فى انفجار يُعد الأول من نوعه فى فضح المفاوضات الهزلية التى يقودها الانقلاب العسكرى تجاه أمن البلاد المائى والذى أهُدر بالفعل عقب إبرام وثيقة المبادئ بوساطة سودانية، أعلنت السلطات الأثيوبية اليوم رفضها مقترح الخارجية المصرية بزيادة عدد فتحات السد من اثنتين إلى أربع فتحات لضمان استمرار تدفق المياه في حال توقف محركات السد عن العمل، خلال فترات المناسيب الضعيفة لمجرى النيل، في اتجاه السودان ومصر.
فقد أبلغت الحكومة الإثيوبية، رسميا، أول أمس الخميس، الوفد المصري المشارك في اجتماعات أديس أبابا، التي عقدت الأربعاء والخميس، برفض مقترح مصر بزيادة فتحتين في سد النهضة، لتمرير المياه في جسمه، وتعديل التصميمات من أجل حل الشواغل المصرية تجاه السد، وزيادة معدلات الأمان، وفق المقترح المصري.
وقال مدير العلاقات العامة بوزارة المياه والري والكهرباء الإثيوبية، بزونه تولشا، في تصريح له، عقب انتهاء الاجتماعات، إن إثيوبيا لن تعدل تصميمات السد التي يجرى البناء عليها الآن من أجل زيادة عدد فتحات مخارج المياه، كما تطلب مصر.
وأضاف أن الفريق الفني الإثيوبي قدم لمصر تقريرا واضحا وصريحا للرد على كل الأمور الفنية التي أثارها فنيوها، وأنه تم شرح الرؤية الفنية الإثيوبية بشأن كفاية المخرجين الموجودين في تصميم السد حاليا، لتمرير المياه الكافية لمصر والسودان.
وأكد أن تصميم هاتين الفتحتين في جسم السد تمت دراسته بشكل مكثف قبيل البدء في تنفيذ مشروعه، وأن نتائج هذا الاجتماع الفني، تم عرضها على الوزراء المعنيين في كل من مصر وإثيوبيا والسودان.
ونقلت وكالة الأنباء الإثيوبية الرسمية عن بزونه تولتشا، قوله أيضا إن فرق الخبراء المعنيين ستقوم بتقديم نتائج الاجتماع إلى بلادها لإجراء مزيد من المناقشات المتوقعة في المستقبل.
وأضاف أن السودان توافق بالفعل على عدد منافذ المياه بالسد، وأن أعمال البناء فيه وصلت إلى نسبة أكثر من 50% منذ في إنشائه.
وعلى الصعيد الآخر يحاول إعلام الانقلاب العسكرى بقيادة وزارة الخارجية التغطية على تلك التصريحات، ليواصل تطبيلة المزعوم، فقد أكد أحمد أبو زيد، المتحدث باسم خارجية الانقلاب أن مفاوضات سد النهضة تدار بـ"حرفية"، فيما قال وزير الري بحكومة الانقلاب حسام مغازي، إن "إثيوبيا تدافع عن وجهة نظرها في احتياطات الأمن".
وعلق مسؤولون مصريون على التصريحات الإثيوبية بالإشادة بالمفاوضات، متجاهلين الرفض الإثيوبي للمقترح المصري بزيادة عدد فتحات التدفق.
وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أيضًا أن مفاوضات سد النهضة تدار بحرفية شديدة جدا تحت مراقبة ومتابعة جميع أجهزة الدولة، على حد وصفه.
وقال في مداخلة هاتفية ببرنامج "حصريا مع ممتاز "، على فضائية "العاصمة"، مساء أمس الجمعة: "حققنا نجاحات، ونسير بخطى ثابتة، برغم قلق المواطن المصري المشروع، ولكن لا يمكن المبالغة في هذا القلق، لأن الدراسات العلمية هي التي تحدد حجم ضرر سد النهضة"، وفق قوله.
وزير الري: إثيوبيا تدافع عن وجهة نظرها
من جهته، علق وزير الري والموارد المائية بحكومة الانقلاب، حسام غازي، على رفض إثيوبيا، مقترح مصر، بزيادة فتحات السد، بالقول إن إثيوبيا تدافع عن وجهة نظرها في احتياطات الأمن، إلا أن القاهرة تتمسك بزيادة فتحات طوارئ في السد.
وأضاف أنه تلقى تقريرا عن المناقشات التي دارت بين الخبراء المصريين والسودانيين والإثيوبيين، التي عُقدت في أديس أبابا، في ما يخص فتحات السد.
وأكمل - خلال اتصال هاتفي ببرنامج "غرفة الأخبار" على فضائية "سي بي سي إكسترا"، مساء الجمعة - أنه سيتم رفع تقرير فني بشأن المناقشات، إلى الاجتماع السداسي المقبل لوزراء الخارجية والمياه بالدول الثلاث، لاتخاذ اللازم في إطار بناء الثقة، على حد وصفه.
ومن جهتهم، سخر نشطاء من هذه التطورات بالقول إن مصر مستعدة للتكيف مع أي موقف إثيوبي، فيما يتعلق بالسد، حتى لو كان رفضا لمقترحها، ومهما انطوى عليه الأمر من رضوخ، أو خذلان.
أسباب المطالبة بزيادة الفتحات
واختتمت الخميس، بأديس أبابا، اجتماعات الخبراء الفنيين بالدول الثلاث، لمناقشة المقترح المصري بزيادة عدد من الفتحات الجديدة أسفل السد إلى أربع فتحات، لضمان استمرار تدفق المياه، وبحث سبل تعديل التصميمات الحالية للسد، طبقا للدراسة المصرية المقدمة في الاجتماع السداسي بالخرطوم.
وأشارت مصادر إثيوبية إلى أن شركة "ساليني" الإيطالية رفضت المقترح، وأنه تم الاتفاق على تأجيل حسمه، مع عرضه على الاجتماع السداسي في فبراير المقبل، كاشفة أن الجانب المصري عرض تحمل تكلفة زيادة الفتحات كاملة.
وفي المقابل، أوضحت تقارير صحفية أن تصميم المفاوض المصري على زيادة عدد الفتحات يأتي لثلاثة أسباب، أهمها رفع معدلات أمان السد خلال الفيضانات العاتية. والثاني يتمثل في تصريف المياه في حال تعطل أي من فتحات "التوربينات" عن العمل. أما الثالث فيتمثل في تصريف المياه في أوقات الفيضانات المنخفضة، التي تنخفض فيها مناسيب المياه، ولا تصل لفتحات "التوربينات".
ويذكر أن الأنفاق الأربعة السفلية التي تناولتها وسائل الإعلام، هي أنفاق مؤقتة سوف تستخدم في فترة الملء الأول للبحيرة على أن يتم غلقها بالخرسانة المسلحة بعد انتهاء فترة الملء الأول.
خبراء يحذرون من المماطلة الإثيوبية
إلى ذلك، وصف خبراء مصريون رفض إثيوبيا للمقترح المصري بزيادة فتحات المياه في السد من اثنين إلى أربعة، بالمماطلة، ومحاولة لاستهلاك أكبر وقت ممكن في التفاوض، مؤكدين أن الموقف الإثيوبي يزيد من توتر أجواء التفاوض، وأنه يجب أن تتخذ مصر موقفا أكثر حزما في هذه الملف، سواء بالتصعيد الدولي، أو إنهاء التفاوض.
وقال وزير الخارجية الأسبق وعضو مجلس النواب، محمد العرابي إن رفض إثيوبيا للمقترح المصري سوف يجعل أجواء التفاوض في المرحلة المقبلة أكثر تعقيدا، وتوترا.
وعلق وزير الموارد المائية والري الأسبق، محمد نصر الدين علام، على رفض إثيوبيا المقترح المصري قائلا: "هذا كله تضييع وقت، وقلة قيمة.. بدل ما نفكر في الكلام الفاضي ده.. نفكر في كيف نوقف الإنشاءات.. بيشغلونا كده".
وأضاف - في تصريحات لصحيفة "اليوم السابع": "لا يليق بدولة كمصر أن تتعامل إثيوبيا معها بهذا الشكل، لدرجة أني بقيت أشعر بالحرج، لما الناس تقول عني: "وزير ري سابق".
ومن جهته، كشف الخبير في الشؤون الأفريقية، هاني رسلان، الجمعة، النقاب عن أن فيضان نهر النيل انخفض هذا العام بمقدار 30 مليار متر مكعب من المياه، قائلا إن "روح" مصر ستبقى في يد إثيوبيا بعد بناء "سد النهضة"، وأن السودان تحالف مع الأخيرة ضد مصر، وأصبح الرئيس السوداني، عمر البشير، مندوب التسويق لإثيوبيا، التي اقتربت من تنفيذ 50% من السد، وفق قوله.
وأضاف رسلان - في تصريحات لصحيفة "التحرير" - أن بدء تشغيل السد سيبكون في يوليو المقبل، كما سينتهي بناؤه تماما عام 2018، في حين لم توقع إثيوبيا على أي التزام تجاه مصر بشأن هذا السد، وتسعى إلى إضاعة الوقت.
وأكد رسلان أن العمل في السد يسير بوتيرة سريعة؛ مع ارتفاع العمالة به إلى 28 ألف عامل، ووصولها إلى 50 ألفا العام الحالي، معتبرا أن السد مشروع سياسي، هدفه تغيير التوازنات الإقليمية في القرن الأفريقي لصالح إثيوبيا؛ لخنق مصر.