"أم زبيدة" واحدة من القصص الشاهدة على توسع سلطات الانقلاب في اعتقال السيدات والفتيات، في ظاهرة عكست استخفاف جنرال إسرائيل السفيه السيسي بكل عادات وتقاليد المجتمع، وكسر الخطوط الحمراء بإخفائهن قسريا، وانتهاك حقوقهن، والتعدي عليهن داخل السجون.
لم تكن "أم زبيدة"- أو منى محمود محيي- الأخيرة في قطار انتهاك العسكر للمرأة المصرية، بل سبقها العشرات واعتُقل بعدها ست فتيات في الهزلية رقم 930 لسنة 2019، المعروفة إعلاميًّا بـ"تحالف الأمل"، بعد اعتقالهن في 7 يوليو الماضي لمدة أربعة أيام، ثم ظهورهن في نيابة أمن الدولة العليا بالتجمع الخامس بالقاهرة.
تقول الناشطة سناء السيد: "منى محمود أم زبيدة التى تجرأت وخرجت على شاشة التلفزيون تحكي مأساتها هي وابنتها الضحية زبيدة ضحية العسكر المجرمين الذين اغتصبوها واعتدوا عليها جميعًا، حتى حملت سفاحا داخل السجون المصرية، الأم معتقلة وتهمتها أنها فضحت النظام الحقير وجردتهم جميعًا من أى ادّعاء بالشرف".
وفي تقرير للمنظمة العربية لحقوق الإنسان، ومقرها بريطانيا، بمناسبة مرور ست سنوات على الانقلاب العسكري، أكدت أن سلطات الانقلاب بمصر اعتقلت ما لا يقل عن 63032 شخصا، بينهم 691 امرأة.
حلقت شعرها
وطالب حقوقيون وسياسيون مصريون بضرورة التحرك العاجل لوقف جريمة "التدوير" التي تمارسها عصابة الانقلاب، و"التدوير" هي الجريمة التي يتم بمقتضاها إعادة حبس المعتقل الذي حصل على حكم بالبراءة أو إخلاء سبيل، واتهامه في قضية جديدة، كنوع من الانتقام منه والتنكيل به، ومنعه من تنفيذ الحكم الخاص به وحرمانه من حريته.
وقالت صفحة "حريتها حقها"، المتخصصة في الكتابة عن السيدات والفتيات المعتقلات في مصر: "حلقت شعرها تمامًا ودخلت في إضراب كامل عن الطعام، بعد قبول استئناف النيابة وإعادة حبس منى محمود محمد "أم زبيدة" للمرة الثالثة على التوالي، قررت منى محمود محيي "أم زبيدة" الدخول في إضراب كلي عن الطعام وقامت بحلق شعرها تمامًا؛ اعتراضا منها على التعنت معها وعدم خروجها حتى الآن".
وتابعت: "يُذكر أن السيدة منى محمود تبلغ من العمر 56 عاما، وتعاني من عدة أمراض مزمنة، وتتدهور بشكل ملحوظ حالتها الصحية والنفسية داخل محبسها.. انشروا عنها ووصلوا صوتها وادعولها بالحرية".
واتهم الحقوقي والباحث بالتنسيقية المصرية للحقوق والحريات، أحمد العطار، عصابة الانقلاب بعدم التمييز بين النساء والرجال بعد اعتقالهم، قائلا: "كانت هناك مقولة مغلوطة منتشرة تقول إن الفتيات والنساء في مصر خط أحمر"، مشيرا إلى "فضيحة كشوف العذرية التي وقعت إبان ثورة 25 يناير تحت إشراف عبد الفتاح السيسي، عندما كان مديرًا للمخابرات".
وأضاف: "توالت الانتهاكات والاعتقالات في عهد عبد الفتاح السيسي، وصدرت بحقهن أحكام بالإعدام والسجن المؤبد؛ أصبح موضوع أن الفتيات خط أحمر ليس له محل من الإعراب، وبالتالي فإن هذه الانتهاكات ليست وليدة الصدفة، ولكنها سياسة ممنهجة".
الإيذاء الجسدي والجنسي
وفيما يتعلق بالانتهاكات التي وقعت بحق المرأة، أشار العطار إلى أن "المرأة المصرية تعرضت للاعتقال التعسفي والاختفاء القسري، والإيذاء الجسدي والجنسي والنفسي، وأقرب مثال على ذلك ما حدث مع الصحفية عبير الصفتي التي تقدمت عبر محاميها ببلاغ للنائب العام بتعرضها لواقعة تحرش جنسي في اللحظات الأولى لدخولها سجن النساء للقناطر".
وتابع العطار: "إلى جانب الانتهاكات الأخرى والمتعلقة بالمنع من الزيارات، كما في حالة سمية ناصف، وهدى عبد المنعم، والحبس الانفرادي كما في حالة عائشة الشاطر وعلا القرضاوي لفترات طويلة، مخالفة بذلك الدستور واللائحة الداخلية للسجون".
ويقول الحقوقي علاء عبد المنصف، رئيس منظمة السلام الدولية لحقوق الإنسان، إن الانتهاكات التي تمارس بحق المعتقلين السياسيين بشكل عام مرفوضة ومجرمة طبقا للقانون الدولي، وجريمة "التدوير" نوع جديد من هذه الانتهاكات بدأ عقب انقلاب 3 يوليو 2013.
وأضاف: "هناك حالات كثيرة حصلت على إخلاء السبيل، وتعود للسجون مرة أخرى، بمعنى أن المسألة ليست قاصرة على فكرة التدوير فقط، ولكن فكرة غياب المساءلة أو المحاسبة لأي شخص في السلطة تجاه أي ممارسات خارج القانون بشكل عام، وطالما لا توجد المراقبة أو المحاسبة فمن السهل جدا على الأجهزة الأمنية أن تفعل ما تريده".
وأردف: "القضاء مشارك في هذه الجريمة، والتجديد للمعتقلين واستمرار حبسهم يتم من خلال القضاء بالنيابات المختلفة، وطالما لا توجد آلية محددة لوقف هذا الأمر ولا توجد آلية للمحاسبة في ظل تعسف في استخدام السلطة، تكون فكرة الحلول سواء في هذا الانتهاك أو أي انتهاك آخر صعبة" .