ما شهدته البلاد الأيام القليلة الماضية، يؤكد أن مؤسسات الانقلاب العسكرى، تشهد حربًا كبيرًا تنتقل من واحدة للآخرى، ودائمًا ما يكون قائد نظام العسكر، عبدالفتاح السيسى، طرفًا فى كل صراع، نظرًا لاستحالة ما يريده أحيانًا.
وفي أحدث فصول المواجهة بين الرجلين، صعّد الطيب من مواقفه ضد السيسي، بحسب مراقبين، حيث رد بشكل غير مباشر، على ربط السيسي "الإرهاب" بالإسلام.
وفي خطابه أمام مؤتمر "الحرية والمواطنة" الثلاثاء الماضي، أعلن الطيب رفضه استخدام مصطلح "الإرهاب الإسلامي" أو إلصاق أعمال عنف بالإسلام، منتقدا "غض الطرف عن العنف المسيحي واليهودي عبر التاريخ وحتى وقتنا المعاصر، في مقابل إدانة وتشويه الإسلام تحت دعاوى التطرف والإرهاب".
وفي اليوم الثاني للمؤتمر، أطلق الطيب "إعلان الأزهر للمواطنة والعيش المشترك"، الذي يؤكد رفض التفرقة أو الإقصاء لأي فئة من فئات المجتمع، وتبني مبادئ المواطنة الكاملة والمساواة وحكم القانون.
وفي المقابل، أعلن النائب المؤيد للنظام فى السابق، محمد أبو حامد، عن تقدمه بمشروع قانون جديد للبرلمان، يتيح الإطاحة بشيخ الأزهر أحمد الطيب من منصبه.
وقال أبو حامد في بيان له الأربعاء الماضي أيضًا، إن القانون الجديد يضع ضوابط لتشكيل هيئة كبار العلماء بالأزهر، من بينها عدم اقتصار عضوية الهيئة على علماء الأزهر فقط، بحيث تضم متخصصين في مجالات دنيوية، مثل الطب والاقتصاد والاجتماع وغيرها، مؤكدا "وجود شرط أساسي لعضوية هيئة كبار العلماء؛ هو عدم تبني أي توجهات سياسية".
وزعم أبو حامد أن "هيئة كبار العلماء بالأزهر تضم أعضاء من مكتب الإرشاد التابع لجماعة الإخوان المسلمين"، لافتا إلى أن الهيئة أصدرت بيانا يتهم مستشار السيسي، الشيخ أسامة الأزهري، بالتحريض طمعا في منصب شيخ الأزهر.
وأوضح أن القانون يتضمن تعديل قواعد اختيار شيخ الأزهر، بحيث يمكن أن يكون من خارج هيئة كبار العلماء، فضلا عن تنظيم العلاقة بين مشيخة الأزهر وجامعة الأزهر والمعاهد الأزهرية.
وأكد أبو حامد أنه ينوي تقديم مشروع القانون لمجلس النواب خلال الأسابيع المقبلة، بعد أن نجح في الحصول على العدد اللازم من توقيعات النواب لطرح القانون للمناقشة.
من جانبه، أقر أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، صبري عبادة، بوجود خلاف واضح بين النظام والأزهر، ظهر في عدة قضايا، من بينها الخطبة الموحدة، مضيفا أن الخلاف "وصل لذروته" مع عبدالفتاح السيسي في أزمة الطلاق الشفهي.
وقال إن "الأزهر خرج منتصرا في كل المواجهات مع النظام، ما جعل أعداء الأزهر يستغلون ذلك من أجل إشعال الفتنة بين الجانبين، في محاولة للاطاحة بالشيخ أحمد الطيب".
وأكد عبادة أن "هيئة كبار العلماء لن توافق على قانون أبو حامد على الإطلاق، حتى لو تقدم به للبرلمان؛ لأن الدستور يضمن استقلال الأزهر، ويمنع التدخل في شؤونه باعتباره المرجعية الأولى للإسلام في مصر والعالم"، مشددا على أن الأزهر "لن يسمح لأي شخص مدني أيا كان؛ أن ينضم لهيئة كبار العلماء".
وأضاف أن "أبو حامد يريد تغيير هيئة كبار العلماء وشيخ الأزهر، حتى يصبغ الأزهر بصبغة علمانية، بهدف الانقضاض عليه"، مشددا على أن "الأزهر سيظل محاربا للأفكار الضالة، وسيقف أمامها حتى آخر قطرة دم".
واختتم تصريحاته بالقول إنه "إذا كان السيسي، أو مجلس النواب، يريد إصدار قوانين تخالف الشرع، مثل قانون الطلاق الشفهي؛ فإن هيئة كبار العلماء لن توافق عليها؛ لأننا لن ننزلق إلى جهنم إرضاء لولي الأمر".
وفي المقابل، رأى المحلل السياسي الدكتور جمال عبدالجواد، أن الأزهر دخل في صدام متكرر مع الدولة في الفترة الأخيرة، وأصبح يعتبر نفسه دولة داخل الدولة، بسبب الصلاحيات الواسعة التي يتمتع بها شيخ الازهر نفسه.
وقال إن "اطمئنان شيخ الأزهر إلى حصانة منصبه؛ جعله يتصرف وكأنه إله على الأرض" على حد تعبيره.
وأعرب عبدالجواد عن تأييده لقانون محمد أبو حامد وتقليص صلاحيات شيخ الأزهر، مضيفا أنه "آن الأوان أن يتم التعامل مع كل مؤسسات الدولة بشكل يليق بمصر، وأن يقتصر دور الأزهر على الأمور الدينية فقط، وأن لا يقحم نفسه في القضايا السياسية، أو يصطدم مع السلطة الحاكمة".
واعترف عبدالجواد بوجود "محاولات من جانب النظام لتصعيد مستشار السيسي الشيخ أسامة الأزهري لكي يكون شيخ الأزهر المقبل، ولذلك يتقدم أبو حامد بقانون جديد؛ لأن قانون الأزهر الحالي يشترط أن يكون شيخ الأزهر أحد أعضاء هيئة كبار العلماء، كما أنه يمنع عزل شيخ الأزهر من منصبه".
وفي تصريحات صحفية؛ هاجم وزير الثقافة الأسبق جابر عصفور "الأزهر"، قائلا إنه "لا يترك للمسلمين فرصة للإبداع أو التجديد، ويفرض عليهم فكرا قديما وقمعيا يرفض أن يتحرك التاريخ للأمام".