المكارثية السيساوية.. الفصل والتشريد عقوبة معارضي النظام
منذ 62 يوم
عدد القراءات: 2092
وجه قبيح آخر لنظام عبدالفتاح السيسي كشف عنه تقرير أعدته الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.. يمكن وصفه وتسميته بـ"المكارثية السيساوية".
تقرير الشبكة العربية أظهر أن التضييق على معارضي نظام السيسي وصل إلى تجويعهم، عبر حصارهم في أعمالهم أو فصلهم والتضييق عليهم، وأن من بين من جرى تجويعهم، قضاة وصحفيون وأكاديميون ومذيعون.
التقرير كشف بعض سياسات التجويع التي باتت تستهدف المنتقدين والمعارضين في مصر، سوء الفصل من العمل أو الحرمان منه "عقابا لهم على عدم الولاء للسلطة او انتقادها أو الجهر بآراء مغايرة"، فاعتبرتهم الاجهزة الرسمية "أعداء الوطن"، وشنت عليهم حرب تجويع.
ما هي المكارثية؟
تحدث التقرير الحقوقي عما وصفه بـ"المكارثية" الجديدة في مصر، في إشارة الي حقبة المكارثية في الولايات المتحدة خلال عقد الخمسينيات من القرن الماضي.
وتنسب حقبة المكارثية للسيناتور الأمريكي اليميني الجمهوري جوزيف مكارثي، الذي نشر قائمة تضم مئات الأسماء يتهمهم بالعداء لأمريكا وخيانة الوطن، وضمت القائمة أسماء عديدة مثل الفنان تشارلي شابلن، والكاتب الشهير آرثر ميللر، ومارتن لوثر كينغ، وحتى أينشتاين.
وشهدت أمريكا في تلك الفترة تنكيلا وقمعا شديدا لهؤلاء "أعداء الوطن" تمثل في فصلهم وحرمانهم من العمل، وطرد الالاف من المواطنين الأمريكيين من أعمالهم بزعم الخيانة، قبل أن يتم الكشف عن فساد جوزيف مكارثي نفسه واعتبار ما جي "نقطة سوداء ضد حرية التعبير وحق الاختلاف".
المكارثية في مصر
على غرار ما فعلته أمريكا في فترة المكارثية، يسير نظام السيسي على نفس النهج.. والأمر لم يكن وليد اللحظة، به هو سياسة متبعة منذ اللحظة للانقلاب العسكري الدموي في 2013.
ومن أبرز مظاهر المكارثية السيساوية استخدام سياسات التجويع والتنكيل ضد العديد ممن يتم اتهامهم من دون أي دليل أنهم "ضد البلد" أو "عدو للوطن" ووصف حقوقيين بأنهم "ممولين"، ومعارضين بالخارج بأنهم "خونة"، وصحفيين عاملين بوسائل اعلام دولية بأنهم "عملاء".
أيضا جري اتهام مئات من المثقفين والسياسيين والحقوقيين والفنانين والكتاب والصحفيين، وتعرض أعداد كبيرة من المواطنين للتنكيل والطرد من وظائفهم بسبب مزاعم لا أدلة عليها عن كونهم "اخوان" أو "خونة" أو "إرهابيين" و"اعداء للوطن".
تلك الحملة تم التوسع في استخدامها بأريحية، نظراً لعدم حاجتهم لتوافر أدلة حقيقية ضد المستهدف من الحملة، فيكفي انتقادك للنظام بمقال، أو تعليق على صفحات التواصل الاجتماعي، أو تقرير حقوقي، او لقاء تلفزيوني مع قناة أجنبية، لتصبح عدو الوطن، ويصبح استمرارك في العمل صعبا، ومصدر رزقك مهددا ومستهدفا بالتجويع.
هدف المكارثية السيساوية
تتلخص اهداف هذه الحملة المكارثية التي تشنها السلطة وأنصارها ضد معارضيها، بحسب التقرير، فيما يلي:
- ترهيب وتخويف المواطنين من الاعتراض على أي أمر يخص النظام الحاكم، مثل قانون أو إجراء أو سياسات مهما كانت باطلة أو متعسفة.
- التخلص من المنافسين في العمل وأهل الكفاءات لصالح الأقارب وأهل الثقة.
- التقرب من النظام بتقديم بلاغات كيدية ضد أي معارض أو منتقد لكسب ود الدولة وممثليها من رجال الشرطة والإعلام التابع أو المقرب للنظام.
من ضحايا المكارثية السيساوية
تعرض الآلاف من المصريين لمقصلة المكارثية السيساوية، وعوقبوا بفصلهم عن العمل بدون أسباب إلا أنهم معارضين للنظام، برغم ذكر اسباب رسمية تخالف الحقيقة.
شمل هذا الملف سياسيين وحقوقيين وصحفيين، كما اتسع ليشمل معتقلين سابقين سياسياً حكم أو لم يحكم عليهم بالأساس، بالإضافة لمواطنين ليس لهم نشاط سياسي لكن اظهروا شيء من الامتعاض عن إحدى خطط النظام.
هناك "قضاة" تعرضون لهذه المكارثية ذكرهم التقرير، أبرزهم القاضيان هشام رؤوف وعاصم عبد الجبار لأنهم شاركوا في مراجعة مسودة قانون ضد التعذيب، حيث تعرضوا لمحاكمة تأديبية جراء قيامهما بتقديم الجهد الطوعي لمراجعة مسودة لقانون لحظر التعذيب، اعدته مؤسسة مجتمع مدني "المجموعة المتحدة" التي يديرها المحامي الحقوقي نجاد البرعي، والقاضيان معرضان للفصل وجري استقطاع مبالغ من اجورهما وتضييق مالي.
هناك قضاة آخرون لم يذكرهم التقرير الحقوقي تعرضوا للفصل الكامل وحرمانهم من وظائفهم لأنهم أصدروا بيانات تعارض انقلاب 3 من يوليو 2013، وطالبوا بعودة الرئيس السابق محمد مرسي، وآخرون لأنهم عطلوا أحكام الاعدام لمعارضين وغيرهم ممن أصدروا احكام تعتبر التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية باطل قانونا.
صحفيون ضحايا
من أبرز وأشهر الأمثلة على استخدام المكارثية السيساوية ضد المعارضين، ما حدث مع أربعة صحفيين بجريدة اليوم السابع هم (سمر سلامة وعبد الرحمن مقلد وماهر عبد الواحد ومدحت صفوت) الذين تم فصلهم لأنهم عارضوا تسليم مصر تيران وصنافير للسعودية.
واستدعاهم رئيس التحرير خالد صلاح في يونيو 2017، وأبلغهم أنهم ينتقدون الرئيس بشكل علني عبر حساباتهم الشخصية على فيسبوك، وأنهم من ضمن الموقعين على بيان يرفض موقف الحكومة المصرية من توقيع اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، وقام بفصلهم.
أيضا، مذيعة القناة الثالثة "عزة الحناوي" التي انتقدت الرئيس السيسي علنا في القناة الحكومية بعدما غرقت الاسكندرية في الامطار، وطالبت بمحاسبة كل المسئولين، بما فيهم رئيس الجمهورية.
تعرضت "الحناوي" منذ عام 2015، للإيقاف، والتحقيقات، والخصم من المرتب، حتى تم ايقافها تماما عن العمل، وملاحقتها بالبلاغات القضائية المعتادة بتهمة "خيانة الوطن"، و"اهانة رئيس الجمهورية"، وبسبب الحرمان من العمل والتجويع، اضطرت للخروج من مصر والاغتراب.
كذلك، الصحفي محمد فوزي، الذي تعرض للفصل من مجلة "عين" الإماراتية بسبب كتاباته على صفحته الشخصية على «فيسبوك»، ودعمه المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي، ومعارضته للسلطة.
.. والموظفون ضحايا أيضا
وتعرض آلاف الموظفين للفصل من أعمالهم بسبب آراءهم السياسية، منهم على سبيل المثال لا الحصر:
- تعرض عدة شباب (ذكرهم التقرير) للملاحقة الأمنية وللاختفاء القسري لمدة عام ثم الاعتقال وسُجن 6 أشهر، وجري فصلهم من العمل بسبب أراءهم المعارضة للنظام، أو اتهامهم بالترويج للخروج في مظاهرات أو لأن أحدهم ظهر حاملاً علم مصر رافضاً بيع جزيرتي تيران وصنافير.
- تعرض الكثير من الموظفين للفصل من العمل والتجويع بدعاوي أنهم "إخوان" وكشفت مصادر إعلامية أن الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة وبناء على أوامر أمنية بدأ في مراجعة ملفات 112 ألف موظف تقول الأجهزة الأمنية أنهم التحقوا بالجهاز الإداري للدولة في عهد الرئيس محمد مرسي، طالبت الأجهزة الأمنية بمراجعتها، وإنهاء خدمة من يثبت منهم انتماءه لجماعة الإخوان المسلمين.
- أيضا قال الدكتور صالح الشيخ، رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، إن «هناك بعض الجهات الحكومية أخطرت الجهاز بأسماء موظفين يعملون لديها، وينتمون للجماعات المحظورة والإرهابية»، وأن هذه الجهات هي المسؤولة والمختصة باتخاذ إجراءات مع الذين يثبت انتماؤهم لهذه الجماعات، طبقاً لـ «قانون الخدمة المدنية»، الذي يشترط توافر النزاهة والكفاءة لدى موظفي الدولة.
- أيضا تردد اعداد مجلس النواب قانون يقضي بعزل المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين من الجهاز الإداري، قدمه النائب محمد أبو حامد.
- وترددت انباء عن فصل حوالي 200 موظف في مجلس النواب ووزارتي الخارجية والعدل، من الوظيفة العامة أو نقلهم إلى هيئات خدمية لا تناسب خبراتهم أو مؤهلاتهم تابعة لوزارات النقل والزراعة والتعليم، بدعوي إجراء تحريات أمنية واسعة بينما الهدف هو ابعاد معارضين.
- أيضا تعرض أكاديميون لهذه المكارثية منهم "تقادم الخطيب" المدرس مساعد بالجامعة، والذي تعرض بعد حصوله علي منحة دراسية لدراسة الدكتوراه بألمانيا وسافر بالفعل وبدأ الدراسة، للتهديد ثم الفصل من جامعته بسبب دوره في احضار الوثائق التاريخية التي تثبت ملكية مصر لجزيرتي تيران وصنافير؛ وقدمت تلك الوثائق للمحكمة التي حكمت بأحقية مصر التاريخية في الجزيرتين.
عقب تهديده من قبل المستشار الثقافي للسفارة المصرية ببرلين (الدكتور أحمد فاروق غنيم أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة والملحق الثقافي للسفارة حينها ببرلين)؛ بضرورة تسليم جواز سفره أو سيتم إيقاف منحته الدراسية، تم إلغاء منحته الدراسية وفصل من عمله بالجامعة مدرسا مساعدا، ليصبح من دون عمل ولا أي دخل يعينه على حياته و دراسته في ألمانيا، وليس هذا فحسب، بل إنه معرض للخطر إذا قرر العودة لمصر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق