نؤيد المصالحة وان لم نكن طرفا فيها !!
جبهة العدالة والاستقلال بالسجون المصرية (4)
منذ يوم
عدد القراءات: 8462
تعلن جبهة العدالة والاستقلال في السجون أنها تؤيد أي توجه للمصالحة بين النظام والاخوان وان لم تكن الجبهة طرفاً في أي تفاوض أو مصالحة.
فالجبهة تعبر عن رؤية اسلامية متميزة ومختلفة عن الاخوان وهي لم تنتهج (أو بالأحرى مكونات الجبهة لأنها حديثة التكوين) طريق العنف في أي وقت ولكننا نرى أن حالة الاحتقان الحالية بين النظام والاخوان (وكل من يسير في ركب الاخوان) تنعكس على الحالة العامة للبلاد وتخلق مناخاً غير صحي. وان الاعلام الذي ينهج أسلوب الاسفاف والشتائم ضد الاخوان وضد الاسلاميين جميعا باعتبارهم أتباع الاخوان بالضرورة يسمم أجواء المجتمع ويخلق حالة حرب أهلية كلامية تؤجج بالضرورة حالة حرب أهلية عنيفة متفاوتة الشدة بين وقت وآخر وبين مكان وآخر.بل من الطريف والعجيب أن نقول أن هذا الاسلوب يعطي الاخوان قدراً من الشعبية نابعة من المظلومية.. مظلومية السب والقذف بمناسبة وغير مناسبة (كاتهام الاخوان انهم وراء غرق الاسكندرية في الشتاء الماضي أو أزمة الدولار الحالية) ومظلومية التعرض للعديد من القضايا السياسية لكل اخواني على حدة.
ننحن نرى أن منهج الاخوان أضر البلاد وأضر الحركة الاسلامية، وأن مواجهة هذا الضرر وتجاوزه لا تكون إلا بالمواجهة الفكرية والفقهية والسياسية. وليس بهذه الغلوشة والشتائم والبذاءات. ان إعادة مختلف مكونات الحركة الاسلامية إلى الحياة الطبيعية أكثر فائدة للبلاد من الأوضاع الحالية غير المرشحة للاستمرار أو الاستقرار. نقول ذلك بمناسبة ما نشر عن تقديم الحكومة لقانون العدالة الانتقالية لمجلس النواب كوسيلة لتحقيق نوع من المصالحة بين النظام والاخوان ومختلف الحركات الاسلامية. وكذلك بمناسبة ما حدث من لقاءات في السجون مع بعض الاسلاميين شارك فيها رجال دين رسميين وقيادات أمنية. ونرى أن هذه الخطوات تساعد بشكل جوهري على حصار وتضييق دائرة العنف والمرفوض أصلاً من جانبنا. ولكننا طالما أعلنا أن غلق أي نافذة للتعبير السلمي يؤدي عملياً إلى فتح نافذة مقابلة للعنف. وأكبر دليل على ذلك أن البلاد لم تشهد عملية عنف سياسي واحدة من 25/1/2011 حتى 30/6/2013 (مع استبعاد جرائم شرطة مبارك في أحداث الثورة الأولى)!
*****************
نعود إلى مسلسل تقييم تطورات أحداث الثورة من زاوية الرؤية النقدية للاخوان المسلمين ومن والاهم. وهذه هي الحلقة الرابعة..كان الاخوان لا يملكون أي رؤية ثورية- كما ذكرنا- وكانوا يسعون للوصول إلى الحكم تحت المظلة الأمريكية أي مع استمرار جوهر نظام مبارك.
وفي شهر العسل بين الاخوان والمجلس العسكري فقد ترك الاخوان السلطة التنفيذية بالكامل للمجلس العسكري وهو برئاسة وزير دفاع مبارك وبنفس تركيبة المجلس، ولكنهم لم يكتفوا بذلك بل وافقوا بسهولة على تولي عصام شرف رئاسة الوزارة. ونحن نعترف بمسئولية جميع الثوار وجميع الاسلاميين عن ذلك. ولكننا نحمل التنظيم الأكبر الذي كنا نعطي له القياد ونرى انه ربما يعلم أكثر مما نعلم (الاخوان) المسئولية الأولى عن هذه الكارثة.
ليس من المهم كشف كل التفاصيل الآن ومن الذي اختار عصام شرف ومن دفع به لميدان التحرير ليأخذ موافقة الميدان. المهم أن عصام شرف كان رمزاً مبكراً لهزيمة ثورة 25 يناير ،عندما أصبح رئيس وزراء الثورة بهذا الهزال وهذه التفاهة ثم تبين أنه كان أحد وزراء النقل في عهد مبارك. ولا يمكن لأي أحد أن يتذكر أي عمل ايجابي قام به هذا الشخص إلا انه أخذ أسرته وتناول الطعام في مطعم الدمياطي للفول والطعمية، ضاربا المثل على أنه رئيس وزراء متواضع يقلد ممارسات رؤساء الوزارات في اوروبا الديمقراطية!! ومن اللطيف فعلاً أن يكون رئيس الوزراء متواضعا وأن يأكل في محل فول وطعمية مع الشعب. ولكنه لابد أن يثبت أولاً انه "رئيس وزراء" أصلا!! وكل ما نذكره لعصام شرف انه سعى في نهاية توليه لمنصبه لتأجيل انتخابات مجلس الشعب بدعوى عدم توافر الأمن! أي تأجيل تسليم السلطة للشعب. وكذلك نذكر له أنه كان يسعى بحماس للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي وأخذ شهادة بسلامة الاقتصاد. وكان موقف المجلس العسكري أفضل منه حين اتخذ موقفاً برفض قرض الصندوق. ولكن المجلس العسكري كان راضياً عن رئيس وزراء طيع وطوع بنانه!!.
ومن ضمن الحملات المعادية للاخوان ما تقلب حقائق الأمور فتتهم الاخوان بعكس ما يجب اتهامهم به. فمثلا ركزت الحملات في البداية على ان الاخوان وعدوا بعدم الترشح للرئاسة ثم تراجعوا. وبأنهم سيحصلون على 40% من مقاعد مجلس الشعب ثم تراجعوا. وهذا الرأي لا يزال يردده بعض الاخوان الآن قيادات (كالمسئول المالي: ندا) أو قواعد: أي أن الاخوان تعجلوا في الوصول للسلطة وهذا سبب الكارثة. كذلك ركزت الحملات فيما بعد على ما يسمى الأخونة. ونحن نرى الأمر من منظور عكسي ان عيب الاخوان الجوهري انهم لم يكونوا مقدامين ومقتحمين للسيطرة على السلطة التنفيذية من أجل بناء سلطة وطنية مستقلة ذات مرجعية اسلامية. ومن لا يسعى للسلطة في زمن الثورة لا يصلح للعمل السياسي أبد الدهر. مشكلة الاخوان انهم فكروا في السيطرة التدريجية على السلطة كتنظيم ولكن في اطار استمرار نظام مبارك التابع للولايات المتحدة وعلى نفس الأسس. لا السيطرة الفورية كطليعة ثورية للشعب وكل قواه الحية، لبناء مجتمع جديد ونظام جديد منعتق من التبعية.
وبالتالي فشلوا في السيطرة التدريجية (التي تتنافى مع منطق الثورة) أي فشلوا في الأخونة وخسروا كل الأطراف: الشعب- العسكر- القوى السياسية- الكثير من الاسلاميين. فعندما قالوا لن نترشح للرئاسة كان موقفاً خاطئاً.. وعندما عادوا للترشح كان موقفاً صحيحاً، ولكن كان صحيحاً من الناحية الشكلية. لأنهم اضطروا لذلك عندما تم حل مجلس الشعب، فكان الموقف متأخرا وغير مفهوم ويشير إلى الانتهازية وعدم ثبات المواقف. وكان يعكس الجهل بقواعد الصراع فالسيطرة على مجلس الشعب (السلطة التشريعية) كانت لا قيمة لها في ظل فقدان السلطة التنفيذية، حتى وان استمر مجلس الشعب فكيف بعد حله؟! لأنهم تركوا المحكمة الدستورية بنفس السلطات التي كانت لها في عهد مبارك!! ثم عندما وصلوا إلى رئاسة الجمهورية كان وصولاً شرفيا ومتأخراً وكان مرسي أشبه بالضيف على نظام الحكم، رئيس بلا سلطات. وكان زخم الثورة قد وصل إلى أضعف لحظاته.
السلطة التنفيذية هي الهدف الأول والأهم في أي ثورة لأنها هي الحلقة الأهم في أي نظام سياسي. ولكن الاخوان ومن تبعهم من الاسلاميين كانوا يظنون انهم أصحاب حكمة عالية عندما يفكرون في البرادعي الأمريكي أو منصور حسن رئيساً للجمهورية. ثم انتهى الأمر لطنطاوي وزير دفاع مبارك. وعندما يتصور من يمارس السياسة ان السلطة التشريعية أهم من السلطة التنفيذية فهو لا يصلح للعمل السياسي ولابد أن يجلس في بيته. هذا ينطبق على النظام الأمريكي والنظام الروسي والنظام الصيني وأي نظام اسلامي. فالسلطة التنفيذية هي التي تضبط عمل السلطتين التشريعية والقضائية نحو الأفضل أو نحو الأسوأ. وستأتي تجربة مجلس الشعب لتؤكد ذلك.