يبقي العصيان المدني ، هو الأخيار الأكثر رواجًا بين أهالي بورسعيد والمنزلة ، خاصة بعد تجاهل النظام ، كل الأدلة التى تشير إلى براءة عددًا من المحكوم عليهم بالإعدام في قضية مذبحة ستاد بورسعيد الشهيرة.
فالأهالي يرون أن المنفذين الحقيقيين للمجزرة لا يزالون طلقاء ، وتثار اتهامات ضد مسئولين سابقين بالحزب الوطني المنحل الفاسد ، وأفراد بأجهزة أمنية، ويشير عدد من الأهالي إلى مشاهدتهم بلطجية تم إحضارهم بأتوبيسات من خارج بورسعيد وإدخالهم ستاد بورسعيد خلال مباراة الأهلي والمصري، وتحدث البعض الآخر عن عدم مداهمة قوات الأمن بيوت وأوكار المسجلين والمشتبه بهم من مثيري الشغب المعروفين، وهو إجراء احترازي كانت تقوم به الداخلية قبل مباريات الأهلي والمصري، والتي تشهد حساسيات خاصة.
وطرح العديد من المراقبين ، العفو الرئاسي قد يكون خيارًا جيدًا ، عن الـ 10 المحكوم عليهم بالإعدام، يسمح بتنفيس الغضب المكتوم في مدينتى بورسعيد والمنزلة ، خاصة أن عددًا كبيرًا من الأهالي يرون أن المحتجزين على ذمة تلك القضية بريئون من التورط في أحداث المجزرة التي شهدها ستاد بورسعيد الرياضي بعد نهاية مباراة الأهلي والمصري في بداية فبراير 2012، والتي أسفرت عن مصرع ما لا يقل عن 74 من مشجعي النادي النادي الأهلي ، وإصابة العشرات.
الغضب يشتعل في المدينتين ومن الممكن أن يتنشر سريعًا كالنار في الهشيم ، على أقل تقدير في مدن القناة ، خاصة وأن النظام يتعمد الزج بشباب ويعدهم بالإعدام ، ليدفعوا ثمن شيئًا لم يرتكبوه ، في حين أن قائد النظام عبد الفتاح السيسي أصدر قرارًا بالعفو الرئاسي لـ"محسن شتا" المدير التنفيذي السابق للنادي المصري والمتهم في ذات القضية.
بورسعيد تشتعل
بعد نحو 3 سنوات على انطلاق دعوت العصيان المدني ، دخلت مدينة بورسعيد الباسلة خط التنفيذ ، بعد أن قررت التمرد على قرارات القضاء الذي بات عصا النظام العسكري في قمع مناهضي الانقلاب ، الذي برأ القتلة الحقيقيين في مذبحة ستاد بورسعيد من أعضاء المجلس العسكري ، وعلى رأسهم حسين طنطاوي، والحاكم العسكري للمدينة في 2012 ، والقيادات الأمنية الكبيرة.
عدة مناطق في مدينة بورسعيد استجابت بسرعة وفاعلية إلى دعوات إطفاء الأنوار لمدة ساعة بالمنازل والمحلات ؛ اعتراضًا على أحكام الإعدام التي صدرت بحق 11 من أبناء المحافظة في قضية ستاد بورسعيد ، وأطفأت عدة مناطق أنوارها بالفعل ، وتحولت كثير من الشوارع إلى ظلام دامس.
واشتعلت الأحداث بعدما تم نقل المحكوم عليهم من سجن المستقبل بمدينة الإسماعيلية إلى سجن وادي النطرون ، في انتظار تنفيذ حكم الإعدام ، كما تمركزت قوات أمنية ثابتة أمام الدواوين والهيئات الحكومية والمنشآت الاستراتيجية والبنوك ومرفق معديات قناة السويس بين مدينتي بورفؤاد وبورسعيد وبوابات جمرك الميناء والمنافذ الجمركية مداخل المدينة.
ومنذ صدور الحكم تحولت بورسعيد لثكنة عسكرية ودخلت المحافظة العديد من قوات مكافحة الشغب وعناصر الأمن المركزي تحسبًا لأي احتجاجات ، ليواصل العسكر سياسة تكميم الأفواه والقمع التي لا يحسن غيرها.
استجابة الأهالي الكبيرة لمبادرة إطفاء الأنوار أقلقت السلطات، التي سارعت بنشر عناصر قوات الانتشار السريع من الشرطة، ومجموعات قتالية، علاوة على عمل كمائن متحركة في عدد من ميادين وشوارع المدينة، وبالفعل بمجرد بداية الاحتجاجات، هاجمتها الشرطة بالقنابل المسيلة للدموع، قبل أن تعتقل عددا من الشباب المشاركين بالحراك، لا سيما بعد تكسير سيارة شرطة وإحراق أخرى.
الأحداث أعادت إلى الأذهان الاشتباكات الدامية التي شهدتها بورسعيد، في 26 يناير 2013، عقب صدور الأحكام الابتدائية للإعدام بحق 21 من المقبوض عليهم على ذمة القضية، حيث تصاعدت الأمور في المدينة لتتطور من مظاهرات، إلى قطع لكافة الطرق والسكك الحديدية، وهجمات مسلحة على أقسام الشرطة والسجون، وإطلاق رصاص حي، وقال شهود عيان، حينها، إن سيارات محملة بأسلحة ثقيلة ليست تابعة للشرطة أو الجيش كانت تجوب المدينة، مما أدى إلى سقوط أكثر من 35 قتيلا وعشرات المصابين ، مما يجعل احتمالية دخول المدينة خلال الأيام القادمة في عصيان مدني ، قوية جدًا.
المنزلة تمهد لشرارة موازية
مدينة المنزلة ، التابعة لمحافظة الدقهلية ، لم تكن أفضل حالًا من بورسعيد ، حيث سادت حالة من الغضب العارم ، أنحاء المدينة ، عقب تأييد محكمة النقض المصرية ، حكمًا بإعدام 11 شخصًا في قضية "مذبحة بورسعيد" ، لتضمنه أحد أبناء المدينة ، رغم وجود شهادات وأدلة تنفي صحة الإتهامات الموجهه إليه ، وثبت براءته.
أهالي المدنية ، شكلوا عدة حملات شبابية لنشر قضية "حسن المجدي" ، المحكوم عليه بالإعدام في القضية ، رغم وجود عدة شهادات منها شهادة لاعب النادي الأهلي "عماد متعب" ، الذي أكد أن حسن كان من أوائل الشباب الذين دخلوا إلى غرفة الملابس مغشيًا عليه.
وخرجت المنزلة عن بكرة أبيها في عدة تظاهرات تطالب بوقف تنفيذ الحكم ، وإعادة المحاكمة من جديد ، ون تأخذ المحكمة الجديدة بالأدلة والشهادات التى لم تستمع لهم المحكمة التى أصدرت الحكم ، مهددين بمزيد من الحراك حتى تستجيب السلطات لهم ، لتدخل المنزلة على خط النار بعد مدينة بورسعيد.
خرج الآلاف في شواع المنزلة احتجاجًا على حكم الإعدام الصادر بحق الشاب "حسن المجدي" ، ضمن القضية المعروفة إعلاميًا بـ"مذبحة ستاد بورسعيد" ، معلنين رفضهم للحكم الذي اعتتبروه ظالم ، بناءًا على أدله صحيحة.
الاحتجاجات التى تنطلق يوميًا من أمام منزل "حسن" ، أحدثت قلقًا كبيرًا لدى النظام ، خوفًا من خوجها عن نطاق السيطرة ، مثلما حدث بمحافظة بورسعيد ، فألقت قوات الأمن القبض على والد حسن "محمد المجدي" وعمه "عبودة المجدي" ، وحُرر ضدهم محضرًا ، ووقعوا على تعهد بعدم السماح لخروج تظاهرات مناهضة للحكم ، وهو الأمر الذي يراه أهالي المنطقة إفتقارًا حقيقيًا للعدالة والديمقراطية.
العصيان المدني طريقنا لحقيق مطالب الثورة
جدد حزب الاستقلال ، دعوته لجماهير الشعب المصري ، لتبني فكرة العصيان المدني الشامل ، من أجل تحقيق مطالب وأهداف الثورة ، مشيرًا إلى أن العصيان المدني "طريقنا لتحقيق الاستقلال والعيش والحرية والعدالة الاجتماعية".
وأكد "الاستقلال" ، أن العصيان المدني هو فعل إيجابي "يلتزم المقاومة السلمية وعدم التعاون الشعبي مع النظام ، ويهدف لنزع الشرعية عن حاكم أو نظام فقد شرعيته باستخدام الوسائل السلمية وبدون استخدام العنف فلا يمكن لحاكم أو نظام أن يستمر بدون رضاء وتعاون المحكومين من الشعب".
وأشار إلى أن العصيان المدني المطلوب هو "التحدث عندما يطلب منك السكوت.. وهو الوقوف عندما يطلب منك الجلوس.. تجاهلهم وقاطعهم أحيانًا.. تحداهم أحيانًا أخرى.. قاوم الطغيان دائمًا.. وهو تحدٍ واعٍ للدولة والسلطة وهو عدم الاعتراف بالقوانين الجائرة وعلى رأسها قانون منع التظاهر" ، مستنكرًا على البعض الظن أن العصيان المدني هو فقط الإضراب عن العمل ، مؤكدًا إن "الإضراب الجزئي أو الشامل" هو أحد أهم وسائل "الثورة الشعبية السلمية" وهو أحد أدوات وآليات العصيان المدني ولكنه ليس الآلية الوحيدة.
كن أول من يعلق