2204EV-TUNISIA-ELECTION_RESULTS
يتوجه، اليوم الأحد 13 أكتوبر 2019م، نحو 7 ملايين ناخب تونسي للإدلاء بأصواتهم لاختيار رئيس جديد للبلاد، بيْن المرشحين الدكتور قيس سعيد أستاذ القانون، ونبيل القروي رجل الأعمال المثير للجدل، والذي تثور حوله شبهات فساد مركب وعلاقات مشبوهة بالمافياوية والدولة العميقة.
وبدأ التونسيون في الخارج التصويت، منذ أول أمس الجمعة، وقالت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إن النتائج الأولية لانتخابات الرئاسة ستعلن الاثنين أو الثلاثاء، وأكدت عدم وقوع أي خروق لمبدأ الصمت الانتخابي، وذلك بعدما اختتم المرشحان، الجمعة، حملتهما الانتخابية التي استمرت ثلاثة أيام فقط.
وكان المرشحان قيس سعيد ونبيل القروي قد اختتما الحملات الدعائية بمناظرة نظمها التلفزيون الرسمي استمرت ساعتين. وكان سعيد- وهو أستاذ جامعي ومرشح مستقل (61 عاما)- حصل على 18.4% من الأصوات في الدور الأول، الذي أُجري في 16 سبتمبر الماضي، في حين حصل القروي- وهو رجل أعمال (65 عاما)- على 15.5%، وهو مرشح حزب “قلب تونس”.
يشار إلى أن صلاحيات رئاسة الجمهورية في تونس أصبحت أقل من صلاحيات رئيس الحكومة في ظل الدستور الجديد الذي اعتُمد عام 2014، ومن أبرز صلاحيات رئيس البلاد ضبط السياسات العامة في مجالات الدفاع والعلاقات الخارجية والأمن القومي، كما يتولى التعيينات في الوظائف العسكرية والدبلوماسية.
وبحسب مراقبين، فقد أنقذ القضاء التونسي هذه الانتخابات، بعد أن قرر إطلاق سراح القروي من السجن، وإلا كان استمرار سجنه سيشكّل ضربة قوية لهذه الانتخابات الرئاسية ولصورة البلد الديمقراطي عموما.
وانتبه التونسيون إلى صورة المرشحين يتصافحان بحرارة بعد المناظرة، على الرغم من إطفاء الأضواء في استوديو التلفزة الوطنية، ما يعكس تعلقهم بسلمية الصراع السياسي وارتقاء النخبة إلى مستوى فهم طبيعة الصراع السياسي والمنافسة الانتخابية الديمقراطية، بما يؤصل عملية التأسيس لمسار يزداد صلابة يوماً بعد آخر.
وعلى الرغم من أن ذلك مرّ من دون اهتمام يذكر، فإن النخبة السياسية التونسية، بأحزابها وشخصياتها، أثبتت خلال الدور الرئاسي الأول والانتخابات التشريعية قدرا كبيرا من النضج السياسي، من خلال قبولها بنتائج الانتخابات التي أقصتها بكل روح رياضية، وبكثير من التواضع لدى أغلبهم.
قيس سعيد أوفر حظا
وتكشف مؤشرات النقاشات حتى اليوم، عن أن الأكاديمي قيس سعيد يحظى بحظ أوفر للفوز بالرئاسة على حساب رجل الأعمال نبيل القروي، واعتبر الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي، أنّ هناك العديد من العوامل لاختيار مرشح للانتخابات الرئاسية، منها نظافة اليد ومقاومة الفساد، وسيكون الاختيار بين رجل القانون والدولة من جهة، واللوبيات من جهة أخرى، أو ما بين ما يُسمى “السيستام”، وقوى الثورة، لافتا إلى أنّ “السيستام” (منظومة الحكم والدولة العميقة) بعد الهزيمة في التشريعية يحاول التشبث بالرئاسية، مقابل الرغبة في التغيير لأنصار سعيد والقوى الداعمة له، وجلّها عوامل ستكون أساس الاختيار بين المرشحين.
وأوضح أن المرحلة التي تلي الرئاسية هي التي ستكون الفترة الأصعب، وليس الانتخابات الرئاسية في حد ذاتها، فالبرلمان محور ثقل السلطة، ومع التشتّت في الكتل إمكانية التحالفات بين الأحزاب ستكون صعبة، مبينا أن الانتخابات أفرزت أغلبية معارضة، وهي من المفارقات لأن الأصح أن تكون الأغلبية من الأحزاب حاكمة، ولكن في النهاية ستحصل تنازلات لتشكيل الحكومة.
من جهته، أكد القيادي في “الجبهة الشعبية”، زهير حمدي، أنّ الاختيار بالنسبة إلى التونسيين سيكون على المرشح الأكثر ثقة والأقل إثارة للمشاكل والذي لا تحوم حوله شبهات. ولفت حمدي إلى أن “هناك مرشحا تحوم حوله شبهات فساد، وآخر يراه البعض الأنظف، وبالتالي فالتصويت سيكون على الأخلاق وعلى الأقل شبهات وعلى أساس السمعة وعلى ارتباطات الشخص الخارجية، وهي عوامل ستُمنح على أساسها الأصوات”.
إلى ذلك، فإن قِلةً دعت إلى التصويت لمنافسه نبيل القروي، بينما اختارت أخرى الحياد في هذا الصراع، ومن بينها حزب رئيس الحكومة يوسف الشاهد، حزب “تحيا تونس” الذي ترك الحرية لمناضليه لاختيار من يرونه صالحا. لكن الشاهد نشر، مساء الجمعة، تدوينة على صفحته في “فيسبوك” جاء فيها: “كما قلت سابقا، إما الدولة وإما الفساد.. ويوم الأحد لن أصوّت للفساد”، وهو ما يؤكد أنه لن يكون هناك حياد فعلي، لأن المنافسة تجري أيضا أخلاقيا بين المرشحين.
وحصد سعيد دعما مباشرا من كثيرين من الوازنين في المشهد الانتخابي التونسي الجديد، كحركة “النهضة” و”التيار الديمقراطي” وحركة “الشعب” و”ائتلاف الكرامة”، ومن المرشح للرئاسيات في الجولة الأولى الصافي سعيّد، ورئيس حزب “التيار الشعبي الجمهوري” لطفي المرايحي، وسيف الدين مخلوف عن “ائتلاف الكرامة”، وغيرهم.
ورغم هذا الدعم الواسع لسعيد إلا أن تحركات الدولة العميقة، وما يتبعها من مافيا وماكينة انتخابية مدعومة ماليا بشكل واسع لحماية مصالح هذه الشبكات، يمكن أن تحقق المفاجأة؛ ولهذا سوف يراقب التونسيون نتائج تصويتهم منذ الثامنة مساء اليوم بتوقيت تونس.