كشفت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية أن هناك مأساة يومية عند الكثير من المهاجرين السودانيين والإريتريين والإثيوبيين، الذين يحلمون بالتوجه إلى أوروبا، والذين يقعون ضحايا لشبكات تدفعهم الى بيع أعضائهم البشرية فى مصر مقابل بضعة آلاف من الدولارات، لكن حياتهم غالبًا ما تتحول إلى جحيم ويتبخر حلمهم بالوصول إلى الأراضي الأوروبية.
وفي تقرير نشر أمس السبت قالت إن الفقر والحاجة، تحول حياتهم غالبًا إلى جحيم، وتجعل حلمهم بالوصول إلى الأراضي الأوروبية يتبخر.
أرباح مافيات الاتجار بالبشر
وتجري سنويًّا عشرات الآلاف من عمليات بيع الأعضاء البشرية في السوق السوداء بصورة غير شرعية، ويحصل سماسرة هذه التجارة أرباحًا سنوية تصل إلى 8 مليارات دولار، لا ينال أصحاب الأعضاء المبيعة منها سوى الفتات، فغالبيتهم من الفقراء والنساء والأطفال، الذين يتم الاحتيال عليهم أو استغلال ظروفهم المادية، ووفقًا لمنظمة العمل الدولية، يصل عدد ضحايا العمل القسري في العالم إلى 21 مليون شخص بمن فيهم ضحايا الاستغلال الجنسي، وفي حين أن عدد ضحايا الاتجار غير معلوم، فإن التقديرات تشير إلى تعرض ملايين البشر لهذه الممارسات المشينة في العالم، وتؤكد بيانات الأمم المتحدة أن كل بلدان العالم تتأثر بظاهرة الاتجار بالبشر، سواء كانت من بلدان المنشأ أو المقصد.
نماذج على الطبيعة
تشير الصحيفة الشهيرة،أن “غ”، شاب سوداني، من بين هؤلاء المهاجرين ضحايا التجارة بأعضاء البشر، حكى أنه باع إحدى كليتيه مقابل وعده بمبلغ 4500 يورو، بعد أن طمأنة الطبيب المصري الذي أجرى العملية له بأنه ليس هناك أي خطر على صحته؛ لأن الإنسان يمكنه العيش بكلية واحدة دون مشاكل.
لكن العملية الجراحية التي أجريت لهذا المهاجر السوداني البالغ من العمر 29 عامًا، في إحدى عيادات القاهرة الخاصة، تسببت له ببعض الآلام الحادة التي أدت إلى تدهور وضعه الصحي، ناهيك عن أن تاجر الأعضاء البشرية الذي وعده بالمبلغ، دفع له منها فقط 1500دولار فقط.
وعندما طالب الشاب ببقية المبلغ المتفق عليه، هدده السمسار، مذكرًا إياه بأنه يقيم على أرض مصر بطريقة غير نظامية.
وفِي ظل وضعه الصحي المتدهور وتبخر حلمه بالوصول إلى أوروبا، قال “غالي”: إنه لا يستبعد الخضوع لعملية جراحية ثانية من أجل دفع تكاليف رحلة العودة إلى وطنه السودان. هذا الشاب السوداني، كان قد وصل إلى مصر مع مجموعة من المهاجرين السودانيين والإثيوبيين والإريتيريين عن طريق شبكة لتسفير المهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا و(إسرائيل).
مركز متقدم
ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، تعد مصر واحدة من الدول الأكثر تضررًا من عمليات زرع الأعضاء بشكل غير قانوني بعد الصين والفلبين والهند، وتمارس الكثير من المؤسسات (العسكرية أو الجامعة) والعيادات الخاصة في القاهرة هذا النوع من العمليات غير القانونية.
وتستقبل بعض هذه العيادات والمؤسسات الخاصة بعض المرضى الأغنياء، غالبًا من دول الخليج، الذين هم على استعداد لدفع مبالغ كبيرة من أجل تدخل سريع.
كما يجد الموظفون في مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة صعوبات كثيرة في مساعدة هؤلاء المهاجرين، ضحايا الاتجار بأعضائهم. وبالتالي يكتفي موظفو الأمم المتحدة بمساعدة المتضررين منهم بشكل كبير، عبر تقديم الإسعافات الأولية وبعض الإرشادات.
وهذه ليست المرة الأولى، التي يتم فيها تسليط الضوء من الإعلام الغربي، على ما يجري من المهاجرين الأفارقة، من عمليات سرقة أعضائهم البشرية.
محطة مصر
ففي فبراير الماضي، كشفت صحيفة “الأوبزرفر” البريطانية، أن العديد من الأفارقة اليائسين من أوضاعهم المعيشية يتجهون إلى الأراضي المصرية، سعيا للانطلاق منها نحو أوروبا، لكن بعضهم يقع فريسة في أيدي عصابات الاتجار بالأعضاء البشرية.
ويعرض التقرير بعض الحالات منها شخص يدعي “دوايت” من إريتريا اضطر لبيع كليته مقابل 5 آلاف دولار لتوفير المال المطلوب لرحلة عبور المتوسط.
ووفق تقرير صادر بعنوان “الاتجار بالأعضاء البشرية في مصر”، كتب الباحث المحاضر في القانون بجامعة ليفربول “شين كولامب”، قبل أشهر، تقريرا عن استغلال المهاجرين الأفارقة الباحثين عن طريق للهجرة إلى أوروبا وسرقة الأعضاء البشرية منهم، قال فيه إن “تجارة الأعضاء البشرية منتعشة في مصر، وأحد دوافعها القمع الذي تقوم به قوات الأمن بحق المهاجرين بدعم من الاتحاد الأوروبي”.
المركز الثالث عالميا
يؤكد محمود البدوي رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان أن الاتجار بالأعضاء البشرية هو شكل خطير جدًا من أشكال استغلال الفقراء وخاصة في بعض دول العالم الثالث. ويضيف البدوى: أن مصر تحت المركز الثالث على مستوى العالم فى الإتجار بالأعضاء البشرية بعد باكستان أو الفلبين.
كما كشف المركز المصري للحق في الدواء، في تقرير له، أنه تم تسجيل 33 حالة لمرضى تعرضوا لسرقة أعضائهم البشرية، وذلك بشكل رسمي منذ أكتوبر 2015 إلى أكتوبر 2016.. 90% من تلك الحالات داخل المستشفيات الحكومية.
وقال محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، إنه على الحكومة مواجهة ظاهرة “تجارة الأعضاء البشرية” التي تهدد الأمن القومي في مصر، خاصة في ظل عودة انتشارها داخل المستشفيات الحكومية مقابل مبلغ مالي يُحدد وفق جنسية الشخص الذي سيحصل على تلك الأعضاء البشرية، سواء كان أجنبيا أو عربيا.
وأشار إلى أن سعر التبرع بالكلى في إفريقيا بلغ 1000 دولار، وفي أمريكا الجنوبية والشمالية يصل إلى 3500 دولار، وفى أوروبا 150 ألف دولار، والمستشفيات الحكومية تقوم بزرع الكلى بسعر يتجاوز 750 ألف جنيه.
فضيحة عالمية
وسبق أن تمكن صحفي ألماني من اختراق مافيا تجارة الأعضاء فى مصر، ليكشف عن حقائق بشأن تلك المافيا، وكيف تتورط مستشفيات خاصة شهيرة فى تلك التجارة غير المشروعة، كاشفًا عن أن أغلب سماسرة الأعضاء والمتبرعين بها من اللاجئين السودانيين.
وأوضح التحقيق، الذى نشره موقع “بريس بورتال” الألماني، كيف تحتجز عصابات تجارة الأعضاء بعض الأشخاص بالقوة، وتستولى على أعضائهم، دون دفع أى مبالغ مالية لهم، حتى إنه لم تمنع إصابة بعضهم بأمراض خطيرة مثل الإيدز من سرقة بعض أعضائهم وزرعها لآخرين.
وقال: لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن مصر من البلدان الجاذبة لزراعة الأعضاء، وإنه من أجل تلبية احتياجات السوق الأوروبية من الأعضاء، ظهرت فى مصر سوق غير قانونية لهذه التجارة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق