصهيونية وسأورد فيما يلي ثبت المراجع
الخاص بهذه المداخل.
1 ـ المراجع العربية:
كتب:
السطل، كمال محمد، مستقبل إسرائيل بين الستئصال والتذويب: دراسة حول المشابهة التاريخية بين الغزوة الصليبية
. والغزوة الصهيونية القاهرة، دار الموقف العربي، 1980 .
أمين، بديعة، المشكلة اليهودية والحركة الصهيونية. بيروت، دار الطليعة 1974 .
الخالدي، وليد وآخرون، القضية الفلسطينية والصراع . . العربي الصهيوني الموصل، العراق دار الكتب والنشر لجامعة
الموصل واتحاد الجامعات العربية 1983 ، الفصول التالية:
" دكتور شاكر مصطفى، العرب والسلم وفلسطين عبر التاريخ".
" دكتور مروان بحيري، اليهود في أوربا الغربية والشرقية ما بين 750 و 1850 ، " "الحركة الصهيونية منذ نشأتها حتى نشوب
الحرب العالمية الولى".
قاسـم، قاسـم عبده، الخلفية اليديولوجية للحروب الصليبية، دراسة في الحملة الولى، 1095 ـ 1099 ـ الكويت، ذات
السلسل للطباعة والنشر، 1988 .
دوريات:
المستقبل العربي، أغسطس 1987 :
" عاشور، سعيد عبد الفتاح، ملمح المجتمع الصليبي في بلد الشام".
" قاسم، قاسم عبده، الحروب الصليبية في الدبيات العربية والوربية واليهودية".
2 ـ المراجع الجنبية:
كتب:
.Bradford, Ernle, The Sword and the Samitar: The Saga of the Crusades. London, Victer Gallancz, 1974
Cutler, Allan H and H. E. Cutler, The Jew as Ally of the Muslim: Medieval Roolts of Anlti-Semitism. Indiana,
.Uninversity of Notre Dame, 1986
Erdman, Carl, The Origin of the Idea of the Crusade, translated from the German by Marshall W. Baldwrin
.and Walter Goffart. Princeton, Princeton Universsity Press, 1977
.Mayer, Hans Eberhard, The Csusades, translated by John Gillingham. Oxford Univessity Press, 1972
.Mc Gasry, Daniel D., Medieval History and Civiliztion. New York, Macmillan, 1976
موسوعات ومعاجم:
.Concise Dictionary of World History by Bruce Wettereau. New York, Macmillan, 1983
.Encyclopedia Britannica. Chicago, Encyclopedia Britannica, 1968
.Encyclopedia Judaica. Israel, Jesusalem, Keter Publishing, 1972
.Encyclopedia of Religion and Ethics. Edinblurgh, T and T Clark, 1938
Encyclopedia of Jewish History: Events and Eras of the Jewish People, ed. Illana Shamir and Shlomo Shairt,
.Israel, Massada, 1986
فإذا أضفنا إلى كل هذا التواريخ الساسية للجماعات اليهودية مثل جرايتز وبارون وفنكلشتاين وبن ساسون وغيرهم، ثم
المراجع الخاصة بالخلفية الوربية والعربية السلمية لحروب الفرنجة لزاد ثبت المراجع صفحتين أو ثلثة ولقترب حجمه
من حجم المداخل!
لكل هذا نجد أن كل الموسوعات ل تدرج المراجع التي استخدمها مؤلف المدخل، ويكتفي بعضها بإدراج قائمة ببعض
" المراجع المهمة تحت عنوان لمزيد من الطلع" ( : بالنجليزية فور فيرذر ريدنج Reading Further For .(وقد وجدنا أن ما
يحتاجه القارئ العربي ليس مجرد ثبت عادي بالمراجع وإنما ثبت نقدي يلخص أطروحات الكتب والمقالت التي ترد عناوينها
فيه ويبّ ين مواطن قوتها أو ضعفها والتحيزات الكامنة . فيها وهو جهد ضخم يقع خارج نطاق هذه الموسوعة.
وأحب أن أشير إلى أننا استفدنا في المجلد السابع الخاص بإسرائيل بكتاب دليل إسرائيل العام تحرير صبري جريس وأحمد
خليفة بيروت مؤسسة الدراسات الفلسطينية ( : 1996 ، (وبكتابات الدكتور فضل النقيب.
: المجلد الول الطـار النظــرى
: الجزء الول إشكاليات نظرية
: الباب الول مقـدمة
بعض مواطن القصور فى الخطاب التحليلى العربى
قد يكون من المفيد أن نبّ ين بعض مواطن القصور الساسية في الخطاب التحليلي العربي والغربي في
حقل الدراسات اليهودية والصهيونية.
ولنبدأ أولً باستبعاد بعض أشكال الخطاب من دائرة الخطاب التحليلي والتفسيري مثل الخطاب العملي
( ) بشقيه التعبوي ـ الدعائي والقانوني والخطاب الخلقي:
ً
1 : ـ الخطاب العملي هو خطاب له أهداف عملية مثل تعبئة الجماهير أو الرأي العام، وهو ل ُيع َ نى كثيرا
بقضية التفسير ونحن ُنق ّ . سم الخطاب العملي : إلى قسمين الخطاب العملي التعبوي والخطاب العملي
القانوني.
) أ الخطاب : العملي التعبوي هو الخطاب الدعائي المحض الذي يتوجه، على سبيل المثال، إلى الرأي العام
ّ " " " ضح له أن إسرائيل دولة معتدية وأن اللجئين الفلسطينيين " سبة في جبين البشرية ، وأن
ُ العالمي ف ُيو
" المستوطنين الصهاينة يستولون على الراضي الفلسطينية " " دون وجه حق وأنهم عنصريون يعذبون النساء
ً " . والطفال ، وهكذا ويمكن أن يتوجه الخطاب ا يهدف إلى تعبئة
ًا تعبوي
الدعائي نحو الداخل ليصبح خطاب
الجماهير ضد العدو ( الصهيوني وضد المؤامرة المستمرة أو العكس الن، إذ يمكن أن يقوم الخطاب التعبوي
ْ ). هم ما
يجري حولنا، فهو ل يكترث ا في فَ
بالتبشير بالسلم وغني عن القول أن مثل هذا الخطاب ل يفيد كثيرً
أن نعرف أنهما أمران مختلفان عن التفسير. . ا ونحن ل نقف ضد الدعاية أو التعبئة ولكن الهام
به أساسً
للخطاب العملي أن يكون قانونيً ) : ب الخطاب العملي القانوني ويمكن ا وتصبح القضية هي المرافعة لتوضيح
الحق العربي . والساس القانوني له والشكل الساسي الذي يأخذه هذا الخطاب هو مراكمة قرارات هيئة
المم المتحدة الواحد تلو الخر في مجلدات ضخمة ُتطَبع بعناية فائقة وُتوَ زع على الهيئات والدول
بتفسير أسباب الصراع أو بنيته أو طرق حله أو . ا
والمنظمات الدولية المعنية ومثل هذا الخطاب ل ُيع َنى كثيرً
. تصعيده أو إدارته ول شك في أن معرفة ا عن
الطار القانوني للصراع أمر مهم للغاية ولكنه يختلف تمام ً
عملية التفسير التي ا من مراكمة القوانين
ً
تنطوي على جهد أكثر تركيب .
ومن الشكال الخرى للخطاب القانوني ما ُينشر من دراسات تحت شعار من فمك ندينك يا إسرائيل " ".
وهذه الدراسات تتكون عاد ً ة من اقتباسات من كتابات بعض المؤلفين السرائيليين ومن أعضاء الجماعات
. اليهودية ينتقدون فيها اليهودية وأعضاء الجماعات اليهودية وإسرائيل وتوضع القتباسات التي ل يربطها
رابط، جنب المرافعة التي ل تنتهي ضد الصهيونية وإسرائيل وكل ًا إلى جنب ثم ُتق ّ دم باعتبارها أدلة دامغة في
اليهود!
2 ـ الخطاب الخلقي وهو الخطاب الذي َيص ُ : در عن قيم أخلقية إنسانية ويحاول أن يحض على وضعها
. موضع التطبيق ويمكن القول بأن ثمة نقط تشابه أساسية بين الخطابين الدعائي التعبوي والعملي القانوني
من جهة والخطاب الخلقي من جهة أخرى، فجميعها ذات َتو ُ جه عملي . غير تفسيري فمقولت أخلقية مثل
العتدال والتسامح والنصاف والخير ليست مقولت تحليلية أو تفسيرية، فهي تعبير عن حالت عقلية أو
عاطفية وعن مواقف أخلقية ول . كبة أو العملية التفسيرية وهذه المقولت تجعل
ّ
ُمر
علقة لها ببنية الواقع ال
كز هو نفسه على كز على الحالة العاطفية والعقلية للفاعل ويستبعد العناصر الخرى، أو
ّ
ّ الباحث ُير
تجعله ُير
إصدار الحكم الخلقي الصحيح على الحداث بدلً من دراسة بنية الواقع وآلياته وحركياته بهدف تفسيره .
. ولنأخذ قضية العتدال يمكن القـول بأن الكــيان الصهيوني هو بنية عدوانية بغض النظر عن نية الفاعل
الصهيوني ومواقفه . الخلقية الفردية فالمشروع الصهيوني هو مشروع يهدف إلى نقل كتلة بشرية من
ّ جرة محــل سكان البلد الصليين،
الغربي إلى فلسطين بحيث تحل الكتلة البشـرية ال بكل ما َينُتج ُ العالم مه
ُ . عن ذلك وبشكل حتمي من إحلل وطرد وإبادة وهي نتائج تتجاوز نوايا مشتركة
العناصر البشرية الفردية ال
. في عملية النقل ولكن هناك بعض الصهاينة المعتدلين، حسني النية والطوية، ممن تخلوا عن القيم
. الداروينية الشائعة ولكنهم، ا بسبب
رغم إنسانيتهم الحقة وأخلقيتهم الواضحة، لم يستطيعوا أن يحققوا شيئً
ا لتفسير الظاهرة
طبيعة الصهيونية الستيطانية الحللية فتم ّسك هؤلء بالقيم الخلقية النبيلة ل . َيصُلح كثيرً
المركبة، لكن هذا ل يعني إسقاط نوايا الفاعل أو ا إذا كانت هذه النوايا حقيقية،
توجهه الخلقي، وخصوصً
والمهم أل نخلط بينها وبين بنية الصراع.
ولنضرب مثلً « آخر على عدم جدوى استخدام مقولة العتدال» . لتفسير الظواهر فمن المعروف أن
العتدال الصهيوني اختلف من جـيل إلى جيـل، حتى أن ( ) المعتدلين الن بعد تآكل العرب هم في واقع المر
. متطرفو المس ولذا، فإن طالب ( ) العرب على سبيل المثال بقبول قرار تقسيم فلسطين الصادر عام
1948 كأساس لحل القضية الفلسطينية عام 1996 ،أو حتى بالنسحاب لحدود عام 1967 ، فإن مثل هذه
ًا وُيط َلب من العرب بعد ذلك أن ُيظهروا شيئً المطالب . ا من
التسامح وأن يتنازلوا ا وتشدد ًا وإرهاب
ُيعتَبر تطرف ً
عن أوطانهم حتى يمكن وصفهم بالعتدال!
أما النصاف، فيمكن أن أضرب مثلً على انعدام قيمته التفسيرية من كتاب صدر عن اليهود والماسون في
ً " " ا وليس كل
ا، وأن هناك ا ، فبّين أنه ليس كل اليهود ماسون
مصر وحاول مؤلفه أن يكون منصف ً الماسون يهودً
قيادات وطنية مصرية ل شبهة في وطنيتها انضمت للحركة . الماسونية وهناك قيادات أخرى لم تنضم وقد
ا عن الماسونية أو عن الظواهر التي أشار
ّثق المؤل ُ ف كل هذا بمادة أرشيفية ممتازة دون أن ُيف ّسر لنا شيئً
و
لها.
قيمة تحليلية كبيرة، « » ا مصطلحات أخلقية مثل ثقافة السلم وثقافة الحرب ليست لها
وقد ظهرت مؤخرً
« وهي مصطلحات تخلق الوهم بوجود شيء أخلقي مطلق اسمه السلم» مقابل شيء آخر ل أخلقي
ّ . إنساني وتاريخي أو اجتماعي وقد تمت تعبئة « » مى الحرب ول يوجد أي منهما داخل أي سياق
مطلق ُيس
« » مصطلح ثقافة السلم بكل اليحاءات " " اليجابية الممكنة وأصبح الحديث عن الحرب مهما كانت أسبابها
ومهما كانت الدوافع ( ) ا
وراءهـا مثل الحرب من أجل تحرير الرض والذات على سبيل المثال أمرًا سلبيً
وشكلًمن أشكال العنف ونحن نطرح جنب «ثقافة العدل ً . « » ا إلى جنب مع ثقافة السلم والحرب مصطلح
». « » « والظلم ولذا يمكننا أن نتحدث عن ثقافة السلم والعدل مقابل ثقافة ». الحرب والظلم كما يمكن أن
« » « نتحدث عن ثقافة السلم والظلم وثقافة الحرب والعدل». والهدف من كل هذا هو أن نبّ ين الُبعد
الخلقي لمثل هذه المصطلحات وأنها ليست، في واقع المر، مصطلحات وصفية وإنما هي مصطلحات
وعظية وتعبوية، وأن نزيد من تركيبيتها كب
ّ
ُمر
ومقدرتها على التعامل مع واقع النسان ال .
ونحن ل نرفض القيم الخلقية وضرورتها للنسان كإنسان، بل نرى أن التفسير لبد أن ُ يترجم نفسه في
نهاية المر إلى فعل إنساني فاضل، بحيث يقف النسان وراء ما ُيتص ّ ( ) وأخلقي المعروف ، ور أنه إنساني
ويقف ضد ما ُيتص ّ أن مثل هذا الموقف الخلقي النساني، هذا ( ). ور أنه غير إنساني وغير أخلقي المنكر إل
المر بالمعروف والنهي عن المنكر، لبد أن يسبقه إدراك كامل لطبيعة الموقف الخلقي وتحليل للواقع
المتعّ ين بكل مكوناته وتركيبيته حتى يمكن فهمه قبل الحكم عليه.
ويمكننا الن أن ننصرف إلى عيوب الخطاب التحليلي الذي يهدف إلى تفسير الواقع:
. ا من
1 ـ ولنبدأ بأهم الشياء، أعني المسلمات أو المقولت التحليلية الساسية فمن الواضح أن كثيرً
الدراسات ( ) العربية تبنت عن وعي أو عن غير وعي معظم أو كل المسلمات أو المقولت التحليلية الغربية
التي تتعامل الحضارة الغربية من خللها مع العقيدة اليهودية ومع أعضاء الجماعات اليهودية، وهي مقولت
« أو مسلمات في معظمها ذات أصل إنجيلي مثل التاريخ » « ». اليهودي و الشعب اليهودي وهذه المقولت
النجيلية احتفظت ببنيتها الساسية دون تغيير، حتى بعد أن تم علمنتها وتفريغها من القداسة والبعاد الدينية،
ًا مستقلً ( ) يتحركون داخل تاريخهم المستقل. وبعد أن
فاليهود ل يزالون في الوجدان الغربي الحديث كيان
كانوا يهيمون في البرية ويصعدون إلى كنعان ويهبطون إلى مصر، أصبحوا الن يهيمون في أنحاء العالم،
وبخاصة العالم الغربي، متطلعين طيلة الوقت إلى الصعود إلى . فلسطين ومن ثم، يخلع الوجدان الغربي
على اليهود التف ّ وينزع عنهم القداسة باعتبارهم قتلة الرب والشعب المنبوذ رد باعتبارهم الشعب المختار،
يدهم ا باعتبارهم مادة استعمالية ليس لها أهمية خاصة
ّ
. الذليل، ثم ُيح
تمام ً
وهذه البنية تشكل ( ) ا لليهود في ذات الوقت ، فهي ترى اليهود
ً
دد ًا صهيونيًا معادي
نموذجً باعتبارهم إما ا مح ّ
ملئكة رحيمة أو شياطين رجيمة، إما باعتبارهم مركز الكون فل يمكن للتاريخ البشري التحرك بدونهم أو
باعتبارهم مجرد أداة أو شيء هامشي ل أهمية له في . ذاته على الطلق ومن خلل هذا النموذج، تم استبعاد
كم كبير من المعلومات أو تم تهميشه، كشيء ليست له أهمية كبيرة فعداء بلفور لليهود هو حقيقة ُ . تذكر ثم
في الغرب حتى ا وشذوذً يطويها . ا وصهيونية غير اليهود التي تمتد من عصر النهضة
النسيان باعتبارها انحراف ً
الوقت الحاضر والتي تسبق صهيونية اليهود، والتي اكتملت فيها ملمح كر هي الخرى
الفكر الصهيوني، تُذْ َ
طى
بشكل وثائقي وكأنها . المركزية التفسيرية التي تستحقها ذلك لن النموذج التفسيري ُطرفة دون أن ُتع َ
الغربي يرى أن الصهـيونية هي حـركة يهودية، وأنها تنبع من صفحـات العهـد القــديم أو تطلعات اليهود
الزلية للعودة إلى صهيون.
2 ـ أ ّ دى هذا الخضوع لمبريالية المقولت الغربية، وغيره من العناصر، إلى أن أصبح العقل العربي يميل هو
ُ الخر إلى أن ين َ زع اليهود من سياقهم الحضاري والتاريخي والنساني المختلف والمتنوع هم ويجردهم
وُيشّيئ
الجماعات اليهودية المتنوع والثري وغير المتجانس ا من إنسانيتهم المتعّ ينة، ومن هنا تم اختزال واقع
تمام ً
إلى ُ بعد واحد أو اثنين أو إلى . أطروحة واحدة بسيطة أو أطروحتين ولذا، يسقط الخطاب التحليلي العربي
أحيان النظر إلى الظواهر اليهودية كمعطى حسي مادي، كشيء ل تاريخ له ول أبعاد مركبة معروفة أو ًا في
مجهولة، ومن ثم يتم إهمال التاريخ كمصدر أساسي للمعرفة النسـانية وللنماط المتكررة وللنماذج
التفسـيرية التي تزودنا بمتتاليات نماذجية تفسيرية لفوضى الواقع وتفاصيله وحينما ُيستد َ . عى التاريخ، فإنه
ُيستد َ عى بطريقة معلوماتية ويتحول من بَ ( نى مركبة حية إلى مادة أرشيفية أو إلى
وثائقية، فيتم قتله أولً
شكل ) من أشكال النتيكة ينقض عليها الباحث لينزع منها المعلومة الملئمة.
3 ـ ولكن الهم من ذلك، حينما ُيس َقط الُ بعد التاريخي والنساني المركب للظواهر اليهودية، أن اليهود
يتحولون إلى كل متماسك ويبدأ الباحث في التعامل مع اليهود ككل، اليهود في كل زمان ومكان، اليهود على
. وجه العموم ومثل هذه المقولت غير التاريخية تؤدي إلى تأرجح شديد بين قطبين متنافرين:
ًا فريدً ) أ النظر لليهود في كل زمان ا ليس له نظير وله قانونه الخاص
ومكان باعتبارهم كيان .
باعتبارهم شيئ كل ًا عام ً ) ب النظر لهم ا ل يختلف عن الوحدات الخرى المماثلة يسري عليها ما يسري على
الظواهر الخرى.
نتج عن هذا التأرجح اختلل في تحديد مستوى التعميم . والتخصيص الملئم لدراسة الظاهرة فهناك، من
ناحية، الميل نحو التركيز على التف ّ . والخصوصية اليهودية والتفاصيل المتناثرة ومن ناحية أخرى، هناك رد
الميل نحو التركيز ا وتجاهل نتوء الظاهرة وخصوصيتها ومنحناها الخاص، ومحاولة
على ما هو عام جدً
تفسيرها في إطار القانون العـام الواحد الشـامل وكأنها سـطح أملس ليست له شخصية أو هوية. وهذا
التأرجح يسم معظم النماذج التحليلية السائدة.
4 ـ من النتائج الخرى لنزع الظواهر اليهودية من سياقها التاريخي النساني المركب أنها لم يَُعد ُين َظر لها
باعتبارها ظواهر كلية مركبة لها تجلياتها على المستويات السياسية والقتصادية والدينية والمعرفية، ولذا تم
تسييس الخطاب التحليلي العربي بشكل متطرف، بحيث ُينا َ قش كل موضوع في إطار أبعاده السياسية
والقتصادية المباشرة وحسب، وتم استبعاد ( البعاد المعرفية رؤية الصهاينة للكون ـ رؤية العالم الغربي
) لذاته ولليهود التي . ل يمكن فهم البعاد السياسية والقتصادية حق الفهم بدونها وبذلك، تم عزل هذه
الظواهر عن كثير من السياقات الفكرية والدينية والحضارية، وتم اختزالها إلى ُبعد واحد واضح وسهل
ومباشر.
5 " ـ ويرتبط بهذا عيب آخر هو أن الفكر الصهيوني" " " ينحل في عقل كثير من الباحثين إلى أفكار صهيونية ،
أي مجموعة من الفكار ل يربطها . ا من منظومة مترابطة متكاملة وعملية التفتيت هذه
رابط وليست جزءً
تؤدي إلى مزيد من التسطح وتعوق عملية التفسير النقدية المتعمقة.
6 ـ ويرتبط كل هذا بُ بعد آخر « » نطلق عليه التطبيع المعرفي والتحليلي للظواهر الصهيونية إذ يهمل كثير من
الدارسـين خصـوصية الظاهرة الصهـيونية السرائيلية من حـيث هي ظـاهرة استيطانية إحللية ذات ديباجات
. يهودية ويتعامل هؤلء الدارسون مع النظام الحزبي السرائيلي ( ) على سبيل المثال مثلما يتعاملون مع
أن الحزاب السرائيلية ُ النظام الحزبي في إنجلترا أو فرنسا متجاهلين ممَ ثلة في المنظمة الصهيونية
ولة من الخارج وأن لها نشاطات ل تقوم الحزاب السياسية عادةً ا في
ُمم ّ العالمية وأن لها فروعً
الخارج وأنها
. بمثلها فالتطبيع هنا يعني تجاهل خصوصية الكيان الستيطاني الصهيوني وإدراكه ا
ً
ًا سياسيًا عادي
باعتباره كيان
ا مثل الكيانات السياسية الخرى
ً
طبيعي .
7 ـ ويمكن أن أشير أيضً « ا إلى إهمال الخطاب التحليلي العربي لما أسميه قضية المنظور» ( الوعي ـ الدوافع
) ـ التوقعات والمعنى، وهو الدللة الداخلية التي يراها النسان فيما يقع له من أحداث وفيما يحيط به من
. ظواهر وفيما يقوم به من أفعال فالنسان ليس، مثل الحيوان، مجموعة من الخليا والعصاب والرغبات
المادية، وسلوكه ليس مجرد ا من
أفعال وردود أفعال مشروطة بالبيئة المادية أو العضوية، فهو أكثر تركيبً
ذلك. فالمعنى الذي ُ . يسقطه على الظواهر يحدد وعيه ودوافعه وتوقعاته ولكل هذا، ل يمكن رصد النسان
من الخارج كما ُيرصد الدجاج أو النحل وأعتقد أن كثيرً العربية ُتسقط هذا الٌ بعد المهم . ا من الدراسات
للظاهرة الصهيونية، أي باعتبارها ظاهرة اجتماعية تاريخية إنسانية مركبة، وأن الصهاينة والسرائيليين بشر
ل يمكن رد سلوكهم إلى مجموعة من العناصر والملبسات المادية، فدوافعهم وتوقعاتهم مرتبطة برؤيتهم .
كتب عن إسرائيل يدور في إطار وهم الموضوعية
المادية المتلقية، بحيث تتحول عملية ا مما ُ
ولذا، نجد كثيرً
رصد المجتمع السرائيلي إلى مجرد رصد براني للظواهر والتفاصيل المتفرقة ل يكترث بالوعي أو بالدوافع
وُيسقط فكرة المعنى تمام ً ( ) أي المعنى الذي يخلعه الصهاينة على أفعالهم وأفعال الخرين ويتجاهل قضية ا
التوقعات، فيأتي الحكم على مدى نجاح الظاهرة الصهيونية أو فشلها بمقاييس كمية خارجية عامة مثل
« » « القوة العسكرية للمجتمع و مستوى التقدم القتصادي للمجتمع» « و معدلت الدخل المرتفعة للمواطن
» « السرائيلي و مدى اتساع حدود الدولة الصهيونية أو » ضيقها ، دون أن يؤخذ في العتبار إدراك المستوطنين
الصهاينة أنفسهم لهذه الظواهر وكيفية استجابتهم وتفسيرهم لها، ودون تحديد لطبيعة توقعاتهم من
مجتمعهم الصهيوني سواء من الناحية المادية أو من الناحية المعنوية.
8 ـ ويرتبط بقضية المنظور . والدوافع والتوقعات والمعنى قضية حدود الخر فنحن، حينما ندرس الخر، عادةً
ما نسقط في عملية اختزالية:
) « » أ نسقط فيما أسميه النصوصية ، أي أن يفترض الباحث أن ما ورد في الكتب المق ّ دسة لليهود يكفي أن
ا لسلوك
ً
يكون نموذجً اليهود. ا تفسيري
دوافعهم وخططهم الحقيقية وليست مجرد ) ا عن
ب عاد ًة ما نأخذ تصـريحات السـرائيليين باعتبـارها تعـبيرً
يت،
ّ
ُ . مزاعم وآمال ثم تتشيأ النصوص المق ّدسة مب
ُمخ َطط ال
والتصريحات وتتحول من الدوافع الكامنة، وال
لتصبح القوة الذاتية . ا الواقع الموضوعي وبذا، تتم المساواة بين الزعم والمال وبين التوقعات
وأخيرً
. والواقع كل هذا يؤدي إلى إهمال حقيقة بديهية وهي أن الخر قد يفشل في إدراك دوافعه ( الحقيقية بسبب
ّ بر عن دوافعه الكامنة الحقيقية التي
التزامه اليديولوجي ، وأنه قد يعني ما يقول ويصدقه ولكنه مع هذا ل ) يع
تحركه لنه ل يستطيع أن يواجه نفسه. وهناك، إلى جانب ذلك، الدعاء الواعي إذ قد يكون من صالح
الشخص أن يعلن مزاعمه . ويخبئ دوافعه حتى يخدم مصلحته فقد يزعم المهاجر اليهودي أنه هاجر بسبب
رغبته اليهودية العارمة النبيلة في العودة إلى أرض الميعاد ليخبئ دوافعه الخسيسة في الهرب من البطالة
والبحث عن الحراك الجتماعي والحصول على الدعم الصهيوني السخي لمن . يستوطن في صهيون وقل
. نفـس الشـيء عن القـوة الذاتية فمزاعم الخر عن قوته قد تكون ا .
خاطئة تمام ًا وقد تكون تزييف ًا واعيً
وحينما صرح الصهاينة أن عدد المهاجرين اليهود من التحاد السوفيتي في موجة الهجرة الخيرة سيصل إلى
المليين، فلعلهم كانوا مخلصين فيما يقولون ولكنهم فشلوا في تقييم موقف اليهود السوفييت وعوامل
الطرد . والجذب العامة والخاصة التي تتجاذبهم، ولعل آمالهم اليديولوجية قد ضللتهم وهناك احتمال أن
يكون الصهاينة قد قاموا بتضليل الجميع عن عمد حتى يتم تخويف العرب (فيسرعوا إلى مائدة المفاوضات )
( وحتى تزيد الوليات المتحـدة ومن ورائها يهود ) . العـالم من دعمها المادي والسـياسي ومن المعروف أن
المليين المزعومة من المهاجرين لم تصل.
وقل نفس الشيء عن مخططات الستيطان في الضفة الغربية التي كانت تطمح إلى توطين مئات اللوف
( على أمل أن يصل عدد المسـتوطنين إلى ثلثة ). أرباع المليون وقد حرص الصهاينة على إعلن هذه
. المخططات على المـل ولكن من . المعروف أن هذه المخططات لم تتحقق فلعل من أدلوا بهذه
التصريحات لم يدركوا أن مصادر الهجرة اليهودية في العالم قد بدأت تجف، وأن يهود العالم مستقرون في
مندمجون فيها، وخصوصً الكبرى لمن بلدهم ا في العالم الغربي، وأن الوليات المتحدة تمثل نقطة الجذب
. ويؤدي إلى إفشالها ومن ا بنيوية على تحقيق المخططات
يريد أن يهاجر منهم، وأن كل هذا يضع قيود ً
ا ا لبعاد الموقف وأصدروا
. المحتمل أنهم كانوا مدركين تمام ً
التصريحات بهدف التخويف وجمع الموال أيض ً
ّ بر عن آمال الصهاينة بإخلص أم أنه ادعاء
ولذا، فإن من المهم بمكان أن نقرر ما إذا كان الزعم الصهيوني ُيع
ا أو أكذوبة فلبد
صهيوني كاذب وواع، فلو كان أملً فسيؤثر في خطة عمل صهيونية، أما إذا كان ادعا ًء واعيً
. أن يسقط من العتبار لن الهدف منه هو تضليلنا وعلينا بعد ذلك أن نقرر إن كانت المال تتطابق مع الواقع
أم ل، ومدى إمكان تحقيقها، وذلك بدلً من السقوط في قبضة تشيؤ المزاعم والتصريحات والنصوص
المق ّدسة.
وثائقي ف ُترا َ لكل ما َتق ّدم، هيمن على الخطاب التحليلي العربي نموذج معلوماتي موضوعي متل . كم ٍ 9 ـ ق
رصً المعلومات والحقائق والفكار والتصريحات والنصوص المق ّ دسة وُترص ا بغض النظر عن مدى أهميتها
ومدى مركزيتها ومقدرتها التفسيرية وهي عاد ً . ة حقائق ل يربطها رابط ول تخضع لي شكل من أشكال
التحليل المتعمق إذ يأخذ التحليل شكل ا يلجأ للتصنيف السطحي بناء على عدد
تحليل مضمون بدائي جدً
والموضوعات وذلك في إطار الطروحات العامة المســيطرة وبالتالي، ُتج ّ الكلمات وتكرار ال ُجمل . مد
والحقائق وُتع َزل عـن بعضـهـا البـعض وُتج َ رصدًا لحقائق الظواهر . رد من تاريخـها وسياقها ويكون الرصد
متفرقة، ل لنماط متكررة، ومن ثم يمكن للباحث أن يفرض عليها أي معنى عام أو خاص يشاء، وإن قام
. بفرض نمط ما عليها فهو أطروحة اختزالية بسيطة ويأخذ البحث العلمي شكل اختيار الحقائق التي يبرهن
بها الباحث على البدهية الختزالية ( الولى التي بدأ بها اليهود مصدر الشر ـ الصهيونية شكل من أشكال
المبريالية) بدلً . من أن يكون عملية اكتشاف واختبار للطروحات القائمة وقد أصبح التصور العام الن في
العقل العربي أن التأليف هو التوثيق بغض النظر عن المقدرة التفسيرية للمسلمة التي تم توثيقها، وأصبح
معيار الجودة والتمّ يز هو كم المعلومات أو الحقائق التي أتى بها المؤلف، وكم المراجع التي أدرجها في ثبت
كانت حديثة كان هذا دليلًقاطع ً ! المراجع، وتاريخ صدورها، فإن ا على مدى جدية الباحث وإبداعه
10 ـ ساد نموذج الهزيمة وتغلغل في الذات العربية، وأصبحت الهزيمة مترادفة مع الموضوعية ( المتلقية التي
تعني التجرد من الذات والذاكرة التاريخية والقيم الخلقية الخاصة ). والمثاليات والبطولة وأصبح من
العدو متقدم وأن قوته ل ُتق َ البديهيات الموضوعية والمسلمات َت َقّ بل أطروحة أن " " هر وأننا متخلفون وضعفنا
. واضح ونهائي وفي هذا الطار، أصبح من دلئل الموضوعية التنقيب بكل نشاط وشراهة عن القرائن
ا، فيبحث الدارسون عن مواطن القوة والتفوق في المجتمع السرائيلي
والستشهادات التي ُتثبت هذا عمليً
دون أن يكلفوا خاطرهم مشقة التعمق وراء هذه الشواهد والقرائن ودون أن يبحثوا عن قرائن أخرى تدل
على مواطن القوة في الذات وعن لحظات النتصار.
وإن حدث العكس وقام باحث بإيضاح مواطن الضعف في العدو وبّ ين أن اليهود بشر يخضعون لما يخضع له
كل البشر من أفراح وأتراح، ومن انتصار وانكسار، وأنهم ينضوون في إطار النماذج التفسيرية المتاحة في
العلوم النسانية والجتماعية ومن ثم يمكن تفسيرهم ومعرفة مواطن القوة وأسبابها ومواطن الضعف
. وأسبابها إن حدث ذلك، فإن الجميع يتذمرون ويحتجون وُ . يلقون بالتهام بعدم الموضوعية بل يخلط البعض
بين هذا التفسير المركب للموقف وبين الوهم الشائع عند البعض أن إسرائيل قد تنهار من الداخل من تلقاء
نفسها.
ويمكننا إرجاع قصور الخطاب التحليلي العربي إلى عدة أسباب تنضوي كلها أو معظمها تحت سبب واحد
كب
ّ
ا من عناصر ُمر
ً
وهو غياب النموذج التفسيري الجتهادي ال الذي ل يتبنى المسلمات القائمة ول يستبعد أي
الواقع بقدر المكان ( ) ويسترجع الفاعل النساني ككيان مركب ل يمكن رده إلى عنصر مادي أو روحي واحد
أو اثنين.
ولعل من الهام بمكان في هذه المرحلة أن ندرس الشأن اليهودي والصهيوني دون أن نسقط ضحية
لمبريالية المقولت ودون أن نجرد أعضاء الجماعات اليهودية من سياقاتهم التاريخية والجتماعية ودون أن
نتبنى تحيزات الخرين سواء مع " " اليهود أو ضدهم، لقد حان الوقت أن ندرسهم من وجهة نظرنا وأن نخضع
تحيزاتنا ( ) ونماذجنا التحليلية للختبار المستمر لنرى مقدرتها التفسيرية بالمقارنة للنماذج التحليلية الخرى .
( ) ولعل الموسوعة دائرة المعارف هي العمل الذي يعرض بشكل شامل رؤية مجتمع ما لظاهرة ما أو
لمجموعة من الظواهر.
( موسوعة دائرة معارف)
«الموسوعة ُيط َ » « لق عليها في النجليزية أنسيكلوبيديا encyclopedia ، «وهي كلمة مشتقة من اليونانية
وتعني حرفي ». وعلى هذا فإنها تعني تقديم المعرفة ً « » « ا التعليم في دائرة ، أي المنهج التعليمي الكامل
في حقل تخ ّ بشكل منهجي من خلل دراسات يكتبها متخصصون، ك ٌل صصه، تكون في العادة حسب تصنيف
. ألفبائي وحينما استخدم فرانسوا رابليه (1490 ـ 1553 (الكلمة لول مرة في الفصل العشرين من
بانتاجرويل Pantagruel .« » ،استخدمها بمعنى تعليم وكان أول من استخدمها بالمعنى الصطلحي للكلمة
الكاتب اللماني بول سكاليش Scalich Paul حيث استخدمها كعنوان لموسوعته عام 1559 .والموسوعات
« التي صدرت قبل ذلك التاريخ إما أنها كانت ل تصف نفسها بأنها موسوعة» « أو كانت تستخدم كلمة معجم
dictionary .«وظلت الكلمة غير شائعة إلى أن استخدمها . ديدرو في موسوعته وحتى الن، ل تزال بعض
الموسوعات ُ « » ( يشار إليها بأنها معجم وإن كان المعجم ل ُ « »). يشار له بلفظ موسوعة ويمكن أن تكون
الموسوعة من جزء واحد، كما ُتو َ جد موسوعات من عشرات الجزاء.
وُتع ّ . النسانية في المستوى الذي وصلت إليه وقت ظهورها ومهمة رف الموسوعة بأنها سجل للمعرفة
َتو ّ الموسوعة هي تلخيص ما ( ) صل إليه المتخصصون إما في كل حقول المعرفة إن كانت موسوعة عامة أو
في حقل من ( ) حقول المعرفة إن كانت الموسوعة متخصصة ، أي أنها بهذا المعنى تتعامل مع علم مستقر
ًا من ق َ بل المتخصصين
ومصطلحات مستقرة ورؤى تم الجماع عليها تقريب .
ً « » ا، ولكن في أحيان أخرى ُتستخ َدم الكلمة
وفي اللغة العربية ُتستخ َدم كلمة موسوعة بهذا المعنى أحيان
. للشارة إلى أي كتاب كبير كما يميل البعض للتمييز بين كلمتي « » « » موسوعة و دائرة معارف ، ولكن ورد
« في المعجم الوسيط أن دائرة المعارف» و الموسوعة تترادفان وُ « » : يقصد بهما عمل يضم معلومات عن
مختلف ميادين المعرفة أو عن ا
ًا ترتيبًا هجائيً
ميدان خاص منها ويكون عاد ًة مرتب .
موسوعة اليهودية
يعود تاريخ أول موسوعة متخصصة في تراث أعضاء الجماعات اليهودية والعقيدة اليهودية إلى منتصف
القرن الثامن عشر حين ظهر في مدينة فيرارا بإيطاليا عام 1750 أول جزء من موسوعة يهودية، جمعها
. ( ً
وألفها طبيب ُيد َ عى إسحق بن صمويل لمبرونتي (وانتهى نشرها عام 1888 وتقع في ثلثة عشر جزءا
والموسوعة تعالج تراث اليهود وتاريخهم، ولكنها كانت تخلط بين التاريخ والتلمود ول تفصل بين الواقع
التاريخي . والنصوص الدينية ثم ظهرت في أواخر القرن التاسع عشر موسوعة ألمانية متخصصة أخرى،
. جمعها وكتب مادتها جيكوب هامبرجر، كبير حاخامات إحدى المارات اللمانية وكانت هذه الموسوعة، مثل
. سابقتها، ذات طابع ديني محض ثم تتالت الموسوعات، فظهرت أول موسوعة عن اليهودية باللغة النجليزية
في أوائل القرن الحالي (1901 ـ 1906 ، (وهي الموسوعة ( اليهودية ذا جويش أنسيكلوبيديا Jewish The
ً . . ( حررها أ سنجر أما الموسوعة اليهودية العالمية ذا يونيفرسال
Encyclopedia (التي تتألف من 12 جزءا
جويش أنسيكلوبيديا Encyclopedia Jewish Universal The ،( فقد حررها إسحق لندمان وُ نشرت في
نيويورك بين عامي 1939 و 1943 وظهرت في عشرة أجزاء وُ . نشرت موسوعة سيسل روث وجفري
ويجودر في جزء واحد عام 1958 ،كما ُنشرت منها عدة طبعات كان آخرها طبعة 1970 .
وظهرت ( ) أول موسوعة متخصصة في الصهيونية وإسرائيل دون تراث أعضاء الجماعات اليهودية عام 1971
( بعنوان موسوعة الصهيونية وإسرائيل ذا أنسيكلوبيديا أوف زايونيزم آند إسرائيل of Encyclopedia The
. رؤساء الدولة الصهيونية السابقين وظهرت Israel and Zionism ( كتبت تحت رعاية زلمان شـازار، أحد
، و ُ
منها طبعة جديدة مزّيدة ومن ّقحة عام 1994 وحّررها ويجدور وأخيرًا، في عام . 1972 ، ظهرت الموسوعة
( اليهودية أنسيكلوبيديا جودايكا Judaica Encyclopeia ، ( وهي أكبر عمل موسوعي حتى الن يختص بتراث
ُتعتَبر أعضاء الجماعات اليهودية بكل جوانبه، وضمن ذلك الصهيونية وإسرائيل، وتقع في 16 . ا وهي
جزءً
ا لكل جوانب تراث أعضاء الجماعات
ا، وُتصدر ا لكل الدراسات السابقة وتصنيف ً
اليهودية عقيد ًة وتاريخً تلخيص ً
ا يعمل على تزويد قارئ
ً
ًا سنوي
هذه الموسوعة كتاب الموسوعة بالمعلومات الحديثة.
وابتدا ًء من عام 1935 ، ظهرت موسوعة عبرية تحت إشراف كلوزنر في ستة أجزاء، وظهرت موسوعة
. ا ولكن أهم الموسوعات العبرية هي الموسـوعة
عبرية أخرى بين عامي 1950 و 1961 في ستة عشر جزءً
جزءً بين عامي 1941 و 1971 .وقد ظهرت موسوعات إنجيلية مختلفة ولكنها ل العبرية التي صدرت في 31 ا
لننا في مجال دراستنا للصراع العربي السرائيلي ل نهتم باليهودية إل كأحد عناصر هذا الصراع، ا،
تهمنا كثيرً
. والموسوعات النجيلية ل تهتم باليهودية إل كدين وحسب كما ظهرت موسوعة لشخص ُيد َ عى سيجيل فيري
كتبت تحت رعاية
تصفها المصادر اليهودية بأنها « ». المعادين للسامية وإن صدق هذا القول، فإن مثل هذه ُ
لنها مليئة ول شك بادعاءات عنصرية ول تفيدنا من قريب أو بعيد في إدارة أي ا
الموسوعة لن تنفعنا كثيرً
صراع أو في فهم أية ظاهرة، وهي في نهاية المر لم ُتن َشر كاملة والمل َ . حظ أن كل الموسوعات آنفة الذكر
( ) باستثناء الموسوعات النجيلية وموسوعة فيري قام بتأليفها باحثون يدينون باليهودية، بل الهم من هذا أن
( معظمهم لهم ولءات صهيونية باستثناء محرري الموسوعة اليهودية الروسية التي ُنشرت بين عامي 1906
ّ « مى قومية
ً وحررها يهودا كاتزنلسون وسيمون دبنوف من منظور مؤيد لما ُيس
و 1913 في 16 جزءا
» الدياسبورا ، كما يمكن القول بأن محرري موسوعة لندمان ل يدينون بالولء للصهيونية).
ومعظم ـ إن لم يكن كل ـ الموسوعات اليهودية التي صدرت بعد احتدام الصراع العربي السرائيلي قام
بكتابتها يهود متحمسون للمشروع الصهيوني . الستيطاني وقد كان لهذا الوضع أعمق الثر في وجهات النظر
التي ُ تبرزها هذه الموسوعات ولتوضيح هذه النقطة سنضرب مثلً . بالموسوعة اليهودية الخيرة باعتبار أنهـا
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
عاجل | إذاعة الجيش الإسرائيلي: صفارات الإنذار دوت تحذيرا من صواريخ باليستية أطلقت من لبنان على منطقة تل أبيب
عاجل | إذاعة الجيش الإسرائيلي: صفارات الإنذار دوت تحذيرا من صواريخ باليستية أطلقت من لبنان على منطقة تل أبيب 14/10/2024|آخر تحديث: 14/10/20...
-
محمد العمدة يكتب: السيسي والعسكر ونهب مصر (5) تحقيق جمعة الشوال ...
-
تداول نشطاء قطريون معارضون لنظام تميم بن حمد بن خليفة أل ثانى صورة لقطريين يتناولون مثلجات عليها صورة "ت...
-
00 :00 00 :30 نشرة أخبار 00 :30 01 :00 نشرة أخبار 01 :00 01 :05 نشرة أخبار 01 :05 02 :00 أفلام وثائقية 02 :00 02 :30 نشرة ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق