قرابة 7 عقود مرت على ذكرى فشل العرب في هزيمة الاحتلال الصهيوني واستعادة فلسطين في حرب 1948، أو ما تسمى "النكبة"، هذه الطامة الكبرى زادت من ألم الشعب العربي بشكل عام والفلسطيني بشكل خاص، كما أن الأنظمة العربية تسعى وبشكل حثيث لجعل الشباب العربي على غير دراية بتاريخه ونكباته وخيانة الأنظمة الفاسدة التي أضاعت أرضهم للعدو الصهيوني.
النكبة
بدأت تلك النكبة عندما أوكلت بريطانيا إلى الأمم المتحدة شأن فلسطين والذي أصدرت بموجبه عام 1947 القرار رقم 181 والذي يفضي بتقسيم دولة فلسطين إلى دولتين (إسرائيل وفلسطين)، وذلك بعد ضغط من قبل كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي آنذاك، وأفضى القرار باستحواذ افلسطين على 45% من مساحة فلسطين أي مساحة 11.000 كم2 وتقع في الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوبًا حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر.
أما "اليهود" فلهم النصيب الأكبر باستحوازهم على (54%) من مساحة فلسطين، وتبلغ مساحتها 15,000 كم2، وتقع في السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي بما في ذلك بحيرة طبريا وإصبع الجليل، والنقب، بما في ذلك أم الرشراش أو ما يعرف بإيلات حاليًّا.
كما نص القرار على إنشاء منطقة دولية (1%) من المساحة الفلسطينية تضم القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة، وتكون تحت الوصاية الدولية.
فور إعلان القرار الأممي بالتقسيم، انسحب المندوبون العرب من الاجتماع، وأعلنوا في بيان جماعي رفضهم للتقسيم واستنكروه، ورفضت الزعامات العربية، باستثناء زعماء الحزب الشيوعي، خطة التقسيم، ووصفتها بالمجحفة في حق الأكثرية العربية التي تمثّل 67% مقابل 33% من اليهود، بعدها اجتمعت ما تسمى (الجامعة العربية) ، وأخذت بعض القرارات كان منها إقامة معسكر لتدريب المتطوعين في سوريا؛ لتدريب الفلسطينيين على القتال، وتكوين جيش عربي "جيش الإنقاذ"، وجعلوا عليه فوزي القوقجي، كما تم رصد مليون جنيه لأغراض الدفاع عن فلسطين.
ولكن القرار لم يكن على هوى الحركة الصهيونية الغاصبة، ففي 30 نوفمبر 1947، أي بعد القرار الأممي بيوم واحد، صرح مناحيم بيجن، أحد زعماء المعارضة في الحركة الصهيونية، عن بطلان شرعية التقسيم، وأن كل أرض فلسطين ملك لليهود، وستبقى كذلك إلى الأبد.
وثار الشعب الفلسطيني بقيادة المفتي أمين الحسيني، رفضًا لهذا القرار ولكن في المقابل رفض جيش الإنقاذ الضعيف التعاون مع الحسيني، الأمر الذي جعل الكفة تميل لصالح الصهاينة، خاصة مع فارق التسليح المهول من قِبل أمريكا وبريطانيا.
في بداية الأزمة الفلسطينية رفضت الحكومات العربية التدخل، ولكن بعد تحركات شعبية في الدول العربية كمصر وسوريا، رضخت للضغوط الشعبية، وبعض البلدان العربية وقتها بعضها كانت مستقلة حديثًا، أو لا تزال تحت بعض أشكال النفوذ الاستعماري، والجيوش العربية كانت قليلة التدريب والخبرة، فضلًا عن العتاد، ولم تخض حربًا حقيقية قبل ذلك، وفق ما رأى خبراء عسكريون.
بداية حرب وخذلان
تقدمت الجيوش العربية خلال حرب الصهاينة بشكل كبير، حتى وصل الجيش المصري لمنطقة بيت لحم، والأردني وصل اللد والرملة، والعراقي وصل لحيفا، والسوري استولى على عدد من المستوطنات في منطقة طبريا، وفجأة قبلت الأنظمة العربية الهدنة ووقف القتال، وخلال الهدنة التي استمرت شهرًا استقبل الصهاينة الكثير من الدعم من الدول الغربية، علمًا بأن الجيش الصهيوني في تلك الفترة كان عتاده 68 ألف صهيوني مقابل 24 ألف عربي، بالإضافة إلى كونه مدربًا ومنظمًا ومسلحًا.
بعد شهر من بدء القتال انسحبت الجيوش العربية فجأة، كالجيش العراقي، والجيش الأردني الذي انسحب بأمر من الملك عبد الله، أما الجيش المصري فتم تزويده بأسلحة فاسدة، وحوصر في الفالوجة، حيث كان متمركزًا في قرية عراق المنشية، وصمد فيها حتى فبراير 1949, حينها سلم الفالوجة إلى الكيان الصهيوني بموجب اتفاقية الهدنة بينه والكيان الصهيوني، غير أن الأخير نقض نصوص الاتفاقية فور توقيعها تقريبًا, إذ أرغم السكان بالإرهاب على مغادرتها في 21 إبريل 1949.
إحياء ذكرى النكبة
اليوم السبت، أعلن "تجمع الشخصيات الفلسطينية المستقلة"، عن بدء التحضير لعدد من المسيرات الشعبية بقطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، تدعو لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، بالتزامن مع الذكرى السنوية الـ 68 للنكبة الفلسطينية.
وقالت الشخصيات المستقلة في بيان صدر عنها، اليوم، إن لجانها في القرى والمدن الفلسطينية تجري تحضيراتها واتصالاتها مع كافة الأطراف الشعبية والمؤسساتية، في مسعى لـ "توحيد الصوت الرافض للانقسام وتحميل مسئولية كل طرف ووضعه أمام تنفيذ اتفاق المصالحة الموقع من كل الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية".
وأضافت: إن الالتزامات والتفاقيات المبرمة بين حركتي "فتح" و"حماس" بخصوص إنهاء الانقسان، تنتظر تطبيقا عمليا دقيقا لما تم التوقيع عليه.
كما شدد البيان، أن "فلسطين تحتاج فتح وحماس وكافة القوى والفصائل الوطنية والإسلامية لبناء الوطن والتوافق على خدمة الشعب"، داعية لعقد اجتماع الإطار القيادي لمنظمة التحرير الفلسطينية.
ومنذ ذلك الحين يمارس الكيان الصهيوني أبشع الجرائم بحق الفلسطينيين وينتهج سياسة الاستيطان والتهجير وتبقى ذكرى النكبة عالقة في أذهان الشعب العربي والفلسطيني.