يمر علينا رمضان ومازال المسلمون يعانون آلام القهر والظلم والإبادة، في شتى بقاع الأرض، حيث
يتعرض مسلمي الروهينجا في بورما للإبادة الجماعية، كما يتعرض شعب الأويغور
على يد السلطات الصينية للاضطهاد والتمييز والقمع، كما يتم قتل مسلمي
إفريقيا الوسطى بدم بارد.
إننا لا نريد أن نعرك صفو المسلمين
باستقبال شهر رمضان، وروحانيته الفياضة، لكننا نبغي أن يشارك المسلمون ، في
شتى بقاع الأرض، مشاعر إخوانهم الذين قد يصل بهم الحال إلى منعهم من
الصيام في هذا الشهر الكريم، ولعل دعاء الصائمين حين أفطرهم يكون مجلبة
لغوث السماء لهؤلاء، ولعله يكون اعذار إلى الله عز وجل، ولعلها تكون همة
لنصرة إخواننا بكل وسيلة ، ولعله يكون إنذار يجمع شتات المسلمين.
اضطهار تركستان على يد السلطات الصينية
بزعم مواجهة التطرف الديني، يتعرض 35 مليون من شعب الأويغور – منذ ما يقرب
من 60 عاما–للاضطهاد والتمييز والقمع، ويشهد الإقليم أعمال عنف دامية منذ
عام (2009)، ويعيش أكثر من 92% من المسلمين في إقليم تركستان الشرقية الذي
تطلق السلطات الصينية عليه اسم (شينجيانج) في حالة من الاضطهاد العلني
والحرمان من اختيار اعتناق الدين؛ إذ تتعمد الصين إذلال المسلمين هناك،
وتجبر الأئمة على الرقص في الميادين العامة وسب الدين الإسلامي ووصفة
بالإرهاب.
وفي عام 2014 أطلقت الحكومة الصينية حملة قمع بعد هجوم
دامٍ في "أورومتشي"، كبرى مدن الإقليم ، وعلى إثر هذا الهجوم تم إعدام
العشرات من المسلمين وسجن المئات دون محاكمات عادلة، وتفاخر المدعي العام
الصين في تقريره السنوي لعام ٢٠١٤ أن سلطات الأمن الصينية اعتقلت أكثر من
٢٧ ألفا من مسلمى الأويغور خلال سنة واحدة فقط.
وتم تمديد العملية
حتى آخر 2015، وانعكست في أعمال قمع صارمة تمثلت في عشرات عقوبات الإعدام
وتوقيفات تلتها محاكمات سريعة، حتى وصلت إلى التدخل في الأمور العقائدية
ومنعت المسلمين من الصيام فى نهار رمضان وأجبرتهم على بيع المحرمات.
ويذكر
أن المسلمين "الأويغور" تعرضوا لمجزرتين كبيرتين في الصين، ففي عام 1863م
قتل منهم ما يفوق مليون شخص، ثم جاء النظام الشيوعي ليرتكب مذبحة مشابهة في
عام 1949م، عندما قتل أيضا أكثر من مليون من "الأويغور".
ولم يكتف
الشيوعيون بذلك بل ألغوا استقلال إقليم "تركستان"، وجرى ضمه لجمهورية
الصين، وتم تهجير "الأويغور" من تركستان وتوزيعهم على أقاليم مختلفة؛ من
أجل تذويبهم، كما ضيق النظام الشيوعى على "الأويغور" في عباداتهم وهدم
مساجدهم ومدارسهم.
منع مسلمي الصين من الصوم
وخلال العام الماضي، نشرت وسائل الإعلام الرسمية الصينية في شينجيانغ بنشر
إخطارات رسمية تحذر مسلمي الصين من الصوم، وذكرت صحيفة "ذى إندبندنت" أنّ
الصين قامت مجددًا بحظر الصيام في رمضان في أجزاء بمحافظة شينجيانغ، على
الموظفين العموميين، والطلبة والأساتذة، محذرة المدارس والدوائر الحكومية
مما وصفته باستغلال المدارس للدعاية الدينية.
لكن كيف يتم ذلك؟ تجبر
الحكومة الصينية المسؤولين عن السلامة الغذائية المطاعم التي تقدم وجبات
حلال على الطريقة الإسلامية على فتح أبوابها في النهار خلال ساعات الصيام،
وتوجه تعليمات إلى المحلات والمطاعم التي يمتلكها المسلمون بمواصلة بيع
السجائر والخمور خلال رمضان، أو مواجهة الإغلاق النهائي، وفي العام الماضي
منع عدد من طلاب الجامعات في إقليم شينجيانغ من صيام شهر رمضان، حيث أجبر
الطلاب على تناول الوجبات مع أساتذتهم للتأكد من أنهم مفطرون، ويواجه من
يرفضون تناول الطعام منهم خطر عقاب السلطات لهم. وقد يحرم بعضهم من درجاتهم
العلمية مما قد يؤثر على مستقبلهم الوظيفي، وفي مستشفى حكومي، أجبر
العاملون المسلمون على توقيع إقرار مكتوب بالامتناع عن الصيام.، كجزء من
عمل دعائي، وتنشر الصحف الرسمية في شينجيانغ منذ فترة مقالات تحذر من
المخاطر الصحية للانقطاع عن الطعام والشراب.
خطة تهجير مسلمي تركستان الشرقية
كما
تعمل السلطات الصينية على إسكان 10 مليون مواطن صيني بحلول سنة 2017 في
عدة مناطق من تركستان الشرقية، حسب مراسل "أحوال المسلمين".
و حسب بيان وزارة الداخلية لحكومة تركستان، الصادر في العاشر من مايو
الجاري فإن السلطات الصينية تعمد الى نقل فقراء الصين الى المناطق الرائجة
المتواجدة في مناطق تركستان الشرقية، مذكرة أنها أعدت البنية التحتية لذلك،
و تعليقا على الحدث أفاد أحد المسؤولين الصينيين "توطيننا للصينيين في
المناطق الرائجة المتاجدة بشينشانج (تركستان الشرقية) هو في سبيل وجود فرص
عمل لهم بالإضافة الى استفادة أكبر من هذه المناطق"، "استفادة" يترجمها
العديد من المترقبين الباعة التركستانيين على أنها "استغلال و تضييق"
مستقبلي لدعم السلطات الصينية لهؤلاء الصينيين و المنافسة التي سيدخلون بها
الى السوق مقابل التجار التركستانيين المضطهدين سياسيا و اقتصاديا.
وبعد
تسليط الضوء سريعا على بعض ما يتعرض له مسلمي تركستان الشرقية، نحاول
تقريب الصورة من معاناة أقلية أخرى ، حيث الإبادة الجماعية والقتل والحرق
للمسلمي الروهنجا على يد البوذيين ببورما.
راكان.. مجد تليد
أراكان..
هي ولاية من ولايات اتحاد ميانمار تقع غربي بورما ويفصلها عن بقية ولايات
بورما سلسلة جبال الهملايا فهي منفصلة تماما عن بقية الولايات الميانمارية
البوذية.
وصل المسلمون من التجار العرب إلى أراكان في عهد الخليفة
هارون الرشيد حوالي سنة 788م فبدأ الناس يتعرفون على هذا الدين المجيد
وبدؤوا يدخلون في دين الله أفواجا على أيدي هؤلاء التجار حتى جاء السلطان
شهاب الدين وفتح البلاد إلى أن وصل إلى أراكان فأقيمت أول مملكة إسلامية
على أراكان حوالي عام 1231م فعاشت أراكان قرونًا ذهبية تحت حكم الإسلام
وعدله وسماحته وتناوب الحكام المسلمون على هذه المملكة والذين بلغوا 24
حاكمًا خلال فترة وجود الدولة الإسلامية يحكمون بـ العدل والرحمة ومن
أشهرهم سليمان شاه وشيخ شاه وشجاع شاه وازدهرت الحياة في هذا العصر وبنيت
العديد من الآثار الإسلامية والتي بقيت إلى الآن شاهدة على حضارة عريقة
عادلة سكنت المنطقة..وبقيت الدولة في أيدي المسلمين حتى القرن الثامن عشر
حينما اعتدى عليها الملك البوذي ثم وقعت تحت سيطرة الإنجليز مع جميع ولايات
بورما.
تأريخ أراكان وأرقام من دماء
:
استولى
الحقد على قلوب البوذيين وخططوا طويلا لإخراج المسلمين من هذه الديار، ومن
هنا بدأت فصول حكاية العذاب للشعب الروهنجي المسلم ففي عام 1942م ومع جلاء
الاحتلال الانجليزي أقامت طائفة الماغ مذبحة عظيمة على الشعب الروهنجي
المسلم حيث قاموا بمهاجمة قرى المسلمين في أراكان وأحرقوا المزارع
والبيوت.. كما أخرجوا النساء والأطفال والرجال وقتلوهم بالسيوف والبنادق
وبقروا بطون النساء الحوامل وقد وصف بعض شهود عيان هذه الواقعة بأنها أشبه
بيوم الحشر.
• 1949م قامت قوات الحكومة بأعمال وحشية ضد الأقلية
الروهنجية المسلمة فسلبوا الأموال وانتهكوا الأعراض وأحرقوا البيوت وأدت
هذه العملية إلى قتل الكثير وتهجير أكثر من 20,000، مسلم إلى البلاد
المجاورة.
• 1955م قام البوذيون بحملة لتدنيس مساجد المسلمين وحولوا بعضها إلى معسكرات للجيش البوذي.
•
1978م اعتقلت الحكومة الميانمارية أعدادا كبيرة من الروهنجيا بحجة عدم
حملهم لبطاقات المواطنة، كما أهانوا النساء وعرضوهم للعذاب النفسي والجسدي،
وألقي القبض على كل من حاول أن يحتج أو يقاوم، وقد انتهكت الشرطة أعراض
كثير من النساء المسلمات أثناء استجوابهن كما أن فتاة مسلمة قد اغتصبت من
قبل مجموعة من البوذين حتى قضت نحبها واضطر الكثيرون للفرار بدينهم إلى
الدول المجاورة ومنها دولة بنغلاديش.
هذا عرض مختصر لسلسلة من الانتهاكات التي تعرضت لها الأقلية الروهنجية المسلمة بهدف إبعادهم عن البلاد واحتلال أراكان.
التأريخ يعيد نفسه:
10/يونيو/2012
كانت بداية شرارة مذبحة القرن الحادي والعشرين حيث قتلت مجموعة من
البوذيين عشرة من علماء المسلمين ومثلوا بجثثهم بطريقة وحشية فخرج المسلمون
متظاهرين مطالبين بحقوقهم ولأن المسلم دمه هدر عندهم ولاحق له بالمطالبة
قام البوذيون بإحياء حقدهم الدفين فبدؤوا بشن حملة إبادة شرسة لم يشهدها
العالم منذ قرون.. والمطلع على أوضاع الداخل يرى حجم الفاجعة وقدر المعاناة
حيث أُحرقت كثير من القرى بمن فيها وشُرد الآلاف وقُتل الكثير والأدهى
والأمر هو انتهاك أعراض أخواتنا في الدين وبالرغم من كل ذلك إلا أن الشهامة
الإسلامية في نفوس أبنائها قد ماتت.. فلا مجيب لنداءاتهم ولا سامع
لصرخاتهم وليس في الأمة واحد كالمعتصم ليحترق غيرة على هذه الأعراض التي
انتهكت فيرفع راية الحق ليعيد الحقوق.
التأريخ يعيد نفسه وسيتكرر كل
حين مادام أن المسلمين غارقين في نعيمهم وترفهم ومادام أننا ننتظر الغرب في
كل صغيرة وكبيرة ليحلوا عنا أزماتنا مع أننا نرى عيانًا موقف الغرب من
القضية وأن قتل المسلم بطولة يُكرم صاحبها وهذا ما فعلت الدول الغربية حيث
رفعت عن ميانمار العقوبات وأقامت الولايات المتحدة نشاطًا عسكريًا في
المنطقة، كما قدمت اليابان والبنك الدولي قرضا لميانمار كل ذلك بعد أن
تواطأت الحكومة لإبادة المسلمين ولا عجب فملة الكفر واحدة.. ولا يحق لنا أن
نلوم الغرب ونحن أمة الجسد الواحد لا نحرك ساكنا لتضميد جراحاتنا..
**